"رغم تربيتهم عليه" لماذا لم يتحول الصوفية من الجهاد إلى الإرهاب ؟
الأربعاء 01/أغسطس/2018 - 02:37 م
وسيم عفيفي
طباعة
عامين فقط يحددان العلاقة بين الجهاد و الإرهاب؛ كان الأول الأول هو 624 م ، حيث أمر الله تعالى المهاجرين بحمل السلاح ضد كفار قريش في معركة بدر وذلك بآية " أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ".
أما العام الآخر فهو 1915 م ، حيث شهد أول هجوم يستهدف مدنيين من غير المسلمين وهو هجوم بادشا محمد جول و الملا عبدالله ، اللذين ولدا في الهند وتربيا في تركيا والتحقا بالجيش العثماني ، وقاما بتلبية نداء السلطان العثماني محمد الخامس الذي طالب بالجهاد ضد بريطانيا وفرنسا وروسيا وحلفائهم ضد الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى .
وشُنَّت العملية في أستراليا حيث استهداف المدنيين في احتفالاتهم بعيد رأس السنة الميلادية، لتسفر تلك العملية عن مقتل 4 أشخاص من بينهم سيدة.
ما بين العام الأول و الآخر قصة عمرها 1272 سنة ، وخلالها تغيرت أمور كثيرة في الشريعة الإسلامية خاصةً مع ظهور المذاهب الفقهية والفرق العقائدية ، وطال هذا التغيير كل ما كان مفهوم عن الإسلام ديناً وشريعةً .
في 1272 سنة نشأ في الإسلام 25 طائفة ومن كل طائفة خرجت فِرَق مختلفة ، وكلها بلا استثناء اتخذت من القرآن و التراث دليلاً على صدقهم واختزال الحق فيهم، غير أن الصوفية كانوا هم وحدهم المتفردين عن باقي كل هذه الطوائف، الأمر الذي وَحَّد الجميع على الصوفية بين التفسيق أو التكفير.
أما العام الآخر فهو 1915 م ، حيث شهد أول هجوم يستهدف مدنيين من غير المسلمين وهو هجوم بادشا محمد جول و الملا عبدالله ، اللذين ولدا في الهند وتربيا في تركيا والتحقا بالجيش العثماني ، وقاما بتلبية نداء السلطان العثماني محمد الخامس الذي طالب بالجهاد ضد بريطانيا وفرنسا وروسيا وحلفائهم ضد الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى .
وشُنَّت العملية في أستراليا حيث استهداف المدنيين في احتفالاتهم بعيد رأس السنة الميلادية، لتسفر تلك العملية عن مقتل 4 أشخاص من بينهم سيدة.
ما بين العام الأول و الآخر قصة عمرها 1272 سنة ، وخلالها تغيرت أمور كثيرة في الشريعة الإسلامية خاصةً مع ظهور المذاهب الفقهية والفرق العقائدية ، وطال هذا التغيير كل ما كان مفهوم عن الإسلام ديناً وشريعةً .
في 1272 سنة نشأ في الإسلام 25 طائفة ومن كل طائفة خرجت فِرَق مختلفة ، وكلها بلا استثناء اتخذت من القرآن و التراث دليلاً على صدقهم واختزال الحق فيهم، غير أن الصوفية كانوا هم وحدهم المتفردين عن باقي كل هذه الطوائف، الأمر الذي وَحَّد الجميع على الصوفية بين التفسيق أو التكفير.
أساس التفكير الصوفي في الدين
مسجد - رسومات المستشرقين
يقترن ظهور التصوف بمعناه الإصلاحي في القرن الأول الهجري في الفترة التي كانت بين الدولة الأموية و العباسية والتي كانت البيئة الصالحة والملائمة لنشأة الفرق السياسية التي ما لبثت أن تسببت في انقسامات دينية طاحنة .
فظهر الصوفية ليخلصوا سبب وجودهم، حيث أن الصوفية يروا الدين الإسلامي عبارة عن 3 قوالب متكاملة ومكملة لبعضها وهي : إسلام تم تحديده في حديث الأركان الخمسة "الشهادتين،الصلاة،الصيام،الزكاة،الحج"
، وإيمان تم توضيحه بحديث القواعد الستة "الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر".
