حكاية من المشرحة
السبت 12/أغسطس/2023 - 01:36 م
مي ياقوت
طباعة
أحيانا تتكلم الجثث .. نعم تعطي إشارات استغاثه لترتاح الروح بالقصاص ممن تسبب في ايذائها حتى الموت .. وأحايين كثيرة تعطي دلائل قوية تشير لهوية قاتلها مثلما يصرخ ايضا مسرح الجريمة كشاهد عيان صامت ليفضح الجاني ..وبالتالي لا وجود للجريمة الكاملة فمهما هرب من ارتكبها تظل تطارده ..
في هذه الصفحه وعلى هذه السطور نحكي عن وقائع حقيقية كانت بدايتها المشرحة ونهايتها غرف السجن المؤبد او الاعدام .. قصص اصحابها حقيقيون وان وارينا اسمائهم وان اخفينا بعد الامور التي لاتصلح للنشر .. قصص تقترب للرعب احيانا وتكشف عن مجهود كبير لتعاون ابطال حقيقيون يجمعون اطراف الحكايا وشهادات الشهادات واشارات مسارح الجريمة .. يجمعون الخيوط ويفكون تشابكهها ليريحوا الضحايا في قبورهم بالقصاص ممن اردوهم قتلى ولم يرحمهوهم او يعطونهم الحق في الموت بسلام ..
قبر في الشقه
في صباح ذلك اليوم دخل الدكتور علاء الى مكتبه الصغير في مشرحة زينهم .. تنفس بعمق وهو يرى " اخطار الجثه" مثلما يسمونهاو كالعاده لايوجد الكثير ليفهمه ماذا حدث لها لتئول اليه في نهايتها الغير سعيده من منطلق ان صاحبتها او صاحبها مات مقتولا محروما من الموت في سلام بعد ان عكر " شرير" الدقائق الأخيره وجعلها مفزعه ومرعبة
" هيكل عظمي وجد في حجرة داخل احدي الشقق الكائنه بالدور الأرضي في احد الأحياء الشعبية " .. هكذا جاء الاخطار لايسمن ولايغني من معلومات تدل على شئ غير ان ظروف وجود الصحية توحي بشبهه جنائية
زفر زفرة حارة قبل ان ينادي على "عم سعيد" .. داعبه " نفسي اعرف لما انت اسمك سعيد جاي هنا ليه .. ده انت في المشرحه" رد عليه مبتسما " مش عارف يادكتور بصراحه حتى كل واحد ليه نصيب من اسمه"واكمل ضاحكا " بس على فكرة انا سعيد هنا مع الجثث، بقيت صاحبهم "
على طاولة التشريح نظر للهيكل العظمي ليعرف فورا انه لانثى ، نظر لها بتمعن وقال" ها ياستي .. عاوزه تقوليلي ايه ياترى؟!" .. فحصها قليلا ثم قال لنفسه " اهلا اهلا"
" جثة لسيدة في العقد الثالث من العمر ، بجمجمه مهشمه من الخلف جراء الضرب بآله حاده ومده الدفن تقارب ال ٨ سنوات تقريبا" هكذا كتب في تقريره قبل ان يمهره بتوقيعه
استند برأسه على كرسيه وهو ينفث سيجارته ومع دخانها شرد حول السؤال الذي يظل يؤرقه في كل مره تأتيه جثه او مجموعة جثث " ياترى مين اللي عمل كده" ؟!
القضيه هنا كانت صعبة فبمرور ٨ سنوات دون اكتشافها فقد ضاعت دلالات مسرح جريمتها وبقي حق دمها والبحث عنه مهمة الطب الشرعي ورجال البحث الجنائي
تحرك الهيكل العظمي من مكانه فجأه ، انقلبت الجمجمه على جانبها الايمن ، فرك عينيه متسائلا " هل مايحدث حقيقي؟!"
