مصر وكندا بين الفائض والاستيراد المقنن للبشر
الأربعاء 09/نوفمبر/2022 - 04:26 م
آلاء مجدي
طباعة
بدأ الاتجاه العالمي حاليًا إلى الاهتمام بتنمية الدول اقتصاديًا، وذلك من خلال المبادرات والمؤتمرات التي تقوم بها، أو بتقوية علاقتها الدولية في الخارج، أو العمل على أن تكون في الصدارة بعالم التصدير، أو اكتساح عالم التكنولوجيا العالمي، أو النزاع لفرض سيطرتها على أراضي أخرى وزيادة مساحة دولتها، وغيرها من الطرق التي ممكن أن تنهض بأي دولة اقتصاديًا، لكن جميع تلك الفاعليات الاقتصادية لن تخطو بنمو أي دولة خطوة واحدة للأمام دون الاهتمام بأهم عنصر قد يساعد الدول بشكل كبير في تقدمها ودفع عجلة اقتصادها، وهو العنصر البشري، فلم تنهض البلاد بتطوراتها ولا بوضعها الاقتصادي ولا بعلاقتها الخارجية فقط، بل تقوم بقواها البشرية.
ترس الإنتاج
القوي البشرية هي الترس الأثقل والأهم في ماكينة النمو والإنتاج، حيث إن بدون الاهتمام و تطوير ذاك الترس بشكل دائم سيجعل مجهودات الدولة في التنمية تضيع هباءً منثورًا، وستقف دون حراك، فالقوى البشرية هي الثروة الحقيقية لأي دولة، لذلك يجب الاهتمام بها وتزويدها بالمهارات اللازمة حتى تجعل منه العنصر الكفء القادر على تحقيق التنمية الشاملة، حيث أكدت نتائج الدراسات والأبحاث التي أُجريت في الدول المتقدمة صناعيًا، أن حوالى 33% من النمو الاقتصادي يرجع إلى زيادة كفائة العنصر البشري الداخل في قوة العمل.
فقر أدمغة
العمالة البشرية هي الأدمغة التي تدير المنظومة بأكملها، فإذا أخذنا في الاعتبار الاقتصاد ككل فإن تخطيط القوى العاملة يعتبر جزءً أساسيًا في أي خطة اقتصادية، لذلك يعتبر حدوث أي اضطراب في التوازن البشري للعمالة بدوره أن يُخل بالنمو الاقتصادي للدولة، وهو ما تعاني منه بعض الدول الحالية من نقص في الأدمغة، وذلك يؤثر بالسلب على نموها وعلى آليات تنفيذ خططها الاقتصادية.
بشر للاستيراد
أدى نقص الموارد البشرية العاملة إلى لجوء بعض الدول لفتح باب الهجرة لديها، حيث يندرج هذا تحت بند "استيراد عمالة" من باقي البلاد، وذلك يرجع إلى قلة التعداد السكاني، أو أن النسبة الأكبر من السكان في سن التقاعد، وهو ما تعاني منه "كندا" حاليًا، حيث صرح وزير الهجرة الكندي "شون فريزر" في 1 نوفمبر 2022 أن كندا سنعزز أهدافها المتعلقة بالهجرة، آملًا في استقبال أعدادًا أكبر من الوافدين لحل مشكلة نقص العمالة في بلاده
ووفقًا لإحصائيات سكانية صدرت مؤخرًا، أن شخص واحد من أصل سبع أشخاص في كندا يتراوح عمره من بين الـ 55 إلى الـ 65 عامًا، وذلك يعنى أن شريحة كبيرة من السكان في سن التقاعد.
