الجهاد.. شرف جسدته المرأة المصرية وطبقته بوحيريد ورسخته التميمي وأسقط ملامحه التحالف القطري الإسرائيلي

السبت 22/سبتمبر/2018 - 02:01 م

عواطف الوصيف

الجهاد.. أحد أهم صور المقاومة التي يستلزم إتباعها من أجل الوقوف في مواجهة المحتل، وممارسات الظلم والقهر التي يمارسها على الشعوب العربية، لكن للجهاد أصول، وهو أن لا يتناقض مع عادات وتقاليد مختلف الدول العربية في بلد الشرق، وهذ هو ما أغفلت عنه قطر، بإصدار قوانين تتعلق بالتجنيد في الجيش ضربت من خلالها بهوية الفتاة العربية عرض الحائط.

تجنيد فتيات قطر في الجيش
يسير أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، على خُطى إسرائيل، بعدما اعتمد قانونًا جديدًا يسمح بتجنيد النساء، ضمن إجراءات نظامية تتضمن أيضًا رفع مدة الخدمة في الجيش القطري، ووفق القانون الجديد فإنَّ الجيش القطري سيكون الثاني في المنطقة بعد جيش الاحتلال الإسرائيلي في مسألة تجنيد النساء.

ويرفع القانون الجديد الخدمة إلى عام بعد أن كانت بضعة أشهر، كما تتيح نصوصه التجنيدَ للإناث اختياريًا، وينص القانون فيما يتعلق بالنساء: "يكون التحاق الإناث بالخدمة الوطنية ممن بلغن سن 18 اختياريًا".

فتيات الجيش الإسرائيلي

تبرير محتمل

يعي تميم بن حمد، أن هناك سيل من الإنتقادات التي سينهال عليه، بسبب إتباع مثل هذه الخطوة خاصة وأنها لا تعد محاكاة للسياسة الإسرائيلية فقط وإنما تختلف تماما مع طبائع الأمور وعاداتنا وتقاليدنا الشرقية، لكن التبرير الذي من الممكن أن يقدمه أمير قطر هو أنه لا يحاكي إسرائيل، وإنما يحاول محاكاة تطور العصر ويريد أن يعطي للمرأة حقها في الجهاد كالرجل تماما، لكن وحتى إذا اتفق معه الكثيرون، هل من الممكن إعطاء فرصة الجهاد للمرأة من خلال تطوعها في الجيش، لنجدها تقوم بدور الرجال؟، لذلك ربما نحن في حاجة لإلقاء الضوء على بعض النواح، منها ما يرتبط بالتاريخ ومنها ما هو حاضرا أمامنا، ما بين جبهات عدة إحداهما مصرية وفلسطينية والأخرى جزائرية.

الأمير تميم

العدوان الثلاثي 56

واجهت مصر عام 1956، حملة عدوانية ثلاثية تعد هي الأشرس والأعنف على مدار تاريخها، تمثلت في عدوان ثلاثي من قبل: "بريطانيا وفرنسا وإسرائيل"، وكانت بورسعيد واحدة من أهم محافظات مصر التي واجهت أبشع صور الإعتداءات والغارات الجوية، التي لابد من الإعتراف من أنها شوهت صورتها تماما، لكنها لم تؤثر على المواطن المصري، وروح المقاومة في قلبه، فقد تمكنت المقاومة الشعبية، من إثبات بسالة غير عادية شهد لها العالم أجمع، رجال وشيوخ وأطفال أيضا، ولم تكن المرأة في صفوف المتفرجين.

العدوان الثلاثي على مصر

المرأة المصرية وعدوان 56

كن للمرأة المصرية دور في الجهاد ومقاومة المحتل والعدوان، لكن ليس من خلال التطوع في الجيش، أو بالمشاركة في الطلعات الجوية، او التأرجح من الطائرات بالبراشوت، وإنما من خلال المساعدة في إيجاد مخبأ للسلاح، ومساعدة الجرحى، علاوة على مساعدة شباب المقاومة بتوفير المؤن اللازمة لهم، والأهم وقبل كل شيء تقديم الدعم لرجال مصر، كالتشجيع على المواجهة، وأن لا يخافوا من المؤامرات، والتأكيد لهم أنهم قادرون على مواجهة الصعاب، فمثل هذه التصرفات تعد من العوامل الأهم والأقوى، التي يحتاجها المقاتل ليكمل مشواره، أي أن المرأة المصرية عام 56، كانت بمثابة الدافع القوي للرجال للقدرة على مواجهة القتال، وهذا أقوى أشكال الجهاد.

