في الذكري الـ39 لها.. تعرف على القصة الكاملة لاتفاقية "كامب ديفيد"
الأحد 17/سبتمبر/2017 - 03:01 م
شريف الشوربجي
طباعة
بعد عقود من الصراع العسكري المزمن بين الدول العربية ودولة الاحتلال "إسرائيل" شكلت اتفاقية "كامب ديفيد" التي عقدت بين مصر "إسرائيل" منعطفًا تاريخيًا، وتحولًا كبيرًا في السياسة العربية تجاهها، فبعد حرب 1967م أصيبت القوات العربية بنكسة كبيرة، كانت سببًا في احتلال إسرائيل لهضبة الجولان في سوريا وسيناء بمصر، والضفة الغربية وقطاع غزة في فلسطين، وجاءت بعدها حرب رمضان في عام 1973 لترد القوات العربية شيئًا من الاعتبار بعد نكسة 1967، إلى أن استقرت القيادة المصرية ممثلة بالرئيس الراحل محمد أنور السادات علي توقيع اتفاقية كامب ديفيد، والتي تسببت في جدلًا واسعًا في الشعوب العربية، الأمر الذي تسبب في نقل مقر جامعة الدول العربية وإسقاط عضوية مصر منها، ومقاطعة أكثر من 10 دول للقاهرة، كما تسببت في ردود أفعال غاضبة من المعارضة المصرية وخصوصا في صفوف الشباب بالجامعات المصرية.
الوضع قبل " كامب ديفيد"
تسببت حرب أكتوبر وعدم التطبيق الكامل لبنود القرار رقم 338 والنتائج الغير مثمرة لسياسة المحادثات التي انتهجتها الخارجية الأمريكية، والتي كانت عبارة عن استعمال جهة ثالثة وهي الولايات المتحدة كوسيط بين جهتين غير راغبتين بالحديث المباشر والتي كانت ممثلة بالعرب وإسرائيل، أدت هذه العوامل إلى تعثر وتوقف شبه كامل في محادثات السلام، ومهدت الطريق إلى نشوء قناعة لدى الإدارة الأمريكية المتمثلة في الرئيس الأمريكي آنذاك جيمي كارتر، بأن الحوار الثنائي عن طريق وسيط سوف لن يغير من الواقع السياسي لمنطقة الشرق الأوسط.
قبل توقيع المعاهدة.. السادات في "الكنيست"
كان الجانب المصري بقيادة الرئيس الراحل أنور السادات قد بدأ تدريجيا يقتنع بعدم جدوى القرار رقم 338 بسبب عدم وجود اتفاق كامل لوجهات النظر بينه وبين الموقف الذي تبناه حافظ الأسد الرئيس السوري آنذاك، والذي كان أكثر تشددا من ناحية القبول بالجلوس على طاولة المفاوضات، مع إسرائيل بصورة مباشرة.
هذه العوامل بالإضافة إلى تدهور الاقتصاد المصري وعدم ثقة السادات بنوايا الولايات المتحدة بممارسة أي ضغط ملموس على دولة الاحتلال، حيث كان السادات يأمل إلى أن أي اتفاق بين مصر وإسرائيل سوف يؤدي إلى اتفاقات مشابهة للدول العربية الأخرى مع إسرائيل، وبالتالي سوف يؤدي إلى حل للقضية الفلسطينية.
الوضع في إسرائيل
على الجانب الآخر، في إسرائيل طرأت تغييرات سياسية داخلية متمثلة بفوز حزب الليكود في الانتخابات الإسرائيلية عام 1977 حيث كان يمثل تيارا أقرب إلى الوسط من منافسه الرئيسي حزب العمل الإسرائيلي، الذي هيمن على السياسة الإسرائيلية منذ المراحل الأولى لنشوء "دولة إسرائيل"، وكان الليكود لا يعارض فكرة انسحاب إسرائيل من سيناء، ولكنه كان رافضا لفكرة الانسحاب من الضفة الغربية.
تزامنت هذه الأحداث مع صدور تقرير معهد "بروكنغس" التي تعتبر من أقدم مراكز الأبحاث السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة ونص التقرير على ضرورة اتباع "منهج حوار متعدد الأطراف" للخروج من مستنقع التوقف الكامل في حوار السلام في الشرق الأوسط.
بنود المعاهدة
في 26 مارس 1979 وعقب محادثات "كامب ديفيد"، وقع الجانبان على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وكانت المحاور الرئيسية للمعاهدة هي إنهاء حالة الحرب، وإقامة علاقات ودية بين مصر وإسرائيل، وانسحاب إسرائيل من سيناء التي احتلتها عام 1967 بعد حرب الأيام الستة وتضمنت الاتفاقية أيضا ضمان عبور السفن الإسرائيلية قناة السويس، واعتبار مضيق تيران وخليج العقبة ممرات مائية دولية، تضمنت الاتفاقية أيضا البدا بمفاوضات لإنشاء منطقة حكم ذاتي للفلسطينيين في الضفة وقطاع غزة، والتطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242.
