رواية «في ممر الفئران».. إذا غاب نور الشمس يوما فلا بد من نهار
السبت 17/سبتمبر/2016 - 03:32 م
يمضي الطبيب والكاتب المصري أحمد خالد توفيق بخطى راسخة في مشواره الذي اختاره قبل أكثر من 20 عاما بكتابة قصص وروايات الخيال العلمي من خلال روايته الجديدة (في ممر الفئران) التي يقدم فيها معالجة "أطول وأعقد" لقصة سابقة أصدرها قبل نحو سبع سنوات.
جاءت الرواية في 379 صفحة من القطع المتوسط وصدرت عن دار الكرمة في القاهرة وهي أحدث رواية طويلة للمؤلف إلى جانب مئات القصص ضمن سلاسل (فانتازيا) و(سافاري) و(ما وراء الطبيعة) ومقالات نشرت في عدة مجلات وصحف مصرية.
ويسير أحمد خالد توفيق (54 عاما) بهذه الرواية نحو مستوى جديد من كتاباته في عالم الخيال العلمي بعد روايته السابقة (مثل إيكاروس) وهو الانتقال من مرحلة روايات الجيب التي تبنته خلالها المؤسسة العربية الحديثة للطبع والنشر والتوزيع واستهوت الكثيرين من فئة الشباب إلى الروايات الطويلة التي ينافس فيها كتاب الروايات ربما معتمدا على أن قراءه الحاليين أصبحوا من جيل أكبر سنا وأكثر نضجا.
وحين يطالع القارئ الصفحة الأولى من الكتاب الأخير ربما يسري في نفسه إحباط إزاء اعتراف المؤلف بأن ما هو قادم مجرد معالجة لقصة (أسطورة أرض الظلام) التي صدرت ضمن سلسلة (ما وراء الطبيعة). إلا أنه يعود بمهارة ليلقي بالطعم الذي يداعب به فضول الكثيرين من محبي القراءة والمنشغلين بإعمال عقلهم في الربط بين ما يقرأون وما يدور حولهم من أحداث اجتماعية وسياسية.
يقول في المقدمة "السبب الذي دفعني لهذه المعالجة هو أن الفكرة بدت لي في رمزيتها ملامسة للواقع السياسي الذي تحياه شعوبنا العربية حاليا في مخاضها نحو الحرية والقيم الإنسانية العالمية" واعدا القارئ بأنه سيجد "اختلافا جذريا في العمق والحبكة والنهاية".
تبدأ الرواية من عند الشرقاوي وهو مهندس في الأربعين من عمره يعيش حياة مريحة إلا أنه فقد الرغبة في كل شيء ويعاني شعور "العجز" عن مواجهة أي شيء والإحساس بأنه غير مؤثر.
يتناول الشرقاوي قرصا منوما حتى يهرب من التفكير في واقعه الفارغ لكن الساعات القليلة التي كان يطمع في أن يريح فيها ذهنه تتحول إلى غيبوبة يدخل على إثرها للمستشفى حيث لا يجد الأطباء سببا واضحا لحالته في ظل عمل كافة أجهزة جسمه بكفاءة.
يقف المؤلف عند هذه النقطة لينتقل إلى "مسار آخر" يعرفنا فيه على الشخصية الرئيسية الأخرى في الرواية.. رامي المليجي ذلك الطالب الجامعي الذي تقوده الصدفة لرؤية زميلة له تتعرض للتحرش على يد أستاذ لهما لكن التطورات تسير على نحو غريب فتتحول الطالبة إلى زوجة لرامي والأستاذ المتحرش إلى صديق له.
تتصاعد الأحداث ليتضح تدريبا المعنى المقصود من اسم الرواية (في ممر الفئران) إذ تنبئ الأخبار بأن هناك نيزكا يقترب من الأرض يوشك على تدميرها وإنهاء الحياة البشرية. وبعد إسهاب من المؤلف في تفاصيل الأثر السيكولوجي لقرب هذه الكارثة يحدث التحول الدرامي الأكبر فيرتطم النيزك بالكوكب لكنه لا يدمره ويتحقق السيناريو الأسوأ لتتشكل ستارة سوداء تغطي الأفق وتحجب نور الشمس لعدة عقود فيعيش الجميع يتخبطون في الظلام رغم عدم فقدانهم نعمة البصر.