المرأة المصرية في العدوان على مصر

جميلة بوحيريد

لا يزال كتاب التاريخ العربي، مليء بالإنجازات، التي تكشف ماهية المرأة العربية وقدراتها، فتعد جميلة بوحيريد، واحدة من أهم رموز المقاومة العربية، فخرا ليس فقط للجزائر، وإنما للعالم العربي كافة، فقد عملت على المشاركة في مواجه قوى الإحتلال الفرنسي للجزائر، ليس من خلال التطوع في الجيش، وإنما كانت تساعد زملاءها في جبهة التحرير الوطني، على تهيئة الظروف لتخزين السلاح ومساعتهم على الهرب عند محاولة الإعتداء عليهم من القوات الفرنسية، ويعد سجن " بارباروسا" شاهد على مقاومتها وبسالتها، فقد واجهت أبشع صور التعذيب بإرادة فاقت الرجال، وذلك من خلال الصمت وعدم إفشاء أي معلومات عن زملاءها، أو أماكن إختباءهم، علما بأنها وإن كانت أفشت بأي معلومة، لم يكن ليلومها أحد، فهي إمرأة وكان سيقال أن قدراتها على التحمل ليست كالرجال، لكن إصرارها على الصمود الذي كان سره سلاح الإيمان بالله وبقضية بلادها ووطنها أيقونة للجهاد لا يزال يشهد له العالم أجمع حتى الآن، وللتذكير كان جهاد غير مسلح ولم يعتمد على تدريبات مسلحة في الجيش.

جميلة بوحيريد

جميلة تقهر قوى فرنسا

الدليل على قوة مواجهة جميلة بوحيريد، هو النتيجة التي تم التوصل إليها، فقد تسبب إصرار جميلة على الصمود والمواجهة والجهاد بسياسة الصمت وعم إفشاء السر، على زيادة العنف والتعذيب ضدها، وكان ذلك سببا في إشعال ثورة غير عادية من مختلف القوى الدولية ضد فرنسا، مطالبين ليس بمجرد الإعفاء عن جميلة، وإنما ضرورة الخروج من فرنسا، أترى عزيزي القاريء، فقد كان لجهاد جميلة بوحيريد ومقاومتها أمام قوى الإحتلال الفرنسي، الجهاد الغير مسلح، سبب في نيل الجزائر استقلالها، بعد إحتلال دام لعقود طويلة ومتتالية، وهاهو التاريخ يكشف دور المرأة العربية، في مواجهة الإحتلال، وصور دفاعها عن الوطن دون التشبه بالرجال، أو مخالفة العادات.

جميلة بوحيريد

عهد التميمي

ربما ما فات هو مجرد جزء من كل لما تضمنه كتاب التاريخ العربي، عن كفاح المرأة للدفاع عن وطنها، لكن المشوار لم ينته، فحاضرنا يشهد واحدة من أهم رموز المقاومة لهذا العصر، هي أبنة اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، عهد التميمي، التي وقفت أمام قوات الإحتلال الإسرائيلي، ولها دور في الجهاد الفلسطيني، التي رفضت الخضوع أو الاستسلام، وكل ذلك دون التطوع في الجيش، أو المشارة في تدريبات قوات مسلحة.

عهد التميمي

جهاد خلف القضبان

جاهدت التميمي، قوات الإحتلال وهي سجينة خلف القضبان، فعلى الرغم من وجودها سجينة خلف قضبان سجون المحتل الصهيوني، ووجودها بين فئة من البشر لا يعرفون ماهية الخلق، إلا أنها لم تبال وظلت صامدة أمامهم، أعترفت بكونها واجهت قوات الإحتلال، وأنها ضربت أحدهم، ولم تخفي هذه الحقيقة، لأن ذلك وببساطة شرف وليس تهمة تخجل من ذكرها.

عهد التميمي

الخلاصة..

الجهاد شرف إذا كان في مواجهة الظلم والإحتلال، وهناك العديد مما سجله التاريخ وما نشهده في عصرنا ، ما يجسد أشرف الصور التي قدمتها المرأة العربية في مواجهة المحتل، ويستلزم من السلطة الحاكمة في قطر، أن تراجع حسابتها، وان لا تتبع أي خطوات غير مسؤولة هدفها هو محاباة منظومة إسرائيلية، فقط لتحقيق مصالحها، وإن كانت قطر تناست أن هذه المنظومة تشكل عدو صهيوني، فعليها أن لا تجعل طموحاتها على حساب سمعتها وكرامة نساءها.