الخطوط الرئيسة والعامة
تبدأ الاتفاقية الأولى بمقدمة عن السلام وضروراته وشروطه، ثم تعرض الاتفاقية التصور الذي تمّ التوصل إليه "للسلام الدائم في الشرق الأوسط" وتنص على ضرورة حصول مفاوضات بين إسرائيل من جهة ومصر والأردن والفلسطينيين من جهة أخرى.
الاتفاقية الثانية نصت على التفاوض المباشر بين مصر وإسرائيل من أجل تحقيق الانسحاب من سيناء التي احتلتها إسرائيل في عدوان العام 1967، كما تنص الاتفاقية على إقامة علاقات طبيعية بين مصر وإسرائيل بعد المرحلة الأولى من الانسحاب من سيناء.
آراء المحللين
ومن جانبهم يرى بعض المحللين السياسيين إن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لم تؤدي على الإطلاق إلى تطبيع كامل في العلاقات بين مصر وإسرائيل حتى على المدى البعيد فكانت الاتفاقية تعبيرا غير مباشر عن استحالة فرض الإرادة علي الطرف الآخر وكانت علاقات البلدين وحتى الآن تتسم بالبرودة والفتور.
كانت الاتفاقية عبارة عن 9 مواد رئيسية منها اتفاقات حول جيوش الدولتين والوضع العسكري وعلاقات البلدين، وجدولة الانسحاب الإسرائيلي وتبادل السفراء.
يرى البعض إنه وحتى هذا اليوم لم ينجح السفراء الإسرائيليين في القاهرة ومنذ عام 1979 في اختراق الحاجز النفسي والاجتماعي والسياسي والثقافي الهائل بين مصر وإسرائيل، ولا تزال العديد من القضايا عالقة بين الدولتين ومنها:
مسألة محاكمة مجرمي الحرب من الجيش الإسرائيلي المتهمين بقضية قتل أسرى من الجيش المصري في حرب أكتوبر، والتي جددت مصر مطالبتها بالنظر في القضية عام 2003.
تأثير الاتفاقية استراتيجيا وسياسيا
أنهت حالة الحرب بين مصر وإسرائيل، وتمتعت كلا البلدين بتحسين العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وفتح الاتفاق وإنهاء حالة الحرب الباب أمام مشاريع لتطوير السياحة، خاصة في سيناء، وتم تعليق عضوية مصر في جامعة الدول العربية من عام 1979 إلى عام 1989 نتيجة التوقيع على هذه الاتفاقية.
ردود الفعل
أثارت اتفاقيات "كامب ديفيد" ردود فعل معارضة في مصر ومعظم الدول العربية، ففي مصر، استقال وزير الخارجية محمد إبراهيم كامل لمعارضته الاتفاقية، وسماها مذبحة التنازلات، وكتب مقال كامل في كتابه "السلام الضائع في اتفاقات كامب ديفيد" المنشور في بداية الثمانينيات، أن "ما قبل به السادات بعيد جدًا عن السلام العادل"، وانتقد كل اتفاقات كامب ديفد لكونها لم تشر بصراحة إلى انسحاب إسرائيلي من قطاع غزة والضفة الغربية، ولعدم تضمينها حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
موقف الدول العربية بين "الإحباط والغضب"
وعقدت هذه الدول العربية مؤتمر قمة رفضت فيه كل ما صدر، ولاحقًا اتخذت جامعة الدول العربية قرارًا بنقل مقرها من القاهرة إلى تونس احتجاجًا على الخطوة المصرية.
على الصعيد العربي كان هناك جو من الإحباط والغضب لأن الشارع العربي كان آنذاك لا يزال تحت تأثير أفكار الوحدة العربية وأفكار جمال عبد الناصر وخاصة في مصر والعراق وسوريا وليبيا والجزائر واليمن.
وفي 20 نوفمبر 1979 عقدت قمة تونس العادية وأكدت على تطبيق المقاطعة على مصر، وازداد التشتت في الموقف بعد حرب الخليج الأولى إذ انضمت سوريا وليبيا إلى صف إيران وحدث أثناء هذا التشتت غزو إسرائيل للبنان في عام 1982 بحجة إزالة منظمة التحرير الفلسطينية، من جنوب لبنان وتمت محاصرة للعاصمة اللبنانية لعدة شهور ونشات فكرة "الإتحاد المغاربي" الذي كان مستندًا على أساس الانتماء لأفريقيا وليس الانتماء للقومية العربية.