بالصور.. "سام بن نوح" قصة المسجد الذي نسبه اليهود للنبي نوح
"الغورية" المتحف
المفتوح الذي حمل العديد من أسرار العصور القديمة، تعبث بها يد الإهمال يوميًا
لتبدل كل جمال فيها.
فعلى الرغم من أن
"القاهرة التاريخية" أسسها مسلمون وأغلب آثارها مساجد وأسبلة تعود
للعصور الإسلامية، إلا أنه وسط هذه الآثار الإسلامية تجد نجمة داوود مرسومة على
بعض الجدران، كذلك ليس من الغريب إدعاء تسمية بعض الزوايا والمساجد بأسماء أنبياء
ينتسب إليها اليهود.
سام بن نوح
ما أن تدخل سوق الغورية،
لتسير طريق طويل، حتى تجد نفسك أمام مسجد "سام بن نوح" الذي يقع على رأس
حارة الروم بالغورية، ملاصق لسبيل محمد علي باشا.
في البداية لم نكن نعرف
اسم المسجد، حيث أن الغورية مليئة بالمساجد التاريخية ولا عجبًا في ذلك فهي مدينة
"الآلف مأذنة"، إلا أن ما استوقفنا لدخول المسجد هو اسمه الذي أخبرنا به
الباعة المحيطون بالمسجد، "سام بن نوح" ابن النبي نوح عليه السلام،
مدعين أنه كان له مقام داخل المسجد ولكنه هدم.
وبالرغم من الإدعاءات
والحكايات التي رويت لنا على باب المسجد والتي نعرف جيدًا أنه ليس لها أساس من
الصحة، إلا أننا فضلنا الدخول للمسجد لمعاينته على الحقيقة، وبالطبع لم يكن هناك
مقام أو بقايا ضريح أو حتى أى آثر يوحي بأنه كان هناك ضريح، إلا أن المسجد يعاني
من الإهمال الذي غير ملامحه رأسًا على عقب.
فإن لم يكن المسجد به
مقام "سام بن نوح" فهو بالتأكيد مسجد آثري يعود لحقبة تاريخية من العصور
الوسطى، ومسجل كآثر، ون غير المعقول إهماله بهذه الطريقة.
فالمسجد ليس كبيرًا
بالشكل المعهود للمساجد التاريخية، فهو يعتبر زاوية صغير لم يتجاوز عشرات الأمتار،
جدرانه متهالكة وقبته الخشبية متصدعة تكاد تقع على رؤوس المصليين.
يحتوي المسجد على سندرة
خشبية يوصل إليها سلم دائري، كادت أن تسقط بنا عندما صعدنا لتصويرها، فالأرض خشبها
متهالك ويوجد بها بعض الصناديق الكرتون الفارغة وبعض المصاحف المتهالكة، وأدوات
نظافة وسجاد قديم.
كما يوجد بالمسجد مصلى
للنساء في الدور العلوي لم تسلم أيضًا من يد الإهمال، لتمر بعد ذلك على دورات
المياه التي ما أن تمر بجانبها حتى تشم رائحة كريهة.
إهمال متعمد
ويقول أحد العاملين
بوكالة تجارية أمام المسجد، أنه لا يوجد أى اهتمام من وزارة الآثار أو وزارة
الأوقاف بالمسجد، لافتًا إلى أن العامل بالمسجد لا يأتي سوى يومًا واحد فقط ويغيب
باقية الأسبوع.
ويضيف صاحب الوكالة أن
الأهالي هي التي تقوم بشراء السجاد للمسجد وتقوم بتنظيفه على نفقاتها الخاصة،
بعدما تركته الوزارة لقيمة هذا المسجد الذي من المحتمل أن يكون نزل فيه النبي
"سام بن نوح".
ومن جانبه قال العامل المسئول
عن نظافة المسجد، أن الوزارة لم تقم بأى تفتيش على المسجد ولم تكلف نفسها
بالاهتمام والعناية به.
وأكد عامل المسجد على
كلام البائعين المحيطين للمسجد، أن الأهالي هما الذين يتولون نفقة المسجد لنظافته
وتجديده.
كما روى أحد المصليين، أن
إحدى السيدات اللاتي تصلين بالمسجد قامت بتنظيم دورات المياه بعدما اتسخت وفاحت
منها الروائح الكريهة.
سبب تسمية المسجد و(الاسم
الحقيقي)
ويقول على باشا مبارك في
كتابه الخطط التوفيقية، أن زاوية "سام بن نوح" هذه الزاوية بداخل بابي
زويلة بجوار سبيل العقادين الذي أنشأه محمد على باشا، بابها تجاه سوق القطن
بالمؤيد على يمين السالك من باب زويلة إلى الأشرفية بها منبر وخطبة وشعائرها مقامة
من أوقافها تحت نظر الحاج محمد المغربي.
هو مسجد ابن البناء تسميه
العامة سام بن نوح عليه السلام وهو من اختراعاتهم التى لا أصل لها ولعل سام ابن نوح
لم يدخل أرض مصر.
وابن البناء هو محمد بن
عمر بن أحمد بن جامع بن البناء أبو عبد الله الشافعى المقرىء وكان مقرئ للقرآن
وانتفع به جماعة وهو بهذا المسجد مات سنة إحدى وتسعين وخمسمائة.
كما يقول المقريزي في
كتابه الخطط، "أن هذا المسجد داخل باب زويلة وتسميه العامة سام بن نوح النبي
عليه السلام وهو من مختلفاتهم التي لا أصل لها وإنما يعرف بمسجد ابن البناء وسام
بن نوح لعله لم يدخل أرض مصر البتة فان الله وتعالى لما نجى نبيه نوحا من الطوفان
خرج معه من السفينة أولاده الثلاثة وهم سام وحام ويافث ومن هذه الثلاثة ذرأ الله
سائر بني آدم.
"قد بلغني إن هذا المسجد
كان كنيسة لليهود القرابين تعرف بسام بن نوح، وإن الحاكم بأمر الله أخذ هذه
الكنيسة لما هدم الكنائس وجعلها مسجدًا، وتزعم اليهود الآن بمصر أن سام بن نوح
مدفون هنا وهم إلى الآن يقولون لمن أسلم منهم بهذا المسجد".