من الصدمة إلى الإلحاد .. ذكريات هارب من جنة الإخوان | (1ـ2)
الثلاثاء 09/أكتوبر/2018 - 09:16 م
وسيم عفيفي
طباعة
يقولون أن المصري متدين بطبعه لكن الطريق من الصدمة إلى الإلحاد لا يسلكه أحد مثل الشاب الصعيدي المتدين الذي هرب من جحيم الصراعات القبلية إلى جنة الإخوان وفجأة وجدها مثل جنة آدم مشروطة بالخلود وقاسية في الطرد منها.
هارب من جنة الإخوان
تبدو التقاليد في بعض الأحيان داخل الصعيد أقوى من الدين نفسه، فمثلاً الإسلام يبيح للرجل أن يتزوج من أهل الكتاب ويحرم زواج المسلمة من غير المسلم، لكن الهوارة لهم موقف آخر فهم يرفضون زواج البنت من غير الهواري ويمنعون زواج الهواري من غير بنت عمه.
رغم العصبية القبلية المستشرية في الصعيد فإن للدين مكانةً قوية بداخله فالكتاتيب والمعاهد الأزهرية تتساوى مع عدد المساجد، وكان هذا مجتمع الشاب "و.ع" فهو من جيل التسعينيات التعيس الذي رأى نهاية الإرهاب والتحق بالأزهر في ظل مناهج جوفاء ولحب والده في التعليم رفض أن يجعله يعمل في صنعته اليدوية فكان من المعهد إلى الكُتَّاب ومن الكُتَّاب إلى المعهد، وبينهما المسجد.
كان السلفيون في أوائل القرن الحادي والعشرين بالصعيد هم أصحاب الصدارة في المشهد الدعوي عبر منابر المساجد وكتبهم تباع بسعر أرخص من كيس الشيبسي، بل وحتى لما يأتي أقرباء "و.ع" من الحج يكونوا محملين بكتب الوهابية فتربى على كتب محمد بن عبدالوهاب.
أما الإخوان فكانوا هم أصحاب النجاح في الحِرَاك الميداني، تجدهم في الصعيد منتشرين في الأعمال الخيرية بكثرة نتيجة لتآكل الطبقة المتوسطة داخل الصعيد والتي ينتمي لها "و.ع"، ورغم أن والده كان ناصرياً ومنع احتكاكه بالإخوان لكنه بدأ الطريق إليهم بسبب المعهد الأزهري والذي كان يضم أكثر من 30 أستاذاً.
الإبتسامة السمجة في قلب هدية جنة الإخوان
كان السؤال متى سقطت الخلافة ؟ فأجاب "و.ع" وهو في الصف الثالث الإعدادي قائلاً عام 1924 يا أستاذ، ورغم أن منهج مادة الدراسات الإجتماعية في هذا الصف لم يحتوي على التاريخ الإسلامي أو الوسيط لكن إطلاعه الثقافي جعله يجيب وكانت إجابته لها صدىً عند الأستاذ فأهداه كتاب "المأثورات للإمام الشهيد حسن البنا".
سأل "و.ع" وما هو الفرق بين هذا الكتاب وكتيب حصن المسلم فكلاهما عن الأذكار، فأجاب الأستاذ بابتسامة "حصن المسلم يجعلك مسلم أما المأثورات يجعلك مثل الصحابي في خدمة الإسلام"، وهنا كان الافتتان والرغبة في التأسي بالصحابة.
كان الكتاب هدية وشيئاً فشيئاً صار عنده كتباً متنوعةً، فالأستاذ أدرك أن الولوج لقلب "و.ع" يكون من التاريخ فأهداه كتباً من التاريخ قرأها ووعاها وكانت كلها عن الإخوان مثل كتاب "عرفت السادات"، "أيام من حياتي" ، "البوابة السوداء" وتعرف على الإخوان من هنا من باب المظلومية الكربلائية حيث سأل لماذا يعذبون فكانت الإجابة لأنهم لإصلاح الدين يريدون.
القاهرة .. الطريق إلى الصدمة
طفولة "و.ع" كانت مزيج بين الأخونة والمراهقة ذات الاستحياء فضلاً عن الجولات الثقافية التي كان يقضيها في المكتبات، أما بداية الشباب فكانت كلها مع الإخوان لكن داخل القاهرة، فقد كان "و.ع" في جَرَّة وطلع لبرة، فهو تعلم أذكار حسن البنا ووعى تاريخ الإخوان ونزل معهم في تنظيم الشوارع داخل القرية أسوةً بثوار يناير، وحضر لقاءاتهم الحزبية قبل الحرية والعدالة، ثم أهلوه لكي يعمل في إخوان ويكي وكان موقعاً إلكترونياً صاعداً.
