"حتى لا ننسى" في ذكرى وضع حجر أساس السد العالي .. ما قصة تهجير النوبة ؟
الثلاثاء 08/يناير/2019 - 02:33 م
وسيم عفيفي
طباعة
يوافق اليوم الثلاثاء 8 يناير، ذكرى وضع حجر الأساس للسد العالي، والذي تم بحضور الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وقيادات الري المصرية والروسية.
تهجير النوبة
انتقل المتمسكون بأرضهم إلى الجبال وهاجر البعض إلى جنوب الوادي وشماله طلبا للحياة ، وفضل الكثيرون اللجوء إلى بعض المواقع في أرض النوبة كتوشكى وعنيبة بأعداد غفيرة ، وانتشر آخرون في القرى الجنوبية حتى قرية أدندان .
ببناء السد العالي عام 1964 ارتفع منسوب النيل أمامه إلى 182 متر مكونا واحدة من أكبر البحيرات في العالم إذ يبلغ طول البحيرة أمام السد 500 كيلو متر ، ومتوسط عرض البحيرة 14 كيلو متر ويصل في بعض المواقع إلى 25 كيلو متر ، وعمقها 97 متر ومسطحها 5000 كيلو متر مربع .
هذا هو السد الذي استقرت النوبة شماله وجنوبه بمساكنها وأراضيها وموروثاتها وما حوت بين طياتها من حضارة لم يتوصل الآثريون إلى الكثير من أسرارها حتى الآن .
في أبريل 1961 بدأت اللجنة المؤقتة للسد العالي لتهجير أهالي النوبة أولى إجتماعاتها مع الإستعانة بالبحوث الميدانية والتي كانت نتائجها هي الركيزة الأولى لكل عمليات التهجير .
وقد صدر 12 قرارا جمهوريا ووزاريا لتنظيم عملية التهجير ، وقد استغرقت عملية التهجير 8 أشهر ، بدءا من قرية دابود في 18 أكتوبر 1963 وإنتهاءا بقرية أبو حنظل في 20 يوليو 1964 .
استغرقت رحلة الفوج الواحد ثلاثة أيام في المتوسط من مسقط الرأس إلى الموطن الجديد .
عدد البواخر التي استخدمت لنقل الأهالي والحيوانات ومتعلقاتهم 28 وحدة مصرية بالإضافة إلى 6 وحدات سودانية استؤجرت من السودان، بينما عدد الرحلات التي تمت من أرض النوبة إلى الشلال 158 رحلة نيلية ، وتم تشغيل 10 أتوبيسات لنقل الأهالي من الشلال للموطن الجديد في 1350 رحلة برية ، كما تم تشغيل 10 سيارات نقل للأثاث والحيوانات في 3645 رحلة .
عدد الذين تم تهجيرهم 55698 فردا ، وقد تقلصت مساحة الأرض في النوبة الجديدة إلى أقل من 13 % من المساحة في النوبة القديمة ( من 350 كيلو متر إلى 45 كيلو متر فقط ) .
قال أحد شهود العيان أحد الموظفين : "عشنا أكثر من قصة وشاهدنا أكثر من دراما .. عندما اقتربت ساعة الرحيل من الأرض التي عليها عاشوا وقبلهم أجدادهم عبر آلاف السنين .. العيون دامعة في ذهول والوجوه شاحبة والأنفاس متقطعة والمنظر أمامنا يحكي قصة حب أطرافها النيل والأرض"
باتت قرية دابود أولى القرى التي تم تهجيرها ساهرة تتطلع إلى مطلع الشمس في 18 أكتوبر 1963 وأبنائها جماعات وأفراد على قمم الجبال المحيطة بالقرية تلفهم أردية الظلام يلقون النظرة الأخيرة على أرضهم والنوبيات بأزيائهن القاتمة يزرن في عتمة الليل مقابر الأهل ساهمات باكيات والحزن يكسو الوجوه .
ومع مطلع الفجر توافد الناس بخطوات كسولة وموظفوا إدراة التهجير يستعجلون المتأخر ويبحثون عن الغائب ، وخلا الشاطئ تماما من كل أثر للحياة البشرية ، وبدأ سير الباخرة وهي تطلق صفيرا كأنه صوت بكاء انعكس في الديار الخالية ، لقد كان مشهد أول فوج يبارح المنطقة مهيبا ومحزنا .