ومنه استقبلت كندا العام الماضي ما يزيد عن 405 ألف مهاجر، ويعتبر هذا أكبر عدد استقبلته كندا في عام واحد، وتنوي كندا أن يصل عدد المهاجرين إليها هذا العام إلى 431 ألف، ومن أهداف الحكومة الكندية أن يصبح عدد المهاجرين إليها 465 ألف مهاجرفي 2023، و485 ألف مهاجر عام 2024، و500 ألف بحلول عام 2025، وبحلول ذاك العام سيكون هدف كندا أكثر من 60 بالمئة من إجمالي المقبولين من المهاجرين لأسباب اقتصادية، ووفقا لإحصاءات سكانية لعام 2021، نما عدد سكان كندا إلى 39 مليون نسمة.
شركات مهجورة
تواجه الشركات الكندية أكبر أزمة عمالة على الإطلاق، فتعتبر تلك الشركات على حافة أن تكون مهجورة بسبب قلة العنصر البشري والعمالة الكفء التي تعمل على تنفيذ خطط تلك الشركات لتقويتها وتطويرها وأبرازها في سوق العمل الكندي، حيث تم تسجيل مليون وظيفة شاغرة في شهر مارس.
وأضاف فرايزر "يتفهم الكنديون الحاجة إلى الاستمرار في زيادة عدد سكاننا إذا أردنا تلبية احتياجاتنا من القوى العاملة".
دول على حافة الانقراض
لولا العنصر البشري واليد العاملة الكفء فستكون الدول على المدى البعيد عبارة عن أراضي فقط بدون سكان، مما يؤهلها للانقراض وأن تكون دولة مهجوره بلا عمالة، ومن جانبه فكندا ليست الدولة الوحيدة التي تعاني من نقص العنصر البشري في أعمالها، فهناك العديد من الدول صاحبة الاقتصاديات المتقدمة تواجه اليوم نفس التحدي حيث تعاني من نقص في آليات تنفيذ خططها الاقتصادية، أدى نقص اليد العاملة إلى زيادة كبيره في الوظائف الشاغرة.
سجلت ألمانيا حوالي 2 مليون وظيفة، وفرنسا مليون وظيفة، وإيطاليا تحتاج في مجال واحد إلى حوالي 260 ألف عنصر بشري للعمل، أما عن بريطانيا فوضعها الاقتصادي يزداد سوءً، ومنه استقال ما يقرب من نصف مليون نسمة من سوق العمل البريطاني بسبب ظروف العمل والرواتب المتدنية، ومن جانبه تحتاج الآن الشركات البريطانية إلى موظفين مؤهلين لحل محل العمالة القديمة، وغيرهم من الدول التى تسير على نفس نهج الدول المتأثرة بسبب النقص الملحوظ في اليد العاملة.
فائض بشري
وعلى الصعيد الآخر هناك دول تعاني من الزيادة
السكانية مما عرضها إلى دخول ساحة البطالة من أوسع أبوابها، ومن ضمن تلك الدول
"مصر"، حيث أن زيادة التعداد السكاني يقابله عنصر بشري عاطل عن العمل،
ففي بداية عام 2002 وصل عدد العاطلين عن العمل في مصر إلى 1.78 مليون شخص، وفي عام
2006 وصلت نسبة البطالة وفقًا لوكالة المخابرات المركزية إلى 10.30%.
تقوم الدولة المصرية حاليًا بعدد من المشاريع
الاقتصادية التى تعمل علي توفير فرص عمل جديدة للعاطلين ودفع عجلة التنمية للدولة
والحد من ظاهرة البطالة وتقليل نسبتها، وقد نجحت الدولة فى تلك الخطة، حيث وصلت
نسبة البطالة في 2018 إلى 9%، وفي 2019 وصلت إلى 8%، أما في عام 2022 فقد قلت نسبة
البطالة حتى وصلت إلى 7.7%.
فالتوازن هو مفتاح التقدم لأي دولة، وهو ما تحاول أن تتوصل إليه الدول حاليًا من خلال فتح باب الهجرة إليها، محاولًا منها لتحقيق معدل لا بأس به من التوازن البشري بها.