بدأت قصة محمد عبدالله أو أحمد جمايكا كما يقال عنه عندما اختفى من أمام منزله وهو صغير، حيث كان يلهو مع أقرانه وبدأت أسرته تبحث عنه لسنوات ولكنها لم تجده وفقدوا الأمل، وكان الطفل عثرت عليه إحدى السيدات في محطة المطرية وقامت بتربيته وسط أبنائها وأطلقت عليه اسم أحمد، وحاولت التوصل لأهله وأبلغت عن مواصفاته بعدد من المحافظات ولكنها لم تستطع التوصل لأسرته، وانتهى بها المطاف أن سلمته عن طريق قسم الأزبكية لدار رعاية ثم انتقل منها لدار رعايه خاصة، وتكفلت به سيدة أعمال ودرس نظم تكنولوجيا ومعلومات وتخرج منها مهندسًا، ليبدأ في رحلة البحث عن أهله.

نشر أحمد رسالته على صفحات فيس بوك وإحدى الصحف في فبراير 2016 وقامت بعض البرامج التليفزيونية بعرض صوره له ونداءاته للبحث عن أهله حتى وصلت الصور إلى أحد أقربائه من عائلة رحومه العقايلة التابعة لعزبة عقيل بقرية النواورة التابعة لمركز البداري، حيث تمكنوا من الوصول إليه بعد تغيب 20 عامًا.

قال أحمد إنه قام بنشر رسالة على صفحات فيس بوك حملت عنوان "أطفال مفقودة" ووجه فيها رسائل لأهله وذويه، قائلًأ: "رسالة هامة جدًا.. رسالة من ابن لأمه بعد 20 سنة فراق.. اسمى أحمد ويمكن لا.. دي كل الصور اللي عندي وأنا صغير وقدرت أحافظ عليها طول السنين على أمل إنك تعرفينى لما تشوفيها، أنا تايه منكم من أكثر من 20 سنة والناس اللي ربتني لقيتني في محطة مترو المطرية وفي علامة في إيدي اليمين بين صوابعي زي ختم بين الصوابع وعلامة ثانية في صدري، وعندي 26 سنة دلوقتي كل اللي بتمناه من ربنا إن أشوفكم وارجع لكم تاني وأملي في ربنا كبير".

وشاء الله أن يرى الأهل هذه الرسالة وبدأوا في التواصل معه عن طريق وسيط بينهم وبينه، وقام أحمد بعمل تحليل DNA وأثبت نسبه لعائلة رحومة وأن ذات الطفل تغيب منذ 20 عامًا.

واثناء مقابلتنا مع أحمد سألنا عن حالة؟ وماذا يعمل؟ وما وجهة التغير الذي طرأ في حياته؟ فأجاب أنه الآن يعيش بمدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية ومازال على صلة طيبة مع أهله كما أنه خطب إنسانة جميلة ويعمل جاهدًا لكي يثبت نفسه فهو خريج نظم تكنولوجيا ومعلومات، وبجانب ذلك يبيع الآيس كريم وهو القائم على عمله من أوله لأخره.

وأكد أحمد: "أنه عندما تخرج وبعد عثوره على أهله بدأ مرحلة جديدة في حياته، قائلًا "لم أجد وظيفة متاحة في مجال دراستى ولكنني لم ايأس بل حاولت أن أجد عمل بديل لي وبالفعل عملت في إحدى الكافيهات صانع آيس كريم وعصائر طبيعية وكنت أعمل 8 ساعات ولا اجني شيء وفي يوم وانا في عملي تأملت المكان الذي اعمل به فوجدت أن أمامي طرابيزة وخلفى ثلاجات وانا الذى اصنع المشروبات والايس كريم التى تقدم للزبائن ومن هنا جاءت لى فكرة العمل الحر لحسابى الشخصى، وبدأت بأشياء بسيطة جدا حتى إنني وقفت فى الشارع وكنت ابيع للمارة كما إنني حرصت ان اراعى ربنا فى اكل عيشى فكنت اكسب جنية واحد فقط من كل علبة ايس كريم ابيعها اردت ان اتميز عن غيرى فى كل شئ وبالفعل كنت انزل كل يوم اقف ابيع للزبائن المارين فى الصيف الماضى ومن ثم عندما جاء الشتاء بدأ مشروعى هذا يقل الاقبال علية ففكرت كيف اطور نفسى وقد كرمنى الله عز وجل كثير وفتح لى ابواب رزقة ولكننى تفاجأت بوجود محل كان يبيع ابواب حديدية وصفائح حديدة الى محل للعصائر والايس كريم حزنتعكثير لهذا الفعل ولكن عندما دققت النظر وجت انى قى الحقيقة قد نجحت واثرت فى غيرى حتى يغير سير عملة نهائيا ويحاول تقليدى لم ايأس تركت المكان وذهبت لماكن اخر وهو هذا المكان اذى اقف فيه حاليا وقد توسعت فى عملى وقمت بعمل قائمة المأكولات التى اقدمها والتى ذادت بها انوع كثيرة واشتريت ثلاث ثلاجات للأيس كريم والشوكولاتة والكب كيك والتشيز كيك وغير ذلك من الحلويات وقد وقنى الله اكثر واصبحت اكسب اكثر واكثر".

ويؤكد احمد قائلا: "اكتشفت ان العمل الحر افضل الف مرة عن اعمل عند احد او العمل الروتينى انت تجتهد وتكسب لحسابك الشخصى وا يشاركك فى جهدك احد وقال انه يحلم بأن يفتح محل كبير لبيع الايس كريم والعصائر والحلاويات ويصبح من اكبر المحالات فى مصر".

وفى سؤلة عن ماذا يحتاج اى شاب لكى يقوم بمثل هذا المشروع جاء جوابة: "الارادة والقوة والإصرار على النجاح ومن ثم التخطيط الصح والميزانية بالطبع والخبرات السابقة حتى لا يقع او يخسر لابد ان يقوم بدراسة جدوى لمعرفة كم سيكلف شراء هذه الاشياء وكم سيجنى منها ومعرفة أوجه الربح ومقدارها ومقدار الخسارة ايضا اهم شئ الإرادة".

وفى نهاية حوارنا معه طلبنا منة توجيه رسالة للشباب: "اسعوا ياشباب متستنوش حد يساعدكم اشتغلوا انتم دوروا بنفسكم واسعوا للعمل والجهد والاجتهاد ومتعتمدوش على التوظيف الحكومى او على شهادتك فقط بل اسعى لكسب الخبرة وحاول تعمل حاجة لنفسك من تجربتى الشخصية انا عمرى ما مسكت فوس فى ايدى غير لما اشتغلت حر وعملت مشروعى دا بس الاهم تعرف تستغل الفلوس دى صح بالشكل اللى يكبرك اكتر واكتر".