الفاو يحيي بعد غد يوم الأغذية العالمي
الجمعة 14/أكتوبر/2016 - 10:28 ص
تحيي منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" بعد غد يوم الغذاء العالمي 2016 تحت شعار " المناخ يتغير، اﻷغذية والزراعة أيضًا "، حيث يهدف الاحتفال هذا العام إلى تسليط الضوء على إحدى أهم القضايا المتعلقة بتغير المناخ وهي الأمن الغذائي، وأشد سكان العالم فقرًا، والكثير منهم مزارعون وصيادو أسماك ورعاة، وهم الأكثر تضررًا من جراء ارتفاع درجات الحرارة وزيادة تواتر الكوارث المتصلة بالطقس.
وفي نفس الوقت، يزداد تعداد سكان العالم باطراد، ومن المنتظر أن يصل إلى 9.6 مليار نسمة بحلول عام 2050، ولتلبية هذا الطلب الكبير، ينبغي أن تتكيف الزراعة والنظم الغذائية مع الآثار السلبية لتغير المناخ، وأن تصبح أكثر صمودًا وإنتاجية واستدامة، وهذه هي الطريقة الوحيدة لضمان صالح النظم الإيكولوجية والسكان الريفيين، والحد من الانبعاثات.
وتحتفل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بيوم الأغذية العالمي كل عام في 16 أكتوبر لتخليد ذكرى تأسيسها في عام 1945، ويهدف يوم الأغذية العالمي إلى زيادة وعي الرأي العام بمشكلة الجوع في العالم، والتشجيع على توجيه قدر أكبر من الاهتمام إلى الإنتاج الزراعي في جميع البلدان، وبذل جهود أكبر على المستويات الوطنية والثنائية والمتعددة الأطراف وغير الحكومية لتحقيق هذا الغرض، وتشجيع نقل التكنولوجيا إلى بلدان العالم الثالث، وتعزيز التضامن الدولي والقطري في الكفاح ضد الجوع وسوء التغذية والفقر واسترعاء الاهتمام نحو المنجزات المتحققة في مجالي الأغذية والتنمية الزراعية، وتشجيع مساهمة جماهير الريف لاسيما النساء وأكثر الفئات حرمانا في اتخاذ القرارات والأنشطة التي تمس ظروف حياتهم، وتشجيع التعاون الاقتصادي والتقني فيما بين البلدان النامية.
وأشار بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته بهذه المناسبة إلى إن إزدياد عدد سكان العالم يدعونا إلى تلبية الطلب المتنامي على الغذاء، غير أن الظواهر التي يشهدها العالم بسبب تغير المناخ من تصاعد في درجات الحرارة إلى مستويات لم تبلغها من قبل، وارتفاع في مستوى البحار ومن تكرر حالات الجفاف والفيضانات واشتداد حدتها، كل ذلك ينهك النظم الإيكولوجية ويضر بالزراعة وينال من قدرة المجتمع على إنتاج الأغذية التي نحن بحاجة إليها، وإذا كان أضعف الناس أحوالا هم أفقر أهل الأرض، فإن 70 % منهم يتخذون من الزراعة أو الصيد أو الرعي مصدرًا للرزق والقوت.
وأضاف مون لذلك فإننا في يوم الأغذية العالمي لهذا العام نسلط الضوء على الصلة الوثيقة بين قضايا تغير المناخ والزراعة المستدامة والأغذية وبين أمن التغذية تحت شعار أنه "إذا كان المناخ يتغير فلا بد أن تتغير نظم الأغذية والزراعة أيضا"، وإذا لم تتضافر الجهود المبذولة، فقد يسقط ملايين آخرون من الناس في وهدة الفقر والجوع فتتعرض المكاسب التي لم تحرز إلا بشق الأنفس للخطر وكذلك قدرتنا على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، فلابد من زيادة قدرة نظم الزراعة والأغذية على الصمود والإنتاج وتعزيز استدامتها وشمولها للجميع، ولكي يتعزز الأمن الغذائي في عالم مناخه آخذ في التغير، فإن على البلدان أن تعالج مسائل الغذاء والزراعة ضمن خطط عملها المتعلقة بالمناخ وأن تستثمر المزيد في التنمية الريفية، فالاستثمارات المخصصة لهذين القطاعين ستساهم في بناء القدرة على الصمود وزيادة دخل صغار المزارعين وإنتاجيتهم، بما ينقذ الملايين من آفة الفقر، وستساهم أيضا في خفض انبعاثات غازات الدفيئة والحفاظ لا على صحة النظم الإيكولوجية وسلامتها فحسب، وإنما على صحة جميع بني البشر الذين يعتمدون عليها وسلامتهم أيضا.
وذكر مون أنه في الشهر المقبل سوف يدخل اتفاق باريس التاريخي بشأن تغير المناخ حيز النفاذ، وسيعطي ذلك الزخم المطلوب للجهود العالمية المبذولة في سبيل خفض انبعاثات غازات الدفيئة، والحد من ارتفاع درجات الحرارة، وتشجيع نظم الزراعة المستدامة المتوائمة مع المناخ.
