عازفة الطبلة تسرد لنا مراحل نمو موهبتها.. وحكايتها مع نظرة المجتمع لمهنتها كونها أنثي
بسمة الهجرسي:
أشعر بإيقاع الطبلة كمثل دقات قلب تبث الروح
في الجسد
أتعجب من نظرة المجتمع للاعبي الة الطبلة
الموسيقية من الإناث
البعض اتهمني بالانحراف لعزفي علي الطبلة
أحد المتقدمين لخطبتي خيرني بينه وبين طبلتي
فاخترت الأخيرة كونها حياتي ومستقبلي
ربما لن يلفت انتباهك أثناء مشاهدة عرضًا
موسيقيًا أو وصلة فنية عن ماهية أعضاء الفرقة الموسيقية التي تلعب علي آلاتها، وربما
أيضا لا تتعجب عندما تجد إناثًا ضمن أعضاء الفرقة، فكثير من الفرق الموسيقية تضمنت
فتيات مرتبطة بالآلات الرقيقة مثل البيانو والأنون والكمان، ولكنك بالتأكيد تندهش عندما
تجد إحدى تلك الفتيات تحمل طبلة بين يديها لتدق عليها إيقاعا معزوفًا فلسبب ما مجهول
ارتبطت فتيات الفرق الموسيقية ببعض الآلات مثل البيانو والكمان بينما بقيت الآلات الموسيقية
الأخرى مرتبطة بالعنصر الرجالي وأهم تلك الآلات هي الطبلة فنادرًا ما تجد أنثي تدق
علي طبلة.
عازفة الطبلة "بسمة الهجرسي"
واحدة ضمن بضع الإناث القليلات مما يمكن عدهن علي أصابعهن التي تدق علي الطبلة، فهي
إبنة لأسرة فنية مصرية بسيطة والدها ممثلًا بوزارة الثقافة بدرجة فنان قدير، وأمها
تعمل معلمة تربية فنية، أما شقيقتها تدرس بمعهد الموسيقي العربية فضلًا عن كونها عازفة
أنون ماهرة.
"الطبلة" ألة موسيقية مثلها كمثل
بقية الآلات وأتعجب ممن يبدي اندهاشه من ممارستي لها، فصوت الطبلة هو نبض القلب الذي
يبعث الروح للحياة وسر البقاء وأداة تنبيه العقل قبل أن ينجرف في مدفن النيام وللطبلة
تاريخ طويل ضارب في عمق الأزمنة استخدمت في كل العصور الحضارية" بهذه العبارة
استهلت بسمة حديثها لنا.
سألناها عن سر تعلقها بالعزف علي الطبلة
مما جعلها ترتبط بها فضلا عن بقية الآلات الأخرى؟
أجابت : نحن عائلة عاشقة للموسيقي و الفنون
الشعبية فمنذ صغرنا وكان والدنا يطرب أذاننا بأجمل الأغاني والموسيقي وكان غالبًا ما
يصطحبنا لحفلات غنائية وشعبية لنكتشف مواهبنا، وبالفعل كانت "تقي" شقيقتي
أول إكتشاف فني في المنزل حيث عشقت تقي اللعب علي الأورج والأنون، وكان الأمر مذهلًا
لي في البداية فكثيرا ما كنت أجلس بجوارها سعيدة بعزفها وتعلقت بالأورج قليلًا حتي
بدأت أعزف علي طبلته كنوع من التجربة ووقتها شعر والدي بتعلقي بمعزوفة الإيقاع فقرر
أن ينمي هذه التجربة حيث ابتاع طبلة لي لألعب عليها وهذا الأمر الذي أسعدني كثيرا وجعلني
اقضي أوقات كثيرة أعزف علي إيقاعها.
