هنا وعلى بعد 15 كيلو من مدينة المنيا فى قرية جبل الطير التابعة لمركز سمالوط يقع دير السيدة العذراء رمز التسامح والتجمع بين المسلمين والأقباط، فى مثل هذه الأيام من كل عام يأتى المسلمون والأقباط من مختلف محافظات مصر، بل والدول الأوروبية للاحتفال برحلة العائلة المقدسة حيث يصل عدد الزائرين فى كل عام إلى 2 مليون زائر.

لا فرق بين مسلم وقبطى الجميع يجلس على حصير واحد بين 4 جدران فى منازل متلاصقة لا تفرقها شىء، فى مثل هذه الأيام من كل عام، يبعث المشاركون فى الاحتفال برسالة إلى العالم اجمع عنوانها " المحبة والإخاء ".

بدأت منطقة جبل الطير فى استقبال الزائرين للاحتفال بمولد السيدة العذراء بقرية جبل الطير ذلك الدير الأثرى الذى كان مكانا لإيواء السيدة العذراء والسيد المسيح خلال رحلتهما فى صعيد مصر هربا من بطش الحاكم ومن أهم معالمه شجرة العابد التى سجدت للمسيح والبئر الذى شربت منه العائلة المقدسة وجبل الكف الذى طبع عليه كف المسيح.

يأتى الزائرون وهم يحملون معهم الأحلام والأمنيات فى تطوير المكان ليصبح متسعا لعدد الزائرين ويكون قادرا على استقبال الزائرين من مختلف أنحاء العالم الذين يأتون إلى المحافظة، قاصدين زيارة الدير الذى يعد أهم المزارات القبطية السياحية بالمنيا تلك الاحتفالات التى تستمر لمدة أسبوع كامل تبدأ الخميس وتنتهى الأربعاء بعد يوم الظهورات، والذى كما يروى الكثيرين ممن اعتادوا على زيارة تلك المنطقة المشاركة فى الاحتفالات أن السيدة العذراء تتجلى فى ليلة الأربعاء على شكل حمام ابيض يطير فى السماء وهو يعنى نشر السلام على الأرض.

يقول الأنبا داود ناشد وكيل مطرانيه سما لوط أن كنيسة السيدة العذراء تقع على الضفة الشرقية لنهر النيل أمام مركز سما لوط حيث دير جبل الطير، ذلك الدير الذى يضم كنيسة السيدة العذراء التى تعد من أقدم الكنائس الاثريه بصعيد مصر والتى تضم المغارة التى اختبئ فيها الطفل يسوع وأمه السيدة مريم البتول لمدة ثلاثة أيام هربا من بطش الرومان.

وأضاف أن تلك الرحلة التى باركت الكنيسة وجعلتها مقصدا للزائرين ليس فقط فى مصر وإنما العالم اجمع لرؤية المغارة التى اختبأ فيها الطفل يسوع ووالدته السيدة مريم من بطش الرومان والتى يبلغ عمرها حوالى قرن ونصف من الزمان.

ولفت ناشد أن لهذا المكان قدسيه خاصة وله من الحكايات، ففى عام 328 ميلادية، جاءت إلى هنا الملكة هيلانه أم الملك قسطنطين الأول وعندما علمت من الأهالى أن العائلة المقدسة زارت هذه المنطقة واختبأت فى المغارة أمرت بنحت وتفريغ الصخرة المحيطة بالمغارة على نظام طقس الكنيسة الارثوذكسيه وأطلقت عليها اسم كنيسة السيدة العذراء وهى عبارة عن صخره واحده تم تقسيمها لأربع حوائط صخريه وبالصحن 10 أعمده صخريه وفى عام 1938 تم تجديد وبناء الطابق الثانى والثالث.

وعن سبب التسمية أكد الأب متى كامل حنا خادم الكنيسة أن سبب تسمية الدير بجبل الطير نسبة إلى الطيور المهاجرة التى كانت تأتى سنويا وتستقر على سفح الجبل، وتنقر بمنقارها فى صدع الجبل وكل طيره تمسك بالجبل ترفرف بأجنحتها حتى الموت وهذا الطير يسمى بالبيرقيروس يجتمع حول الجبل ويهاجر عندما تموت منه أعداد كثيرة ومن هنا جاء هذا المسمى، وعندما وصلت العائلة المقدسة إلى هذه المنطقة وأقامت بالمغارة لمدة 3 أيام وأمرت الاميره هيلانه ببناء الكنيسه سمى الدير بالسيدة العذراء.

