استيقط أحمد شريف، الشاب الثلاثينى كعادته مبكراً، وأحضرت له زوجته وجبة الأفطار فى عجالة، ثم ذهب مسرعاً لعملة بمنطقة إمبابة، سويعات وشعر الشاب بألم بسيط فى معدته.

عاد «شريف» لمنزله وألم معدته يزداد علية شيئاً فشيئاً، وعلى الفور ذهب برفقه زوجته لطبيب باطنى، وشرح له طبيعة مرضه، وأخبره الطبيب أنها حالة تسمم جراء تناوله وجبة غير صحية .

لم تكن حالة الشاب أحمد هى الأولى من نوعها التى تعان من وجبات الطعام الفاسدة، بل تعرض أكثر من شخص لحالات إغماء وتسمم بسبب الأطعمة الفاسدة، بحسب شهادات الأطباء والأهالى بمنطقة القومية بإمبابة.

حققت فى الواقعة لمدة استغرقت 60 يوماً، حتى أن أكتشفت حقيقة مرض هذه الحالات، وهى تناولهم الجبنه الفاسدة، وكانت تابعة لشركة «دومتى».

وحصلت «حق المواطن» على مستندات من العيار الثقيل تثبت أن نيابة الوراق، أمرت أكثر من مرة بتغريم وليد عبد الله أبو الفتوح دياب، المسؤل عن توكيل دومتى بالقومية بإمبابة، الكائن بـ 43 شارع الأسرار مدينة السادات القومية العربية، عشرة آلاف جنيه والمصادرة لما هو بالتوكيل، وذلك فى القضيتين رقم 12819 و12818 لعام 2011 جنح قسم الوراق بتهمة فساد الأغذية، وبرغم ذلك مازال التوكيل يمارس نشاطة حتى الآن .

كما أثبتت المستندات صحة أن توكيل دومتى بنفس العنوان المذكور مسبقًا يستقبل شهريا ً 3000 كرتونه جبنه، وقد ثبت أن هذه الجين غير صالحة صحياً من قبل لجان وزارة الصحة، وذلك فى عام 2013.

زرع عميل
وقام محقق «المواطن»، بتجنيد أحد العاملين فى مصنع دومتى بـ6 أكتوبر، والذى رفض ذكر أسمة فى التحقيق خوفًا من المسائلة القانونية، وكشف لنا طبيعة العمل داخل المصنع فى السطور التالية،..

بلاغات متلاحقة
توجه العامل لمحافظة القاهرة، وقدم بلاغ ضد الشركة بعدما رأى هذه المخالفات، وحرر فى البلاغ أن الشركة لايوجد لها تراخيص وأن هناك عدد من السلع الفاسدة بتوكيل إمبابة دون أن يتم حرزها، كما أن التوكيل مازال قائم بنشاطة منذ أن تم تحرير محضر فى عام 2013 .

لن يتكتفى العامل بذلك فقط بل قام بعمل بلاغ رسمى على الموقع الرسمى للنيابة الإدراية، مشيراً إلى أن البلاغين تم ضربهما عرض الحائط .

وتابع العامل فى كشف طبيعة العمل بالمصنع قائلاً، إن توكيل شركة الصناعات الغذائية العربية «دومتى» فرع القومية والكائن بـ 43 شارع الأسرار مدينة السادات القومية العربية بإمبابة، وهى ملك لشخص يدعى «محمد أحمد عباس» تستقبل شهريًا 3000 كرتونة جبنه من مصنع دمتى بـ6 أكتوبر مدة صلاحيتها عام، مشيراً إلى هذه الكميات يتم تدويرها فى المصنع ويتم توزيعها على التوكيلات .

كما قال إن عدد من لجان الصحة قد أثبتت أن هذه الكميات من الجبن إنها غير صالحة صحياً .

وأضاف العامل أن محمد حسن محمد، مدير فرع الشؤون القانونية بإمبابة أرسل خطابا لرئيس قطاع الشؤن القانونية يفيد فيه أنه تم سحب 3 عينات من فرع أبن حميد «توكيل إمبابة» من إنتاج الشركة من قبل وزارة الصحة، وقد جاءت نتيجة التحاليل سلبية، الأمر الذى ترتب علية تحرير محضر صحة بإسم «وليد عبد الله أبو الفتوح» أمين المخزن، وحكم فيها غيابيًا علية بالحبس والغرامة.

كما فجر العامل معلومات حول قيام إدارة الشركة بإجبار عدد كبير من العاملين بإمضاء على وصلات أمانة حتى لايقوموا بإفشاء أسرار التجاوزات التى تحدث أمامهم بداخل المصنع .

مسؤل مصنع دومتى
وواجه محقق «المواطن» المهندس عمرو مصطفى، مدير مصنع دومتى بهذه المعلومات، حتى أعترف بصدقها، وقال إن العامل الأساسى فى إفساد الجبن فى التوكيلات هى عدم توافر الظروف المناسبة للحفط .

وأضاف مصطفى، أن السلعة عادتًا ماتتعرض لدرجات حرارة عالية فى المخازن، مما يؤدى لفساد صلاحيتها.

المستشار القانونى للمصنع
كما تواصل المحقق مع المستشار القانونى للمصنع حسن الشحيمى، والذى قال إن ماورد للصحة من عينات ساقطة، ليس لكونها غير صالحة للإستخدام الأدمى، بل قد تكون لزيادة مواد خاصة بها على سبيل المثال زيادة نسبة الدسم، أو الرطوبة العالية، وغيرها، مؤكداً أن نادر ماتوجد عينات خاصة بفساد المنتج خلال الأعوام الماضية .

