في الصعيد.. زيارة المقابر دواء الصبر على الفراق والمقرئين نواياهم ليست صافية
الأربعاء 22/أغسطس/2018 - 02:32 ص
إسلام مصطفى
طباعة
في الصباح الباكر مع زقزقة العصافير، بالتحديد في السويقات اتي تعقب صلاة العيد، سيدات يحملن أسباتهن متوافدين من كل حدب وصوب، في مشهد أشبه بتوافد الحجيج على بيت الله الحرام بتلك الأيام المباركة، يصطحب هؤلاء السيدات رجال وشباب وأصحاب عوائلهن، في مشهد يبدو وكأنه كرنفال احتفالي، ولكن بين مقابر الموتى، و يكلفون مقرئي القرآن الذي يُعتبر ذلك موسمًا بالنسبة لهم بقراءة القرآن على أروح موتاهم، الذين ساقهم إليهم الحنين.
المقابر في الصعيد
تكن كاميرا "بوابة المواطن" بمنأى عن ذلك المشهد، بل جالت في قلبه لترصد العادة المُترسخة عند المصريين لاسيما أهالي الصعيد، بالتحديد في محافظة أسيوط، ديروط، لتسأل الزائرين المعددين منهم والفرحين والذين يبدون مشاعر الحنين، ماذا تُمثل لكم زيارة المقابر؟ وهل تعتقدون أنها ستختفي عما قريب؟
زيارة الوصل والفرحة
زيارة الوصل والفرحة
المقابر في الصعيد
بينما كنا نتجول بين المقابر رقبت أعيننا سيدة يخيم على وجهها الحزن، وتلمع أعينها من شدة الحنين، وبسؤالها عن زيارتها لمقابر ذويها، قالت "أم أحمد" سيدة في العقد الخامس من عمرها: اعتدنا أن نزور موتانا يوم الجمعة من كل أسبوع، ولكن زيارة العيد بالنسبة لنا لازمة، ودونها لا نشعر بأن العيد اكتمل، بل نشارك موتانا فرحة العيد بوصلهم.
الرحمة والنور تكاد تندثر
الرحمة والنور تكاد تندثر
المقابر في الصعيد
وبسؤالها عن الأسبات التي كانت بجوراها، أوضحت أنها تحمل فيها الرحمات التي توزع على أرواح الموتى، وتُعطى للمُقرئين الذين يقرأون القرآن بالمقابر، وأردفت قائلة: اعتدنا على خبيز "العيش الشمسي" و"القرص" و"الكحك"، فضلًا عن شراء الفواكه.
وأبدت "أم أحمد" أسفها عن تخلي الناس عن عادة الخبيز، التي كانت في المقام الأول تُمثل فرحة العيد وبهجته، واصفةً إياها بالفرحة التي تُجهز لأحبائنا تحت التراب، موضحة أن الكثير من الناس أصبحوا يقدموا مبالغ مالية للمُقرئين على أرواح الموتى بدلًا من الرحمات المأكولة.
بجوار أم أحمد، تجلس سيدة تضع يدها على خدها، وملامح وجهها تخبرنا بأنها في حالة استعادة للذكريات، اقتربنا منها لنعرف ما الحكاية، فأجابت "أم أيمن" أنها تحن لأحبائها وتتذكر الذكريات اجميلة التي تجمعها بهم، وأردفت قائلة: زيارة القبور في العيد تُمثل لي راحة نفسية، بل هي حلقة الوصل بيني وبين أحبابي، الذين خطفهم مني الموت.
مُقرئي المقابر بين الرضا والطمع
وأبدت "أم أحمد" أسفها عن تخلي الناس عن عادة الخبيز، التي كانت في المقام الأول تُمثل فرحة العيد وبهجته، واصفةً إياها بالفرحة التي تُجهز لأحبائنا تحت التراب، موضحة أن الكثير من الناس أصبحوا يقدموا مبالغ مالية للمُقرئين على أرواح الموتى بدلًا من الرحمات المأكولة.
