في حواره لـ"بوابة المواطن": عالم أزهري يبيّن موقف الشرع من "نكاح التحليل"
الجمعة 17/أغسطس/2018 - 04:04 م
الفيوم - محمود المنشاوي
طباعة
"نكاح التحليل"، وهو عقد له صور متعددة، منها: أن يقوم الزوج المطلِّق أو الزوجة أو وليها باستئجار " تيس " من البشر، فيشترط عليه أن يتزوج مطلَّقته، ويدخل بها، ثم يطلقها، مع إعطائه مبلغاً من المال!، أو أن يتزوج رجل تلك المطلقة بدون اتفاق منه مع أحد، وقصده أن يحلها للأول ، ثم يطلقها .
"بوابة المواطن"الإخبارية، تستعرض في السطور التالية، حكم نكاح المحلل، وكل شيء يدور حوله، من خلال الدكتور محمود إبراهيم حسانين – أحد علماء الأزهر الشريف:
في البداية ماهو "نكاح التحليل" وما هي حالاته؟
يقول الدكتور محمود إبراهيم، نكاح التحليل: هو النكاح الذي يقصد به الرجل تحليل المرأة المطلقة ثلاثًا لتعود لزوجها الأول وله ثلاث حالات:
الأولى: أن يشترط في العقد أنه متى أصابها فلا نكاح بينهما ونحو ذلك فهذا النكاح باطل عند المالكية والشافعية والحنابلة.
وذهب الحنفية إلى أن نكاح المحلل نكاح صحيح إلا أنه يكره عندهم كراهة تحريمية إذا كان بشرط التحليل كأن يقول: تزوجتك على أن أُحللك للأول فيصح النكاح ويلغو الشرط.
الثانية: أن يتزوجها ويشترط عليه في العقد أنه إذا أحلها طلقها فهو باطل عند المالكية والحنابلة على الصحيح والشافعية في الأصح وأبي يوسف من الحنفية لعموم النهي، ولأنه شرط يمنع دوام النكاح فأشبه التأقيت له.
وذهب الحنفية إلى صحة هذا النكاح وبطلان الشرط وهو قول عند الشافعية والحنابلة، إلا أنه يكره بهذا الشرط؛ لأنه ينافي المقصود من النكاح.
الثالثة: أن يتواطأ العاقدان قبل العقد دون أن يذكراه في العقد، فذهب الحنفية والشافعية والحنابلة في وجه إلى صحته لخلوه مما يفسد العقد أشبه ما لو نوى طلاقها لغير الإحلال أو ما لو نوت المرأة ذلك، ولأن الشرط إنما يبطل بما شرط فيه لا بما قصد به.
وذهب المالكية والحنابلة إلى عدم صحة هذا النكاح لعموم النهي، ولأنه قصد به التحليل فلم يصح كما لو شرطه في العقد.
ماهو حكم نكاح التحليل؟
يقول الدكتور محمود إبراهيم حسانين: " اتفق الأولون والآخرون من علماء المسلمين على تحريم نكاح المحلل لقوله صلى الله عليه وسلم: لعنَ الله الْمُحَلِّلَ والْمُحَلَّلَ له"
إذا تزوجت امرأة "نكاح التحليل" هل تحل لزوجها الأول؟
يقول إبراهيم: "اختلفوا الأولون والآخرون من علماء المسلمين، فيما لو وقع مثل هذا من أحد من المسلمين، هل تحل المرأة للزوج الأول أم لا، فمنهم من حلل بضوابط وشروط شرعية ومنهم من رآه حرامًا ولا تحل له" :
"فقَالَ سُفْيَانُ الثوري والْأَوْزَاعِيّ ومَالِكٌ وأَحْمَد وأَبُوْ عُبَيْدٍ وإِسْحَاق؛ لَا تحل لزوجها الْأَوَّل لِأَنَّ النكاح فاسد إِذَا تزوج بِهَا ليحلها.
وعَن أبي حنيفَة أَنه قَالَ فِي ذَلِك أَنَّهَا لَا تحل لَهُ، قَالَ مُحَمَّد ونكاحهما جَائِز وَأَن شَرط التَّحْلِيل وَله أَن يمْسِكهَا.
قَالَ اليث فَإِن تزَوجهَا ثمَّ فَارقهَا لترجع إِلَى زَوجهَا وَلم يعلمهَا بذلك وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك مِنْهُ إحسانا فَلَا بَأْس بِأَن ترجع إِلَيْهِ.
رُوِيَ عَن عمر أَنه قَالَ لَا أُوتِيَ بِمُحَلل وَلَا بمحللة إِلَّا رجمتها
وَقَالَ ابْن عمر التَّحْلِيل سفاح، وَقَالَ الْحسن وَإِبْرَاهِيم إِذا هم أحد الثَّلَاثَة بالتحليل فسد النِّكَاح.
وَقَالَ سَالم يجوز أَن يَتَزَوَّجهَا لِيحِلهَا إِذا لم يعلم الزَّوْجَانِ وَهُوَ مأجور وَهُوَ مَذْهَب الْقَاسِم بن مُحَمَّد، وَقَالَ عَطاء الْمُحَلّل يُقيم على نِكَاحه.
وأخرج الحاكم والطبراني في الأوسط من حديث عمر أنهم كانوا يعدون التحلل سفاحا في عهد رسول الله.
وروى ابن أبي شيبة، عن ابن عمر، أنه سئل عن ذلك؟ فقال: كلاهما زان. (انظر: الروضة الندية للقنوجي).
وماذا لو تواطىء الزوجين مع الزوج للطلاق عرفيًا؟
قال شيخ الإِسلام: التحليل الذي يتواطئون عليه مع الزوج لفظيٌّ أو عرفيٌّ، على أن يطلِّق المرأة أو ينوي الزوج ذلك، فقد لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاعله في أحاديث متعددة، ولا تحل لمطلقها الأول بمثل هذا العقد، ولا يحل للمحلِّل إمساكها بل يجب عليه فراقها، وهذا ما اتَّفق عليه الصحابة والتابعون واتَّفق عليه أئمة الفتوى كلهم، على أنَّه إذا اشترط التحليل في العقد، صار باطلًا بلا فرقٍ عندهم، بين هذا العرف أو اللفظ.
هل جاء "نكاح المحلل" في دين آخر؟
يقول الدكتور محمود، لم يأت في دين ولا ملة : "قال ابن القيم في إعلام الموقعين: نكاح المحلِّل لم يُبح في ملة من الملل قط، ولم يفعله أحد من الصحابة، ولا أفتى به واحد منهم.
ما هو الزواج الذي تحل به المطلقة ثلاثُا؟
يبين عالم الأزهر أن المطلقة ثلاثاً لا تحل لزوجها الأول إلا بثلاثة شروط:
أن يكون زواجها بالزوج الثاني صحيحا.
أن يكون عن رغبة.
أن يدخل بها ويذوق عسيلتها وتذوق عسيلته "يجامعها".
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: جَاءَتِ امْرَأةُ رِفاعَةَ القُرَظِيِّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقالتْ: كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَأبَتَّ طَلاقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ، إِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَقالَ: «أتُرِيدِينَ أنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ». متفق عليه.
من العلماء من يحلل "نكاح التحليل" ومنهم من يحرمه.. سبب اختلاف المفسرون الاختلاف؟
سبب الاختلاف هو اختلافهم في مفهوم الحديث «لعن الله المحلل» فمن فهم من اللعن: التأثيم فقط، قال: النكاح صحيح. ومن فهم من التأثيم فساد العقد، تشبيها بالنهي الذي يدل على فساد المنهي عنه، قال: النكاح فاسد.