وحث مون في يوم الأغذية العالمي، جميع الحكومات وشركائها على أن تتبع نهجًا تعاونيًا شاملًا متكامل العناصر في التعامل مع قضايا تغير المناخ والأمن الغذائي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية العادلة، مشيرا إلى أن رفاهية هذا الجيل والأجيال التي تأتي في عقبه تتوقف على ما نتخذه من إجراءات الآن، ولن نتمكن من التوصل إلى عالم يخلو كليةً من آفتي الجوع والفقر ويستطيع فيه جميع الناس أن يعيشوا في السلام والرخاء والكرامة إلا بالعمل يدا في يد.
وينجم تغير المناخ عن نشاط الإنسان بما في ذلك الإنتاج الصناعي وعوادم السيارات وقطع الأشجار، وهذه الأنواع من الأنشطة تزيد في تركيز ثاني أكسيد الكربون والميتان والأكسيد النتري وغيرها من غازات الدفيئة في الجو، وإذا ما استمر الاتجاه الراهن في انبعاثات الكربون، فإن درجات الحرارة سوف تزيد بنحو درجة مئوية واحدة بحلول عام 2030، وبدرجتين مئويتين في نهاية القرن القادم.
من جهة أخرى، فإن هذه الزيادة ربما ستكون لها تأثيرات متباينة باختلاف الأقاليم، فالتأثيرات على الزراعة مثلا سوف تكون أكثر ضررا في المناطق الاستوائية مما هي عليه في المناطق المعتدلة، وسوف تستفيد البلدان المتقدمة بقدر أكبر ذلك لأن من المقدر أن تزيد إنتاجية الحبوب في كندا وشمال أوروبا وبعض أنحاء روسيا.
وعلى العكس من ذلك، فإن من المحتمل أن تتأثر بصورة سلبية البلدان النامية الأشد فقرا في الوقت الراهن خلال السنوات الـ 50 إلى 100 القادمة مع تقليص في مساحة الأراضي الزراعية وإنتاجياتها المحتملة، وسوف تكون إفريقيا جنوب الصحراء أشد المناطق تضررا وذلك بسبب عدم مقدرتها على التلاؤم بقدر كاف من خلال توفير الموارد الضرورية أو من خلال زيادة وارداتها من الأغذية.
ويمكن فهم المشكلات التي تواجه المزارعين على نحو أفضل إذا ما درس المرء تأثير تغير المناخ على الطقس أو هطول الأمطار ذلك لأن درجات الحرارة وأشعة الشمس هي العوامل الرئيسية الكامنة وراء الإنتاج الزراعي، فتغير المناخ يمكن أن يغير في هذه العوامل مما يسبب تهديدا خطيرا لتوافر المياه وتقليصا في الإنتاجية الزراعية وانتشار الأمراض التي تحملها القوارض إلى مناطق جديدة وزيادة الفيضانات بسبب ارتفاع منسوب البحار وأيضا بسبب هطول الأمطار الغزيرة، فتغير المناخ هو في واقع الأمر السبب الرئيسي لتقلبات الإنتاج من عام إلى آخر في البلدان المتقدمة والنامية على السواء.
وتشير دراسة أعدتها منظمة الأغذية والزراعة في عام 1996 إلى أن أشد انخفاض في إنتاج الحبوب سوف يحدث في البلدان النامية حيث يتوقع أن يبلغ متوسط هذا الانخفاض نحو 10 %، ويجب التنويه إلى أن انخفاضا متوقعا ما بين 2-3 % في إنتاج أفريقيا من الحبوب في عام 2020 سوف يكون كافيا لوحده لتعريض نحو 10 ملايين شخص للأخطار، وتستلزم هذه التأثيرات جهودا للتكيف يصعب تحملها من قبل السكان الذين تقل لديهم إمكانات الحصول على الموارد أو المدخرات الضرورية، وفي واقع الأمر، فإن التأثيرات الحقيقية سوف تحدث في المناطق التي يتميز فيها الإنتاج الغذائي حاليا بأنه حدي غالبا.
وهناك بعض الجماعات التي هي معرضة بوجه خاص لتغير المناخ، وهي المجموعات ذات الدخل المنخفض في المناطق المعرضة للجفاف والتي تفتقر إلى البنية الأساسية ولنظم التوزيع السوقي؛ والمجموعات التي يتراوح دخلها بين المنخفض والمتوسط في المناطق المعرضة للفيضانات والتي يمكن أن تفقد مخزوناتها من الأغذية أو ممتلكاتها؛ والمزارعون الذين قد تتعرض أراضيهم للدمار لطغيان مياه البحار عليها؛ والصيادون الذين قد يفقدون مصيدهم بسبب تغير التيارات المائية أو نتيجة طغيان مياه الفيضانات على مناطق تفريخ الأسماك، ومن جهة أخرى، يعتقد بأن مزيدا من البلدان سوف تحقق بحلول عام 2030 مزيدا من التحسين في اقتصادياتها ومرافقها ومؤسساتها وسوف تكون قادرة على التعويض عن تأثيرات تغير المناخ على إنتاجها المحلي من خلال استيراد الأغذية من بلدان أخرى.