سألناها عن كيفية نمو موهبتها ؟
أجابت : أصبحت الطبلة متعتي الفنية التي
أشتهيها وأجد ملاذًا في قضاء وقتي باللعب عليها مما أثار بداخلي فضول التعلم والتدريب
وبدأت وقتها بمشاهدة مقاطع فيديو لعازفين الطبلة لتعلم حركات الدق علي الطبلة وتحريك
الإيقاع علي النغمات المختلفة وكلما تعلمت أكثر زاد فضولي واشتياقي للتدريب حتى التحقت
شقيقتي بمعهد الموسيقي العربية فعرفت منها أن لها من الزملاء من يجيد العزف علي الطبلة
ويمكنهم مساعدتي علي إجادة العزف فقررت الاستعانة بأحد زملائها لكي يعطيني دروسًا في
العزف علي الإيقاع وأحيانا ما كنت أذهب لمعهد الموسيقي العربية معها لأتناول محاضرات
العزف علي الإيقاع ومن ثم بدأت موهبتي في التوسع ولكني كثيرا ما كنت أجد عائقًا في
تنفيذي لبعض المعزوفات حتى سمعت عن الدورة التدريبية التي نظمها عازف الإيقاع الأستاذ
زين العابدين صديق والدي، فقررت وقتها الانضمام إليها وكان ذلك أول تعلم أكاديميي مخضرم
أتلقاه مما جعلني اعلم إنني أحتاج لدراسة كبيرة حتى أزاد خبرة وتوسع علمي لأتمكن من
أداتي.
سألناها عن أهم الأشخاص المؤثرين في طريقها
لحرفة عزف الإيقاع علي الطبلة ؟
أجابت : أكن بفضل كبير لله عز وجل ثم والدي
من بعد الذي طالما شجعني أنا وشقيقتي وكان ساعدًا قويا ليؤهلنا في سكتنا الفنية، كما
أحمل علي عاتقي شكر واجب للدكتور نجم أستاذ الموسيقي بمعهد الموسيقي العربية الذي ضمني
إليه وتبناني فنيًا ودائمًا ما كان يحفزني ويعلمني الكثير حيث كان يفتح لي قاعة محاضراته
لأتلقى جزءًا من خبرته الواسعة في عالم الموسيقي والعزف علي الإيقاع كما أنه أنار لي
الطريق للالتحاق بالمعهد العالي للفنون الشعبية مبينًا لي أهمية الدراسة العميقة وتأثيرها
علي عملي، ولا يمكنني أيضا نسيان فضل الأستاذ سعيد الأرتيست عازف الإيقاع الشهير الذي
أهلني كثيرا للعمل والاحتكاك بالمهنة من خلال فرق فنية تعمل بحفلات ثقافية وكثيرا ما
كان يصطحبني بدورات كان ينظمها لأتعلم من خلالها.
سألناها عن أهم الأعمال الفنية التي عزفت
بها وشاركت فيها ؟
أول عمل في حد ذاته كان مميزًا ومضيفًا
لسيرتي التي مازال ينقصها الكثير حيث كان مشاركتي في الخيمة اليومية الرمضانية التي
كانت تعرض علي قطاع النيل الثقافية بالتليفزيون المصري والفضائية المصرية، أيضًا هناك
أعمال ذات أهمية كمثل عملي مع الفنان حسان صابر في حفلات عامة وخاصة وندوات ثقافية،
بالإضافة للمشاركات العديدة في الفقرات البرامج الفنية والثقافية التي تعرض علي الفضائيات.
وأخيرا سألناها عن المواقف التي تعرضت لها
خلال عملها بهذه المهنة التي يراها البعض لا تناسب أنثي .. وكيف تري رؤية المجتمع لها
؟
أجابت : مثلما وجدت من يؤازرني ويشجعني
وجدت أيضا من يعترضني ولا يتقبلني فكثيرًا ما كنت أواجه انتقادا لاذعًا لعملي وموهبتي
وأعتبرها البعض نوع من أنواع الشذوذ الفكري وللأسف كان منهم بعض أقاربي الذين لا يروا
أن موهبتي ومهنتي مناسبة للمرأة وهناك من يتهمني بالانحراف الأخلاقي بسبب عملي علي
عزف الإيقاع بالطبلة أما عن المواقف التي تعرضت لها فكان أهم موقف هو رفض أحد الأشخاص
الذين تقدموا لخطبتي للزواج بي بعد علمه بمهنتي ووضع ارتباطه بي رهن أن أتخلي عن موهبتي
ومهنتي وهو الأمر الذي رفضته وسأظل ارفضه فمن وجهة نظري أنني لا أمارس أي شئ يدعي للخزي
أو الخفاء وإنما أمارس موهبة رقيقة ذات حس فني عالي.