"المواطن" يرصد معاناة كبار السن داخل دور الرعاية.. وآراء خبراء في كيفية الاعتناء بهم
الثلاثاء 11/يوليو/2017 - 06:33 م
مديحة عبد الوهاب
طباعة
يتقدم العمر، وتخور القوى، ويفقد الإنسان قدرته على التحكم بالأشياء والموجودات، فبعدما كان الصبا وفتوة وحيوية الشباب، تأتي الشيخوخة لتزين عمرا طويلا مضى، في سعي بين دروب الدنيا، محاولة تغيير الأوضاع وتصحيح الحال السيء، لكن ماذا بعد فقد هذه القدرة وانعدام التوازن، هل يمسي الإنسان بلا رعاية مهملاً بين كل الموجودات.
لكن هذه الشريحة في المجتمع ربما تكون لها معاناة مختلفة قليلا عن الآخرون، حيث أن هؤلاء لا يملكون القدرة ولا يقوون على المواصلة كالشباب، وبعض الأبناء قد يضيق بوالديه ذرعا فيقوم بإيداعهما إحدى دور الرعاية التي تتفاوت قدراتها على العناية بالكهول والتعامل مع الطبيعة النفسية لهذه السن، "المواطن" يرصد ملف دور الرعاية عن قرب، مستعينا بخبراء في علمي النفس والاجتماع لوضع روشتة للتعامل مع أصحاب هذه السن، في السطور التالية.
نشأت فكرة دور الرعاية، على خلفية مستشفيات الأمراض النفسية والعصبية، إضافة إلى عوامل مجتمعية أخري، كالحالة الاقتصادية التي تدفع أحد الأبناء للاستغناء عن والده وإيداعه أحد دور الرعاية، التي قد تكون بمثابة القشة الأخيرة في حياة والده، لكن الجانب الأخطر في هذه المشكلة، هو أن الكثيرين لا يستطيعون الشعور بما يشعر به هؤلاء، الانشغال والسعي وراء الأموال قد تكون دافعا حقيقيا للتعامل مع الأمر وكأنه لا شيء.
وهناك جانب آخر يجدر الإشارة إليه، وهو احتياج بعض كبار السن لهذه الرعاية، منها الطبي، ومنها القيام على الشأن العام والنظافة الشخصية، وتقديم الدعم النفسي ومشاركة الأنشطة، والفعاليات، التي قد تكون سببا في تحسن الحالة النفسية لدي كثير من كبار السن الذين يتشاركون التجارب مع آخري، ما لا يدع مجالا للشك أن هذا الأسلوب أحد أساليب العلاج النفسي والاجتماعي، التي تسعى إلى دمج كبار السن داخل المجتمع، وتقديم الدعم لهم، مما قد يحول بينهم وبين محاولات التخلص من الحياة والانتحار، أو الهرب وسكنة الشارع، والتشرد، ما تفقد معه القدرة على الحياة ويكون الموت هو السبيل الوحيد والنهاية الحتمية.
أما عن وجهة نظر الآباء أو ما يمكن أن نطلق عليه هذه الشريحة المجتمعية، فتتباين من طرف إلى آخر، فالبعض يرى ابنه مقصرا ويأخذ منه مأخذ الكره والنفور، خاصة أنه تركه في سن كهذه لأيادي أخرى قد تعرف الرحمة وقد لا، لكن الواقع المؤلم يشهد بقصص كثيرة كهذه، كما يروي الحاج عبد التواب، أحد ساكني دور الرعاية، أن ابنه تركه ليذهب بعيدا ويسافر برفقة زوجته وأولاده ويستغني عن وجود أبيه، بعد عمر كامل أهدرته على تعليمه وتربيته، فتكون نهايتي بهذه الطريقة البشعة والنهاية السيئة، لتكلل عمرا مليئا بالشقاء والجهد ومواصلة الحياة لتنتهي كما لو كنت أحد خيل الحكومة، الذي كبر سنه فأطلقوا عليه النار.
لكن هذه الشريحة في المجتمع ربما تكون لها معاناة مختلفة قليلا عن الآخرون، حيث أن هؤلاء لا يملكون القدرة ولا يقوون على المواصلة كالشباب، وبعض الأبناء قد يضيق بوالديه ذرعا فيقوم بإيداعهما إحدى دور الرعاية التي تتفاوت قدراتها على العناية بالكهول والتعامل مع الطبيعة النفسية لهذه السن، "المواطن" يرصد ملف دور الرعاية عن قرب، مستعينا بخبراء في علمي النفس والاجتماع لوضع روشتة للتعامل مع أصحاب هذه السن، في السطور التالية.
