رؤساء مصر والقضاة.. صراعات سياسية مع "عبد الناصر والسادات".. انتقام مع "مبارك ومرسي".. وتوافق مع"السيسي"
الجمعة 28/أبريل/2017 - 12:35 م
محمد صلاح
طباعة
كانت العلاقة بين رؤساء مصر والقضاة، بين الشد والجذب، على مدار التاريخ، منذ ثورة 1952، وحتى اليوم، فمع اختلاف رؤساء مصر، كان لكل رئيس طريقته في إدارة الأزمات مع السلطة القضائية، فتارة يشتد الصراع بينهم، وأخرى يسود التوافق والاتفاق.
رصد "المواطن"، صراعات القضاة مع رؤساء مصر:
صراع مع مجلس قيادة الثورة في عهد "محمد نجيب"
بدأت علاقة رؤساء مصر بالقضاة، بالتصادم في عهد أول رئيس جمهوري، بعد إلغاء الملكية "محمد نجيب"، أثناء أزمة فبراير ــ مارس 1954، والتي ساند فيها المستشار السنهوري، الداعي للعودة إلى نظام مدني ديمقراطي، والتي تزعمها في ذلك الوقت الرئيس محمد نجيب ضد مجلس قيادة الثورة تحت قيادة عبد الناصر.
وشهدت المظاهرات المؤيدة لعبد الناصر، اقتحام مجلس الدولة وضرب المستشار السنهوري، ثم إعادة تشكيل مجلس الدولة، وأسفر الصراع عن إصدار قرار 25 مارس 1954، بعودة الأحزاب، وعدم حرمان أي شخص من حقوقه السياسية، بالإضافة إلى انتخاب جمعية تأسيسية للدستور.
وأصدار السنهوري تعليمات لزوجته بعدم زيارة عبد الناصر له، بعد توجيهه الاتهام بصورة رسمية إلى عبد الناصر، وصدر قرار في أبريل 1954، من مجلس قيادة الثورة، يقضي بحرمان كل من تولى منصبًا وزاريًا، في الفترة من 1936 حتى يوليو 1952، من تولي الوظائف العامة لمدة خمس سنوات، وهو ما تسبب في عزل السنهوري من القضاء.
تمت الإطاحة بـ 18 مستشارًا من مجلس الدولة من المقربين من السنهوري، بعد عام واحد من الواقعة، وبعد إصدار "عبد الناصر"، قرارًا بقانون لإعادة تنظيم مجلس الدولة، قضى بإعادة تعيين كافة مستشاري وموظفي مجلس الدولة خلال 15 يومًا، وهو القرار الذي صدر بإغفال اسم 18 مستشارًا تمت إعادة توزيعهم على هيئات قضائية أخرى.
مذبحة القضاة في عهد "عبد الناصر"
وتجدد الصدام بين الدولة والقضاة مرة أخرى، في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بعد نكسة 1967، الذي عرف بـ"مذبحة القضاة"، والتي بدأت بعد تردد مزاعم تشير أن "عبد الناصر"، يشكل تنظيم سري بين القضاة، وحوّلهم إلى أعضاء بالاتحاد الاشتراكي، واخضاعهم لهيمنة السلطة.
غضب القضاة، ولكن الاتحاد الاشتراكي دفع بنشطائه؛ لخوض انتخابات نادي القضاة، ففشلوا فيها جميعا، وفازت القائمة المضادة، التي تزعمها خالد الذكر المستشار ممتاز نصار، وكانت النتيجة هي إعادة "عبد الناصر"، تشكيل كل الهيئات القضائية، وذلك بإسقاط كل من لعبوا دورا أساسيا في هذه المواجهة من سلك القضاء، أو نقلهم لوظائف أخرى، وبعد رحيل "عبدالناصر"، سقطت هذه القرارات بحكم محكمة النقض في سنة 1972، وعاد القضاة المفصولون إلى مناصبهم.
تقليص سلطة القضاء في عهد "السادات"
كان الصراع بين القضاة والرئيس، بسبب قيام السلطة القضائية بفض منازعات الرئيس مع خصومه، بالوقوف بجانب خصومه، والتي كان أشهرها مساندة القضاة للشعب ضد قرارات السادات في يومي 17 و18 يناير، الذي خرج المواطنين المصريين فيهم بالشوارع في انتفاضة شعبية؛ احتجاجا على قرارات رفع أسعار السلع الغذائية، وتتطور الأمر إلى اشتباكات بين الأمن ومتظاهرين.
ووجّه النظام الاتهام لـ176 شخصًا، وتم اتهامهم بالسعي لقلب نظام الحكم، وأسند ملف القضية إلى المستشار حكيم منير صليب، وتوقع النظام وقتها حكما قويا ضد المتظاهرين، ولكنه أصدر حكمًا تاريخيًا في القضية، وحكم ببراءة المتهمين، واتهم النظام بأنه السبب في تصعيد الأزمة، وتعامل مع حيثيات القضية على إنها "انتفاضة شعبية"، وتصدى للرئيس الراحل "السادات"، الذي اعتبرها "انتفاضة حرامية".
