كلما تمر العقود وتتراكم رواسب السنين، نفقد أجزاءً هامة من أرواحنا، أجزاء تتمثل في الجمال والراحة والرضا والسعادة والسكينة، ولا ندرك ذلك لتعمدنا عدم الترقب وتسجيل الملاحظات.
ودائمًا ما تفاجئنا الأيام بأن أجملها كل ما سبق، وتشق ضحكتنا خطوط الشيب بوجه الشباب، وتدمع أعيننا لاستحضارنا موقف يشبه مثيله الآن، وتقتلنا كلمات كانت بالماضي القريب تمر مرور الكرام.
ونظل هكذا نتسائل ونتسائل حتى ينطق الجميع من حولنا بنفس الوقت الذى قررنا النطق فيه بأن المناسبات صارت كشبيهتها من أيام سبقت وأيام تلحق بها.
جميعنا ما زلنا نحيا على روائح ذكريات الماضي المخزنة بالذاكرة كمحاولة إلهاء، رائحة الملابس الجديدة، ولمعة الحذاء، وبريق العيدية، وجمال اللمة.
كنا قديمًا صغارا لا نلقي بالًا إلا للعب واللهو والصراخ المصحوب بمزيج من الضحكات، كنا لا نفهم أعباء عائلتنا وبعض كلمات والدينا المسربة إلينا رغمًا عنهم عن الهموم والمشكلات.
حتى وإن كنا حملنا همًا يوما فسرعان ما كان يتلاشى بابتسامات صارخة وكلمات مبهجة، لنعود للقفز والترنح من جديد، والآن صارت الدنيا أكبر همًا فالجميع يفكر فيما مضى ويرجوه أن يعود، وما هو حاصل ويستجديه بألا يسوء، ويرتجف مما هو آت، والطامة الموجعة أن صار الطفل رفيقا لهموم والديه لا فرحتهما الصغيرة.
جملة سمعتها بالأمس، وحتمًا تترد بالنص أو بالمعنى على ألسنة الجميع بلا استثناء "العيد مابقاش فرحة، وسعيد مابقاش ييجي".
ملخص لتساؤلاتنا، ملخص لعاداتنا المكتسبة حديثا، ملخص أسلوب حياة صار نمطا تقليديًا متبع.