وتشير تقارير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، أن الكوارث الطبيعية التي ضربت الدول النامية على مدار الـ10 سنوات الماضية، تسببت في خسائر لقطاع الزراعة تقدر قيمتها بـ80 مليار دولار على الأقل، وتأتي التقديرات بناء على تقرير تحت اسم "تأثير الكوارث على الزراعة والأمن الغذائي" وهو يغطي الفترة من عام 2003 إلى 2013.
وأشارت المنظمة إلى أن هذه الخسائر في الإنتاج تشمل 333 مليون طن من الحبوب والبقول واللحوم والألبان وغيرها من السلع، وهو ما أدى إلى تقليص حصة السعرات الحرارية المتاحة للمواطنين في البلدان النامية، بمعدل 7% بعد كل كارثة، ويشار إلى أن آسيا تعرضت لأكبر قدر من الخسائر، من حيث القيمة المطلقة، حيث قدر حجم الخسائر بـ 48 مليار دولار، وهو ما يساوي 2% فحسب من إجمالي إنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية هناك. أما أفريقيا، فقد عانت أكثر من القيمة النسبية، حيث خسرت 14 مليار دولار، وهو ما يمثل 6% من الإجمالي.
وأوضحت المنظمة، أن عدد الكوارث الطبيعية تضاعف خلال الفترة بين عام 2003 وعام 2013، بالمقارنة مع ثمانينيات القرن الماضي، كما عانت أكثر من ثلث البلدان النامية حالات طقس بالغة السوء تكررت ثلاث مرات أو أكثر، ويشار إلى أن الفلبين شهدت وقوع 75 كارثة، في الفترة من 2006 إلى 2013 أغلبها جراء الأعاصير والعواصف الاستوائية والفيضانات، التي تسببت في أضرار وخسائر متراكمة لحقت بقطاع الزراعة بقيمة 3٫8 مليار دولار.
وأفادت نتائج دراسة للأمم المتحدة بأن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث الطبيعية زادت بواقع ثلاثة أمثال خلال السنوات العشر الاخيرة فيما تحمل المزارعون على عاتقهم ما يقرب من ربع هذا العبء في الدول الفقيرة.
وقالت الدراسة إن موجات الجفاف والفيضانات والعواصف والكوارث الطبيعية الاخرى كبدت قطاع الزراعة في الدول النامية اضرارا بلغ حجمها 70 مليار دولار بين عامي 2003 و2013،وأضافت الدراسة التي عنيت بتحليل بيانات من 78 من الكوارث في 48 من البلدان النامية إن آسيا كانت المنطقة الأكثر تضررا بخسائر حجمها 28 مليار دولار، تلتها افريقيا بحجم خسائر بلغ 26 مليار دولار.
وأوضحت الدراسة الجديدة ان قطاع الزراعة تحمل 22 % من إجمالي الخسائر ما دفع مسؤولي الفاو إلى الدعوة لزيادة الدعم الممنوح للمزارعين لمجابهة هذه الازمة.
وقالت الدراسة إن 4.5 % فقط من حجم المعونات الانسانية المقدمة عقب الكوارث بين عامي 2003 و2013 استهدف قطاع الزراعة. ويعتمد 2.5 مليار شخص في العالم في كسب أرزاقهم من الزراعة فيما يمثل صغار المزراعين والرعاة والصيادين المجتمعات الاكثر عرضة للكوارث.
وقال جوزيه غرازيانو دا سيلفا المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، إنه من أجل حماية المزارعين يتعين على الدول تعزيز استعداداتها لسرعة مواجهة الكوارث فور وقوعها.ويربط كثير من المراقبين بين ارتفاع معدلات وشدة الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية وتغير المناخ.
وأكدت الدراسة أن التغير المناخي سوف يؤثر في الإنتاج الزراعي حول العالم، لاسيما في القارة الأفريقية، ويؤدي إلى تدمير الكثير من الهياكل الاقتصادية والاجتماعية، وأن التغير المناخي سيكون له تأثير عميق في الزراعة، فمعظم المزارعين لا يستطيعون رؤية الأنماط العالمية الكبرى لتغير المناخ، وبالتأكيد لا يمكن تغيير ما يحدث، لكن الشركات الكبرى يمكن أن ترى ذلك، لأنها تقوم بشراء حمولات المنتجات الزراعية من جميع أنحاء العالم، وتشير الدراسات إلى أن المناخ قد لا يستمر على هذه الحال، وأكثر النماذج تقول أن الجفاف سيزيد في غرب أفريقيا، وهذا ليس جيدًا بالنسبة للكاكاو، إذ يعد واحدًا من 100 أو أكثر من السلع الزراعية الداعمة المواد الغذائية والثروة الحيوانية.
