حرب الاستنزاف .. نواة انتصار الجيش المصري في أكتوبر بدور جمال عبدالناصر

الإثنين 01/أكتوبر/2018 - 04:40 م

عواطف الوصيف

حرب الاستنزاف المنسية.. الخطوة الأساسية لنصر أكتوبر العظيم، الذي جسد شجاعة أبناء مصر من جنود القوات المسلحة البواسل على الجبهة المصرية، كل منهم يعلم أن حياته قد تكون هي الثمن الذي سيدفعه، لكنهم لم يبالوا فقد تحدد هدفهم في أشياء محددة أستعادة الأرض وكرامة المصري، وإثبات أن إسرائيل ليست أسطورة كما تشيع عن نفسها، بل من الممكن هزيمتها وكسر شوكتها.

الغرور الإسرائيلي
يظن الإسرائيليون أن المصريين والعرب يتوقفون عند مجرد قراءة كتب وتحليلات لكتاب ومحللون عرب، لكن وفي حقيقة الأمر عندما يتعلق الأمر بنواح محورية في تاريخنا وتمس أجيال، يكون التقييم مختلف، فقد تمكنت حرب أكتوبر من كشف أسرار لم تكن معروفة من قبل والمهم أنها نابعة على لسان ممثلي الكيان الصهيوني.

جولدا مائير

يواف جيلبير وحرب الاستنزاف المنسية:

يواف جيلبير، مؤرخ إسرائيلي، وواحدا من أهم الرموز في تل أبيب الذي يؤخذ برؤيته، لأنه وببساطة، قائد سابق، ومحلل أكاديمي استراتيجي، قام بتأليف كتاب، بعد الإطلاع عليه، يعد من أهم الكتب التي تم تداولها في إسرائيل، فهو لا يذكر أمور، تتعلق بمصر عن حقبة هامة وهي حرب أكتوبر المجيدة فحسب، فإن النقاط التي تطرق لها تعد فاصلة بالنسبة لإسرائيل، قبل أن تكون فاصلة لمصر وهو ما أتضح في كتابه "حرب الاستنزاف المنسية.

المؤرخ يواف جيليبر

نكسة 67 وعلاقتها بنصر أكتوبر

لابد من الإنتباه إلى أن حرب أكتوبر لم تكن بناءا على جهود بذلت في بضعة أيام، أو شهور، أو مجرد خطط تم تنسيقها على مدار سنتين أو ثلاث فقد أكد المؤرخ والخبير يواف جيلبير، أن النتيجة التي وصفها بالممتازة، التي حققتها حرب أكتوبر 73، هي في حقيقتها نتاج لمجهود كبير بذل خلال حرب الاستنزاف، والتي كانت في الفترة من 1968 وحتى 1970، مشيرا إلى أنه يستلزم الإعتراف بأن القوات المصرية قد تداركت الأخطاء التي وقعت فيها خلال حرب 67، وعملت على إصلاحها وبطريقة إيجابية ملموسة.

الرئيس جمال عبد الناصر ودراسة حرب الاستنزاف

مصر تحارب وإسرائيل تلهو

سرد "حرب الاستنزاف المنسية"، مواقف تؤكد إصرار الإرادة المصرية، على النصر واستعادة الأرض التي سلبت، تلك الإرادة الني كانت في مواجهاتها حالة من اللهو الإسرائيلي، فوفقا للكتاب الذي أصدرته دار نشر "دبّيير" الإسرائيلية، ففي الوقت الذي كانت الهجمات المصرية تتصاعد على خط القنال، كان الإسرائيليون يحتفلون بنصر 1967، ويقارنون بين رابين وبرنارد مونتجمري، الذي كان مشيرا للجيش البريطاني بعد انتصاراته في الحرب العالمية الثانية، كما حصد موشيه دايان، وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت، لقب "رجل العام".

