"لويس السادس عشر".. أخر ملوك فرنسا.. الذي تسبب جُبنه في إعدامه
الأربعاء 27/يونيو/2018 - 04:28 م
مريم مرتضى
طباعة
هو آخر ملوك فرنسا قبل الثورة الفرنسية، في عهده قامت الثورة الفرنسية وأدت إلى إطاحة الحكم المطلق، بعد ثورة عظيمة اجتاحت البلاد إنه " لويس السادس عشر"، الذي وُلد في أغسطس عام 1745م، في قصر فرساي بفرنسا، وكان الطفل الثالث من بين ثمانية للملك لويس فرديناند، ووالدته هي ماري جوزيف ابنة فريدريك أغسطس الثاني السكسوني، ملك بولندا.
لويس السادس عشر
نشأ لويس السادس عشر في حياة مُنعمة، وساهم مرضه وعلته منذ الصغر في إكسابه شخصية جبانة وخجولة، وكان يحمل من الطيبة أكثر من الذكاء، وكان يحسد إخوته على ذكائهم المتفوق، إلا أنهم كانوا يتجاهلونه تمامًا على رغم كبر سنه، فأغرق نفسه في الرياضة والحرف، وتعلم الرماية بمنتهى الدقة، ومنافسة الصناع في استعمال يديه وأدواته، وأعجب بمهارات الصناع الذين يخدمون القصر، وأحب التحدث إليهم والعمل معهم، واتخذ شيئاً من طباعهم وحديثهم، ولكنه أحب الكتب أيضًا، وحين بلغ الثانية عشرة ركب مطبعة في قصر فرساي، وبمساعدة أخويه كانا في التاسعة والحادية عشرة جمع حروف مجلد صغير نشره في 1766م، بعنوان " حكم أخلاقية وسياسية مستقاه من تليماك "، ولم يحب جده لويس الخامس عشر هذه الحكم، وقال:"انظر إلى ذلك الولد الكبير، سيكون القاضي على فرنسا وعلى نفسه، ولكني على أية حال لن أعيش حتى أرى ذلك".
زواج لويس السادس عشر
في 19 أبريل 1770م، تزوج من الأميرة ماري أنطوانيت البالغة 14عاماً في كنيسة الأوغسطينيين في فيينا، وبعد يومين قادت قافلة من 57 مركبة و366 جوادًا ولية العهد مرورًا بقصر شونبرون، وبعد الكثير من المراسم دخلت ستراسبورغ بين قصف المدافع ورنين أجراس الكنائس، واحتملت المراسم الطويلة في صبر، فلما بدأ العمدة خطابًا بالألمانية قاطعته قائلة: " لا تتكلموا بالألمانية أيها السادة، فمنذ الآن لا أفهم لغة غير الفرنسية"، وبعد أن سمح لها الموكب بالراحة يومًا بدأ رحلته عبر فرنسا.
لويس السادس عشر وزوجته ماري أنطوانيت
بعد وفاة لويس الخامس عشر، انتقل الحكم إلى لويس السادس عشر، وكان يوجد وقتها أزمة مالية كبيرة، وكانت الدولة تقترب من الإفلاس والنفقات فاقت الدخل، وكان السبب الرئيس للأزمة المالية، هو حرب الأعوام السبع، ومشاركة البلاد في حرب الاستقلال الأميركية، وفي مايو 1776م، استقال وزير المالية بعد فشله في تطبيق إصلاحات، وعين إثر ذلك الغير فرنسي جاك نيكر، مراقباً للمالية العامة من قبل الدائنين.
اقترح نيكر فرض ضرائب على رجال الدين، والإنقاص من الامتيازات المالية للكنيسة الكاثوليكية التي كانت فرنسا تُدعى أنها ابنتها البكر، وكان ذلك في رأيه كافيًا لحل مشكلات البلاد المالية، كما اقترح وضع مزيد من القيود القانونية على الإنفاق العام في الجمعية الوطنية، ورفض زيادة الضرائب على الشعب.
