دموع الأرامل على أبواب المجالس الحسبية .. والمستشار محسن السبع: نظام عقيم

الثلاثاء 09/أكتوبر/2018 - 05:13 م

أسماء حامد

تتعالى الأصوات عند الحديث عن مشاكل قوانين الأحوال الشخصية وملفات المجالس الحسبية فيما يخص النفقة والحضانة والأرامل بسب الصراعات الدائمة بين الأزواج، وينسى الجميع الحديث عن أموال أطفال الأرامل والمجلس الحسبي، فعندما نفتش في ذلك الأمر لانجد صوت يعلو فوق صوت

دموع الأرامل على أبواب المجالس الحسبية، بين اليتيم بلا حول ولا قوة، وبين آهات وأحزان أرامل فقدت أحب ماعرفن وتقلقن على أعز ما تملكن، بين ماضي جميل في العيش والذكريات وبين مستقبل يمتلئ بالقلق والخوف.

تفتح "بوابة المواطن"، هذا الملف المسكوت عنه، لنقل معاناة الأرامل مع المجلس الحسبي، لفت الأنظار إلى مشاكلهن.

المستشار محسن السبع

وتوجهنا، إلى المستشار محسن السبع، المحامي والمستشار القانوني لحملة "أريد حلا" بالقاهرة، لنقل المعاناة من خلال تعامله مع مشاكل الأحوال الشخصية والأرامل.

وأكد المستشار محسن السبع:" هذا هو حال ثلاثة مليون أرملة وعشرة مليون يتيم يقفون على أبواب المجالس الحسبية في ربوع مصر يتلمسون ويتوسلون أخذ بعض أموالهم وذلك مقابل طعامهم أو كسوتهم أو إيجارا لمكان يأويهم، كل هذا مع آلام قلب كل أم واختلاطه بمذلة ومهانة ليست أهلاً لها".

اليتيم

حياة اليتيم في خطر.. ألف مستند من أجل العلاج والتعليم

أضاف السبع في حديث خاص لـ"بوابة المواطن":"هناك موقف أكثر ألماً ومغموس بالمهانة والمذلة يحدث عندما يمرض اليتيم ويحتاج تدخل طبي يتسم بتكاليف باهظة وتذهب الأرملة لصرف هذه التكاليف وتجد نفسها تحاط بدوائر الاتهام وزيف الشكوك وتطالب بإحضار مايثبت المرض ويثبت العلاج ويثبت تكاليفه وتجد نفسها مطالبة بألف مستند ودليل وورقة لإثبات ذلك وقلبها يكاد يتوقف خوفا على حياة أبنها".

وسرد المستشار محسن السبع قصة حالة أخرى قائلاً :"أم أخرى تريد أن توفر لابنها تعليما راقيا ومستوى اجتماعي يناسب ثروته التي يملكها بالمجلس الحسبي وتجد نفسها تحاط بنفس الاتهامات والظنون ومطالبة بإثبات كل شيء وتقديم مستند لكل طلب، هنا نكون في مواقف قد تعرض حياة أو مستقبل يتيم للخطر وهنا نكون في موقف نطعن فيه في عرض وشرف وضمير أرملة".

المجالس الحسبية تعمل تحت نظام عقيم ينتمي إلى العصر التاسع عشر

ووصف المستشار محسن السبع المجالس الحسبية بـ النظام العقيم قائلاً " المجلس الحسبي نظام عقيم ينتمي إلى العصر التاسع عشر"، حيث أن إنشاء المجالس الحسبية تم في عام 1896، وذلك لمواجهة الإسراف الذي كان يحدث في أموال اليتامى من القائمين على أموالهم واستغلال هذه الأمانة استغلالاً سيئاً ، لذلك تم إنشاء تلك المجالس كجهة رقابة وإشراف على عمل الأوصياء في تركات اليتامى، وضمت في تشكيلها مجموعة من الشخصيات القانونية لإعطائها هيبة وسلطة وقدرة علي التعامل بقوة وقسوة مع المعتدي على أموال اليتيم".