بجوار أم أحمد، تجلس سيدة تضع يدها على خدها، وملامح وجهها تخبرنا بأنها في حالة استعادة للذكريات، اقتربنا منها لنعرف ما الحكاية، فأجابت "أم أيمن" أنها تحن لأحبائها وتتذكر الذكريات اجميلة التي تجمعها بهم، وأردفت قائلة: زيارة القبور في العيد تُمثل لي راحة نفسية، بل هي حلقة الوصل بيني وبين أحبابي، الذين خطفهم مني الموت.
مُقرئي المقابر بين الرضا والطمع
المقابر في الصعيد
خطواتنا أخذتنا إلى جمع من الناس أمام مقبرة، وصوت يردد آيات الله سبحانه وتعالى، وعند الاقتراب رأينا رجُلًا، يبدو على ملامحه العجز ومشكلات الدهر، وعقب الانتهاء من قراءتهن تحدثنا معه بشأن قراءة القرآن في القبور وهل هو يمتهنها ؟ وقال الكهل صاحب ال80 عامًا أحمد محمد: أن الأقدار هي من دفعته إلى التوجه لطريق قراءة القرآن في المقابر،؛ لفصله من عمله لأسباب شخصية، فضلًا عن عمله في "سن السكاكيين" و"تصليح الأقفال"، كمهنة أساسية، مُضيفًا أنه يسترزق على حد وصفه، في موسم الأعياد ويوم الجمعة بقراءة القرآن في المقابر.
وبرضا نفس أوضح أن ما يقسمه الله له من يومه الطويل والشاق في المقابر، يرضى به، مُشيرًا إلى أن المقبل المادي هو الأساس، وبعض الناس يزيدونه بعض المأكولات، وبينما نحن نتحدث معه قاطعنا أصوات نداء سيدة، بمقبرة مجاورة لنا، مرددة: "قري وتعالى"، هذه الإقبال على ذلك العجوز ربما يخدع البعض، بطول مسيرته في مجال قراءة القرآن في المقابر، إلا أن الحقيقة أنه امتهن هذه المهنة مُنذ 4 سنوات فقط، ولكنها أرزاق الله.
قراءة القرآن بالمقابر "لله ومش لله"
وبرضا نفس أوضح أن ما يقسمه الله له من يومه الطويل والشاق في المقابر، يرضى به، مُشيرًا إلى أن المقبل المادي هو الأساس، وبعض الناس يزيدونه بعض المأكولات، وبينما نحن نتحدث معه قاطعنا أصوات نداء سيدة، بمقبرة مجاورة لنا، مرددة: "قري وتعالى"، هذه الإقبال على ذلك العجوز ربما يخدع البعض، بطول مسيرته في مجال قراءة القرآن في المقابر، إلا أن الحقيقة أنه امتهن هذه المهنة مُنذ 4 سنوات فقط، ولكنها أرزاق الله.
قراءة القرآن بالمقابر "لله ومش لله"
المقابر في الصعيد
وما زالت كاميرا "المواطن" ترصد زيارة الصعايدة للمقابر في العيد، وأثناء ذلك التقينا مع مُقرء شاب، يُدعى "بسام"، الذي أكد أنه امتهن تلك المهنة مُنذ "جدود لجدود" على حد وصفه، وأنه من عائلة "الحفارين" التي تعمل بالمقابر ودفن الموتى وقراءة القرآن على أرواح الموتى، وأردف قائلًا: أنا افعل ذلك الشيء لله، لا انتظر مُقابل مادي أبدًا.
وبإعادة طرح السؤال عليه مرة خرى، أجاب: أنه يتقاضى مقابل نادي على قراءته للقرآن، ولكنه لا يُلز الناس على ذك، فمن استطاع يقبل منه، ومن لم يستطع، لا شيء عليه.
وردًا على بسام قالت أم أحمد: لا يوجد شيء لله، الحفارين يتقاضون مقابل قرائتهم للقرآن، مُشيرة إلى أنها في البداية كانت عبارة عن المخبوزات التي يقدمها لهم الزوار، وكانت تصل لحد ملء غرف كاملة بها، ليبيعونها.
