صور| بوابة المواطن ترصد انتهاك حرمة الأموات بالشرقية.. واستغاثات من العالم الآخر
الثلاثاء 29/يناير/2019 - 08:00 م
تقرير : أحمد محمود
طباعة
فى عتمة الظلام وساعات متأخرة من الليل يترددون على القبور يوميًا كل مساء؛ لاحتساء الخمور، وتعاطي المخدرات، واقتسام المسروقات، وارتكاب المحرمات دون احترام لحرمة الأموات.. شيئا فشيئا تحول المكان لمأوى للحيوانات الضالة واللصوص والخارجين على القانون ليرتكبوا فيها ما لا يخطر بالبال.
فعلى بعد 17 كيلومترًا من مدينة الزقازيق عاصمة محافظة الشرقية يقع مركز ومدينة الإبراهيمية الذى تعانى مدافنه من الإهمال لكونها مظلمة وفى منطقة نائية بها عدد قليل من السكان، دون أن يستجيب مسئولو رئاسة الحى لشكواهم المتكررة؛ لإنقاذهم من خطورة "زوار الليل" المترددين على المكان، ليستتروا فيه أثناء ارتكاب خطاياهم، دون أن يستشعروا أنهم سيصيرون إلى نفس المصير.
فالمكان يبعث بالوجوم والأشجار العالية تحيط جميع جوانبه والهدوء يعم كل نواحيه، و"السرنجات" وأشرطة "العقاقير المخدرة" وأوراق "البفرة" وكانزات "البيره" ملقاة فى كل مكان على أرضيته، نتيجة فضلات السهرات المحرمة كل مساء، فضلا عن جدران المدافن التى استغلها البعض فى الكتابة عليه باستخدام "رش الإسبراى والطلاء" وكل ذلك يتم فى ظل انعدام الوجود الأمنى أو تعيين خفير على المكان لحراسته وحماية الجثث المدفونة حديثا من السرقة أو التعرض لأى مكروه خاصة فى ظل أن الكلاب والحيوانات الضالة تتخذ المكان ملاذا وتعيش وتلد فيه بصورة طبيعية.
محمود كامل 45 عاما أحد المتطوعين بدفن جثث موتى المسلمين بالبلدة قال لـ"بوابة المواطن": "أنا شغال لوجه الله وبدفن الجثث فى ترب البلد بقالى سنين.. وكل يوم انا والأهالى اركب لمبات إنارة فى العواميد على نفقتنا الخاصة وييجى العيال الشمامين" يكسروها عشان يقعدوا فى الضلمه ويعملوا اللى بيعملوه والمكان مقطوع وأنا بكون لوحدى وأحيانا باجى أمر على المكان بالليل وخصوصا فى الاوقات اللى بيكون مدفون فيها ميت جديد عشان محدش يسرق جثته ويبيعها بالطرق "الشمال" وبسمع أصوات غريبة ومببقاش شايف مين اللى جوه وبخاف أدخل لأنى بكون أعزل ومعرفش ايه اللى مستنينى إن كان إنس ولا جن.
وأضاف كامل: روحت لرئاسة المدينه أكتر من مرة أقولهم هاتوا لمبات وركبوها على حسابكم ويريت تهتموا شوية بالمقابر عشان الميت ليه حرمة وقالولى حاضر وبعدها محدش سأل فيا وسابو "الوضع كما هو عليه" لحد ما المكان أصبح مخيف وممكن فى أى لحظه اللصوص ومتعاطى المخدرات يقطعوا الطريق اللى بره ويسرقوا اللى رايح واللى جاى ومحدش هيعرف يوصلهم ده غير إن المكان مهيأ لارتكاب أى جريمة ومحدش هيسمع فيه صوت "صريخ إبن يومين".