وواجهه محقق «المواطن» المستشار القانونى لما لديه من معلومات أن المسؤل عن توكيل دومتى بالقومية بمنطقة إمبابة قد تعرض من قبل للغرامة بسبب هذه السلع التى تم إثبات إفسادها من قبل لجان الصحة، وجاء علية غرامة 10 الاف جنيه بالإضافة إلى المصادرة، حتى ان أنكر المستشار معرفتة بهذه المعلومات .

رأى القانون
واستطلعت «المواطن» آراء عدد من الخبراء القانونيين، وقال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن العقوبة المنتظرة للمسؤل عن توكيل دومتى بالقومية الحبس ثلاثة أعوام، أو غرامة تصل لـ20 ألف جنيه وذلك على حسب مايراه القاضى، وذلك بتهمة «الغش التجارى».

كما قال المستشار محمد عزمى بكرى، رئيس محكمة بنى سويف، إن المسؤل الأول فى هذه الحالة مدير الأنتاج، فإذا كانت السلعة قد صدرت فاسدة من الأصل منذ البداية فتكون القضية جنحة والعقوبة تكون مابين حبس سنه أو سنتين وغرامة على حسب مايراه القاضى

أما إذا كانت السلعة قد فسدت فى التوكيل بسبب سوء التخزين فيكون المسؤل عنها مختص التخزين أو بمعنى أصح المسؤل عن التوكيل وفى هذه الحالة قد يتعرض للحبس مدة سنة او سنيتن و غرامة تيم تقديرها من قبل القاضى

وزارة الصحة
كماقال الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمى بإسم وزارة الصحة، إن هذه الواقعة لم تعلم الوزارة بها على الإطلاق، مؤكداً أنه سيقوم بالإتصال بالجهات المختصة للتحقيق فى الواقعة.

وأضاف عبد الغفار، أن حال إثبات ان هناك بالفعل عينات سلبية فى الجبن منذ عام 2013 ومازال النشاط مستمر سيتم تصعيد الامر، حتى ان يلاقوا المسؤلين بالمصنع الحبس .

حماية المستهلك
كما قال اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك، إنه لديه سلطة الضبطية القضائية، فمن حقة أن يغلق هذه التوكيلات حال ثبات سلبية العينات.

وأضاف يعقوب، أنه سيقوم بإرسال لجان لفحص العينات المتواجدة حالياً، مشيرًا إلى أنه لايعنية العنيات التى سقطت منذ أعوام، بل ياخذ ماهو تم تحليلة الأن بعد تبليغة الشكوى .

أمراض الكلى والكبد
وقال الدكتور ياسر مختار أخصائى أمراض الباطنية والقلب والصدر بجامعة أسيوط، إن الأضرار التى تلحق بالمواطنيين جراء تعرضهم لهذه الحالات من الجبن التى قد فسدت هى النزلات المعوية، والإسهال، ومغص البطن .

وأضاف «مختار» إلى أن زيادة العواقب فى التعرض لهذه المواد تؤدى للضرر بالكبد والكلى .

وطالب «مختار» من وزارة الصحة زيادة عمل دورات تفتيشية على الأسواق لمنع وصول هذه السموم للمواطنيين .

السرطان
من جانبة قال الدكتور محمد توفيق رئيس قسم الأمراض المتوطنة بجامعة بنى سويف، إن السلع الفاسدة التى تلحق بالمواطنيين والتى تدخل أجسادهم تؤثر على الكبد والكلى .

وأضاف«توفيق»، أن هذه السلع الفاسدة تحتوى على مواد تؤثر فى إحداث تليف كبدى وإلتهاب الكلى وفشل الكبدى، مؤكداً ان زيادة حدة هذه الأمراض والمواد الضارة قد تأتى بعواقب جسيمة منها سرطان الكلى والكبد .

وتابع «توفيق» قائلاً، إن نسبة إنتشار الأورام والفشل الكلوى والتليف الكبدى زادت فى الفترة الأخيرة وذلك نتيجة للتلوث البيئى على رأسة تلوث الطعام والتنفس .

دور الدولة
كما قال الدكتور حسين منصور، رئيس هئية سلامة الغذاء، إن المسؤلية الأولى فى تلك الأشكالية تقع على كاهل وزارة الصحة، فعليها أن تزيد من حدة مراقبة الأسواق وهذه التوكيلات، مشيراً إلى أن الدولة تقوم بصرف مليارات الجنيهات على أدوية الفيروسات الكبدية والكلى ولكن لاتبحث عن علاج الأسباب الحقيقة فى إنتشار هذه الأوبئة.

وأكد منصور، أن سلامة المواطنيين لن تتحسن إلا بوجود رغبة حقيقية من قبل الدولة فى حل هذه المشكلات .

حالات التسمم

ومن ناحية أخرى، أكد الدكتور محمود محمد عمرو، مؤسس ومستشار المركز القومى للسموم، وأستاذ الأمراض الصدرية بقصر العينى، أن حالات التسمم فى مصر سنويا تكون مالا يقل عن 800 ألف متسمم، منهم 80 ألفا يحتاجون مستشفيات حتى يتم معالجتهم، ومن 5 :8 آلاف كل عام يموتون نتيجة عدم الفهم لأعراض التسمم وعدم السرعة فى العلاج، مشيرا إلى أن السموم تؤثر على جميع أجزاء الجسم إما بصورة حادة تؤدى إلى الوفاة أو تأثير مزمن يأخذ أوقات طويلة ثم تؤدى إلى الوفاة أيضا، لافتا أن أنواع السموم كثيرة، منها السموم الخارجية التى تتم خارج الجسم وأخرى تضر الجسم إذا تم بلعها أو استنشاقها وامتصاصها.