صور| الأحياء يزاحمون الأموات في كفر صقر بالشرقية
الثلاثاء 12/فبراير/2019 - 04:42 م
احمد محمود
طباعة
حين تطأ قدماك منطقة مساكن حى النصر بمدينة كفر صقر بمحافظة الشرقية ستجد نفسك أمام مقابر "الشيخ الآربعين".. قف للحظات، وتأمل ما حولك، ستجد عشرات الأسر يعيشون بين المقابر، تعودوا على رؤية المشاهد الجنائزيه بين كل حين وآخر، يجاورون الموتى ويجلسون على أعتابهم يتسامرون في المساء ويلعب أطفالهم "الإستغمايه" بين أرجاء المدافن دون خوف، لكنهم يمثلون "طبقة تعيسة" من السكان يزداد عددها ومشاكلها يوما بعد يوم، وتعيش في ظروف مخزية وحزين.
قام محرر "بوابة المواطن الإخباريه" بزيارة حي النصر بمدينة كفر صقر، والتقى بعدد من الأهالي هناك، وقضى معهم يوما كاملا بين الشواهد الصماء، لرصد أزمتهم فتقول الحاجه "زينب محمد" 77 عاما: كنت أحد سكان الحي منذ 8 سنوات ولكننى غادرته لأننى أعتبره " مشئوما" خاصة وأن أبنائي وأحفادي كان لديهم اعتقادا بأن "الجن والعفاريت" يلاحقونهم أينما ذهبوا، فانتقلت للسكن وسط المدينه خوفا عليهم من التعرض للأذى أو الإصابة بالآمراض النفسيه.
الحاجة زينب محمد تروي قصتها مع المقابر
وأضافت: " هنا الناس غلابه وكلهم على قد حالهم ويعتبر عايشين ومش عايشين بس اتولدوا واتربوا فى المكان واتعودوا على الهدوء وراحة البال اللى فيه وأصبح عندهم أجمل من السكن فى الزحام ومجاورة الاحياء اللى طول الوقت بيتخانقوا مع بعض ويعملوا "دوشه" ومشاكل عالفاضى والمليان".
يقول وليد عادل 16 عاما: " أعيش بالقرب من مقبرة والدي رحمه الله وأثناء خروجى من منزلى وذهابى للمدرسه كل صباح "أمر أصبح عليه وأقراله الفاتحه وكأنه مجاورنا وساكن فى بيت قدامنا".
وأوضح أن " الحياة تسير بشكل طبيعى بعيدا عن الضوضاء وزحام السيارات التى نادرا ما تمر من هنا، اما فى المساء يعم الهدوء على أرجاء المكان ويصبح مخيفا ولا يعلوا صوتا على صوت حفيف الآشجار التى تحاوطه ولا يبقى فى الشارع سوى الكلاب والقطط والحيوانات الضاله، بس فى الوقت ده بلم صحابى الشباب وبنروح نقعد عند عتبة تربة الشيخ الآربعين نعمل شاى ونسهر نونس الناس اللى رايحه وجايه فى المنطقه عشان محدش يخاف".
يروي محمد عبدالرحمن 40 عاما موظف قصته مؤكدا:" لا نرغب فى تحميل الدوله فوق طاقتها وليس لنا مطالب سوى أن تهتم بنا من ناحية توفير السلع والمنتجات الغذائيه بما يتناسب مع مستوى محدودى الدخل لآن "العيشه صعبه" و"الآسعار نار" وتوفير فرص عمل لولادنا الشباب، اما من ناحية السكن فى المكان إحنا مرتاحين فيه ومش عاوزين حاجه من مصر غير إنها توفرلنا الآمن والآمان وتكون أحسن بلد فى الدنيا".
ويشير أن المنطقة بها 8 عقارات مساكن شعبية يبلغ ارتفاع الواحده 5 طوابق فضلا عن المئات من المنازل العاديه ويتخللها مدافن كثيرة جدا في صورة تبعث الفزع والوجوم في نفوس سكان الحي حين يطلون عليها كل صباح ويشعرون بالحزن والتشاؤم خاصة مع وفاة "مرحوم جديد" وتعالى صراخ أقاربه ومودعيه أثناء دفنه وهذه المشكلة لا تزال قائمة منذ عشرات السنين وعجزت الدولة عن حلها فتركت الموتى يتأذون من ضوضاء الأحياء.