جزء هام من النوبة هجر عنها سكانها الذين عمروها لآلاف السنين وأقاموا بها حضارات عريقة عرفت بإسمهم وكانت أولى الحضارات الأفريقية ، لقد كان من الطبيعي أن تنمو تلك الحضارة وتزدهر لاستقرار أهلها على ضفاف النهر الخالد في علاقة أخذ وعطاء ، علاقات تكاملية مستقرة ولكنها متجددة في كل عام يفيض فيه النيل وينحسر ، فقد كان تفاعل النوبيين عطاءا وإثراءا للحياة
إن الاستقرار الذي يأتي من علاقة السكان بالنيل في تلك المنطقة هو الذي أدى إلى نمو حضارات النوبة ، فالمجموعات المستقرة هي وحدها التي توفر الوقت لتطور حياتها إلى ما هو أبعد من أمور العيش
ببناء السد العالي عام 1964 ارتفع منسوب النيل أمامه إلى 182 متر مكونا واحدة من أكبر البحيرات في العالم إذ يبلغ طول البحيرة أمام السد 500 كيلو متر ، ومتوسط عرض البحيرة 14 كيلو متر ويصل في بعض المواقع إلى 25 كيلو متر ، وعمقها 97 متر ومسطحها 5000 كيلو متر مربع .
هذا هو السد الذي استقرت النوبة شماله وجنوبه بمساكنها وأراضيها وموروثاتها وما حوت بين طياتها من حضارة لم يتوصل الآثريون إلى الكثير من أسرارها حتى الآن .
في أبريل 1961 بدأت اللجنة المؤقتة للسد العالي لتهجير أهالي النوبة أولى إجتماعاتها مع الإستعانة بالبحوث الميدانية والتي كانت نتائجها هي الركيزة الأولى لكل عمليات التهجير .
وقد صدر 12 قرارا جمهوريا ووزاريا لتنظيم عملية التهجير ، وقد استغرقت عملية التهجير 8 أشهر ، بدءا من قرية دابود في 18 أكتوبر 1963 وإنتهاءا بقرية أبو حنظل في 20 يوليو 1964 .
استغرقت رحلة الفوج الواحد ثلاثة أيام في المتوسط من مسقط الرأس إلى الموطن الجديد .
عدد البواخر التي استخدمت لنقل الأهالي والحيوانات ومتعلقاتهم 28 وحدة مصرية بالإضافة إلى 6 وحدات سودانية استؤجرت من السودان، بينما عدد الرحلات التي تمت من أرض النوبة إلى الشلال 158 رحلة نيلية ، وتم تشغيل 10 أتوبيسات لنقل الأهالي من الشلال للموطن الجديد في 1350 رحلة برية ، كما تم تشغيل 10 سيارات نقل للأثاث والحيوانات في 3645 رحلة .
عدد الذين تم تهجيرهم 55698 فردا ، وقد تقلصت مساحة الأرض في النوبة الجديدة إلى أقل من 13 % من المساحة في النوبة القديمة ( من 350 كيلو متر إلى 45 كيلو متر فقط ) .
قال أحد شهود العيان أحد الموظفين : "عشنا أكثر من قصة وشاهدنا أكثر من دراما .. عندما اقتربت ساعة الرحيل من الأرض التي عليها عاشوا وقبلهم أجدادهم عبر آلاف السنين .. العيون دامعة في ذهول والوجوه شاحبة والأنفاس متقطعة والمنظر أمامنا يحكي قصة حب أطرافها النيل والأرض"
باتت قرية دابود أولى القرى التي تم تهجيرها ساهرة تتطلع إلى مطلع الشمس في 18 أكتوبر 1963 وأبنائها جماعات وأفراد على قمم الجبال المحيطة بالقرية تلفهم أردية الظلام يلقون النظرة الأخيرة على أرضهم والنوبيات بأزيائهن القاتمة يزرن في عتمة الليل مقابر الأهل ساهمات باكيات والحزن يكسو الوجوه .
ومع مطلع الفجر توافد الناس بخطوات كسولة وموظفوا إدراة التهجير يستعجلون المتأخر ويبحثون عن الغائب ، وخلا الشاطئ تماما من كل أثر للحياة البشرية ، وبدأ سير الباخرة وهي تطلق صفيرا كأنه صوت بكاء انعكس في الديار الخالية ، لقد كان مشهد أول فوج يبارح المنطقة مهيبا ومحزنا .
جزء هام من النوبة هجر عنها سكانها الذين عمروها لآلاف السنين وأقاموا بها حضارات عريقة عرفت بإسمهم وكانت أولى الحضارات الأفريقية ، لقد كان من الطبيعي أن تنمو تلك الحضارة وتزدهر لاستقرار أهلها على ضفاف النهر الخالد في علاقة أخذ وعطاء ، علاقات تكاملية مستقرة ولكنها متجددة في كل عام يفيض فيه النيل وينحسر ، فقد كان تفاعل النوبيين عطاءا وإثراءا للحياة
إن الاستقرار الذي يأتي من علاقة السكان بالنيل في تلك المنطقة هو الذي أدى إلى نمو حضارات النوبة ، فالمجموعات المستقرة هي وحدها التي توفر الوقت لتطور حياتها إلى ما هو أبعد من أمور العيش