وكشفت الفاو، أن حالات الجفاف والفيضانات والعواصف وغيرها من الكوارث الناجمة عن تغير المناخ تزايدت واشتدت حدتها، وأن الجفاف بات أكثر شيوعًا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بما لذلك من عواقب وخيمة على الثروة الحيوانية والمحاصيل، ولم تنج نيجيريا من تغير المناخ الذي يشكل تهديدًا لأمنها الغذائي بسبب تزايد الفيضانات والجفاف، وازدياد التغير في المناخ الشرقي والشمالي لوحظ في جفاف بحيرة تشاد، وحرمان مجتمعات كثيرة وسائل رزقها.
وأصدر برنامج "تغير المناخ والزراعة والأمن الغذائي "الصادر من كوبنهاجن، دراسة تقول أن تغير المناخ يمثل تهديدًا لمستقبل إنتاج المحاصيل الغذائية في مناطق عدة من العالم، والتي تعاني بالفعل من مشكلات غذائية مزمنة، وقالت الدراسة إن مواسم النمو الأقصر والأكثر جفافًا أو الأشد حرارة بسبب تغير المناخ، ربما تؤدي إلى تقليص الإنتاجية من المحاصيل الغذائية مثل الذرة والفول.
وذكرت أنه بحلول عام 2050 ربما تواجه مناطق كثيرة في شرق أفريقيا وغربها والهند وأجزاء من المكسيك وشمال شرقي البرازيل مواسم نمو أقصر، ما سيؤثر في ملايين الأشخاص الذين يعانون بالفعل من نقص الغذاء.
وكشف استطلاع الاتحاد الدولي للمزارعين "إن إف يو" أن ثلثي المزارعين لاحظوا زيادة في سوء الأحوال الجوية، بما يتفق مع آثار تغير المناخ التي يتنبأ بها العلماء.
وقال جاي سميث نائب رئيس إن إف يو، أنه أمر مقلق جدًا أن ما يقرب من 60 % من الشركات الزراعية تأثرت فعلًا بالظواهر الجوية الشديدة في السنوات الـ10 الماضية، والملاحظ أن حالات الجفاف والفيضانات والعواصف وغيرها من الكوارث الناجمة عن تغير المناخ ازدادت وتيرة وحدة على مدى العقود الثلاثة الماضية.
وكشفت دراسة أجرتها المنظمة أخيرًا أن نحو 25 % من الأثر الاقتصادي السلبي لهذه الكوارث في البلدان النامية، يلحق حصرًا بقطاعات إنتاج المحاصيل، والثروة الحيوانية، ومصايد الأسماك، والغابات، وباتت زراعة الزيتون في تونس مهددة بسبب التغيرات المناخية الشديدة، وبعد أن أصبحت تونس الخضراء أكبر مصدر لزيت الزيتون في العالم قد تخسر هذا اللقب في ظل خطر خسارة نصف محاصيلها بحلول عام 2030، ويعتمد 80 % من أشجار الزيتون في تونس على الأمطار، لكن الخطر يتعاظم مع تغير المناخ من جفاف إلى فيضانات وهطول أمطار غزيرة تغرق الأرض وتلقي بالضرر البليغ على أشجار الزيتون. وذكر جوزيه غرازيانو دا سيلفا المدير العام لمنظمة "فاو"، أنهم يعملون عن كثب مع وكالات الأمم المتحدة المختصة، خصوصًا الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وبرنامج الأغذية العالمي، للسير على استراتيجية مشتركة من أجل بناء قدرة التجاوب عبر "العمل قبل الأزمات وأثناءها وبعدها". وتهدف الاستراتيجية إلى تدعيم قدرات البلدان على توقع الصدمات والأزمات وامتصاصها.
وفي الوقت ذاته، تعاون المنظمة مع البلدان على تحويل النظم الغذائية والزراعية وسبل المعيشة الأشد عرضة للخطر، إلى أنشطة مستدامة. وأشارت الدراسة إنه من أجل الحد من حجم الأعباء التي يتحملها المزارعون جراء هذه الازمات فان الأمر يستلزم إنشاء منظومة للانذار المبكر وتحسين طرق إنتاج المواد الغذائية والنهوض بسبل جمع المعلومات من اجل تحديد نطاق الكوارث ليتسنى مواجهتها.
إن زراعة الأغذية بطريقة مستدامة تعني اعتماد ممارسات تؤدي إلى إنتاج أكبر بمدخلات أقل في نفس مساحة الأراضي وباستخدام الموارد الطبيعية بشكل رشيد. كما تعني الحد من فقد الأغذية قبل الوصول إلى المنتج النهائي أو مرحلة التجزئة من خلال عدد من المبادرات، بما في ذلك آليات أفضل للحصاد والتخزين والتغليف والنقل والبنية الأساسية والتسويق، بالإضافة إلى الأطر المؤسسية والقانونية. وتناشد الفاو البلدان لمعالجة قضية الأغذية والزراعة ضمن خطط عملهم الخاصة بالمناخ، واستثمار المزيد في التنمية الريفية. وبتعزيز قدرة المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة على الصمود يمكننا أن نضمن الأمن الغذائي لسكان الكوكب الجوعى المتزايدين، والحد أيضا من الانبعاثات.