واستطرد:" حينما رأت الدولة وقتها ضبط إنفاق المسرفين من الأشخاص غير البالغين، أنشات مجالس حسبية مهمتها التحكم فى التركات".

وأوضح وضع المجلس الحسبي قانوناً فقال "هو أحد الهيئات القضائية التابعة لمحكمة الأسرة، وينظمه قانون الولاية على المال وهو القانون رقم 47 لسنة 2004 الذى ينص على أن يخضع فاقدو الأهلية والقصر للوصاية، ولا يجوز للواصي التصرف فى أموالهم أو إيراداتها إلا بإذن من المحكمة، ووفقا للقواعد المفروضة، ويخرج من نطاق الولاية ما يئول للوصى من أموال بطريق التبرع".

واستكمل :"يتكون المجلس الحسبي من 5 أشخاص، هم النائب العام وهو رئيس المجلس بصفته ورئيس النيابة الحسبية باعتبارها إحدى النيابات التابعة للنيابة العامة، ثم المحامي العام الأول، ورئيس محكمة الاستئناف، ثم رئيس النيابة العامة، وأخيرا وكيل النيابة الحسبية، ويختص بالإشراف على أموال القُصَّر وفاقدي الأهلية".

الأرامل

من الرقابة على الوصي إلى روتين قاتل لليتامى والأرامل

وأكد المستشار محسن السبع ، كان العمل في هذه المجالس من قبيل الأعمال الخيرية الاجتماعية أكثر منها وظيفة، وذلك لأن القائمين على أعمال القضاء في ذلك الحين هم من علماء الدين خريجي الأزهر الشريف فكان الوازع الديني دافع ومحرك لمجرى الأعمال في هذه المجالس وقبولهم العمل فيها .

وأضاف بعد مرور أكثر من قرن من الزمان تغيرت الظروف فتحول الهدف الخيري الاجتماعي إلى مجرد متطلبات وظيفية وتحولت القواعد التي كان الهدف منها الرقابة على الوصي إلى روتين قاتل لليتامي والأرامل، وعدم تطوير أفكار عمل هذه المجالس لتواكب العصر وحركته الأسرع واحتياجاته الأكثر، فأصبحت هذه المجالس معوقا وليست حامية لليتامى، وأصبحت هذه المجالس معطلة لحياة اليتيم وليست منظمة لها، كما أنها وسيله مهانة ومذلة للأرامل وليست وسيلة كرامة ومحافظة على أموال اليتم".

المستشار محسن السبع

مقترحات لتنظيم عمل المجالس الحسبية
وأكد المستشار محسن السبع ، لذلك كان من الضروري إعادة هيكله وتنظيم هذه المجالس الحسبية وذلك على النحو التالي، مقدما بعض المقترحات:

-إمكانية إلغاء تبعية هذه المجالس للنيابة العامة وتحويل تبعيتها لوزارة التضامن الاجتماعي والأزهر الشريف والكنيسة.

-إن يتم إيداع وإدارة أموال اليتامى بمعرفة بنوك مصرية تتولى إدارة هذه الاموال والمتاجرة بها وصرف أي مبالغ يطلبها اليتيم أو الأرملة بعد دراسة الطلب نظير نسبة صغيرة من أرباح هذه الأموال.

-أن يكتفي في الإجراءات عند طلب الأرملة أو اليتيم أي مبالغ إلى مجرد تقديم الأرملة بطلب للعمل المطلوب سواء كان تكاليف، علاج أو مصاريف مدارس وتحديد مكان عنوان هذه الجهات ويتم الاستعلام والدفع بمعرفه مندوب هذه المجالس.

واختتم المستشار محسن السبع حديثه لـ"بوابة المواطن" :"كل هذا من أجل إكرام اليتيم والحفاظ على كرامة الأرملة التي فجعت في زوجها وتربي أبنائها"، مضيفا:" فحق على المجتمع أن يخفض لها جناح الذل من الرحمة ويجعلها في أسمى مكانة وأعلى مرتبة، فإذا كانت هذه الأرملة ستزاحم الرسول على باب الجنة فيكفي لها ذلك فخرا، ويكفي لنا هذا احتراما لها وتقديرا".