نشأت فكرة دور الرعاية، على خلفية مستشفيات الأمراض النفسية والعصبية، إضافة إلى عوامل مجتمعية أخري، كالحالة الاقتصادية التي تدفع أحد الأبناء للاستغناء عن والده وإيداعه أحد دور الرعاية، التي قد تكون بمثابة القشة الأخيرة في حياة والده، لكن الجانب الأخطر في هذه المشكلة، هو أن الكثيرين لا يستطيعون الشعور بما يشعر به هؤلاء، الانشغال والسعي وراء الأموال قد تكون دافعا حقيقيا للتعامل مع الأمر وكأنه لا شيء.
وهناك جانب آخر يجدر الإشارة إليه، وهو احتياج بعض كبار السن لهذه الرعاية، منها الطبي، ومنها القيام على الشأن العام والنظافة الشخصية، وتقديم الدعم النفسي ومشاركة الأنشطة، والفعاليات، التي قد تكون سببا في تحسن الحالة النفسية لدي كثير من كبار السن الذين يتشاركون التجارب مع آخري، ما لا يدع مجالا للشك أن هذا الأسلوب أحد أساليب العلاج النفسي والاجتماعي، التي تسعى إلى دمج كبار السن داخل المجتمع، وتقديم الدعم لهم، مما قد يحول بينهم وبين محاولات التخلص من الحياة والانتحار، أو الهرب وسكنة الشارع، والتشرد، ما تفقد معه القدرة على الحياة ويكون الموت هو السبيل الوحيد والنهاية الحتمية.
أما عن وجهة نظر الآباء أو ما يمكن أن نطلق عليه هذه الشريحة المجتمعية، فتتباين من طرف إلى آخر، فالبعض يرى ابنه مقصرا ويأخذ منه مأخذ الكره والنفور، خاصة أنه تركه في سن كهذه لأيادي أخرى قد تعرف الرحمة وقد لا، لكن الواقع المؤلم يشهد بقصص كثيرة كهذه، كما يروي الحاج عبد التواب، أحد ساكني دور الرعاية، أن ابنه تركه ليذهب بعيدا ويسافر برفقة زوجته وأولاده ويستغني عن وجود أبيه، بعد عمر كامل أهدرته على تعليمه وتربيته، فتكون نهايتي بهذه الطريقة البشعة والنهاية السيئة، لتكلل عمرا مليئا بالشقاء والجهد ومواصلة الحياة لتنتهي كما لو كنت أحد خيل الحكومة، الذي كبر سنه فأطلقوا عليه النار.
جهة أخرى من درامية المشهد، تضيفها سلوى عبد البر، أم لابنة واحدة، تقول: بعدما تعبت في تربيتها والقيام عليها منذ الصغر وحتى الآن لم يكن لي أي قيمة لديها، لتتركني هدى وترحل مع زوجها وابنتيها، ويسافرون بعيدا حيث لن يسعها العودة إلا حينما يتصل بها مسئولي الدار ليخبرونها أن أمها قد رحلت عن الحياة، وتحتاج لاستخراج تصاريح الدفن، وأوراق شهادة الوفاة، هكذا قدروا لنا قيمة.
الآخرين يرون أن هذه الدور قد تمثل رعاية حقيقية، خاصة وأن بعض الأبناء لا يستطيعون التعامل مع هذه الأمراض، فمن الأفضل أن يودعوا دارا للرعاية فهذا سيكون أفضل لحياتهم فما قيمة بقائهم معنا ونحن نعرض حياتهم للخطر كل وقت يمضي، وما لا طاقة لنا على احتماله.
الآخرين يرون أن هذه الدور قد تمثل رعاية حقيقية، خاصة وأن بعض الأبناء لا يستطيعون التعامل مع هذه الأمراض، فمن الأفضل أن يودعوا دارا للرعاية فهذا سيكون أفضل لحياتهم فما قيمة بقائهم معنا ونحن نعرض حياتهم للخطر كل وقت يمضي، وما لا طاقة لنا على احتماله.