وفي نفس الوقت، يزداد تعداد سكان العالم باطراد، ومن المنتظر أن يصل إلى 9.6 مليار نسمة بحلول عام 2050، ولتلبية هذا الطلب الكبير، ينبغي أن تتكيف الزراعة والنظم الغذائية مع الآثار السلبية لتغير المناخ، وأن تصبح أكثر صمودًا وإنتاجية واستدامة، وهذه هي الطريقة الوحيدة لضمان صالح النظم الإيكولوجية والسكان الريفيين، والحد من الانبعاثات.
وتحتفل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بيوم الأغذية العالمي كل عام في 16 أكتوبر لتخليد ذكرى تأسيسها في عام 1945، ويهدف يوم الأغذية العالمي إلى زيادة وعي الرأي العام بمشكلة الجوع في العالم، والتشجيع على توجيه قدر أكبر من الاهتمام إلى الإنتاج الزراعي في جميع البلدان، وبذل جهود أكبر على المستويات الوطنية والثنائية والمتعددة الأطراف وغير الحكومية لتحقيق هذا الغرض، وتشجيع نقل التكنولوجيا إلى بلدان العالم الثالث، وتعزيز التضامن الدولي والقطري في الكفاح ضد الجوع وسوء التغذية والفقر واسترعاء الاهتمام نحو المنجزات المتحققة في مجالي الأغذية والتنمية الزراعية، وتشجيع مساهمة جماهير الريف لاسيما النساء وأكثر الفئات حرمانا في اتخاذ القرارات والأنشطة التي تمس ظروف حياتهم، وتشجيع التعاون الاقتصادي والتقني فيما بين البلدان النامية.
وأشار بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته بهذه المناسبة إلى إن إزدياد عدد سكان العالم يدعونا إلى تلبية الطلب المتنامي على الغذاء، غير أن الظواهر التي يشهدها العالم بسبب تغير المناخ من تصاعد في درجات الحرارة إلى مستويات لم تبلغها من قبل، وارتفاع في مستوى البحار ومن تكرر حالات الجفاف والفيضانات واشتداد حدتها، كل ذلك ينهك النظم الإيكولوجية ويضر بالزراعة وينال من قدرة المجتمع على إنتاج الأغذية التي نحن بحاجة إليها، وإذا كان أضعف الناس أحوالا هم أفقر أهل الأرض، فإن 70 % منهم يتخذون من الزراعة أو الصيد أو الرعي مصدرًا للرزق والقوت.
وأضاف مون لذلك فإننا في يوم الأغذية العالمي لهذا العام نسلط الضوء على الصلة الوثيقة بين قضايا تغير المناخ والزراعة المستدامة والأغذية وبين أمن التغذية تحت شعار أنه "إذا كان المناخ يتغير فلا بد أن تتغير نظم الأغذية والزراعة أيضا"، وإذا لم تتضافر الجهود المبذولة، فقد يسقط ملايين آخرون من الناس في وهدة الفقر والجوع فتتعرض المكاسب التي لم تحرز إلا بشق الأنفس للخطر وكذلك قدرتنا على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، فلابد من زيادة قدرة نظم الزراعة والأغذية على الصمود والإنتاج وتعزيز استدامتها وشمولها للجميع، ولكي يتعزز الأمن الغذائي في عالم مناخه آخذ في التغير، فإن على البلدان أن تعالج مسائل الغذاء والزراعة ضمن خطط عملها المتعلقة بالمناخ وأن تستثمر المزيد في التنمية الريفية، فالاستثمارات المخصصة لهذين القطاعين ستساهم في بناء القدرة على الصمود وزيادة دخل صغار المزارعين وإنتاجيتهم، بما ينقذ الملايين من آفة الفقر، وستساهم أيضا في خفض انبعاثات غازات الدفيئة والحفاظ لا على صحة النظم الإيكولوجية وسلامتها فحسب، وإنما على صحة جميع بني البشر الذين يعتمدون عليها وسلامتهم أيضا.
وذكر مون أنه في الشهر المقبل سوف يدخل اتفاق باريس التاريخي بشأن تغير المناخ حيز النفاذ، وسيعطي ذلك الزخم المطلوب للجهود العالمية المبذولة في سبيل خفض انبعاثات غازات الدفيئة، والحد من ارتفاع درجات الحرارة، وتشجيع نظم الزراعة المستدامة المتوائمة مع المناخ.