اعادها الى وضعها الاول وانخرط في تجهيز ادواته قبل ان يسمع طرق غريب من خلفه؛ ازدرد ريقه والتفت ليجد الجمجمه على جانبها وعظمة من العظام قد سقطت ، انحنى ليضعها مكانها ، حدث نفسه قائلا " عادي ياما شفت في المشرحه " ، وقبل ان يعتدل سمع صوت صراخ وعويل اعتقد ان اهلية احد الضحايا قد حضر ولكن نظر الى الساعه كانت الرابعه صباحا من سيأتي الان ، فتح الباب فلم يجد احدا ، نادى بصوت عال على " عم سعيد" الا ان صدى صوته هو الذي كان يرد عليه ليفاجأ بيد تنقره على كتفه ليلتفت ليجد امامه الهيكل العظمي وقد صلب طول وينظر له وفجأه استيقظ الدكتور علاء من غفوته فزعا، ابتلع بعض رشفات الماء وحدث نفسه قائلا" كالعاده القضيه مش هتسيبني الا لما تتحل"
نادى على" عم سعيد" كانت الساعه الثالثه فجرا ليوقظه من نومه قائلا " تعالى هنبص على الهيكل العظمي تاني" ، ظل ينظر للعظام وقال في صوت عال" ياترى انتي مين ومين اللي عمل كده"؟
انتظر بفارغ الصبر الساعه ٩ صباحا ليتصل بالرائد سمير ابو المجد رئيس المباحث قال له " اسف اتصلت بيك بدري ياسمير بيه بس كان لازم .. قولي وصلته لحاجه في الجثة الهيكل العظمي ده"
رد عليه متثائبا فلم ينم منذ ليلة امس سوى ساعتين وقال له", والله يادكتور لسه بندور في محاضر التغيب بس المشكله هنا ان الشقه اللي لقينها في الجثه وطول ال ٨ سنين سكنها ٤ اشخاص قبل ماصاحب البيت يقرر يجددها ويغير السيراميك فيكتشف العضم "
ساله بشغف" وبيشتغلو ايه ياباشا واشتبهتو في حد ؟!
رد " احنا لسه بنشوف يادكتور بس الاربعه كده مشتبه فيهم واحد شغال حلاق وده خد شقه في بولاق و واحد مبلط وده خد شقه في الصعيد والتالت موظف واتجوز وخد شقه في نفس الحي والرابع صاحب معرض ادوات منزليه دلوقتي و قاعد في الجيزة"
ساله بشغف اكبر " وياترى سألتوهم سابو الشقه ليه .. يعني التحريات وصلت لايه؟!
رد عليه " لسه يادكتور ده مفتش ٢٤ ساعه على البلاغ بس كله هنعرفه"
اغلق الدكتور علاء الهاتف قبل ان يحضر ورقه ويكتب عليها " مبلط ، حلاق،موظف ، صاحب محل ادوات منزليه" وذيلها بعلامة استفهام والغريب ان نفس ماكتبه كان قد استفاق الرائد سمير ابو المجد ليكتبه على ورقه أمامه ويشرع في التفكير في سؤال واحد " من قتلها" بعد ورود اتصال له ان معاونه انهم توصلوا تقريبا لهوية القتيله وتدعى "نهله" واختفت منذ ٨ سنوات طبقا لمحاضر التغيب وسؤال اهليتها في ظروف غامضه !!
رن جرس هاتفه ، كانت " فريده علم الدين" الصحفية الشهيرة قي اقسام الحوادث قال لها مستبقا وهو يصحك " صباح الخير مينفعش اقولك حاجه انتي عارفه لسه بدري ولازم اذن بس ده ميمنعش ان اللي كتبتيه كله امبارح صح .. واحنا لسه بنسال نفس التساؤل " مين قتلها؟!"
مالذي حدث بعد ذلك ؟!
من الذي قتل المجني عليها في الاربعه ولما؟
يمكنكم ان تشاركونا بتوقعاتكم على رقم ٠١١٥٧٨٢٢٢٧٧ على ان تكون الجائزه نشر اسم الفائزين بالتوقع الصحيح .. على ان تتبع باقي القصة في العدد القادم.