مثل مصر كانت جامعة الأزهر في مدينة نصر منقسمةً سياسياً عبر اتحادات الطلاب، والزخم الفكري والسفسطائي صار كبيراً ولم تختلف الجامعة عن المدينة الجامعية، لكن طُلِب من صديق له "الآن هو رحل قتيلاً في أحداث عنف العام 2013"، أن يذهب لمسجد المدينة الجامعية ويلازم السلفيين، وكان الطلب غريباً لكنه نفذ.
وعى "و.ع" سبب طلب الإخوان منه فهو أخبرهم أن الداعية السلفي محمد حسين يعقوب سيزور الجامعة الأزهرية وكان الخبر كارثةً عليهم وعليه، فهم أدركوا أن شعبيتهم متضآلة بجانب التيار السلفي على جانب الشارع القاهري لكنهم مسيطرون في الأزهر ودخول محمد حسين يعقوب مجرد رسالة لهم، أما فهو فكان كارثةً عليه لأنه رأى نفسه لأول مرة جاسوساً أو بالمصطلح الدارج "أمنجياً إخوانجياً".
كان هذا شرخاً قوياً بالنسبة لـ "و.ع"، فقرر أن يثأر لنفسه دون أن يتركهم، فأشرف بنفسه على رسم خطط لإفشال زيارة محمد حسين يعقوب، وقدم كثيرون اقتراحاتٍ لذلك متمثلة في مظاهرة دعماً لفلسطين وأخرى ضد المجلس العسكري، بينما هو اقترح إحداث مشكلة بين طلبة 6 إبريل والإخوان تتسبب في تعطيل زيارة محمد حسين يعقوب وفي نفس الوقت التهمة ملازمة لشباب 6 إبريل.
"يُتْبَع"
هارب من جنة الإخوان
تبدو التقاليد في بعض الأحيان داخل الصعيد أقوى من الدين نفسه، فمثلاً الإسلام يبيح للرجل أن يتزوج من أهل الكتاب ويحرم زواج المسلمة من غير المسلم، لكن الهوارة لهم موقف آخر فهم يرفضون زواج البنت من غير الهواري ويمنعون زواج الهواري من غير بنت عمه.
رغم العصبية القبلية المستشرية في الصعيد فإن للدين مكانةً قوية بداخله فالكتاتيب والمعاهد الأزهرية تتساوى مع عدد المساجد، وكان هذا مجتمع الشاب "و.ع" فهو من جيل التسعينيات التعيس الذي رأى نهاية الإرهاب والتحق بالأزهر في ظل مناهج جوفاء ولحب والده في التعليم رفض أن يجعله يعمل في صنعته اليدوية فكان من المعهد إلى الكُتَّاب ومن الكُتَّاب إلى المعهد، وبينهما المسجد.
كان السلفيون في أوائل القرن الحادي والعشرين بالصعيد هم أصحاب الصدارة في المشهد الدعوي عبر منابر المساجد وكتبهم تباع بسعر أرخص من كيس الشيبسي، بل وحتى لما يأتي أقرباء "و.ع" من الحج يكونوا محملين بكتب الوهابية فتربى على كتب محمد بن عبدالوهاب.
أما الإخوان فكانوا هم أصحاب النجاح في الحِرَاك الميداني، تجدهم في الصعيد منتشرين في الأعمال الخيرية بكثرة نتيجة لتآكل الطبقة المتوسطة داخل الصعيد والتي ينتمي لها "و.ع"، ورغم أن والده كان ناصرياً ومنع احتكاكه بالإخوان لكنه بدأ الطريق إليهم بسبب المعهد الأزهري والذي كان يضم أكثر من 30 أستاذاً.
الإبتسامة السمجة في قلب هدية جنة الإخوان
كان السؤال متى سقطت الخلافة ؟ فأجاب "و.ع" وهو في الصف الثالث الإعدادي قائلاً عام 1924 يا أستاذ، ورغم أن منهج مادة الدراسات الإجتماعية في هذا الصف لم يحتوي على التاريخ الإسلامي أو الوسيط لكن إطلاعه الثقافي جعله يجيب وكانت إجابته لها صدىً عند الأستاذ فأهداه كتاب "المأثورات للإمام الشهيد حسن البنا".