وسعى "السادات"، إلى تقليص سلطة القضاء في المنازعات السياسية، التي كان القضاء يبرئ فيها خصوم السادات من الكتاب والصحفيين، على اعتبار أنهم كانوا يزاولون حقهم الدستوري في حرية التعبير، فقام بابتداع جريمة جديدة تسمى "الخروج على قيم المجتمع"، يحال المتهمون بها إلى نوع جديد من المحاكم سمى بـ"محكمة القيم"، التي تفرض على من يحال إليها عقوبة الفصل من الوظائف التي تتيح لمن يشغلها، مثل الكتاب، الصحفيين، وأساتذة الجامعات، التأثير على الرأي العام، أو تحدد إقامته في منزله.
توافق ومعاقبة في عهد "مبارك"
شهدت فترة رئاسة محمد حسني مبارك، اضطراب في العلاقات مع القضاة، شهدت بداية حكمه توافقًا كبيرًا مع القضاة، وأعطى للقضاة العديد من الامتيازات، سواء المادية أو مد سن تقاعدهم.
لم يستمر التوافق حتى النهاية، وقام "مبارك"، بمعاقبة القضاة الذين فضحوا التزوير في الانتخابات النيابية في دمنهور والزيتون، وذلك لحساب مرشحين قريبين منه، ومنهم رئيس الديوان الرئاسي ذاته، فأحيل اثنان منهم للتحقيق أمام مجلس تأديبي، وهما المستشارين هشام البسطويسى، وأحمد مكي، فاعتصم القضاة في ناديهم، ورفعوا مطالب باستقلال القضاء.
العداء في عهد "مرسي"
لم يخلو عام حكم الإخوان، برئاسة محمد مرسي، من الصراعات ضد القضاة، حيث أصدر "مرسى"، بعد توليه قرارًا بعودة البرلمان المنتخب، لحين انتخاب برلمان جديد، مما أثار حفيظة القضاة، واعتبروه إهدارًا لأحكامهم.
شهدت العلاقة بين القضاة والإخوان صراعات، بسبب الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب، الذي كانت تحوز جماعة الإخوان أغلبيته أثناء فترة حكم المجلس العسكري.
توافق في عهد "السيسي"
كانت ولا زالت العلاقة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والقضاة في توافق، حتى بعد أن أصدر الرئيس قرارًا بالتصديق على تعديلات قانون السلطة القضائية، الذي وافق عليه مجلس النواب بأغلبية أعضائه، والخاص بتعديل مواد طريقة تعيين رؤساء الهيئات القضائية.
وتظهر العلاقة بين الجانبين تأييد متبادل، ومن أدلة ذلك أن "السيسي"، هو ثاني رئيس مصري يحضر عيد القضاة، بعد الرئيس الأسبق حسنى مبارك.
رصد "المواطن"، صراعات القضاة مع رؤساء مصر:
صراع مع مجلس قيادة الثورة في عهد "محمد نجيب"
بدأت علاقة رؤساء مصر بالقضاة، بالتصادم في عهد أول رئيس جمهوري، بعد إلغاء الملكية "محمد نجيب"، أثناء أزمة فبراير ــ مارس 1954، والتي ساند فيها المستشار السنهوري، الداعي للعودة إلى نظام مدني ديمقراطي، والتي تزعمها في ذلك الوقت الرئيس محمد نجيب ضد مجلس قيادة الثورة تحت قيادة عبد الناصر.
وشهدت المظاهرات المؤيدة لعبد الناصر، اقتحام مجلس الدولة وضرب المستشار السنهوري، ثم إعادة تشكيل مجلس الدولة، وأسفر الصراع عن إصدار قرار 25 مارس 1954، بعودة الأحزاب، وعدم حرمان أي شخص من حقوقه السياسية، بالإضافة إلى انتخاب جمعية تأسيسية للدستور.
وأصدار السنهوري تعليمات لزوجته بعدم زيارة عبد الناصر له، بعد توجيهه الاتهام بصورة رسمية إلى عبد الناصر، وصدر قرار في أبريل 1954، من مجلس قيادة الثورة، يقضي بحرمان كل من تولى منصبًا وزاريًا، في الفترة من 1936 حتى يوليو 1952، من تولي الوظائف العامة لمدة خمس سنوات، وهو ما تسبب في عزل السنهوري من القضاء.
تمت الإطاحة بـ 18 مستشارًا من مجلس الدولة من المقربين من السنهوري، بعد عام واحد من الواقعة، وبعد إصدار "عبد الناصر"، قرارًا بقانون لإعادة تنظيم مجلس الدولة، قضى بإعادة تعيين كافة مستشاري وموظفي مجلس الدولة خلال 15 يومًا، وهو القرار الذي صدر بإغفال اسم 18 مستشارًا تمت إعادة توزيعهم على هيئات قضائية أخرى.