وبمهارة الطبيب وخبرة المؤلف يدمج توفيق مساري الرواية في مسار واحد إذ يظهر فجأة الشرقاوي الذي لا يزال جسده راقدا بالمستشفى في غيبوبة في عالم الظلام الجديد ويصبح أحد رعايا أرض الظلام حيث يلتقي مع رامي الذي صار أبا لشاب لم يتبين ملامحه منذ ولادته.
يتحول رامي وبدون مبررات إلى طوق نجاة للشرقاوي في عالم الظلام ويتآلف الاثنان وينضمان معا إلى "النورانيين" أو "الضوئيين" هؤلاء القلة المتمردة على حكام عالم الظلام.
وحكام الأرض الجدد بعد غياب شمسها هم مجموعة من رجال الأعمال وذوي النفوذ ممن سكنوا جبال الهيمالايا حيث تعلو قمم الجبال فوق السحب السوداء وينعمون بالشمس والحياة الكريمة بل ويقمعون سكان الأرض ويزرعون في نفوسهم بمرور السنين أن "النور" خطيئة وأن "الظلام" نعمة وقدر محتوم.
يخوض الشرقاوي ورامي ورفاقهما "النورانيون" مغامرة غير محسوبة العواقب نحو الهيمالايا على أمل إعادة الشمس إلى الأرض أو على الأقل الانتقال من عالم الظلام إلى عالم النور.
وتأتي النهاية مفاجئة ومختلفة كما وعد المؤلف منذ السطور الأولى تاركة القارئ بين عالم الشرقاوي فاقد الوعي وعالم "النورانيين" الباحثين عن الأمل.
تحمل الرواية دون شك إسقاطا على أوضاع كثير من الدول النامية التي يحتكر فيها قلة من رجال الأعمال وأصحاب النفوذ خيرات بلادهم مع تقديم الغالبية العظمى من المواطنين لقمة سائغة للجهل والمرض والخوف إلا أن المؤلف يطرح أفكاره ويصيغ تساؤلاته في قالب غير منفر.
وعلى المستوى الشخصي يمكن أن تغري الرواية القارئ بعد الانتهاء منها بإغماض عينيه ولو لدقائق ومحاولة التجول في محيطه لبضعة أمتار حتى يتبين شعور الحياة بلا نور.
جاءت الرواية في 379 صفحة من القطع المتوسط وصدرت عن دار الكرمة في القاهرة وهي أحدث رواية طويلة للمؤلف إلى جانب مئات القصص ضمن سلاسل (فانتازيا) و(سافاري) و(ما وراء الطبيعة) ومقالات نشرت في عدة مجلات وصحف مصرية.
ويسير أحمد خالد توفيق (54 عاما) بهذه الرواية نحو مستوى جديد من كتاباته في عالم الخيال العلمي بعد روايته السابقة (مثل إيكاروس) وهو الانتقال من مرحلة روايات الجيب التي تبنته خلالها المؤسسة العربية الحديثة للطبع والنشر والتوزيع واستهوت الكثيرين من فئة الشباب إلى الروايات الطويلة التي ينافس فيها كتاب الروايات ربما معتمدا على أن قراءه الحاليين أصبحوا من جيل أكبر سنا وأكثر نضجا.
وحين يطالع القارئ الصفحة الأولى من الكتاب الأخير ربما يسري في نفسه إحباط إزاء اعتراف المؤلف بأن ما هو قادم مجرد معالجة لقصة (أسطورة أرض الظلام) التي صدرت ضمن سلسلة (ما وراء الطبيعة). إلا أنه يعود بمهارة ليلقي بالطعم الذي يداعب به فضول الكثيرين من محبي القراءة والمنشغلين بإعمال عقلهم في الربط بين ما يقرأون وما يدور حولهم من أحداث اجتماعية وسياسية.
يقول في المقدمة "السبب الذي دفعني لهذه المعالجة هو أن الفكرة بدت لي في رمزيتها ملامسة للواقع السياسي الذي تحياه شعوبنا العربية حاليا في مخاضها نحو الحرية والقيم الإنسانية العالمية" واعدا القارئ بأنه سيجد "اختلافا جذريا في العمق والحبكة والنهاية".