وإحسان الذي تُرِك معناه مفتوحاً بنص كلام جبريل للنبي محمد "أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" ، وبالتالي فقد اعتبر الصوفية أنهم يريدون تحقيق مقام الإحسان عن طريق العلم والعبادة والعمل والذين هم لهم الأولوية عن أي صراع دائر يمس الدين سياسياً .
ولأن الصوفية نشأوا في حلقات العلم وبالتوازي مع ذلك نشأة المذاهب الفقهية ، كان للصوفية علومهم في كل شيء يمس الشريعة ، وبالتالي كان لهم فقههم في الجهاد نفسه .
فقه الصوفية في الجهاد
الشيخ بن عربي
تختلف أدبيات الصوفية حول الجهاد ، حتى تحولت أدبياتهم إلى فكر ديني لاحقاً .
فالصوفية كما يحدد شيخهم الأكبر محي الدين بن عربي في كتابه الفتوحات يروا أن الجهاد نوعين ، جهاد أصغر وهو قتال الأعداء ، جهاد أكبر وهو جهاد النفس .
لكن نظرة الصوفية للحرب الجهادية كانت مختلفة عن باقي الطرق، حيث تتحدد نظرتهم في الجهاد أنه صد عدوان يمس الدين ، وليس توسع يخدم الدين .
ورأى الصوفية أن قتال المتخاذل عن الدفاع ولو كان مسلماً مقدم عن قتال المعتدي ولو كان غير مسلم .
فمع شن الحملات الصليبية ، لم يكن الصوفية متحمسين لقتال المسيحيين في ديارهم كما أراد بعض المتخرجين من الحنابلة الذين ارتأوا قتال الكفر في دارهم.
بل كان الصوفية يروا أن صد الهجوم هو أساس الدين وعدم القيام بذلك دناءة، ويفسر ذلك رسالة محي الدين بن عربي للملك الكامل الأيوبي الذي سلم القدس للصليبيين
حيث أرسل له قائلاً "إنك دنىء الهمة و الإسلام لن يعترف بأمثالك، فانهض للقتال أو نقاتلك كما نقاتلهم" .
ويقرر بن عربي أن القتال وإن كان مهماً لكن تربية القلب والهوى أهم ،حيث قول في كتابه الفتوحات " وعليك بالجهاد الأكبر، وهو جهادُ هواك، فإنك إذا جاهدتَ نفسك هذا الجهاد خلص لك الجهاد الآخر في الأعداء الذي إن قُتِلتَ فيه كنت من الشهداء الأحياء الذين عند ربهم يرزقون"
وعلى هذا الفقه خرج رموز صوفية كثر مثل الحسن البصري و الحارث المحاسبي وإبراهيم بن أدهم ، والعز بن عبدالسلام ، وحتى في العصر الحديث كعبدالقادر الجزائري وعمر المختار وعز الدين القسام .
الجهاد عند السلفية .. الفارق والفوارق
الجهاد عند الصوفية والسلفية
موقف الصوفية من الجهاد لم يُتْرَك من قبل المنهج السلفي ومنذ القدم، وتم معاداة الصوفية لدرجة أن صدرت فتوى بقتلهم واعتبار وجودهم أكثر شراً من غيرهم ففي كتاب مجموع الفتاوى لأحمد بن تيمية ـ الأب الروحي للسلفية الجهادية ـ قال أحمد بن تيمية "إن اتحاد الصوفية أشر من كفر أهل الكتاب" وفند بن تيمية سبب قوله هذا في أنهم منافقون يجاهدون مع المسلمين لكن قلوبهم ليست مع الإسلام ولا قضيته.
وبالتالي فكانت كتابات بن تيمية ومدرسته السلفية هي المصدر الرئيسي للعمل الجهادي، وفي منتصف العصر الإسلامي تصارع الطرفين حول حقيقة الجهاد .
لكن ظهور المدرسة السلفية الجهادية اقترنت دوماً بالظروف السياسية ، حيث صدام المماليك مع بن تيمية تسبب في إخراجهم من الملة.
وازدهرت الدعوة السلفية بظهور المدرسة الوهابية واتحادها السياسي مع محمد بن سعود .
وتفاقم هذا الصراع في العصر الحديث ، حيث جعل السلفية أساس الجهاد في قتل المسلمين طالما كانوا منافقين ، حتى وصل الأمر إلى اقتطاع الجهاد وجعله مسيساً بأدلة دينية.