وحث مون في يوم الأغذية العالمي، جميع الحكومات وشركائها على أن تتبع نهجًا تعاونيًا شاملًا متكامل العناصر في التعامل مع قضايا تغير المناخ والأمن الغذائي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية العادلة، مشيرا إلى أن رفاهية هذا الجيل والأجيال التي تأتي في عقبه تتوقف على ما نتخذه من إجراءات الآن، ولن نتمكن من التوصل إلى عالم يخلو كليةً من آفتي الجوع والفقر ويستطيع فيه جميع الناس أن يعيشوا في السلام والرخاء والكرامة إلا بالعمل يدا في يد.
وينجم تغير المناخ عن نشاط الإنسان بما في ذلك الإنتاج الصناعي وعوادم السيارات وقطع الأشجار، وهذه الأنواع من الأنشطة تزيد في تركيز ثاني أكسيد الكربون والميتان والأكسيد النتري وغيرها من غازات الدفيئة في الجو، وإذا ما استمر الاتجاه الراهن في انبعاثات الكربون، فإن درجات الحرارة سوف تزيد بنحو درجة مئوية واحدة بحلول عام 2030، وبدرجتين مئويتين في نهاية القرن القادم.
من جهة أخرى، فإن هذه الزيادة ربما ستكون لها تأثيرات متباينة باختلاف الأقاليم، فالتأثيرات على الزراعة مثلا سوف تكون أكثر ضررا في المناطق الاستوائية مما هي عليه في المناطق المعتدلة، وسوف تستفيد البلدان المتقدمة بقدر أكبر ذلك لأن من المقدر أن تزيد إنتاجية الحبوب في كندا وشمال أوروبا وبعض أنحاء روسيا.
وعلى العكس من ذلك، فإن من المحتمل أن تتأثر بصورة سلبية البلدان النامية الأشد فقرا في الوقت الراهن خلال السنوات الـ 50 إلى 100 القادمة مع تقليص في مساحة الأراضي الزراعية وإنتاجياتها المحتملة، وسوف تكون إفريقيا جنوب الصحراء أشد المناطق تضررا وذلك بسبب عدم مقدرتها على التلاؤم بقدر كاف من خلال توفير الموارد الضرورية أو من خلال زيادة وارداتها من الأغذية.
ويمكن فهم المشكلات التي تواجه المزارعين على نحو أفضل إذا ما درس المرء تأثير تغير المناخ على الطقس أو هطول الأمطار ذلك لأن درجات الحرارة وأشعة الشمس هي العوامل الرئيسية الكامنة وراء الإنتاج الزراعي، فتغير المناخ يمكن أن يغير في هذه العوامل مما يسبب تهديدا خطيرا لتوافر المياه وتقليصا في الإنتاجية الزراعية وانتشار الأمراض التي تحملها القوارض إلى مناطق جديدة وزيادة الفيضانات بسبب ارتفاع منسوب البحار وأيضا بسبب هطول الأمطار الغزيرة، فتغير المناخ هو في واقع الأمر السبب الرئيسي لتقلبات الإنتاج من عام إلى آخر في البلدان المتقدمة والنامية على السواء.
وتشير دراسة أعدتها منظمة الأغذية والزراعة في عام 1996 إلى أن أشد انخفاض في إنتاج الحبوب سوف يحدث في البلدان النامية حيث يتوقع أن يبلغ متوسط هذا الانخفاض نحو 10 %، ويجب التنويه إلى أن انخفاضا متوقعا ما بين 2-3 % في إنتاج أفريقيا من الحبوب في عام 2020 سوف يكون كافيا لوحده لتعريض نحو 10 ملايين شخص للأخطار، وتستلزم هذه التأثيرات جهودا للتكيف يصعب تحملها من قبل السكان الذين تقل لديهم إمكانات الحصول على الموارد أو المدخرات الضرورية، وفي واقع الأمر، فإن التأثيرات الحقيقية سوف تحدث في المناطق التي يتميز فيها الإنتاج الغذائي حاليا بأنه حدي غالبا.
وهناك بعض الجماعات التي هي معرضة بوجه خاص لتغير المناخ، وهي المجموعات ذات الدخل المنخفض في المناطق المعرضة للجفاف والتي تفتقر إلى البنية الأساسية ولنظم التوزيع السوقي؛ والمجموعات التي يتراوح دخلها بين المنخفض والمتوسط في المناطق المعرضة للفيضانات والتي يمكن أن تفقد مخزوناتها من الأغذية أو ممتلكاتها؛ والمزارعون الذين قد تتعرض أراضيهم للدمار لطغيان مياه البحار عليها؛ والصيادون الذين قد يفقدون مصيدهم بسبب تغير التيارات المائية أو نتيجة طغيان مياه الفيضانات على مناطق تفريخ الأسماك، ومن جهة أخرى، يعتقد بأن مزيدا من البلدان سوف تحقق بحلول عام 2030 مزيدا من التحسين في اقتصادياتها ومرافقها ومؤسساتها وسوف تكون قادرة على التعويض عن تأثيرات تغير المناخ على إنتاجها المحلي من خلال استيراد الأغذية من بلدان أخرى.
