كيف كشفت الصحافة جرائم المخابرات الفرنسية ضد حركة السلام الأخضر؟
الإثنين 12/نوفمبر/2018 - 12:14 م
شيماء اليوسف
طباعة
نشرت صحيفة الموند الفرنسية خبرا يؤكد أن المخابرات الفرنسية هي التي فجرت سفينة حركة السلام الأخضر في التاسع عشر من سبتمبر 1985م، هذا بعكس ادعاء الرواية الفرنسية الرسمية أنها لا تعرف من قام بذلك العمل واستدعى الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران في نفس اليوم رئيس وزرائه "لوران فابيوس" إلى قصر الإليزيه ليناقشه في حقيقة ما ذكرته الموند.
حركة السلام الأخضر بين نيران أجهزة الدولة الفرنسية وصحفها
سفينة رينبو واريور
علا صوت ميتيران متسائلا: هل ينبغي أن يقرأ الرئيس كل الصحف الفرنسية ليعرف حقيقة ما يدور داخل أجهزة الدولة المهمة مثل وزارة الدفاع والمخابرات وهيئة أركان القوات المسلحة وقد شابت صوت الرئيس رنة غضب قائلا هل وصل الأمر إلى حد إقدام كبار المسئولين عسكريين كانوا أو ساسة على إخفاء الحقائق عني والكذب علي؟
شعار حركة السلام الأخضر
لم يكن ميتران قد عرف أي شيء عن ملابسات الحادث وعندما صدر البيان الرسمي بأن الحكومة الفرنسية لا تعرف الجهة التي تقف وراء ما حدث اطمأن الرئيس إلى أن كل شيء على ما يرام وأن أجهزة الدولة لا صلة لها بما حدث، فلما نشرت الموند حقيقة الحادث وأن المخابرات الفرنسية هي التي فجرت وأغرقت السفينة رينبو واريور التابعة لحركة السلام الأخضر في ميناء أوكلاند في نيوزيلانده بالمحيط الهندي يوم العاشر من يوليو 1985.
حركة السلام الأخضر
أكدت صحيفة الموند أن دور الصحافة هو كشف الحقيقة حتى لو حاولت الدولة إخفائها بدعوى الأمن القومي أو المصلحة العليا وغيرها من التعبيرات التي لا تعترف بها الصحافة في مقابل الحقيقة التي يجب أن تصل إلى كل المواطنين كما نشرت صحيفة الموند ذلك استدعى ميتران رئيس وزرائه وجرى بينهما ذلك الحوار العاصف من جانب ميتران.
حركة السلام الأخضر
قدم وزير الدفاع والصديق الشخصي للرئيس الفرنسي منذ أكثر من 30عاما شارل هيرنو استقالته كما أقيل مدير المخابرات الفرنسية وظهر فابيوس على شاشة التليفزيون ليعترفن بأن المخابرات الفرنسية هي المسئولة عن نسف سفينة حركة السلام الأخضر، لكن الفضيحة لم تقف عند هذا الحد فقد امتد تأثيرها إلى الكيان الحكومي ككل وفرض احتمالات على مستقبل وزارة فابيوس.
حركة السلام الأخضر
بدأت حركة الخضر في ألمانيا العربية قبل أن تندمج الألمانيتان في دولة واحدة واستطاع الحزب أن يحقق انتصارات بين الأحزاب التقليدية تعبيرا عن رغبة المواطنين الألمان في محاربة مصادر التلوث البيئي المختلفة والحفاظ على الطبيعة من كل عوامل التدمير ثم انتقلت الحركة إلى دول أخرى في فرنسا للدعوة إلى وقف التجارب النووية والمحافظة على البيئة من التلوث.
لكن السلطات الحكومية لم تنظر إلى حركة السلام الأخضر، الوليدة بعين الارتياح فقد بدأت تجري تحقيقاتها حول هوية الحركة ومصادر تمويلها وأسماء المنضمين إليها ونوعياتهم والهدف الذي ربما يكون وراء نشاطهم المعلن.
شعار حركة السلام الأخضر
تلقى شارل هيرنو في بداية 1985، تقريرا من أجهزة الأمن في وزارته عن نشاط حركة السلام الأخضر يتضمن معلومات دقيقة ومفصلة عن أهداف حركة السلام الأخضر، وما تعد لانجازه في المستقبل القريب مثل القيام بمظاهرة سلمية كبرى في خريف 1985 بالقرب من جزيرة موروروا في المحيط الهادي تشارك فيها عشرات السفن والزوارق الصغيرة بهدف الحيلولة دون إجراء فرنسا تجارب نووية جديدة في تلك المنطقة.
سفينة رينبو واريور أثناء غرقها
ومع أن المعركة بين حركة السلام الأخضر والسلطات الفرنسية لم تبدأ بذلك للتقرير الذي قرأه شارل هيونو وإنما تعود إلى العام 1972 عندما على انتقادات الحركة للتجارب الفرنسية النووية في المحيط الهادي فإن السلطات الفرنسية أو هكذا توهمت كانت قد استطاعت احتواء نشاط الجماعة والحد منه دون أن تتخذ إجراءات من أي نوع.
شعار حركة السلام الأخضر
لكن التقرير بدّل نظرة هيرنو إلى تطورات الأحداث الأمر الذي استدعى في تقديره اتخاذ إجراءات أخرى أكثر تشددا ، أزعج الرجل أن الحركة تركز ملاحقاتها على التجارب النووية التي تجريها الدول الأخرى وهو ما يعد محاولة لإضعاف قدرة فرنسا النووية إما بحسن نية أو لحساب قوى أجنبية.
ونقلت بعض الصحف الفرنسية عن الوزير اتهاماته لحركة السلام الأخضر فنفت الحركة الاتهامات بشدة وأكدت أنها تحارب سلميا كل التجارب النووية بصرف النظر عن الدولة التي تتقدم بها.