وتابع: زمان من كام سنة طلبنا تعيين حراسة على الجبانه من الشرطة وبالفعل جه خفير قعد يومين ومشوفناش وشه تانى وبعدها سمعنا كلام كتير من الناس.. اللى قال إنه شاف عفاريت واللى قال خاف من المكان عشان بيكون لوحده واللى قال إن البلطجية هددوه وبعدها بوابات أحواش المقابر اتسرقت وحنفيات المياه اللى بنسقى منها الصبار اتنشلت ده غير الزبالة اللى بنلمها من حوالين الترب وكميات فوارغ الخمور وعلبالسجائر وحقن الماكس وقال غاضبا: إحنا فى أزمة محتاجة حل فى أسرع وقت عشان حماية المكان ده لأن الناس مبقاش عندها تمييز بين حى وميت.
وفى سياق متصل طالب العشرات من أهالي البلدة من اللواء جرير مصطفى مساعد وزير الداخلية لأمن الشرقية بتعيين حراسة أمنية على المكان للتصدى لكل صور العبث والخروج على القانون التى تحدث فيه خلال فترة الليل وضبط كل من تسول له نفسه بارتكاب مثل هذه الأفعال فى هذا المكان باعتباره "دار الحق" حفاظا على حرمة الموتى وعدم تدنيس رفاتهم تحت احذية ما أسموهم بـ"شياطين الإنس"، حسب وصفهم.
أعمال سفلية وسحر أسود فى المقابر
عثر أهالى قرية الديدامون التابعة لمركز ومدينة فاقوس بمحافظة الشرقية خلال الفترة الماضية، على ثلاث ورقات فى المقابر تحتوي على صورة مطبوعة فتاة يبلغ عمرها حوالى عشرين عاما ومكتوب عليها "طلاسم غريبة" عبارة عن حروف وأرقام باللون الآحمر، الآمر الذى أغضب العديد من أبناء البلدة وأثار حفيظتهم من هذه الأفعال الخبيثة التي يرتكبها المهووسين بالدجل وأتباع المشعوذين.
ومن خلال فحص ما سموه "العمل السفلى" المعثور عليه تبين أن الغرض من عباراته المكتوبة هو التفريق بين زوجين أو تدمير علاقة عاطفيه لشخصين بغرض إشباع غريزة انتقام فاعله منهما، فى حين قال سكان البلدة لـ" بوابة المواطن" إن هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها وسبق لهم العثور على مثل هذه الأشياء الغريبة مرات متكررة وبأشكال مختلفة، ولكن تكون ملقاة على طرح المجارى المائية والترع والمصارف وأحيانا معلقة فى الأشجار وفى أماكن غريبة.
و رجحوا أن يكون هذا السحر المكتوب كان موضوعًا مع شخص متوفى داخل أحد المقابر أو ربما سقط من مدبره قبل أن يدفنه معه، مؤكدين أنهم عزموا على الإمساك بمن يرتكب مثل هذه الأفعال المخالفة للقيم والمبادىء وتسليمه للعدالة.
كما نشر أهالى القرية صور "السحر" المعثور عليه فى المقابر عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعى فى محاولة منهم للتعرف على هوية الضحية وإبلاغ أهلها وذويها وتنبيه فتيات البلدة من وضع صورهن الشخصية على حساباتهن تحسبا لإستخدامها فى ما يلحق الضرر بهن.
الرقص على جثث الموتى
حالة من الجدل تنتاب نفوس نسبة كبيرة من أهالي محافظة الشرقية فى شهر مايو من كل عام، بعدما انتشرت صورًا وفيديوهات عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، يظهر فيها احتفال العشرات من الأشخاص، المنتسبين للطرق الصوفية ليلًا، بمناسبة إحياء ذكرى مولد "الشيخ السيد الحدقي"، بوسط مقابر مدينة القرين خلال تلك الفترة، على أصوات "الموسيقى الصاخبة"، و انغام "الطبل والمزمار"، وسط حالة من "الهرج والمرج"، وموجه من التراقص والتمايل الجسدي، دون احترام لحرمة الأموات، ثم انخراط المشاركين بالحفل في تلاوة الأذكار، وتقديس المشايخ والصالحين.