وتشير تقارير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، أن الكوارث الطبيعية التي ضربت الدول النامية على مدار الـ10 سنوات الماضية، تسببت في خسائر لقطاع الزراعة تقدر قيمتها بـ80 مليار دولار على الأقل، وتأتي التقديرات بناء على تقرير تحت اسم "تأثير الكوارث على الزراعة والأمن الغذائي" وهو يغطي الفترة من عام 2003 إلى 2013.
وأشارت المنظمة إلى أن هذه الخسائر في الإنتاج تشمل 333 مليون طن من الحبوب والبقول واللحوم والألبان وغيرها من السلع، وهو ما أدى إلى تقليص حصة السعرات الحرارية المتاحة للمواطنين في البلدان النامية، بمعدل 7% بعد كل كارثة، ويشار إلى أن آسيا تعرضت لأكبر قدر من الخسائر، من حيث القيمة المطلقة، حيث قدر حجم الخسائر بـ 48 مليار دولار، وهو ما يساوي 2% فحسب من إجمالي إنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية هناك. أما أفريقيا، فقد عانت أكثر من القيمة النسبية، حيث خسرت 14 مليار دولار، وهو ما يمثل 6% من الإجمالي.
وأوضحت المنظمة، أن عدد الكوارث الطبيعية تضاعف خلال الفترة بين عام 2003 وعام 2013، بالمقارنة مع ثمانينيات القرن الماضي، كما عانت أكثر من ثلث البلدان النامية حالات طقس بالغة السوء تكررت ثلاث مرات أو أكثر، ويشار إلى أن الفلبين شهدت وقوع 75 كارثة، في الفترة من 2006 إلى 2013 أغلبها جراء الأعاصير والعواصف الاستوائية والفيضانات، التي تسببت في أضرار وخسائر متراكمة لحقت بقطاع الزراعة بقيمة 3٫8 مليار دولار.
وأفادت نتائج دراسة للأمم المتحدة بأن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث الطبيعية زادت بواقع ثلاثة أمثال خلال السنوات العشر الاخيرة فيما تحمل المزارعون على عاتقهم ما يقرب من ربع هذا العبء في الدول الفقيرة.
وقالت الدراسة إن موجات الجفاف والفيضانات والعواصف والكوارث الطبيعية الاخرى كبدت قطاع الزراعة في الدول النامية اضرارا بلغ حجمها 70 مليار دولار بين عامي 2003 و2013،وأضافت الدراسة التي عنيت بتحليل بيانات من 78 من الكوارث في 48 من البلدان النامية إن آسيا كانت المنطقة الأكثر تضررا بخسائر حجمها 28 مليار دولار، تلتها افريقيا بحجم خسائر بلغ 26 مليار دولار.
وأوضحت الدراسة الجديدة ان قطاع الزراعة تحمل 22 % من إجمالي الخسائر ما دفع مسؤولي الفاو إلى الدعوة لزيادة الدعم الممنوح للمزارعين لمجابهة هذه الازمة.
وقالت الدراسة إن 4.5 % فقط من حجم المعونات الانسانية المقدمة عقب الكوارث بين عامي 2003 و2013 استهدف قطاع الزراعة. ويعتمد 2.5 مليار شخص في العالم في كسب أرزاقهم من الزراعة فيما يمثل صغار المزراعين والرعاة والصيادين المجتمعات الاكثر عرضة للكوارث.
وقال جوزيه غرازيانو دا سيلفا المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، إنه من أجل حماية المزارعين يتعين على الدول تعزيز استعداداتها لسرعة مواجهة الكوارث فور وقوعها.ويربط كثير من المراقبين بين ارتفاع معدلات وشدة الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية وتغير المناخ.
وأكدت الدراسة أن التغير المناخي سوف يؤثر في الإنتاج الزراعي حول العالم، لاسيما في القارة الأفريقية، ويؤدي إلى تدمير الكثير من الهياكل الاقتصادية والاجتماعية، وأن التغير المناخي سيكون له تأثير عميق في الزراعة، فمعظم المزارعين لا يستطيعون رؤية الأنماط العالمية الكبرى لتغير المناخ، وبالتأكيد لا يمكن تغيير ما يحدث، لكن الشركات الكبرى يمكن أن ترى ذلك، لأنها تقوم بشراء حمولات المنتجات الزراعية من جميع أنحاء العالم، وتشير الدراسات إلى أن المناخ قد لا يستمر على هذه الحال، وأكثر النماذج تقول أن الجفاف سيزيد في غرب أفريقيا، وهذا ليس جيدًا بالنسبة للكاكاو، إذ يعد واحدًا من 100 أو أكثر من السلع الزراعية الداعمة المواد الغذائية والثروة الحيوانية.