لكن الأمر أيضًا له أبعاد أخرى، فهذه الدور بعضه حكومي وبعضها الآخر خاص، فمن يدفع الجنيهات لا يلقى نفس الخدمة التي يتلقاها من يدفع الآلاف منها، مما لا يدع مجالا للشك اختلاف جودة الخدمة المقدمة، وما يتعرض له نزلاء الدور الحكومية قد لا يتحمله آخرون ممن يدفعون الآلاف لسكنى إحدى هذه الدور، هي الطبقية في كل شيء، ولا مجال للمقارنة.
وفي محاولة للقرب أكثر، اطلع "المواطن" على بعض آراء علماء نفس واجتماع تحدثوا في هذا الشأن، معتبرين أن تلك المرحلة قاسية جدا من الناحية النفسية على هؤلاء، فما إن يتقاعد أحدهم عن العمل حتى يصاب بحالة من الإحباط مشعرة بعدم القدرة على العمل مرة أخرى، ما سيسفر عن انعزال عن المجتمع فيما بعد، وأن هذه الفترة تحتاج لمن يعيدون الحياة إلى الشخص، وإشعاره أنه ما زال له دورًا في الحياة، يستطيع أن يقدم فيه خبراته وتجاربه لأحفاده.
ويرى الخبراء أن الرجال في المجتمعات الشرقية هم الأكثر عرضة للإحساس بهذا الاكتئاب، فذكورية المجتمع تشعر الرجل بعظم دوره في الحياة، ما يجعله عند ملاحظته ضعف قيامه بالدور المطلوب فريسة سهلة للإحباط والاكتئاب والعزلة، وقد تكون له انعكاسات أخرى، كالغضب الشديد، والتدخل في كل الأمور، والتضييق ومحاولة فرض السيطرة على الآخرين.
وفي محاولة للقرب أكثر، اطلع "المواطن" على بعض آراء علماء نفس واجتماع تحدثوا في هذا الشأن، معتبرين أن تلك المرحلة قاسية جدا من الناحية النفسية على هؤلاء، فما إن يتقاعد أحدهم عن العمل حتى يصاب بحالة من الإحباط مشعرة بعدم القدرة على العمل مرة أخرى، ما سيسفر عن انعزال عن المجتمع فيما بعد، وأن هذه الفترة تحتاج لمن يعيدون الحياة إلى الشخص، وإشعاره أنه ما زال له دورًا في الحياة، يستطيع أن يقدم فيه خبراته وتجاربه لأحفاده.
ويرى الخبراء أن الرجال في المجتمعات الشرقية هم الأكثر عرضة للإحساس بهذا الاكتئاب، فذكورية المجتمع تشعر الرجل بعظم دوره في الحياة، ما يجعله عند ملاحظته ضعف قيامه بالدور المطلوب فريسة سهلة للإحباط والاكتئاب والعزلة، وقد تكون له انعكاسات أخرى، كالغضب الشديد، والتدخل في كل الأمور، والتضييق ومحاولة فرض السيطرة على الآخرين.
بينما يعتقد علماء اجتماع أن المشكلة تكمن في صعوبة دمج هؤلاء مرة أخرى في المجتمع، خاصة بعد التطور الهائل في وسائل التكنولوجيا والاتصال ما يجعلهم إما بعيدين عن الأبناء والأحفاد أو مجبرين على الدخول في معترك التكنولوجيا ومحاولة مجاراة تقنيات العصر والتواصل مع الآخري.
وأشار هؤلاء إلى أن طبيعة ومدى تحضر المجتمع لهما بالغ الأثر على حياة الشخص، فمن يعيشون في دول متحضرة ومتقدمة علميا كدول أوروبا مثلا، لا يشعر فيه كبار السن أنه عاجزون عن مواصلة الحياة بل يمرحون ويستمتعون بحياتهم حتى اللحظة الأخيرة وبعضهم يقبل على الزواج ويستخدم الحلي، ويرتدي أزياء كما لو كان شابًا في عشرينيات عمره.
وأشار هؤلاء إلى أن طبيعة ومدى تحضر المجتمع لهما بالغ الأثر على حياة الشخص، فمن يعيشون في دول متحضرة ومتقدمة علميا كدول أوروبا مثلا، لا يشعر فيه كبار السن أنه عاجزون عن مواصلة الحياة بل يمرحون ويستمتعون بحياتهم حتى اللحظة الأخيرة وبعضهم يقبل على الزواج ويستخدم الحلي، ويرتدي أزياء كما لو كان شابًا في عشرينيات عمره.