وأضاف خادم الدير أن البابا ثوفيلوس رقم 23 فى عدد الآباء البطاركة بالكرسى السكندرى ذكر أن العائلة المقدسة عبرت نهر النيل وأثناء العبور كادت صخره أن تسقط عليهم من اعلى الجبل، فخافت السيدة مريم على حياة الطفل يسوع وهنا أشار الطفل بيده ورفع كفه لأعلى ناحية الصخرة ودون أن يلمسها طبع كفه عليها وظلت هذه الصخرة موجودة حتى أخذها الرحالة فى أيام الاحتلال الانجليزى لمصر وهى الان موجوده فى المتحف البريطانى باسم الآثار المصرية أو قسم الأحجار ونسبة إلى هذه الواقعة سميت المنطقة بدير الكف او جبل الكف او كنيسة الكف، تكريما لكف المسيح الذى طبع على الصخرة وكان المؤرخ على باشا فهمى فى كتاب الخط التوفيقية قد ذكر انه بوجود دير قديم يقع على سفح الجبل بالقرب من مدينة سما لوط ويضم 2 سلم درج أحداهما بالناحية البحرية والأخر بالناحية القبلية والسلمتان يربطان بين الجبل ونهر النيل وتوجد بالدير بكاره كانت تستخدم فى الصعود للجبل والنزول منه ونسبة إلى أهميتها بالمكان سمى الدير بالبكارة.

الاحتفال السنوى دائما يعيد إلى الأذهان ذكرى مرور العائلة المقدسة " السيدة العذراء والسيد المسيح ويوسف النجار "وإقامتهم فى منطقة جبل الطير هربا من بطش الحاكم الرومانى هيرودس حيث استقرت العائلة المقدسة فى هذا المكان بعد رحلة شاقة بدأت بوصولها إلى قرية دير الجرنوس التى تقع على مسافة 10 كيلو متر غرب قرية اشنين النصارى بمركز مغاغة وبجوار الحائط الغربى لكنيسة السيدة العذراء يوجد بئر عميق يقال أنها شربت منه وبعدها مرت العائلة على منطقة كانت تسمى اباى ايسوس " بيت يسوع " والتى تعرف الان بقرية صندفا شرقى قرية البهنسا التى تقع على مسافة 15 كيلو متر غرب مركز بنى مزار ثم توجهت العائلة جنوبا حتى وصلت إلى مركز سما لوط ومنه عبرت النيل ناحية الشرق لتستقر بالمغارة الموجودة بالكنيسة الأثرية بمنطقة جبل الطير.

وفى الطريق مرت العائلة على شجرة لبخ عالية " شجرة غار " على مسافة 2 كيلو متر جنوب جبل الطير ويقال أن هذه الشجرة سجدت للسيد المسيح حيث يلاحظ أن جميع فروعها متدلية على الأرض ثم صاعدة ثانية بالأوراق الخضراء ويطلق عليها شجرة العابد ثم غادرت العائلة المقدسة منطقة جبل الطير وعبرت النيل من الناحية الشرقية إلى الناحية الغربية متجها إلى قرية الاشمونين بمركز ملوى وبعدها رحلت من الأشمونين لتصل إلى ديروط الشريف والذى كان يعرف ب" فيليس " بأسيوط.

تعد مظاهر الاحتفال بمولد السيدة العذراء مظاهر طبيعية فى الاحتفالات حيث ياتى البائعون إلى هذا المكان مبكرا لإنشاء الخيام لبيع المأكولات والمشروبات، واهمها التسالى من الفول واللب والحمص وغيره والذى يعد احد معالم الاحتفال، وتوافد الكثيرين من الزائرين طوال أيام الأسبوع من الزائرين من ياتى لساعات ويرحل ومنهم من يقيم هناك طوال الأسبوع وآخرين من تقيم بعض الليالى وكثيرون يذهبون إلى هناك فى الليلة الختامية حيث ما يعرف بتجلى السيدة العذراء على هيئة حمام ابيض معناه السلام على العالم.

واستعدت مديرية أمن المنيا للاحتفال بمولد السيدة العذراء منذ وقت طويل، ووضعت الخدمات الأمنية اللازمة، وسبق الاحتفال الكثير من الزيارات، للوقوف على جاهزة القوات للتصدى لخارجين عن القانون، وقد عبر المشاركون فى الاحتفال عن سعادتهم بإقامة الاحتفال فى ظل أجواء أمنية واستقرار امنى وأكدوا على أن الاحتفال يبعث كل عام برسالة عنوانها المحبة ولنقول للعالم مسلم ومسيحى أيد واحدة.