وكشفت الفاو، أن حالات الجفاف والفيضانات والعواصف وغيرها من الكوارث الناجمة عن تغير المناخ تزايدت واشتدت حدتها، وأن الجفاف بات أكثر شيوعًا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بما لذلك من عواقب وخيمة على الثروة الحيوانية والمحاصيل، ولم تنج نيجيريا من تغير المناخ الذي يشكل تهديدًا لأمنها الغذائي بسبب تزايد الفيضانات والجفاف، وازدياد التغير في المناخ الشرقي والشمالي لوحظ في جفاف بحيرة تشاد، وحرمان مجتمعات كثيرة وسائل رزقها.
وأصدر برنامج "تغير المناخ والزراعة والأمن الغذائي "الصادر من كوبنهاجن، دراسة تقول أن تغير المناخ يمثل تهديدًا لمستقبل إنتاج المحاصيل الغذائية في مناطق عدة من العالم، والتي تعاني بالفعل من مشكلات غذائية مزمنة، وقالت الدراسة إن مواسم النمو الأقصر والأكثر جفافًا أو الأشد حرارة بسبب تغير المناخ، ربما تؤدي إلى تقليص الإنتاجية من المحاصيل الغذائية مثل الذرة والفول.
وذكرت أنه بحلول عام 2050 ربما تواجه مناطق كثيرة في شرق أفريقيا وغربها والهند وأجزاء من المكسيك وشمال شرقي البرازيل مواسم نمو أقصر، ما سيؤثر في ملايين الأشخاص الذين يعانون بالفعل من نقص الغذاء.
وكشف استطلاع الاتحاد الدولي للمزارعين "إن إف يو" أن ثلثي المزارعين لاحظوا زيادة في سوء الأحوال الجوية، بما يتفق مع آثار تغير المناخ التي يتنبأ بها العلماء.
وقال جاي سميث نائب رئيس إن إف يو، أنه أمر مقلق جدًا أن ما يقرب من 60 % من الشركات الزراعية تأثرت فعلًا بالظواهر الجوية الشديدة في السنوات الـ10 الماضية، والملاحظ أن حالات الجفاف والفيضانات والعواصف وغيرها من الكوارث الناجمة عن تغير المناخ ازدادت وتيرة وحدة على مدى العقود الثلاثة الماضية.
وكشفت دراسة أجرتها المنظمة أخيرًا أن نحو 25 % من الأثر الاقتصادي السلبي لهذه الكوارث في البلدان النامية، يلحق حصرًا بقطاعات إنتاج المحاصيل، والثروة الحيوانية، ومصايد الأسماك، والغابات، وباتت زراعة الزيتون في تونس مهددة بسبب التغيرات المناخية الشديدة، وبعد أن أصبحت تونس الخضراء أكبر مصدر لزيت الزيتون في العالم قد تخسر هذا اللقب في ظل خطر خسارة نصف محاصيلها بحلول عام 2030، ويعتمد 80 % من أشجار الزيتون في تونس على الأمطار، لكن الخطر يتعاظم مع تغير المناخ من جفاف إلى فيضانات وهطول أمطار غزيرة تغرق الأرض وتلقي بالضرر البليغ على أشجار الزيتون. وذكر جوزيه غرازيانو دا سيلفا المدير العام لمنظمة "فاو"، أنهم يعملون عن كثب مع وكالات الأمم المتحدة المختصة، خصوصًا الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وبرنامج الأغذية العالمي، للسير على استراتيجية مشتركة من أجل بناء قدرة التجاوب عبر "العمل قبل الأزمات وأثناءها وبعدها". وتهدف الاستراتيجية إلى تدعيم قدرات البلدان على توقع الصدمات والأزمات وامتصاصها.
وفي الوقت ذاته، تعاون المنظمة مع البلدان على تحويل النظم الغذائية والزراعية وسبل المعيشة الأشد عرضة للخطر، إلى أنشطة مستدامة. وأشارت الدراسة إنه من أجل الحد من حجم الأعباء التي يتحملها المزارعون جراء هذه الازمات فان الأمر يستلزم إنشاء منظومة للانذار المبكر وتحسين طرق إنتاج المواد الغذائية والنهوض بسبل جمع المعلومات من اجل تحديد نطاق الكوارث ليتسنى مواجهتها.
إن زراعة الأغذية بطريقة مستدامة تعني اعتماد ممارسات تؤدي إلى إنتاج أكبر بمدخلات أقل في نفس مساحة الأراضي وباستخدام الموارد الطبيعية بشكل رشيد. كما تعني الحد من فقد الأغذية قبل الوصول إلى المنتج النهائي أو مرحلة التجزئة من خلال عدد من المبادرات، بما في ذلك آليات أفضل للحصاد والتخزين والتغليف والنقل والبنية الأساسية والتسويق، بالإضافة إلى الأطر المؤسسية والقانونية. وتناشد الفاو البلدان لمعالجة قضية الأغذية والزراعة ضمن خطط عملهم الخاصة بالمناخ، واستثمار المزيد في التنمية الريفية. وبتعزيز قدرة المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة على الصمود يمكننا أن نضمن الأمن الغذائي لسكان الكوكب الجوعى المتزايدين، والحد أيضا من الانبعاثات.