ظاهرة عمالة الأطفال في مصر.. وصمة عار على جبين المجتمع
الأحد 04/نوفمبر/2018 - 08:01 ص
شيماء اليوسف - تصوير/ محمد توفيق
طباعة
تعد ظاهرة عمالة الأطفال أحد الطرق التي عن طريقها تهدم المجتمعات، لأن الأطفال هم اللبنة الأولى للمستقبل القادم فأبناء اليوم أجيال الغد، وقد انتشرت ظاهرة عمالة الأطفال بصورة شرسة في السنوات الأخيرة التي ظهرت خلالها العديد من الظواهر الأخرى، مثل ظاهرة أطفال الشوارع والزواج المبكر وخطف الأطفال والتسول وغيرهم من الظواهر المجتمعية الأخرى التي أصبحت بؤر تخريبية تهدد استقرار كيان المجتمع.
تتوارد العديد من القصص والحكايات حول ظاهرة عمالة الأطفال فالغالبية العظمى من الأطفال العاملين ينتمون إلى عصابات تشغيل الأطفال بالتسول أو استخدامهم في عمليات السرقة وكذلك النصب، وبعض هؤلاء الأطفال لهم أسر لكنها مفككة، فإما زوج الأم طردهم أو زوجة الأب أو الأبوين معا، وفي أيا من هذه الحالات يقع الأطفال فريسة سمينة لمافيا عمالة الأطفال، ورائدي التسول في مصر.
ظاهرة عمالة الأطفال
لماذا انتشرت ظاهرة عمالة الأطفال
ظاهرة عمالة الأطفال
يستخدم الأطفال العاملين بالتسول أساليب وطرق عديدة وماهرة في التمثيل من أجل كسب عطف العابرين في الشوارع أو العاملين في محلاتهم التجارية لاستدراج عطفهم فيقومون بإعطائهم الأموال كصدقة، ويظل هؤلاء الأطفال على هذه الوتيرة في مختلف المناطق يشحذون أو ينصبون ويخرج من ظهورهم بلطجية المستقبل، ويتحولوا إلى مجرمين بعد أن أهانهم أهلهم وأهانهم المجتمع ولم تكتنفهم الدولة.
خرجت ظاهرة عمالة الأطفال من جسد التخلف والقهر الاجتماعي، وإن كان التصنع حليف هؤلاء الأطفال فإن انتكاسهم في الأرض وإذلالهم للناس بهدف طلب الجنيه وحده بمثابة قهر مجتمعي، فالطفل الذي ينام على الأرصفة وليس له بيت ولا أهل يبحث عمن يلوذ به فلا يجد، حيث لا تعليم ولا رعاية ولا اهتمام فبالطبع لن يكون كالطفل الذي توفر له كل سبل الراحة والرعاية والحب، الأب يدلل والأم، والأخر لا أب ولا أم فكيف تكون نظرته للحياة طيبة وهو لم يجد من يحنو عليه ويأخذ بيده حتى الباب الوحيد "المجتمع" الذي أمل فيه أن يمد له يد العون خذله.
ظاهرة عمالة الأطفال
كان هناك طفل يجلس على سلم المحطة يبتاع المناديل، كنا نلاحظه كل مرة يبكي منهمرا في البكاء، اقتربت منه فتاة وسألته عما يبكيه وإذا ما كان يمكنها مساعدته قال لها أن مجموعة من الأطفال الآخرين قد سرقوه وقد خسر بضاعته ويخاف من أمه إذا عاد إلى البيت ولم يعطيها مالا، فبكت هي الأخرى ووضعت ما في يدها وأعطته له، وفي كل يوم يجلس في نفس المكان بنفس الوضع السابق يبكي سرقته ويطلب مساعدته، وهو بالكاد يكذب.
ظل هذا الطفل يتصنع البكاء حتى كشف أمره فانصرف العابرين عن مساعدته، لأن غالبية السائرين من هذه الطريق يمرون بها كل يوم ذهابا وإيابا وهو في مقدمة أعينهم كل صباح ومساء وقد حفظوا قصته وانتهى أمره، ولكنه لم ييأس وذهب أمام بوابة الجامعة يجلس بنفس الطريقة ويبكي لنفس الأسباب، في الواقع قطار الدموع الذي كان يتدفق من جفنيه لا تعرف له مستقر ولا مبتدأ وقد يكون نابعا عن أوجاع داخلية أجبرته على الجلوس منكسرا مذلولا للمارة ولو أن أسرته كفلته ما أخجل حمرة وجهه لأحد، ولكنه كان أحد ضحايا ظاهرة عمالة الأطفال.
ظاهرة عمالة الأطفال
تبدأ الرواية الثانية لظاهرة عمالة الأطفال من داخل مصنع الملابس بمنطقة البراجيل بالجيزة، حيث تلك المرأة التي لديها 3 أطفال أكبرهم يبلغ من العمر إحدى عشر عاما قد جاءت من الفيوم إلى القاهرة بعد أن تزوجت من أحد أقاربها بالقرية، ولكن لعدة مشكلات غير معلومة انفصلا وترك لها مسئولية الأطفال وهرب من مسئوليته كأب وزوج، تعلمت الخياطة وعملت بذلك المصنع لتنفق على أطفالها التي تخاف أن تعود إلى بلدتها بالفيوم فيأخذوا منها أطفالها.
لجأت إلى اصطحاب أبنها الأكبر برفقتها ليعمل بالمصنع وراتبه الشهري لا يزيد عن 200 جنيه لا غير أما بالنسبة لها فراتبها يقع ما بين ال800 والألف، وهي متحملة مسئولية الإنفاق على أطفالها وبيتها ونفسها ولا يوجد لها أي مصدر دخل أخر ولا يقف بجوارها أحد، وفي الحقيقة إن كانت ظاهرة عمالة الأطفال ظاهرة طعنت الطفولة بخنجر الذل فإن الحياة الكريمة لا يعرفون لها طريق.