كلمة سفير جمهورية فنزويلا البوليفارية في ندوة حياة وأعمال سيمون بوليفار
الثلاثاء 12/سبتمبر/2023 - 06:37 م
فاطمة بدوي
طباعة
ألقى سفير جمهورية فنزويلا البوليفارية كلمة
في ندوة حياة وأعمال سيمون بوليفار اليوم الثلاثاء حاء فيها:
السيدات والسادة:
أسعد الله يومكم، باسم الشعب الفنزويلي النبيل، وبالنيابة عن رئيسنا الدستوري نيكولاس مادورو موروس وحكومة بلادي، أتقدم بتحية أخوية للشعب المصري الباسل، وجميع الحضور لهذه الفعالية.
إنه لشرف عظيم أن أكون مع حضراتكم هنا اليوم لأتحدث معكم، في موجز قصير، عن رجل قارتنا الأمريكية العظيم، سيمون بوليفار، وعن حياته وعمله. وأتقدم لكم بخالص شكري لحضوركم.
كلمة سفير فنزويلا
ولكن قبل أن أكمل حديثي، أود أن أشكر وزارة الثقافة المصرية الموقرة، ومعالي الوزيرة نيفين يوسف محمد الكيلاني، ومديرة قطاع العلاقات الثقافية الخارجية بالوزارة، د. إيمان نجم، على تنظيم هذه الندوة التي تتيح لنا مشاركتكم القليل من تاريخنا.
إن بوليفار رمز لفنزويلا مثله مثل علمها وشعارها ونشيدها الوطني، محفور في عقولنا وقلوبنا. إنه قائد استقلالنا الذي لا مثيل له. عاش 47 عاماً فقط. بالطبع كانت الأعوام الـ27 الأول لتشكيل شخصيته، إذ بدأت حياته العامة في عام 1810، حيث كرس عشرين عاماً من حياته جسداً وروحاً للوطن، ليس لفنزويلا فقط، لأن أمريكا بالنسبة له كانت هي الوطن.
كان في الثلاثين من عمره حين منحته الشعوب، في احتفالية مبهرة، لقب المحرر. خلف ورائه خمس جمهوريات – ستة في وقتنا الحالي – والتى تُعرفه كلاً منهم بأبي الأمة: وهم فنزويلا، وبوليفيا، وكولومبيا، وإكوادور، وبنما، وبيرو.
معلومات عن سيمون بوليفار
بوليفار، ابن كاراكاس، اسمه الكامل سيمون خوسيه أنطونيو دى لا سانتّيسيما ترينيداد بونتا إي بالاسيو. ولد في مدينة كاراكاس الصغيرة والمتواضعة آنذاك، في سفح تل الأبيلا المدهش، الذي يسمى في لغة سكان الكاريبي الأصليين “Waraira Repano”، وتعني "الموجة التي تأتي من بعيد أو البحر الذي أصبح يابسة"، فهناك خَطَى بوليفار خطواته الأولى.
ولد في 24 من يوليو 1783، آنذاك كان يبلغ السيد فرانسيسكو دى ميراندا، الجنرال، رائد الاستقلال الوطني، 23 عاماً. في ذلك الوقت نالت الولايات المتحدة استقلالها. كان بوليفار طفلاً عندما اندلعت الثورة الفرنسية التي أصدرت إعلان حقوق الإنسان والمواطن. حين ولد بوليفار، كان هناك شاب في الرابعة عشر من عمره يعيش في كورسيكا، هذا الشاب هو نابليون بونابرت.
وفي الحال كرس نفسه لتنظيم الدولة، فأسس جريدة "بريد الأورينوكو" لنشر معلومات عن الحياة القومية والدفاع عن أهدافه، عبرت شهرته المحيط وذهب عدد كبير من الشباب الأيرلندي والإنجليزي، مثل الجنرال أوليري والكولونيل فاريار، وشباب من جنسيات أوروبية أخرى ليحاربوا من أجل استقلال أمريكا الجنوبية، يجذبهم بريق أعماله البطولية الباسلة.
تنبئ من كاساكويما، وهو متعب ومرهق من كثرة النكسات، وأعلن النجاحات المستقبلية التي ستُتَوج بتحرير بيرو مثلما كان يحلم، في 1819، حقق أعظم انجازاته العسكرية، وهو عبور سلسلة جبال الأنديز، عبر نهر بيسبا الذي يستحيل عبوره، وبخسارة كبيرة في الأرواح والموارد، فاجأ القوات الإسبانية كلياً وانتصر عليهم في جاميثا ومعركة مستنقع بارجاس. واختتم انتصار بوياكا، في الـ7 من أغسطس، استقلال كولومبيا وفتح له أبواب بوجوتا، إحدى المدن التابعة للتاج الإسباني، بكل ما تحتويه من موارد.
لم يعد من الممكن أن يُنظر إليه كونه محارباً يملك ثروة وحظ؛ فقد أصبح رئيس دولة لأمة تنهض. وفي الـ17 من ديسمبر (ويصادف هذا اليوم يوم وفاته في الـ17 من ديسمبر بعد 11 عاماً من هذه اللحظة)، صدق البرلمان على القانون التأسيسي لجمهورية كولومبيا.
قيم الجنرال الإسباني بابلو موريّو الوضع واقتنع بأن الاستقلال أمر واقع لا محالة. وبناء على ذلك، وقِعت اتفاقيتي تروخيّو، كما دفعه إعجابه الشخصي ببوليفار إلى دعوته إلى مقابلة تاريخية، جرت في الـ27 من نوفمبر 1820، في قرية سانتا آنا بمقاطعة تروخيّو – فنزويلا.