ولكن رفض الوزراء اقتراح نيكر الذي يضر بمصالحهم الشخصية، فتم إقالته وتعيين تشارلز ألكسندر دي كالني مكانه، الذي اقترح قانون ضرائب جديد تم فُرضه على الأراضي والعقارات ويشمل ذلك النبلاء ورجال الدين، غير أن معارضة شديدة واجهت الاقتراح في الجمعية الوطنية السلطة التشريعية في فرنسا، وعلى رغم محاولات إقناع الأعضاء إلا أن الجمعية فشلت في تأييد مقترحات الوزير، والتي كان يدعمها الملك، لذلك قام الملك بدعوة الناخبين الفرنسيين لانتخاب جمعية جديدة، بعد أن رفضت القديمة القانون الذي اقترحه تشارلز، وكانت تلك المرة الأولى التي تجرى فيها انتخابات في البلاد منذ 1614م، بينما كان الملك يعيّن جميع الأعضاء طوال الفترة السابقة.
لويس السادس عشر
في عام 1789م، تم إجراء انتخابات الجمعية الوطنية التي دعا إليها الملك، وتم عقد الاجتماع الأول للجمعية الذي افتتحه نيكر بكلمة دامت ثلاث ساعات متواصلة، قام فيهم بنشر بيانات دقيقة حول ديون الحكومة، رافعًا عنها صفة السريّة وجاعلاً إياها متاحة للشعب، وعلى إثر ذلك قرر لويس السادس عشر على غير رغبة ماري أنطوانيت منح نيكر صلاحية إعادة هيكلة وزارة المالية الفرنسية كلها، خوفًا من انتفاضة الباريسيين في اليوم التالي لاطلاعهم على تلك البيانات، إلا أن هذا لم يمنع من انتشار الفوضى وعمليات سلب ونهب وشغب في باريس، وكان بعض مرتكبيها من جند الجيش ذاته.
وكان الباستيل رمزًا قويًا لكل شيء مكروه في النظام القديم، لذلك سيطر المتمردون على مخزن كبير للأسلحة والذخيرة موجود داخل القلعة، وسقط السجن بعد مجزرة وقعت خلال عملية الاقتحام، وتم قتل محافظه ماركيز دي برنارد، وقطع رأسه ووضعها على رمح جال به المتظاهرين شوارع المدينة. وأعقب ذلك انتشار أعمال العنف العشوائية، والسرقة، وامتدت من باريس لمختلف أنحاء البلاد، وبدأ عدد من الفلاحين تشكيل ميليشيات غير نظامية وتسليح أنفسهم ضد الغوغاء وقطاع الطرق، وهاجموا قصور النبلاء كجزء من التمرد الزراعي العام على الإقطاع، يضاف إلى ذلك، انتشار الشائعات بشكل كبير، تزامنًا مع الاضطرابات الأهلية الواسعة النطاق، والتي كانت كفيلة بتقويض وانهيار القانون والنظام العام.
الباستيل
كان صبر لويس السادس عشر على وشك النفاذ، وبدأ يفقد السيطرة على أعصابه، ونصحه شقيقه الكونت دي أرتواز على ضرورة دعم المهاجرين، واتخاذ مواقف شديدة حزمًا ضد الثورة، لكنه رفض الاستعانة بالقوى الأجنبية ضد الثوار، وفي النهاية خرج الثوار عن مسارهم تمامًا، وخاف لويس على سلامته وسلامة أسرته، فقرر الهرب من باريس إلى حامية الفارين قرب الحدود النمساوية، بعدما تأكد من ولاء الحاميات الحدودية، وهربت العائلة الملكية في ليلة 20 يونيو 1791م من قصر التويلري في باريس وهي ترتدي زي الخدم، بينما كان الخدم يرتدون زي النبلاء، ولكن فشلت المحاولة، وتم القبض على الملك والعائلة قرب فارين، وتم اقتياده هو عائلته إلى باريس تحت الحراسة وهو لا يزال يرتدي ثياب الخدم، ثم التقى مجموعة من ممثلي أعضاء الجمعية، في حين قامت حشود باستقبال الموكب الملكي صامتة.
هروب لويس السادس عشر
في يوم 21 يناير عام 1793م، تم اقتياد لويس السادس عشر في كامل زينته كملك، وكذلك زوجته ماري أنطوانيت، وركبوا العربية المذهبة الخاصة بالرئاسة، وقامت العربة بجولة في شوارع باريس، إلى أن وصل إلى مقصلة إعدامه في ميدان الكونكورد في باريس، ونفذ الحكم به وزوجته وهو في الـ38 من عمره.
إعدام لويس السادس عشر