بائع العملات المعدنية بالعتبة.. اختار العبق والأشياء العتيقة لكسب رزقه
الثلاثاء 28/أغسطس/2018 - 03:01 ص
إسلام مصطفى
طباعة
جمع العُملات القديمة، هو أحد الهوايات التي يُفضلها الكثير من الأشخاص، إلى حد الولع بها، مما يدفعه إلى بذل الغالي والنفيس ابتغاء امتلاك حفنة صغيرة من تلك العُملات، وهناك من يجمعها بغرض التجارة؛ لاسيما وأن قيمتها المادية مُرتفعة جدًا، حيث أنه في حالة مرور العديد من السنوات على العُملة كلما ارتفع سعرها، وبين هؤلاء وهؤلاء تجد طرفًا ثالثًا للتجارة في تلك العُملات من مُنطلق كسب الرزق.
بائع عملات
بجانب أحد الأرصفة بالعتبة اتخذ لنفسه مقرًا، يجلس وأمامه فرشة صغيرة، ولكن قيمتها كبيرة جدًا، لاسيما وأنها حملت حفنات من العُملات المعدنية والورقية القديمة، التي تُعني عند عُشاقها الكثير، برغم بساطة مظهره، فذلك الكهل العجوز تجده جالسًا بكل ثقةٍ، وكأنه ملك الدُنيا بما فيها، فلغة عينه تُخبر المارين به أنه يجد لذة لا مثيل لها على الإطلاق عند بيع هذه العُملات.
ترمقه أعين المارة ذهابًا وإيابًا، مُتسائلة، لماذا اخترت ميدان العتبة؛ ليكون مقرًا لك برغم الازدحام الشديد الذي تشهده المنطقة يومًا وانتشار الباعة الجائلين في كل ركن من أركان العتبة، لتجد عينه ترد أنه هنا تجد طبقات الشعب بُختلف ألوانه وأشكاله، هنا تجد الساعي إلى اقتناء العُملات بغرض التجارة، وهنا تجد أيضًا من عشق اقتناء العُملات القديمة من باب الاحتفاظ بالأشياء العتيقة حُبًا فيها.
ترمقه أعين المارة ذهابًا وإيابًا، مُتسائلة، لماذا اخترت ميدان العتبة؛ ليكون مقرًا لك برغم الازدحام الشديد الذي تشهده المنطقة يومًا وانتشار الباعة الجائلين في كل ركن من أركان العتبة، لتجد عينه ترد أنه هنا تجد طبقات الشعب بُختلف ألوانه وأشكاله، هنا تجد الساعي إلى اقتناء العُملات بغرض التجارة، وهنا تجد أيضًا من عشق اقتناء العُملات القديمة من باب الاحتفاظ بالأشياء العتيقة حُبًا فيها.
عملات
ومع هذا الرد يقشَعر جسدك مُتعجبًا من أين أتى هذا العجوز بكل هذه الحكمة، برغم مظهره البسيط وحالته التي يُرثى لها، ولكن الإجابة تكمن في أن مدارس العالم بأكلمه لن تُعلم الأشخاص ولا تُعلم بهم مثلما يفعل التعامل مع الناس والاحتكاك بالشارع، ذلك الشارع الذي كل موقف يمر عليك وأنت به، يترك في نفسك أثرًا كبيرًا لن تستطيع سنوات العُمر أن تمحوه.
تجده هنا يومًا يُمسك بسيجارته الكليوباترا الشعبية مثله، ويرمق المارة بنظرات تختلف باختلاف كل مار عليه، وبداخل عقله يدور صراع لا حد له، فعندما يمر به أحدهم الذي يبدو عليه الفخامة في المظهر، ويُسر الحال تجده يسأل ماذا لو كنت مكانه، وهو من يجلس مكاني هذا، هل كنت سأمر مرور الكرام عليه مثلما فعل، أم أنني كُنت سأبادر بشراء بعض العُملات من باب المُساعدة، ليعود يرد على نفسه قائلًا: دع عنك تلك الأفكار الأرزاق بيد الله، ارض بنصيبك، هذا ما كتبه الله لك، و"مكاتيب" الله كلها خير.
تجده يبدو شاذًا وسط مجموعة من الفرشات التي بعضها يحمل ملابس وأُخرى تحمل الأخذية، وثالثة تحمل مُستلزمات منزلية بسيطة، أو أدوات مطبخ وغير ذلك، إلا هو تجد أمامه حفنات من العُملات العتيقة، حقًا المنظر غريب ولكن هو لا يرى غرابة فيه أبدًا من باب اقتناعه بمقولة: "اسع يا عبد وأنا اسعى معاك"، التي يُرددها البُسطاء مثله، وهو اختار أن يسعى إلى جلب رزقه من قبل التجارة في العُملات القديمة.
عملات
والآن تجد أحد الأشخاص يقف أمام الفرشة البسيطة القّيمة يُمعن النظر كثيرًا، يُدقق ويُدقق، يسأل العجوز الذي ربما تجده حاملًا من التاريخ ما لم تحمله كُتب التاريخ المنشورة، عن قيمة تلك العُملة أو هذه في الحقبة الزمنية التي صُكت فيها، وتجد العجوز يُجيب بكل ثقة، وكأنه هو من أسس بنك مصر أو أحد العاملين به، وكيف لا يُجيب وهو المولع بتجارة تلك العُملات التي جذبت انتباهه إليها، حتى دفعته إلى أن يُتاجر في دون غيرها من البضائع.
روتين يومي اعتاده، ينتظر الساعة لتُعلن ساعة صفر رحليه؛ لتجده يحمل مُمتلكاته القيمة، في حقيبة يبدو عليها ما بدى عليها من حالة يُرثى لها، ويمشي مجرجرًا جسده الضعيف إلى بيته، بل إلى عالمه الذي رضي به مهما كان.