بعد ذلك، ظل يتقدم دون توقف، يحقق انتصاراً تلو الأخر. وفي الـ24 من يونيو 1821، في سهول كارابوبو، حرر فنزويلا نهائياً. وفي الثاني من أكتوبر 1821، أدى اليمين رئيساً لكولومبيا أمام المجلس الذي اجتمع في منطقة بيّا ديل روساريو بمقاطعة كوكوتا.
في 7 إبريل 1822 انتصر في معركة بومبونا.
وفي الـ24 من مايو 1822، ظفر بالنصر أكثر ضباطه ذكاءً، الجنرال الشاب أنطونيو خوسيه دى سوكرى، الذي أصبح فيما بعد مارشال أيّاكوتشو. ضمن لهم هذا النصر الذي حققه استقلال كيتو، التي أصبحت جزءاً من كولومبيا العظمى في الـ13 من يوليو.
في الـ27 من يوليو، عقد سيمون بوليفار لقاء في جواياكيل مع محرر الجنوب العظيم، الجنرال خوسيه دى سان مارتين.
أرسل قوات دعم إلى حملة بيرو العسكرية، حيث تمت دعوته لاحقاً بشكل رسمي. وصل إلى كاياو في الأول من سبتمبر 1823، وبعد أن تخطى عقبات كثيرة، نال النصر في معركة جونين في الـ6 من أغسطس 1824.
أثناء حملة الجنوب هذه، كان على المحرر أن يواجه مرض خطير أصابه في مدينة باتيفيلكا. ولكن شجاعته، كما يروي السيد خواكين موسكيرو القاضي والدبلوماسي ورجل الأعمال والسياسي الكولومبي، في خضم حربه مع المرض تحلل الوضع السياسي ونقص الموارد وحالة الوهن التي يمر بها، وحين سُئل ما الذي تخطط لفعله؟، أجاب إجابة قاطعة من كلمة واحدة: "أنتصر"، كلمة سُجِلت بأحرف لا تمحى.
في الـ9 من ديسمبر 1824، في بامبا دى لا كينوا، بالقرب من أياكوتشو، نال الجنرال سوكرى النصر النهائي، حيث سلم نائبُ الملك "لا سيرنا" مع سيفه السيادة الاسبانية على أمريكا، قبل يومين، أرسل المحرر من ليما دعوة إلى حكام أمريكا الإسبانية إلى مجلس بنما، من أجل إبرام اتفاقية ائتلافية للوحدة السياسية بين الدول الجديدة وتأسيس أمة من الجمهوريات.
بعد انتصار أياكوتشو، بناءً على رغبة شعب بيرو العليا، تأسست جمهورية جديدة وسميت بوليفيا، تخليداً لذكرى البطل، هذا هو التكريم الأكبر والدائم الذي منحوه إياه وهو في قمة مجده، هذه هي السنوات التي حصل فيها بوليفار على أعلى درجات التكريم وعانى من أفظع خيبات الأمل. ففي ذلك الوقت كانت تهاجم الانقسامات والنزعة القومية طموحاته، ولذلك لم يسفر مجلس بنما عن النتائج المرجوة.
يصف خصوم بوليفار رؤيته للعظمة قائلين: "كرؤية قيصر. يعتمد الطامحون لحكم محلي على نفور المواطنين من الأبطال العالميين السابقين الذين تحولوا إلى أشخاص تستغل مناصبها ومكانتها، كما يعتمدون على تعلق الشعوب بموطنها الأصلي، منعزلين عن بعضهم البعض لصعوبة التواصل في هذه الحقبة".
عاد إلى كولومبيا لحل مشكلاتها. أما في فنزويلا، كان الجنرال بايس، الذي منحه بوليفار ترقية إلى منصب القائد الأعلى للقوات لأدائه الاستثنائي في معركة كارابوبو، يدير شئون الحكم في فنزويلا، وأصبح بايس متحدثاً باسم الحانقين وأعلن في بيان مجالس البلديات انفصال فنزويلا عن كولومبيا العظمى. كانت حركة "لا كوسياتا" الانفصالية هي سبب عودة بوليفار إلى كاراكاس في 1827 وحين وصول ابن كاراكاس العظيم، ضعفت وتقلصت الحركة الإنفصالية.
كان بوليفار يعيش أسعد أوقات حياته، لكن كان يتحتم عليه العودة إلى عاصمة كولومبيا العظمى ومنذ رحيله عاد المحرضون أصحاب المناصب يزرعون من جديد سخط النزعة الانفصالية في فنزويلا، وظلوا يُنّمون هذا الشعور حتى نالوا غرضهم في 1830، أي الانفصال النهائي عن كولومبيا العظمى، ملقين خلف ظهورهم حلم المحرر بتأسيس كتلة تخلق قوة موازنة أمام العملاق الشمالي (الولايات المتحدة الأمريكية).
وفي هذه الأثناء، دعى لانعقاد جمعية تأسيسية لتجديد أسس الدولة، وهي جمعية أوكانيا التأسيسية، التي انتهت بالإنشقاق والخلاف، مما دفعه إلى تولي حكم ديكتاتوري لا مفر منه.
من النحاس أو الرخام، إن بوليفار موجود، في كل القارات تقريباً – لكي لا أقول كلها - وفي كثير من عواصم العالم. هنا نراه في قلب القاهرة، واقفاً بنظرته التي تحلق نحو المستقبل. أراه بفخر، ها هو "والد الأمة". شكراً لك يا مصر على استضافة رجل قارتنا الأمريكية العظيم، المحرر سيمون بوليفار في كنفكِ. ابن كاراكاس الذي أصبح عالمياً.