موشى ديان

غرور صهيوني

أهتم جيلبير، بالإلتفات إلى التي تتعلق بالهجمات التي كانت توجهها القوات المصرية، في الوقت الذي كانت إسرائيل فيه تحتفل وتتبادل كؤوس الخمر التي تشربها وهي تتراقص على دماء الشهداء من أبناء مصر الذين تلطخت يداهم بدماءهم، وهي تدل على سخريته من إسرائيل حينها، فهو أعتبر لهو ممثلي الكيان الصهيوني دليل على أنهم لا يتداركون طبيعة المصريين ، وأنهم من الصعب أن يتركوا ثأرهم، وسيبذلون جهودا لاسترداد حقوقهم، تلك حقيقة نعلمها جيدا، لكن الأهم أنها جاءت بمثابة إعتراف على لسان واحد من أهم المحللين الأستراتيجيين في إسرائيل.

تطرق إسرائيلي لافت

أمر طبيعي أن نتباهى بحرب أكتوبر 73، وبالنتائج التي تم التوصل لها بفضلها، ودائما ما نعتبر أن حرب 67، كانت سبب في حدوث نكسة كسرت إرادة العرب، وفي في الوقت الذي يلق الجميع باللوم على الرئيس جمال عبد الناصر، وإتهامه بأنه المسئول الأول على عن ما واجهته مصر في 67، نجد المؤرخ الإسرائيلي يواف جيلبير، ومن خلال كتابه "حرب الاستنزاف المنسية"، يعرب عن رؤية مختلفة تماما وملفتة بنسبة كبيرة، بعد دفاع عن الرئيس جمال عبد الناصر، وإعتراف أن لولا حرب 67 وفترة حرب الاستنزاف 70 التي قادها ناصر لما كان نصر اكتوبر 73.

مفكري إسرائيل يدافعون عن ناصر

يرى المؤرخ جيلبير، أن الجهود التي بذلتها القوات المسلحة خلال حرب الاستنزاف، تعد دليلا على الجهود والخطط التي وضعها الرئيس جمال عبد الناصر، منذ 68 وحتى 70، مشيرا إلى أن ما تم ترتيبه بعد ذلك، جاء مبنيا على ما قام به ناصر، أي أن الأساسيات التي وضعها ناصر، منذ 68 وحتى 70، كانت سببا رئيسيا لتحقيق النصر في 73، وربما تكون هذه إشادة كافية يستلزم لكل من يؤيدون فقط سياسة الانتقاد، أن يقفوا عندها ليعرفوا من هو ناصر، وكيف بذل جهود لتحقيق النصر لمصر، خاصة وأنها إشادة نابعة عن مؤرخ وخبير استراتيجي اسرائيلي.

الرئيس جمال عبد الناصر

استغلال صهيوني للظروف

كانت حرب 67 دليل على أن هناك نقاط سلبية لم نتداركها، وتقصير عسكري، كان السبب الرئيسي وراء الهزيمة، أما إسرائيل فكانت تدرس الأمر بطريقة مختلفة ومن زاوية أخرى، فقد تعمدت القيام بدراسة أستقصائية على الأسرى من الجنود المصريين الذين أحتجزتهم لديها بعد النكسة، كمحاولة منها لإثبات أكذوبة بعينها لا لشيء إلا للتقليل من قيمة المصريين.

أسرى 67

فلتت منك

بحسب الجلسات التي قامت بها إسرائيل مع الأسرى المصريين، والتي تعمدت القيام بهذه الدراسة على جنود يعانون من الإحباط الشديد فقد أكدت أن المخابرات المصرية، والشعب المصري، أقل بكثير في المستوى، في حال مقارنتها مع إسرائيل، لكن وما شهدته حرب الاستنزاف من جهود بذلت، وما توصلنا له في حرب أكتوبر عام 73، يعد دليلا على أن إسرائيل قد خانها التوفيق، وكانت هذه الدراسة خاطئة تماما، فإذا كان بالفعل المصريين أقل في المستوى، فكيف تمكنوا من إيجاد خطة محكمة جعلتهم يقررون إختيار يوم السبت بالتحديد، علاوة على إيجاد خطة محكمة، دمرت خط بارليف المنيع في ست ساعات فقط.