كما نصبت الخيام بمحيط الاحتفال، وحرصت نسبة كبيرة من المنتسبين لهذه الطرق، على المشاركة في المولد، وجاءوا من أحياء وأقاليم مختلفة من القرى، وغيرها من البلدان والمحافظات المجاورة، لإحياء ذكرى مولد "الشيخ السيد الحدقي"، والتي شهدت خلالها ساحة المولد بمقابر القرين، انتشارًا مُكثفًا للباعة الجائلين، لبيع الحمص والمسك والبخور والسبح والعطور والألعاب، ما أثار اندهاش نسبة كبيرة من المواطنين الذين تعجبوا من قيام المنتسبين لهذه الطرق بالاحتفال بمثل هذه الأماكن التي يقصدها الناس للاتعاظ من رهبة الموت وعظمة الله، واعتبروا فعتلهم بدعة قائلين: "نسأل الله عز وجل الهداية لنا ولهم"، لأن الموتى لهم حرمة لا ينبغي أبدًا الاعتداء عليها بأي شكل من الأشكال.
وعلى الجانب الآخر، اعتبر نسبة من أهالي البلدة، أن الاحتفال كان عاديًا جدًا لأن التصوف الإسلامي، هو اتباع لنهج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وله باع طويل في التغيير والتجديد قائلين إن عظماء الإسلام أصل منهجهم صوفي، وأبرزهم القراء السبع لكتاب الله، والكثير من المفسرين لكتاب الله منهم "النسفي، القرطبي، بن كثير... إلخ».
وبرروا وجود الشباب بالصور والفيديو بأنهم ليسوا صوفيين، ولكنهم أعجبهم الذكر وأحبوا الوجود وسط هذه الفعالية من باب الود والحب، خاصة أن المكان ليس به راقصة أو مخدرات!؟
تنظيف مقابر التلين بالجهود الذاتية
نظم العشرات من اهالى قرية التلين التابعة لمركز ومدينة منيا القمح بمحافظة الشرقية خلال هذه الفترة حملة مكبرة استهدفت رفع أكوام القمامة والقاذورات المتراكمة بمحيط حرم مقابر المسلمين بالقرية وإنارة الطرق المؤدية إليها وتمهيدها للمارة بجهودهم الذاتية.
كما دشنوا العديد من المعارض التى تحتوى على الملابس والمواد الغذائية التموينية بمختلف أنواعها لمنحها للفقراء والمواطنين البسطاء ومحدودى الدخل بالمجان فى إطار التكافل المجتمعي بين أبناء الوطن الواحد ووقوف كل منهم إلى جانب الآخر فى ظل الظروف الإقتصاديةالصعبة وغلاء الأسعار الذي تشهده البلاد.
مخالفة بناء فى المقابر
شنت رئاسة مركز ومدينة الحسينية بمحافظة الشرقية خلال العام الماضى حملة مكبرة بمعاونة الإدارة الزراعية وقسم حماية الأراضي ومركز الشرطة استهدفت الإزالة الفورية للتعديات على الأرض الزراعية بناحية الحسينية ثاني، والحالة عبارة عن بناء عدد 2 سور مخالف علي حرم مقابر المسلمين والسور الأول بطول 35 مترًا للمواطن المخالف محمد سلامة على سلامة والمواطن المخالف الثاني عثمان أحمد علي سلامه بطول 45 مترا طوليا، وقد قامت الحملة بإزالة تلك التعديات نهائيًا وذلك حفاظًا علي الرقعة الزراعية ببندر مدينة الحسينية والوحدات المحلية التابعة وذلك تاكيدا لقوة وهيبة الدولة حتي تظهر الدولة بالمظهر الحضارى اللائق.
ومن جانبه شدد السيد رئيس المدينة على ضرورة تكثيف حملات الإزالة على الأراضي الزراعية وكذلك على أراضي أملاك الدولة للحفاظعلى أملاك الدولة والرقعة الزراعية داخل مدينة الحسينية.
