في ذكراه .. كيف كان إحسان عبدالقدوس جزءا من خطة عبدالناصر الإعلامية ؟
الثلاثاء 01/يناير/2019 - 05:01 م
وسيم عفيفي
طباعة
ربما لم يكن يتوقع إحسان عبدالقدوس أن يحقق العدد 1459 من روز اليوسف، مبيعات تفوق كل الصحف القومية المدعومة من جمال عبدالناصر في ذلك الوقت.
مسيرة إحسان عبدالقدوس
مسيرة إحسان عبدالقدوس
إحسان عبدالقدوس
ولد إحسان عبدالقدوس في 1 يناير عام 1919، وهو ابن السيدة روز اليوسف مؤسسة مجلة "روز اليوسف" الشهيرة و"مجلة صباح الخير"، ووالده هو محمد عبد القدوس الذي كان ممثلا ومؤلفا.درس إحسان في مدرسة خليل آغا بالقاهرة 1927-1931م، ثم في مدرسة فؤاد الأول بالقاهرة 1932م-1937م، ثم التحق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وتخرج من كلية الحقوق عام 1942م وفشل أن يكون محامياً.
نشأ إحسان عبد القدوس في بيت جده لوالده الشيخ رضوان والذي كان متدينا جداً وكان يفرض على جميع العائلة الالتزام والتمسك بأوامر الدين وأداء فروضه والمحافظة على التقاليد، بحيث كان يُحرّم على جميع النساء في عائلته الخروج إلى الشرفة بدون حجاب.
وفي الوقت نفسه كانت والدته سيدة متحررة تفتح بيتها لعقد ندوات ثقافية وسياسية يشترك فيها كبار الشعراء والأدباء والسياسيين ورجال الفن.
كتب عبد القدوس أكثر من ستمائة قصة، تحول 49 رواية منها إلى نصوص للأفلام و5 روايات تم تحويلها إلى نصوص مسرحية و9 روايات أصبحت مسلسلات إذاعية و10 روايات تم تحويلها إلى مسلسلات تليفزيونية إضافة إلى 65 كتابا من رواياته ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والأوكرانية والصينية والألمانية.
ومن أهم أعماله: "لن أعيش في جلباب أبي"، "يا عزيزي كلنا لصوص"، "وغابت الشمس ولم يظهر القمر"، "رائحة الورد وأنف لا تشم"، "ومضت أيام اللؤلؤ"، "لون الآخر"، "الحياة فوق الضباب".
تولى إحسان عبد القدوس رئاسة تحرير مجلة روز اليوسف، بعد ما نضج في حياته، وكانت له مقالات سياسية تعرض للسجن والمعتقلات بسببها، ومن أهم القضايا التي طرحها قضية الأسلحة الفاسدة التي نبهت الرأي العام إلى خطورة الوضع، وقد تعرض إحسان للاغتيال عدة مرات، كما سجن بعد الثورة مرتين في السجن الحربي وأصدرت مراكز القوى قراراً بإعدامه.
حياة عبد القدوس كانت حافلة بالجوائز والتكريمات، والتي كان منها منحه الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، كما منحه الرئيس محمد حسني مبارك وسام الجمهورية، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1989.
موقف إحسان عبدالناصر في أزمة صحفي ناصر بإسرائيل
جمال عبدالناصر
لم يتميز عدد روز اليوسف في 28 مايو سنة 1956 م، بأي محتوى خبري مقارنةً ببقية الجرائد، فالكل يمجد في جمال عبدالناصر وجهوده في محاولات الحصول على تمويل للسد العالي، وربما محمد حسنين هيكل في عاموده بالأهرام يتنبأ بأن الغرب لن يسمح بالتمويل وعلى عبدالناصر أن يتخذ قرارًا لتنفيذ المشروع.
قصة واحدة في روز اليوسف هي التي لاقت الأصداء وتسببت في كثرة المبيعات، وهي حكاية إبراهيم عزت مراسل مجلة روز اليوسف والذي تمكن من خداع إسرائيل، حيث دخل إلى أراضيها بجواز سفر برازيلي، ونجح في التعرف على المجتمع الإسرائيلي عسكريًا وسياسيًا.
قصة واحدة في روز اليوسف هي التي لاقت الأصداء وتسببت في كثرة المبيعات، وهي حكاية إبراهيم عزت مراسل مجلة روز اليوسف والذي تمكن من خداع إسرائيل، حيث دخل إلى أراضيها بجواز سفر برازيلي، ونجح في التعرف على المجتمع الإسرائيلي عسكريًا وسياسيًا.
إحسان عبدالقدوس - جمال عبدالناصر
الصحيح في هذا الخبر هو أن فعلًا إبراهيم عزت سافر لإسرائيل، والغير صحيح هو ما حكاه إحسان عبدالقدوس، لكن الأخير لم يكن يجرؤ أن يقول شيئًا غير هذا، لأن الحقيقة لو قالها سيسبب لنفسه أزمة أشد مما تعرض لها سنة 1948 م حين كشف الأسلحة الفاسدة.
وكانت الحقيقة، أن صحفي روز اليوسف، سافر إلى إسرائيل بتكليف من الرئيس جمال عبدالناصر لمعرفة ما يدور في إسرائيل من خلال رؤية مصرية لا أجنبية، وربما كانت هناك أهداف قومية كان يريدها عبدالناصر من خلال هذه الزيارة.
صلة إبراهيم عزت بإسرائيل لم تكن وثيقة بنفس المقدار الذي تتسم به علاقته مع المخابرات المصرية، لكنه كان في لندن والتقى بالصحفي كينيث ليف، مراسل النيويورك تايمز والذي بدوره عرفه على دبلوماسيين إسرائيليين هناك.
