"ألويس ألزهايمر".. العبقري الذي فتح باب المعرفة لمرض لعين ولم يُغلقه أحد حتى الآن
الجمعة 15/يونيو/2018 - 05:24 ص
مريم مرتضى
طباعة
يُقال دائمًا أن النسيان نعمة، ولكن الذاكرة نعمة أكبر منها إذا فقدتها تتحول حياتك وحياة من حولك إلى جحيم، ومن أشد أمراض الذاكرة خطورة هو مرض "ألزهايمر"، ذلك المرض اللعين الذي يُصيب المخ ويفقد الإنسان ذاكرته وقدرته على التركيز، وفي بعض الأحيان يتطور المرض ليصبح أشد شراسة ويُصيب المريض بالهلوسة أو حالة من حالات الجنون، وأخر الأمر قد يفقد المريض قدراته الحياتية المبدئية والأساسية، مثل عدم التحكم في التبول، أو عدم القدرة على تناول الطعام بمفرده، وهكذا، ومنذ عام 1906م عندما قام العالم "ألويس ألزهايمر" باكتشاف المرض، وفتح الباب وقتها للأبحاث والدراسات حوله، وحتى وقتنا هذا لم يُغلق ذلك الباب أبدًا، ولم يُكتشف الأسباب الحقيقية للإصابة بالمرض، وحتى الأن لم يتم تصنيع علاج له.
ألويس ألزهايمر
في يوم 14 يونيو عام 1864م، بمدينة "ماركبريت" بولاية برافيا في جنوب ألمانيا، ولد "ألويس ألزهايمر" في أسرة متوسطة الحال، عشقه للعلوم جعله يكمل تعليمه الجامعي في كلية الطب بجامعة برلين، و بعد حصوله على درجة الدكتوراة في عام 1887م، التحق بالعمل فى مستشفى للأمراض العقلية والعصبية بمدينة "فرانكفورت"، وقضي بها 7 سنوات تعلم خلالها الطب النفسي، كما طور عدد من أبحاث الأمراض العصبية، وفي عام 1918م، أتم الجزء الأخير لمؤلفاته الثمانية التى بدء فيها من عام 1906م، والتى تتضمن أبحاثًا ودراسات عن علم الأنسجة والتشريح المرضي، بعد ذلك كرس حياته للأبحاث حول الأمراض العصبية.
ألويس ألزهايمر
المريضة "أوجست"
في عام 1901م، جاءت له مريضة عمرها 51 عامًا، تشكو من النسيان، وظلت تحت العلاج مدة طويلة، ولكن بمرور الأيام ساءت حالتها أكثر، وصارت تحتاج للمساعدة في بيتها، بعد أن نست مكان الحمام وغرفة النوم، وأسماء أولادها، وبدأت تظهر عليها أعراض عدم إدراك الوقت، وصعوبة المشى، وتغير في السلوك.
حاول ألزهايمر علاجها بالكهرباء لتنشيط المخ لكن دون جدوى، غير نتيجة، والأسوء من ذلك أن محاولة تحسين حالتها بالأدوية المتاحة وقتها ساهم في تفاقم الحالة، وبعد 5 سنين من المحاولات، ماتت "أوجست".
بعد وفاتها طلب ألويس ألزهايمر من أهلها الموافقة على القيام بتشريح دماغها، وأثناء عملية التشريح، وجد الطبيب تغير كبير في قشرة دماغ المريضة.
المريضة أوجست
في البداية كان ألويس ألزهايمر قد كون فريق عمل ضم دكتور إميل سيولي مدير المستشفى التي يعمل بها ألويس، وواحد من أكثر الأطباء النفسيين المُتقدمين في عصره، وكان مؤمنًا بنظرية أن معظم الأمراض النفسية لها سبب عضوي، ولأن "ألويس" كان يؤمن بنفس النظرية، قدم له "إميل" كل التسهيلات الممكنة لدراسة الأمراض النفسية، وسخر له كل امكانيات المستشفي لدراسة علوم الأعصاب.
وانضم لهما بعد ذلك الطبيب "فرانز نيسل" الذي كان شغوفًا بعلوم الأعصاب، وكون الثلاثة فريق علمي، وأجروا تجارب مكثفة حول أمراض الجهاز العصبي، وقاموا بتشريح أدمغة كثير من مرضى الصرع، مما أكسب "ألويس" مهارة وقدرة على اكتشاف الاختلافات الطفيفة الموجودة في الخلايا العصبية لأدمغة المرضى.
ووقت تشريح دماغ المريضة "أوجست"، كان "ألويس" لديه سجل كامل بالأمراض العصبية التي يسببها خلل الدماغ، ووجد الطبيب أعراض غير موصوفة في السجلات، منها مثلا تقلص في حجم قشرة المخ، ووجود تشابك ليفي عصبي، والتهاب في اللويحات العصبية، وقام "ألويس" بوصف الأعراض بدقة متناهية، وقال إنها مرض دماغي خطير وعجيب يُسبب النسيان ويؤدي للوفاة.
ظل "ألويس ألزهايمر" يعمل ليل نهار على المجهر، وكرس حياته كلها لدراسة ذلك المرض، وتمكن بعد فترة من وصف أعراضه ومراحله بدقة، واستطاع أن يرسم صورة لشكل دماغ المُصابين به.
وتم تسمية المرض بإسمه، ولكن حتى الأن لم يتم تصنيع علاج لهذا المرض العجيب.
ألويس ألزهايمر