توفي جيمس باري يوم 25 يوليو عام 1865، وهو أكبر الجراحين بالمستشفى الملكي البريطاني، وأفضل الرجال العسكريين ببريطانيا، وجاء هذا الخبر صدمه للمملكة، وهذا لأنهم فقدوا طبيبًا وضابطًا قضى 52 عامًا، في السلك العسكري حتى صار المفتش العام للمستشفيات العسكرية.

لكن اكتشفوا أن هناك خبر أكثر صدمة من وفاته، فعندما قامت خادمته صوفيا بمحاولة تنظيف الجسد، اكتشفت أن الطبيب الشهير والرجل العسكري هو امرأة وليس رجلًا، وأنه استطاع خداع كل من حوله طول تلك السنوات، ولم يقف على هذا بل لديه ابن أو ابنة وعرفت الخادمة ذلك من خلال علامات جرح الإنجاب في بطنها.

"جيمس بارى" اسمه الحقيقي "مارجريت باكلي" ولدت في أيرلندا، كانت لها خال باسم جيميس باري بالفعل وهو فنان مشهور، وأستاذ الرسم في الأكاديمية الملكية في لندن، ووجدت فيما بعد أن مارجريت بالتعاون مع بعض الأقرباء وأمها تحديدًا قررت الالتحاق بمدرسة الطب كذكر تحت اسم خالها جيميس باري، والتحقت بمدرسة الطب في جامعة أدنبرة، تحت اسم جيمس باري وتخرجت منها دارسة للطب وللآداب في عام 1812، ثم انتقلت إلى لندن.

في يناير عام 1813، نجحت في اختبار الكلية الملكية للجراحين في إنجلترا وتأهلت للالتحاق كضابط في الخدمة العسكرية، وبدأت في الهند، ثم انتقلت إلى مستعمرة كيب تاون في جنوب إفريقيا، وترقت حتى أصبحت مفتش الصحة العام في المستعمرة كلها.

ثم تقاعدت "باري" في عام 1864، حيث عادت إلى إنجلترا، وتوفيت إثر إصابتها بمرض الدوسنتاريا في 25 يوليو 1865.

هذه الطبيبة البارعة والضابطة التي استطاعت أن تصل إلى أن تكون كبيرًا للمفتشين كانت تعمل بجرأة شديدة لمواجهة هذا المجتمع المتخلف الذي كان يكره المرأة في هذا الوقت.

وحاول القصر الملكي أن يواجه هذه الأزمة، وادعى أن مارجريت أو جيمس هي خنثي، وذلك للهروب من أن أمراة نجحت في دور لا يعمل به سوى الرجل، والحقيقة أنها كانت فتاة عادية طبيعية، قررت أن تتحدى بطريقتها المجتمع وتجد لها مكانًا لتثبت فيه أنها تستطيع أن تكون طبيبه مبدعه ومفكرة، واستطاعت أن تفعل هذا لمدة 52 عامًا، وكل هذا بمساعدة الأم التي استطاعت طوال تلك السنين أن تخفي هذا السر عن أي شخص.