سأل "و.ع" وما هو الفرق بين هذا الكتاب وكتيب حصن المسلم فكلاهما عن الأذكار، فأجاب الأستاذ بابتسامة "حصن المسلم يجعلك مسلم أما المأثورات يجعلك مثل الصحابي في خدمة الإسلام"، وهنا كان الافتتان والرغبة في التأسي بالصحابة.
كان الكتاب هدية وشيئاً فشيئاً صار عنده كتباً متنوعةً، فالأستاذ أدرك أن الولوج لقلب "و.ع" يكون من التاريخ فأهداه كتباً من التاريخ قرأها ووعاها وكانت كلها عن الإخوان مثل كتاب "عرفت السادات"، "أيام من حياتي" ، "البوابة السوداء" وتعرف على الإخوان من هنا من باب المظلومية الكربلائية حيث سأل لماذا يعذبون فكانت الإجابة لأنهم لإصلاح الدين يريدون.
القاهرة .. الطريق إلى الصدمة
طفولة "و.ع" كانت مزيج بين الأخونة والمراهقة ذات الاستحياء فضلاً عن الجولات الثقافية التي كان يقضيها في المكتبات، أما بداية الشباب فكانت كلها مع الإخوان لكن داخل القاهرة، فقد كان "و.ع" في جَرَّة وطلع لبرة، فهو تعلم أذكار حسن البنا ووعى تاريخ الإخوان ونزل معهم في تنظيم الشوارع داخل القرية أسوةً بثوار يناير، وحضر لقاءاتهم الحزبية قبل الحرية والعدالة، ثم أهلوه لكي يعمل في إخوان ويكي وكان موقعاً إلكترونياً صاعداً.
مثل مصر كانت جامعة الأزهر في مدينة نصر منقسمةً سياسياً عبر اتحادات الطلاب، والزخم الفكري والسفسطائي صار كبيراً ولم تختلف الجامعة عن المدينة الجامعية، لكن طُلِب من صديق له "الآن هو رحل قتيلاً في أحداث عنف العام 2013"، أن يذهب لمسجد المدينة الجامعية ويلازم السلفيين، وكان الطلب غريباً لكنه نفذ.
وعى "و.ع" سبب طلب الإخوان منه فهو أخبرهم أن الداعية السلفي محمد حسين يعقوب سيزور الجامعة الأزهرية وكان الخبر كارثةً عليهم وعليه، فهم أدركوا أن شعبيتهم متضآلة بجانب التيار السلفي على جانب الشارع القاهري لكنهم مسيطرون في الأزهر ودخول محمد حسين يعقوب مجرد رسالة لهم، أما فهو فكان كارثةً عليه لأنه رأى نفسه لأول مرة جاسوساً أو بالمصطلح الدارج "أمنجياً إخوانجياً".
كان هذا شرخاً قوياً بالنسبة لـ "و.ع"، فقرر أن يثأر لنفسه دون أن يتركهم، فأشرف بنفسه على رسم خطط لإفشال زيارة محمد حسين يعقوب، وقدم كثيرون اقتراحاتٍ لذلك متمثلة في مظاهرة دعماً لفلسطين وأخرى ضد المجلس العسكري، بينما هو اقترح إحداث مشكلة بين طلبة 6 إبريل والإخوان تتسبب في تعطيل زيارة محمد حسين يعقوب وفي نفس الوقت التهمة ملازمة لشباب 6 إبريل.
أما هو فكان يريد المشكلة لهز صورة الإخوان داخل الجامعة لأنه كان يتوقع أن طلبة الجامعة المدنيين يمتلكون مولوتوف، ورغم خطورة الفكرة لكن استقر رأي هيئة الشباب على ذلك، لكن جاء طلب من مكتب الإرشاد برفض تلك الفكرة تفادياً لتكرار سيناريو العرض الرياضي سنة 2006 م.
كان شرخ التجسس على السلفيين أول مسمار في نعش بقاء "و.ع" داخل الإخوان، لكن الصدمة الكبرى كانت من ناحية أخرى.
كان شرخ التجسس على السلفيين أول مسمار في نعش بقاء "و.ع" داخل الإخوان، لكن الصدمة الكبرى كانت من ناحية أخرى.
"يُتْبَع"