موسيقى أفلام أحمد زكي .. كيف تميزت بسبب مركز البلينا سوهاج ؟

الأحد 18/نوفمبر/2018 - 05:00 م

وسيم عفيفي

ربما صدفة غريبة أن تكون محافظة سوهاج هي صاحبة نصيب الأسد من أسباب تميز أفلام أحمد زكي من خلال الموسيقى التصويرية، بل أحد أهم مخرجي أفلام أحمد زكي من محافظة سوهاج نفسها.

شفيقة ومتولي .. شوفت الفيلم طب سمعت الموال ؟

أفيش فيلم شفيقة ومتولي

كانت رائعة سعاد حسني شفيقة ومتولي هو الفيلم الفارق في مسيرة أفلام أحمد زكي فهو الفيلم الذي ثأر أحمد زكي فيه لكرامته حين تحدى المنتجين بعد رفضه في فيلم الكرنك وقال سأقوم بالتمثيل أمام سعاد حسني بطلا.
لم يتميز فيلم شفيقة ومتولي بمشاهده مثل الأغاني التي جاءت فيه ولعل أبرزها "بانو بانو على أصلكو بانو"، لكن أساس فيلم شفيقة ومتولي كان موال غناه حفني أحمد حسن.

حفني أحمد حسن

قامت قصة فيلم شفيقة ومتولي على الموال الذي غناه الحاج حفني أحمد حسن في الستينيات ورغم أن الحاج حفني من أسيوط، لكنه أصر أن يتعلم هذا الموال في سوهاج، حيث أن قصة شفيقة ومتولي تعود إلى مركز جرجا في سوهاج، فسافر إلى مركز البلينا آخر مراكز محافظة سوهاج وتعلم المقامات الموسيقية على يد القارئ عبده عبدالراضي.

عبده عبدالراضي

مزايا متعددة في موال شفيقة ومتولي أبرزها أن يقوم على فن الواو الصعيدي، وهي أن تكون الكلمات متشابهة في أشكالها لكنها مختلفة في معانيها الصعيدية تماما.

فمثلا قامت مقدمة الموال على كلمة "الماضي" لكن بمعاني مختلفة حيث تقول مقدمة الموال
وآديني هتكلم على متولي * كلام يشبه سلاح ماضي
من مؤلف على الورق ماضي * ودي حادثة من العهد الماضي
وجاءت كلمة ماضي هناك 3 مرات بمعاني مختلفة
فكلمة ماضي في جملة "سلاح ماضي" بمعنى سلاح متقدم وجاء من كلمة "المُضِي قدما"
أما ماضي في جملة "الورق ماضي" آتية من معنى "الإمضاء على الورق".
بينما ماضي الأخيرة في العهد الماضي بمعنى الزمان.
وفي مقطع آخر جاءت كلمة "الجُبْن" بتراكيب متعددة حيث قال الموال
"قاله كيه بتضربني يا جبان *روح ادفن نفسك جوة جبانة *آدي صورة اختك جوة جيبيآنا"
الجبان معروف لكن جاءت كلمة جبانة بمعنى المقبرة ثم دمج جيبي وأنا في كلمة واحدة لتكون جيبيآنا.

تنويحة فيلم الهروب .. القصة الحقيقية من قبل فيلم أحمد زكي

نجح مركز البلينا في توحيد عناصر الحضارات المختلفة في تتر فيلم الهروب الذي قام ببطولته أحمد زكي وأخرجه عاطف الطيب وهو من سوهاج، وربما لا تصدق أن كلمات تتر فيلم الهروب التي نشأت في مركز البلينا قد جمعت "الحضارة الفرعونية والعربية الجاهلية والصعيدية والحضارة الأوروبية"، فالذي سجل هذه التنويحة في الستينيات كان ألكساندرو تبريو واستعملها مودي الإمام في تتر الفيلم.

تقول كلمات تتر فيلم الهروب
يابكرتي الديار يا أم الجرس رنانة * اتخاض البحور ولا حيرانة
خشيت البلد لاقيت الطَرَات اللي رنا * فرحت أنا لمان ريت العِهَان ورانا
جييييه جيييييه
شديت للقعود شديتله في بيتنا * والله لجيب أنا الشيخ الركيب الضهرية والسُكنة تُبقى هنية
جييييه جيييييه
يا شمس غيبي ويا سفاين حلي * بلدي بعيدة وخاطري في محلي
أنا بامدح المليحِ وأمدح قبة خضرا والمسايك ريحي
جييييه جيييييه

البصمة الفرعونية في هذا التتر أن هذا الموال كان يُغَنَّى في معبد أبيدوس بمركز البلينا سوهاج والذي تنعقد فيه محاكمات العالم الآخر بالنسبة للحضارة المصرية القديمة.
على خلاف ما تذكره المواقع من أن كلمات تتر فيلم الهروب هي تنويحة صياد الصقور، فإن الأصل الحقيقي أن هذه التنويحة لرعاة الإبل الذين كانوا يستخدمون الجمال لنقل الذاهبين إلى معبد أبيدوس وعُرِف هذا الفن بـ "الحُداء".

أصل الحُداء عربي صرف واخترعه الجد السابع للرسول صلى الله عليه وسلم مضر بن نزار، وجاء اسم الحداء من كلمة التحديد حيث كان الراعي يحدد مسار قافلة الإبل بتلك الصرخات، ثم طورها العرب فبات الاسم تدويهة الرُجْز، والتدويهة تعني الصوت أما الرجز فجاءت اشتقاقا من بحر الرجز الذي طوره الفراهيدي وسمي الرجز لأنه اسم قذارة بعر البعير.

وترجمة كلمات تنويحة فيلم الهروب هي
"يابكرتي (يا جمل) الديار يا أم الجرس رنانة اتخاضي البحور ولا حيرانة
خشيت البلد لاقيت الطَرَات (جمع طيور بالصعيدي) اللي رنا (اللي سمعني من يرنو بمعنى طَرَب للشيء) فرحت أنا لمان ريت العِهَان ورانا (فرحت أنا لما رأيت الصوف ورانا)
جييييه جيييييه (أداة لـ نداء الإبل) .
شديت للقعود(سحبت مقعداً للجلوس) .. شديتله في بيتنا
والله لجيب أنا الشيخ الركيب الضهرية (الشيخ الذي يركب الجمل) السُكنة تُبقى هنية
جييييه جيييييه (أداة لـ نداء الإبل) .
يا شمس غيبي ويا سفاين حلي (سفاين هي سفن ويقصد بها الجمل كسفينة للصحراء وحلي بمعنى غادري) بلدي بعيدة وخاطري في محلي
أنا بامدح المليحِ (النبي) وأمدح قبة خضرا (قبة المسجد النبوي) والمسايك (جمع مسك) ريحي
جييييه جيييييه (أداة لـ نداء الإبل) "