تبدأ الرواية من عند الشرقاوي وهو مهندس في الأربعين من عمره يعيش حياة مريحة إلا أنه فقد الرغبة في كل شيء ويعاني شعور "العجز" عن مواجهة أي شيء والإحساس بأنه غير مؤثر.
يتناول الشرقاوي قرصا منوما حتى يهرب من التفكير في واقعه الفارغ لكن الساعات القليلة التي كان يطمع في أن يريح فيها ذهنه تتحول إلى غيبوبة يدخل على إثرها للمستشفى حيث لا يجد الأطباء سببا واضحا لحالته في ظل عمل كافة أجهزة جسمه بكفاءة.
يقف المؤلف عند هذه النقطة لينتقل إلى "مسار آخر" يعرفنا فيه على الشخصية الرئيسية الأخرى في الرواية.. رامي المليجي ذلك الطالب الجامعي الذي تقوده الصدفة لرؤية زميلة له تتعرض للتحرش على يد أستاذ لهما لكن التطورات تسير على نحو غريب فتتحول الطالبة إلى زوجة لرامي والأستاذ المتحرش إلى صديق له.
تتصاعد الأحداث ليتضح تدريبا المعنى المقصود من اسم الرواية (في ممر الفئران) إذ تنبئ الأخبار بأن هناك نيزكا يقترب من الأرض يوشك على تدميرها وإنهاء الحياة البشرية. وبعد إسهاب من المؤلف في تفاصيل الأثر السيكولوجي لقرب هذه الكارثة يحدث التحول الدرامي الأكبر فيرتطم النيزك بالكوكب لكنه لا يدمره ويتحقق السيناريو الأسوأ لتتشكل ستارة سوداء تغطي الأفق وتحجب نور الشمس لعدة عقود فيعيش الجميع يتخبطون في الظلام رغم عدم فقدانهم نعمة البصر.
وبمهارة الطبيب وخبرة المؤلف يدمج توفيق مساري الرواية في مسار واحد إذ يظهر فجأة الشرقاوي الذي لا يزال جسده راقدا بالمستشفى في غيبوبة في عالم الظلام الجديد ويصبح أحد رعايا أرض الظلام حيث يلتقي مع رامي الذي صار أبا لشاب لم يتبين ملامحه منذ ولادته.
يتحول رامي وبدون مبررات إلى طوق نجاة للشرقاوي في عالم الظلام ويتآلف الاثنان وينضمان معا إلى "النورانيين" أو "الضوئيين" هؤلاء القلة المتمردة على حكام عالم الظلام.
وحكام الأرض الجدد بعد غياب شمسها هم مجموعة من رجال الأعمال وذوي النفوذ ممن سكنوا جبال الهيمالايا حيث تعلو قمم الجبال فوق السحب السوداء وينعمون بالشمس والحياة الكريمة بل ويقمعون سكان الأرض ويزرعون في نفوسهم بمرور السنين أن "النور" خطيئة وأن "الظلام" نعمة وقدر محتوم.
يخوض الشرقاوي ورامي ورفاقهما "النورانيون" مغامرة غير محسوبة العواقب نحو الهيمالايا على أمل إعادة الشمس إلى الأرض أو على الأقل الانتقال من عالم الظلام إلى عالم النور.
وتأتي النهاية مفاجئة ومختلفة كما وعد المؤلف منذ السطور الأولى تاركة القارئ بين عالم الشرقاوي فاقد الوعي وعالم "النورانيين" الباحثين عن الأمل.
تحمل الرواية دون شك إسقاطا على أوضاع كثير من الدول النامية التي يحتكر فيها قلة من رجال الأعمال وأصحاب النفوذ خيرات بلادهم مع تقديم الغالبية العظمى من المواطنين لقمة سائغة للجهل والمرض والخوف إلا أن المؤلف يطرح أفكاره ويصيغ تساؤلاته في قالب غير منفر.
وعلى المستوى الشخصي يمكن أن تغري الرواية القارئ بعد الانتهاء منها بإغماض عينيه ولو لدقائق ومحاولة التجول في محيطه لبضعة أمتار حتى يتبين شعور الحياة بلا نور.