"الحُطيئة".. شاعر الهجاء الذي حبسه "عمر بن الخطاب" ليسلم الناس من لسانه
الأحد 01/يوليو/2018 - 04:08 م
مريم مرتضى
طباعة
قديمًا في العصر الجاهلي كان معظم الشعراء يحترفون شعر الهجاء، ولكن بعد دخول الإسلام تم تحريم الهجاء والخوض في أعراض الناس، وأشهر الشعراء المخضرمين في ذلك الوقت "الحطيئة" الذي أدرك الإسلام وأسلم، لكنه كان سيء الخُلق لم يسلم أحدًا من لسانه، و على الرغم من تحريم الإسلام للهجاء و الخوض في أعراض الناس، إلا أن الحطيئة قام بهجاء أكثر الناس من حوله، حتى أنه قام بهجاء أمه و أباه و خاله، و قام بهجاء نفسه و زوجته، وكان فظًا غليظ القلب، و استغل فصاحته و بلاغته لإذاء الناس.
حياته
إسمه الحقيقي هو "أبو مليكة جرول بن أوس العبسي"، المعروف بـ "الحطيئة"، سُمي بأبي مليكة نسبة إلى إبنته مليكة، وسُمي بالحطيئة بسبب قصر قامته، وقد كان يُعاني من الفقر و المهانة، و لجأ للهجاء لكي يكسب رزقه و يدافع به عن نفسه.قصة الحطيئة مع "الزبرقان بن بدر"
حدثت مجاعة في المدينة التي يعيش بها الحطيئة، فخرج منها متجهًا إلى العراق بأهله، بحثًا عن الطعام و المأوى، وأثناء سيره في الطريق قابل الزبرقان بن بدر أحد سادة القوم، فسأله الزبرقان إلى أين أنت متجه؟، فأخبره الحطيئة أنه ذاهب للعراق لإيجاد رجل يأويه و أهله، مُقابل أن يمدحه طوال العمر، فوجد الزبرقان أنها فرصة ذهبية أن يأوي الحطيئة وفي المقابل يقوم الحطيئة بمدح الزبرقان في المدائن طوال العمر، فأخبره أن يأتي لمنزله و يقيم معه.
وذهب الزبرقان إلى المدينة المنورة ليسلم الزكاة لعمر بن الخطاب، وأرسل لزوجته أن تقوم بإكرام الحطيئة و أهله، و بالفعل ذهب الحطيئة لدار الزبرقان و أكرمته زوجته أحسن إكرام، و عندما طالت مدة إقامة حطيئة عند الزبرقان ملت زوجة الزبرقان منه و من خدمته، فعاملته معاملة جافة، و في هذا الوقت قام رجل يُدعى بغيض بالإرسال إلى حطيئة ليترك دارالزبرقان وينتقل معهم، في البداية كان رافضًا لكن مع جفاف معاملة إمرأة الزبرقان، وافق حطيئة أن ينتقل للعيش مع بغيض و عائلته.
وأقام الحطيئة في دار بغيض فترة طويلة، و كان بغيض و أولاد عمومته يحرضون الحطيئة لكي يقوم بهجاء الزبرقان، لكن الحطيئة كان يرفض، حتى جاء الزبرقان برجل ليهجو بغيض، فعندها قام الحطيئة بهجاء الزبرقان قائلًا:
ما كان ذنب بغيض أن رأى رجلًا ... ذا حاجة عاش في مستوعر شاس
جارًا لقوم أطالوا هون منزله ... و غادروه مُقيمًا بين أرماس
ملوا قراه و هرته كلابهم ... و جرحوه بأنياب و أضراس
دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... و أقعد فأنت الطاعم الكاسي
هجاء الحطيئة لأمه
تزوجت أمه رجلًا غير أباه فقام بهجائها قائلًا
جزاء الله شرًا من عجوز ... و لقاك العقوق من البنينا
تنحي فاجلسي مني بعيدًا ... أراح الله منك العالمين
أغربالًا إذا استودعت سرًا ... و كانونا على المتحدثينا
حتى إمرأته لم تسلم من لسانه فهجاها قائلًا
لها مضحك كالحش تحسب أنها ... إذا ضحكت في أوجه الناس تسلخ
إذا عاين الشيطان صورة وجهها ... تعوذ منها حين يمسي و يصبح
لها جسم برغوث و ساق بعوضة ... و وجه كوجه القرد بل هو أقبح
تبرق عيناها إذا ما رأيتها ... وتعبس في وجه الجليس و تكلح
أطوف ما أطوف ثم آوي ... إلى بيت قعيدته لكاع