مذبحة القضاة في عهد "عبد الناصر"
وتجدد الصدام بين الدولة والقضاة مرة أخرى، في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بعد نكسة 1967، الذي عرف بـ"مذبحة القضاة"، والتي بدأت بعد تردد مزاعم تشير أن "عبد الناصر"، يشكل تنظيم سري بين القضاة، وحوّلهم إلى أعضاء بالاتحاد الاشتراكي، واخضاعهم لهيمنة السلطة.
غضب القضاة، ولكن الاتحاد الاشتراكي دفع بنشطائه؛ لخوض انتخابات نادي القضاة، ففشلوا فيها جميعا، وفازت القائمة المضادة، التي تزعمها خالد الذكر المستشار ممتاز نصار، وكانت النتيجة هي إعادة "عبد الناصر"، تشكيل كل الهيئات القضائية، وذلك بإسقاط كل من لعبوا دورا أساسيا في هذه المواجهة من سلك القضاء، أو نقلهم لوظائف أخرى، وبعد رحيل "عبدالناصر"، سقطت هذه القرارات بحكم محكمة النقض في سنة 1972، وعاد القضاة المفصولون إلى مناصبهم.
تقليص سلطة القضاء في عهد "السادات"
كان الصراع بين القضاة والرئيس، بسبب قيام السلطة القضائية بفض منازعات الرئيس مع خصومه، بالوقوف بجانب خصومه، والتي كان أشهرها مساندة القضاة للشعب ضد قرارات السادات في يومي 17 و18 يناير، الذي خرج المواطنين المصريين فيهم بالشوارع في انتفاضة شعبية؛ احتجاجا على قرارات رفع أسعار السلع الغذائية، وتتطور الأمر إلى اشتباكات بين الأمن ومتظاهرين.
ووجّه النظام الاتهام لـ176 شخصًا، وتم اتهامهم بالسعي لقلب نظام الحكم، وأسند ملف القضية إلى المستشار حكيم منير صليب، وتوقع النظام وقتها حكما قويا ضد المتظاهرين، ولكنه أصدر حكمًا تاريخيًا في القضية، وحكم ببراءة المتهمين، واتهم النظام بأنه السبب في تصعيد الأزمة، وتعامل مع حيثيات القضية على إنها "انتفاضة شعبية"، وتصدى للرئيس الراحل "السادات"، الذي اعتبرها "انتفاضة حرامية".
وسعى "السادات"، إلى تقليص سلطة القضاء في المنازعات السياسية، التي كان القضاء يبرئ فيها خصوم السادات من الكتاب والصحفيين، على اعتبار أنهم كانوا يزاولون حقهم الدستوري في حرية التعبير، فقام بابتداع جريمة جديدة تسمى "الخروج على قيم المجتمع"، يحال المتهمون بها إلى نوع جديد من المحاكم سمى بـ"محكمة القيم"، التي تفرض على من يحال إليها عقوبة الفصل من الوظائف التي تتيح لمن يشغلها، مثل الكتاب، الصحفيين، وأساتذة الجامعات، التأثير على الرأي العام، أو تحدد إقامته في منزله.
توافق ومعاقبة في عهد "مبارك"
شهدت فترة رئاسة محمد حسني مبارك، اضطراب في العلاقات مع القضاة، شهدت بداية حكمه توافقًا كبيرًا مع القضاة، وأعطى للقضاة العديد من الامتيازات، سواء المادية أو مد سن تقاعدهم.
لم يستمر التوافق حتى النهاية، وقام "مبارك"، بمعاقبة القضاة الذين فضحوا التزوير في الانتخابات النيابية في دمنهور والزيتون، وذلك لحساب مرشحين قريبين منه، ومنهم رئيس الديوان الرئاسي ذاته، فأحيل اثنان منهم للتحقيق أمام مجلس تأديبي، وهما المستشارين هشام البسطويسى، وأحمد مكي، فاعتصم القضاة في ناديهم، ورفعوا مطالب باستقلال القضاء.
العداء في عهد "مرسي"
لم يخلو عام حكم الإخوان، برئاسة محمد مرسي، من الصراعات ضد القضاة، حيث أصدر "مرسى"، بعد توليه قرارًا بعودة البرلمان المنتخب، لحين انتخاب برلمان جديد، مما أثار حفيظة القضاة، واعتبروه إهدارًا لأحكامهم.
شهدت العلاقة بين القضاة والإخوان صراعات، بسبب الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب، الذي كانت تحوز جماعة الإخوان أغلبيته أثناء فترة حكم المجلس العسكري.
توافق في عهد "السيسي"
كانت ولا زالت العلاقة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والقضاة في توافق، حتى بعد أن أصدر الرئيس قرارًا بالتصديق على تعديلات قانون السلطة القضائية، الذي وافق عليه مجلس النواب بأغلبية أعضائه، والخاص بتعديل مواد طريقة تعيين رؤساء الهيئات القضائية.
وتظهر العلاقة بين الجانبين تأييد متبادل، ومن أدلة ذلك أن "السيسي"، هو ثاني رئيس مصري يحضر عيد القضاة، بعد الرئيس الأسبق حسنى مبارك.