هل تعِرفوا أن اسم "شارع مراد" ليس له وجود في "السجلات الرسمية" ؟

الجمعة 11/مايو/2018 - 12:17 م

كتب : وسيم عفيفي - تصوير : صابرين عبدالحكيم

في الأصل، فإن شارع مراد على مستوى "النوستالجيا" تغلفه رائحة الأموات من كل حدب وصوب على مدار التاريخ، فمجرد أن تنزل من على الكوبري بالسيارة أو تأخذها سيراً من محطة المترو يقع شارع "قرة بن شريك".

العمارة التي سكنها المخرج نيازي مصطفى وقُتِل فيها

في العقار رقم 1 وبداخل الشقة 12 سنة 1986 م عُثِر على جثة المخرج الكبير نيازي مصطفى مقتولاً إذ قتل مساء اليوم الذي انتهى فيه من تصوير المشهد الأخير من فيلم القرداتي.

طبقًا للتحقيقات التي أجرتها النيابة، كان طباخ نيازي أول من اكتشف مقتله، وذكر في أقواله أن نيازي قُتل داخل غرفة نومه، وكان مكبل اليدين من الخلف بكرافتة، واستخدمت شفرة حادة في قطع شرايين يده، وكمم الجاني فمه بقطعة من القماش حتى لا يصدر صوتًا.

انتهى التحقيق إلى تقييد الجريمة ضد مجهول بعد أن تطرقت لسلسلة من الخلافات السياسية والفنية والعائلية والعلاقات النسائية ولكن دون فائدة.

لقطة للعقار الذي كان يسكنه المخرج نيازي مصطفى

فشلت النيابة في الوصول إلى الجاني نتيجة كثرة البصمات التي كانت موجودة في شقة المجني عليه بعد مقتله، ونقل جثمان نيازي من مكانه قبل وصول جهات التحقيق، مما أضاع معالم الجثمان على الأرض، وأثار مقتله عاصفة من الجدل حينها، لأن نيازي كان شخصا محبا للحياة وليس له عداوات مع أحد.

شارع قرة بن شريك

شارع قرة بن شريك نفسه، على اسم أحد أبرز شخصيات التاريخ الإسلامي المثيرة للجدل حتى الآن، والذي حكم مصر في ظل الدولة الأموية منذ عام 709 م، حتى عام 715 م.

جاء اسم قرة بن شريك في كتاب " نهاية الأرب في فنون الأدب" على لسان عمر بن عبدالعزيز، حيث يقول النويري مؤلف الكتاب" ذكر عمر بن عبد العزيز ذكر ظلم الحجاج وغيره من ولاة الأمصار أيام الوليد بن عبد الملك، فقال: الحجاج بالعراق! والوليد بالشام! وقرة بن شريك بمصر! وعثمان بن حيان، بالمدينة! وخالد بن عبد الله القسري بمكة ؛ اللهم قد امتلأت الدنيا ظلماً وجوراً فأرح الناس!. فلم يمض غير قليل حتى توفي الحجاج وقرة بن شريك في شهر واحد، ثم تبعهم الوليد، وعزل عثمان وخالد، فاستجاب الله لعمر".

برديات كوم أشقاو عن قرة بن شريك

مخطوطات قرية كوم اشقاو في سوهاج، تكشف جانباً متناقضاً مما قيل في حق قرة بن شريك، حيث تقول المخطوط كما يذكر الباحث محمد الأمين في "ملتقى أهل الحديث"، دلت هذه الأوراق على أن كل ما رواه المؤرخون عن ظلم قرة وفسقه لم يكن صحيحا، فقد كشفت هذه الأوراق عن بيانات ومعلومات طيبة عن المجتمع المصري، والإدارة والنظام المالي وطريقة جباية الجزية والخراج وإسناد المناصب إلى الموظفين والتجارة وطرقها، وبناء العمائر والمساجد، وإنشاء الأساطيل وأثمان البضائع والبيوت والأرض فضلا عن عقود الزواج والبيع والشراء.

مراد "سابقاً" .. يستحقها

مراد بك - وصف مصر

لأنه كان يسكن بالقرب من منيل الروضة أيام المماليك وكانت كل الأراضي بحوزته، سمِّي الشارع على اسمه باعتباره مراد بك شيخ بلد مصر، وقد وصفه الجبرتي بأنه رجل شهوات وملذات.
رغم الموقف المشرف لمراد بك في مقاومة الحملة الفرنسية أثناء معركة الأهرام، لكنه ما لبث أن تنكر للوطنية وأهل مصر، حيث هرب إلى الصعيد وفرض ضرائب باهظة على أهلها واستباح كل أراضي الصعيد لاحتياجه للمال والنفوذ.

نابليون بونابرت

بعد رحيل نابليون بونابرت وتولي الجنرال كليبر قيادة الحملة في مصر، تعاون معه مراد بك واتفقا على أن يحكم مراد بك الصعيد باسم الجمهورية الفرنسية، وتعهد كل منهما بحماية الآخر وأن يدفع مراد لفرنسا الخراج الذي كان يدفعه من قبل للدولة العثمانية، ثم ينتفع هو بدخل هذه الأقاليم، وساهم مراد بك في استباحة القاهرة لقمع ثورة أهلها الثانية ضد الفرنسيين في بولاق.

مسجد وقبر مراد بك في سوهاج

لم يخلو طابع مراد بك من الخيانة، فقد خان المصريين لصالح الفرنسيين، ثم خان الفرنسيين أنفسهم لصالح الإنجليز، ولم يكن هناك ولاء لمراد إلا لمراد، غير أن خيانته لم تتم، حيث مات بالطاعون في 22 إبريل سنة 1801 م ودُفِن بسوهاج، ووصفه الجبرتي في فصل وفاته بكتاب "عجائب الآثار في التراجم والأخبار" بقوله "كان من الأسباب في خراب الإقليم المصري بما تجدد منه ومن مماليكه وأتباعه من الجور والقصور، ومسامحته لهم فلعل الهم يزول بزواله".

طه حسين .. لماذا ؟

طه حسين

كان ولا يزال طه حسين غني عن التعريف، لكن صلته بشارع مراد ليست مباشرة مثل مباشرة صلته بالجيزة وما حولها، حيث كان يسكن في منطقة مدكور بحي فيصل في الجيزة، ولا زالت فيلته موجودة إلى الآن وتحمل رقم 11 شارع طه حسين ـ حالياً ـ.
قبل السكن في الجيزة كان طه حسين يقطن فيلا في حي الزمالك، حتى قرر شراء قطع أرض تبلغ 860 متر من الفنان يوسف وهبي والذي كان مالكاً لكل شارع حلمية الأهرام، وبنى فيلا في شارع فيصل وسماها "رامتان".

منزل طه حسين - رامتان

وتقول سوزان بريسو زوجة طه حسين في كتابها "معك"، عندما أردنا تسمية هذه الدار طلبت والأولاد من طه أن يساعدنا فى البحث فى النصوص الأدبية القديمة عن اسم لها، وهكذا عثرنا على رامتان، ويعنى مثنى رامة، والرامة هى موضع الراحة فى البادية عندما تسير قافلة من القوافل وتستريح فى مكان ما فإنه يسمى رامة.