تشكل عادات الأكل وطقوسه من الأمور اللافتة لعين الزائر الغريب لأي بلد يهبط إليها، حيث نقلت رحلات ابن بطوطة ثقافات مختلفة عن الموائد في مختلف البلاد التي زارها ولهذا السبب حظيت المائدة والأطعمة المقدمة عليها بنصيب كبير من كتابات الرحالة في العصور الوسطى فنقلوا لنا أصول بعض الأطعمة وطرق تجهيزها والتي مازلنا نأكلها إلى اليوم.

رحلات ابن بطوطة في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار

وقد وصل عن طريق رحلات ابن بطوطة عن البلاد التي زارها أنواع الأطعمة والولائم التي كانت جزءا من تاريخ المطبخ السلطاني أو مطبخ العامة ولم تعد معروفة الآن فالقارئ على سبيل المثال لكتابات ومشاهدات أبن بطوطة المسجلة في رحلته "تحفة الأنظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" يجد أن الأسواق والحانات والموائد العامة والولائم جزء أصيل من تجربته وترحاله من المغرب إلى المشرق واهتمامه الدقيق بتفاصيل الطعام وتجهيزه وتقديمه وربطه بالمناسبات التي يؤكل فيها نابع من رغبته في استكشافه هذه البلدان.

اقرأ أيضا : صور .. "بوابة المواطن" تنفرد بتوثيق جولة الرحالة المصري مصطفى حسين في آسيا

العراق وإيران في رحلات ابن بطوطة

استهدفت رحلات ابن بطوطة الكثير من البلدان  التي جاءت في كتاباته عن العراق وفارس ويعتبرا على وجه الخصوص  أكثر أهمية وثراء  من غيرهما، ويرجع ذلك إلى أنها كانت في ذلك الوقت زيارة ابن بطوطة تحت حكم دولة المغول التي أسسها هولاكو حفيد جنكيز خان وتحديدا في فترة حكم السلطان أبي "سعيد بهادرخان" فازدادت قيمة ما دونه حيث نقل لنا صورة حية عن المجتمعين الفارسي والعراقي في عهد "الدولة الايخانية" المغولية الأصل التي اعتنق أغلب حكامها الدين الإسلامي فطغت ثقافة الأرض وأهلها على الطابع المغولي الوافد.

السلطان المغولي غازان خان وتأسيسه لمدينة تبريز

ركزت رحلات ابن بطوطة  حيث مدينة "تبريز" عاصمة فارس ونزل بها ضيفا في ضاحية شنب غازان غازانية التي بناها السلطان المغولي المسلم محمود غازان خان وتجول في سوق غازان بين حوانيت الحرير والعنبر والمسك والعطارة والتوابل الهندية، لينقل من هناك الثقافات المتعددة والمختلفة للأكل.  

ثقافة الطعام الفارسية بين التقاليد والمناسبات

وثقت رحلات ابن بطوطة انطباعاته عن ثقافة الطعام الفارسية التي قد ارتبط بعضها بتقاليد ومناسبات دينية منها ولائم عيدي الفطر والأضحى وصلاة الجمعة وعاشوراء وإفطار شهر رمضان وحلقات الذكر الصوفية وغيرها من الأحداث والمناسبات الدينية التي كان الطعام جزءا أصيلا من شكلها العام في العالم الإسلامي بصفة عامة ومن المجتمع الفارسي بصفة خاصة.

كيف اعتمدت ابن بطوطة على المساجد في مغامراته؟

 اعتمدت رحلات ابن بطوطة  على بيوت العبادة لاسيما المساجد  فما من مسجد إلا ودخل فيه ليأكل أو يشرب ويأكل فيه نوع الطعام إلا وقارنه بنوع أخر مشابه له  في مدينة أخرى الذي كان اغلبه من اللحم الضأن والأرز وقد اختلفت طريقة إعداده من بلد إلى أخرى وبطريقة إلى أخرى. 

تجولت رحلات ابن بطوطة  إلى محلة الشام غازان خان، والتي ذكرها الوزير الطبيب الشهير "رشيد الدين الهمداني" والمسافرين وهو ما استفاد منه ابن بطوطة أثناء رحلته من تبريز إلى بغداد، فقد اختلف الحال كثيرا من رحلة ابن بطوطة في النصف الأول من القرن الثامن الهجري إلى رحلة في القرن الحادي والعشرين فعلى خطى ابن بطوطة .

كانت رحلات ابن بطوطة في البلاد الإسلامية وغيرها تعتبر تدوين واكتشاف للثقافات حول البلاد، لكن يعاب عليه أنه في كل بلد سافر إليه تزوج من امرأة هناك فأنجب منها، وما أن تنتهي رحلته بهذه البلد إلا وترك زوجته وأطفاله في بلدها  وأخذ نفسه من الترحال إلى ترحال أخر فتزوج بأخرى وكرر نفس التجربة السيئة وإن حسب عدد زوجاته لوجدنا أن كل بلد تحمل ذرية له.