دواء الصبر وباب للفضفضة
وبإعادة طرح السؤال عليه مرة خرى، أجاب: أنه يتقاضى مقابل نادي على قراءته للقرآن، ولكنه لا يُلز الناس على ذك، فمن استطاع يقبل منه، ومن لم يستطع، لا شيء عليه.
وردًا على بسام قالت أم أحمد: لا يوجد شيء لله، الحفارين يتقاضون مقابل قرائتهم للقرآن، مُشيرة إلى أنها في البداية كانت عبارة عن المخبوزات التي يقدمها لهم الزوار، وكانت تصل لحد ملء غرف كاملة بها، ليبيعونها.
دواء الصبر وباب للفضفضة
المقابر في الصعيد
ووسط جمع آخر تواجدنا، لتصف لنا "أم خالد " زيارة المقابر بالعيد بدواء الصبر، الذي يهون عليها فراق الأحبة، مُردفة أنها لا تستطيع أبدًا أن تتكاسل ولو موسم واحد عن أحبائها؛ لأن تلك الزيارة ما تقويها على الأيام والمواقف الصعبة، لاسيما وأنها عندما تأتي تشكي همومها لهم.
وتلك سيدة في العقد الثالث من عمرها تقريبًا، رغم ارتداءها ملابس العيد الملونة والجديدة، إلا أن الحزن الذي بأعينها كاد أن يملأ أركان المكان،وعن ذلك تقول "أم هاجر": إنها منكسرة بعد فراق والدها الذي كان بمثابة الظهر والسند، وأختها التي خطفها الموت وهي في سن صغيرة، هكذا بررت الحالة التي كانت فيها.
ولما كان الأطفال والمُراهقين مُتواجدين بكثافة في المكان، كان لزامًا علينا، معرفة أسباب تواجدهم؛ لترد علينا "ميادة" البالغة من العُمر حوالي 16 عامًا، لتؤكد أن زيارتها للمقابر تتبلور في الاتعاظ من الموت وأخذ عبرة من الذين سبقونا، واتفقت معها "هدى" طالبة بالثانوية الفنية أن زيارة القبور في العيد ليس من باب الابتهاج ولكن للعبرة فقط.
لن تندثر أبدًا
وتلك سيدة في العقد الثالث من عمرها تقريبًا، رغم ارتداءها ملابس العيد الملونة والجديدة، إلا أن الحزن الذي بأعينها كاد أن يملأ أركان المكان،وعن ذلك تقول "أم هاجر": إنها منكسرة بعد فراق والدها الذي كان بمثابة الظهر والسند، وأختها التي خطفها الموت وهي في سن صغيرة، هكذا بررت الحالة التي كانت فيها.
ولما كان الأطفال والمُراهقين مُتواجدين بكثافة في المكان، كان لزامًا علينا، معرفة أسباب تواجدهم؛ لترد علينا "ميادة" البالغة من العُمر حوالي 16 عامًا، لتؤكد أن زيارتها للمقابر تتبلور في الاتعاظ من الموت وأخذ عبرة من الذين سبقونا، واتفقت معها "هدى" طالبة بالثانوية الفنية أن زيارة القبور في العيد ليس من باب الابتهاج ولكن للعبرة فقط.
لن تندثر أبدًا
المقابر في الصعيد
وبسؤال أحد السيدات، في العقد السادس من عمرها، عن فكرة اندثار عادة زيارة المقابر بالعيد، أجابت: أنه من المُستحيل أن تنتهي تلك العادة، مُشيرةً إلى أنها ما تهون علينا الفراق، وتُشعرنا ببهجة العيد، التي نُشاركها مع أحبائنا تحت التراب.
واتفقت معها "أم أيمن" التي قالت: سأظل أزور أحبابي كل عيد، وإن شاء القدر ألا نكون من الزئرين في أحد الأعياد، بسبب الموت فقط، "اتمنى أنهم يسامحونا".
واتفقت معها "أم أيمن" التي قالت: سأظل أزور أحبابي كل عيد، وإن شاء القدر ألا نكون من الزئرين في أحد الأعياد، بسبب الموت فقط، "اتمنى أنهم يسامحونا".