تمتلئ مصر قديما بالتراث والقصور والمتاحف الفريدة، والتي ربما لا يوجد مثلها في العالم، وامتلأت مصر قديمًا بالعديد من القصور التي ظلت شاهدة على العصر، وتمتع مصر قديمًا بالتراث الفريد، ونجد من حقيبة مصر زمان قصر "البارون إمبان"، تحفة معمارية فريدة من نوعها، يقع في قلب منطقة مصر الجديدة بالقاهرة في شارع العروبة، وصمم بحيث لا تغيب عنه الشمس، حيث تقتحم أشعتها جميع حجراته وردهاته، وهو من أفخم القصور الموجودة في مصر على الإطلاق.

جاء مليونير بلجيكي البارون إدوارد إمبان من الهند إلى مصر عام ١٩٠٤، وكان لديه رغبة في العيش بمنطقة هادئة في القاهرة، وأحب البارون مصر كثيرًا وخصوصًا آثارها، فقرر عند وصوله إلى البلاد إنشاء مدينة هليوبوليس بعدما اشترى أراضي صحراوية في الجهة الشرقية من العاصمة القاهرة تحت اسم مدينة الثراء، وكانت تفتقر إلى الكثير من الخدمات في ذلك الوقت، والتي أصبحت الآن من أفضل المناطق في البلاد.

وجاء دور القصر الأسطوري، الذي لا تفارقه أشعة الشمس ويعد من أفخم القصور الموجودة في مصر معمارًا وجمالًا، وترك التصميم للمهندس الفرنسي "ألكسندر مارسيل" وأنهاه عام ١٩١١م، وقد عرف المهندس من البارون بأنه عاشق للفن الهندي حيث انه قضى فترة في الهند قبل مجيئة لمصر، فصمم له القصر خليط من الفن الأوروبي والهندي وصنع له تماثيل هندية كثيرة تزينه من الخارج والداخل.

وعن القصر فقد أخذت فكرة بنائه من معبد "أنكوروات" في كمبوديا، بالإضافةِ لمعابد "أوريسا" الهندوسيّة، وكما سبق ذكره ان التصميم كان للمهندس الفرنسي "الكساندر مارسيل"، اما من وضع الزخرفة فكان "جورج كلود" وتقع هذه الأسطورة المعماريّة على مساحة 12.5 ألف متر، تحمل شرفاته على تماثيل الفيلةِ الهنديّة، وينتشر العاج داخل القصر وخارجه وتعلو نوافذ القصر وتنخفض مع تماثيل بوذيّة وهنديّة واما داخل القصر فهو عبارة عن متحفٍ يحتوي على تحف وتماثيل من المعادن النفيسة، كما يوجد داخل القصر ساعة أثرية قديمة لا مثيل لها إلا في قصر باكنجهام الملكي بلندن.

توفي البارون إمبان عقب معاناة مع مرض السرطان في بلجيكا في ٢٢ يوليو ١٩٢٩، ليدفن هناك، قبل أن يعاد دفنه مرة أخرى في مصر بعد الاطلاع على وصيته بأن يدفن في مصر، حيث دفن أسفل كنيسة البازليك بمصر الجديدة بالقاهرة، والتي كان يتردد أنه يربطها بقصره من خلال نفق تحت الأرض.