نيتشه واليهود هل كان معاديا لهم ؟
الخميس 18/أكتوبر/2018 - 12:00 م
شيماء اليوسف
طباعة
مثلت علاقة نيتشه باليهود صراعا فلسفيا جدليا بين المفكرين والمؤرخين، وقبيل نشوب الحرب العالمية الثانية كان تلاميذ نيتشه يعتبرونه معاديا لليهود واثقين أنه يؤيد الفكر النازي والهتلري، وانقسم جميعهم إلى فريقين الأول من المؤرخين الذين يتهمونه والأخر من المفكرين الذين عكفوا على تبرئته.
نيتشه واليهود .. كيف كان ينظر لهم؟
نيتشه واليهود
ذكر كتاب "صعود وسقوط ألمنايا الهتلرية" أن أفكار النازية تشتق من مؤلفات نيتشه، وهذا بدوره يرجع إلى رغبة نيتشه الفكرية في تفضيل الحرب على السلام، أي أن علاقة نيتشه باليهود في فلسفته علاقة تقوم على المنطق العدائ، بينما والتر كوفمان، دافع عن نيتشه في هذه النقطة بالتحديد وقال أنه كان لا يكره السامية، وهناك فارق كبير بين السامية وبين اليهودية حيث أن الأولى تعد مصطلحا يطلع على فئة من البشر ينتسبون إلى الطبقة الارستقراطية الأوروبية بينما اليهود مصطلح ينغلق على معتنقي الديانة اليهودية فقط.
انتقد نيتشه الفيلسوف الاشتراكي يوجين دوهرنج، نظرا لأفكاره المعادية للسامية، حيث قال أن الشعب اليهودي هو قبيلة محددة من البشر في مقابل بقية البشر بشكل لا يسري على بقية البشر الساميين، ولعل هذا الانتقاد ما كان سببا وراء دفاع المفكرين عن نيتشه فيما يخص الاتهامات التي وجهت إليه لاتهامه بعداء اليهود.
نيتشه
عارض برنهارد فورستر، زوج أخت نيتشه، استخدام مصطلح " السامية" وذكر في كتابه "التماس معاداة السامية" أن هذا المصطلح تم استخدامه عوضا عن مصطلح اليهود، حتى أصبح من الصعب تغييره، وكان فورستر دائم السخرية من المجموعات والأحزاب المعادية للسامية في ألمانيا إضافة إلى الانتقادات التي كان يوجهها للتيارات الشوفينية الألمانية التي كانت تعظم العرق الآري على حساب تقبيح العنصر السامي.
خصومات نيتشه بسبب اليهود
نيتشه والنازية
وقعت بين نيتشه وريتشارد فاجنر الموسيقار المعروف بمعاداته للسامية قطيعة وخصومة وكان السبب وراء هذه القطيعة الأوبريتات التي كان يؤلفها فاجنر، وعلاقة نيتشه باليهود، كانت سببا في هذه القطيعة أتخذ نيتشه ثلاث أصدقاء على مقربة منه كان أصلهم من اليهود وهم بول ري، وسيغفريد ليبينر و جوزيف بانيث، وقد أعتبر المفكرين أن هذه القطيعة تعد واحدة من الدلائل التي تبرهن براءة نيتشه من معاداة اليهود.
استطاع المفكر اللاديني هولب، الذي كان دائم النقد للأديان بحسب توجهه الديني اللاديني أن يثبت معاداة نيتشه لليهود، وقد استخدم لهذا لإنجاح هذا النقد ابتكار أدوات منهجية في إطار التفريق بين معاداة السامية ومعاداة الديانة اليهودية، وكان هولب أكثر الكتاب نقدا للأخلاق المسيحية والأخلاق اليهودية، ودائما ما كان يصفها بأنها أخلاق عبيد لا تناسب الحياة المعاصرة التي تطلب وجود أخلاق جديدة تصلح للسادة فقط، بحيث تتناسب هذه الأخلاق مع تقبل الحياة وإنتاج قيم جديدة مختلفة عن قيم المسيحية واليهودية.
منهج فلسفة نيتشه ونقد الأديان
نيتشه
تعتمد فلسفة نيتشه التي وصفت بمعاداة اليهودية على المنطق المبتكر يستهدف استعباد اليهود وحدهم باعتبارهم طائفة مستقلة، بينما يستهدف المعيار بشكل حصري غير اليهود، وهذه الفلسفة تشكل منهجية غير منطقية تحكم بوجود معاداة لفئة محددة من البشر استنادا إلى الانتماء الديني الحصري لهذه الفئة هو أمر ينطبق على جميع البشر من خارج هذه الفئة ويستبعد فقط البشر المنتمين لهذه الفئة الدينية باعتبارهم مبرئين بفعل الميلاد والانتماء من هذه المعاداة.
تنغلق الديانة اليهودية على نفسها بفعل الانتماء السلالي وهو في حد ذاته يعني أن الدخول والخروج منها أمر غير ممكن بحسب فلسفة هولب، حيث تقوم هذه الفلسفة على الانتماء اليهودي الحصري ويعد تصنيف تعسفي وعنصري تماما لاسيما أنه يعتمد على استهداف جميع الفئات البشرية وفي الجهة المقابلة يستبعد الفئة اليهودية وفقا لانتمائها وميلادها وهو في الواقع أمر يستحيل أن يتوافر طوعيا لأي شخص خارج هذه الطائفة المنغلقة.
نيتشه والنازية
يلوم هولب، نيتشه لاستسلامه وعجزه عن مجاوزة أفكار عصره المناهضة لليهود، وقد جاءت هذه الآراء في إطار محاكمة نيتشه على أفكاره المناهضة لليهود وهو بحسب أراء الكتاب الغربيين أضحى يركب نفس الموجة والموضة الطاغية الغريبة التي اكتسحت الغرب بكامله منذ محاكمات نورمبرج في 1945م، وهذه الموجة أن كتاب هولب لا يزيد في أحد أشكاله عن كونه مجرد ركوب إتباعي مألوف على ظهر ذات الموجة الكاسحة السائدة والمهيمنة في الغرب.