عرض الدبلوماسيين الإسرائيليين على إبراهيم عزت، السفر إلى إسرائيل والالتقاء بقادتها الذين كانوا يريدون إيجاد حلقة اتصال مع جمال عبدالناصر بعد سقوط شبكة التجسس الإسرائيلية في مصر والمعروفة تاريخيًا باسم "فضيحة لافون".
أجرى إبراهيم عزت اتصالاته بالقاهرة، عن طريق ثروت عكاشة الملحق العسكري المصري في باريس، وكشف له عن المقابلة، وبدوره نقل ثروت عكاشة ما دار بين إبراهيم عزت والقائم بأعمال السفير الإسرائيلي بلندن إلى جمال عبدالناصر.
ووافق جمال عبدالناصر على سفر إبراهيم عزت إلى إسرائيل، لكن بجواز سفر غير مصري، وتم ذلك، وحاز على جواز سفر برازيلي باسم "جورج إبراهيم حبيب"، وسافر إلى إسرائيل من مطار باريس ونزلت طائرته في مطار اللد ـ بن جوريون حاليًا، والتقى عددًا من المسئولين الإسرائيليين هناك والذين بدورهم رتبوا له لقاءً مع بن جوريون نفسه.
في لقاء إبراهيم عزت بـ "دافيد بن جوريون" رئيس وزراء إسرائيل، اتسمت الجلسة بالاريحية، وقال بن جوريون "أنا مستعد للتفاهم من عبدالناصر إن طلب ذلك، ومستعد أن أقابله في الزمان والمكان الذي يحدده هو، ولن أقدم شروطًا مسبقة، ولن يتم إذاعة أي شيء عن كلامي معه، أنا مستعد للتفاهم وعقد الحل معه كما يحدد هو".
وكانت الحقيقة، أن صحفي روز اليوسف، سافر إلى إسرائيل بتكليف من الرئيس جمال عبدالناصر لمعرفة ما يدور في إسرائيل من خلال رؤية مصرية لا أجنبية، وربما كانت هناك أهداف قومية كان يريدها عبدالناصر من خلال هذه الزيارة.
صلة إبراهيم عزت بإسرائيل لم تكن وثيقة بنفس المقدار الذي تتسم به علاقته مع المخابرات المصرية، لكنه كان في لندن والتقى بالصحفي كينيث ليف، مراسل النيويورك تايمز والذي بدوره عرفه على دبلوماسيين إسرائيليين هناك.
عرض الدبلوماسيين الإسرائيليين على إبراهيم عزت، السفر إلى إسرائيل والالتقاء بقادتها الذين كانوا يريدون إيجاد حلقة اتصال مع جمال عبدالناصر بعد سقوط شبكة التجسس الإسرائيلية في مصر والمعروفة تاريخيًا باسم "فضيحة لافون".
أجرى إبراهيم عزت اتصالاته بالقاهرة، عن طريق ثروت عكاشة الملحق العسكري المصري في باريس، وكشف له عن المقابلة، وبدوره نقل ثروت عكاشة ما دار بين إبراهيم عزت والقائم بأعمال السفير الإسرائيلي بلندن إلى جمال عبدالناصر.
ووافق جمال عبدالناصر على سفر إبراهيم عزت إلى إسرائيل، لكن بجواز سفر غير مصري، وتم ذلك، وحاز على جواز سفر برازيلي باسم "جورج إبراهيم حبيب"، وسافر إلى إسرائيل من مطار باريس ونزلت طائرته في مطار اللد ـ بن جوريون حاليًا، والتقى عددًا من المسئولين الإسرائيليين هناك والذين بدورهم رتبوا له لقاءً مع بن جوريون نفسه.
في لقاء إبراهيم عزت بـ "دافيد بن جوريون" رئيس وزراء إسرائيل، اتسمت الجلسة بالاريحية، وقال بن جوريون "أنا مستعد للتفاهم من عبدالناصر إن طلب ذلك، ومستعد أن أقابله في الزمان والمكان الذي يحدده هو، ولن أقدم شروطًا مسبقة، ولن يتم إذاعة أي شيء عن كلامي معه، أنا مستعد للتفاهم وعقد الحل معه كما يحدد هو".
جمال عبدالناصر
انتهت الجلسة بين دافيد بن جوريون وإبراهيم عزت، ولم تكد طائرة الأخير تنزل القاهرة حتى نشر الصحفي اللبناني الكبير سعيد فريحة وصديقه سليم اللوزي خبر زيارة إبراهيم عزت إلى إسرائيل بتكليف من جمال عبدالناصر.
اضطر إحسان عبدالقدوس إلى تأليف هذه القصة في روز اليوسف، بينما لم يشير إبراهيم عزت في مقاله الذي كتبه سنة 1983م، في مجلة المجلة اللندنية عن كيفية تسريب خبر سفره إلى إسرائيل للصحفيين اللبنانيين، لكنه أكد أن صحفيًا كبيرًا ومقربًا من جمال عبدالناصر هو الذي سرب الخبر، ولم يذكر اسمه.
انتهى مشروع الاتصال مع إسرائيل طيلة أسابيع، حتى التقى عبدالناصر بسعيد فريحة في منزله وعرض عليه السفر مجددًا لإسرائيل من أجل جس نبضهم تجاه مشروع جمال عبدالناصر في الشرق الأوسط.
ووافق إبراهيم عزت على السفر بعد انتهاء الضجة، وراح عبدالناصر يخطط للرد على دافيد بن جوريون، غير أن الأخير قتل أي فكرة اتصال مع جمال عبدالناصر، حيث فضل الركوب في مظلة العدوان الثلاثي على مصر في أكتوبر من العام 1956م.