جميل راتب .. نجم انطفئ في سماء الإبداع والسينما والمسرح العالمي يودعانه
الأربعاء 19/سبتمبر/2018 - 12:39 م
شيماء اليوسف
طباعة
في الساعات الأولى من يومنا هذا، الأربعاء التاسع عشر من سبتمبر رحل عن عالمنا الفنان المبدع " جميل راتب" عن عمر يناهز ال 92 عاما، ليشيعه الأحبة من رحاب جامع الأزهر، و قد نعى هاني التهامي، مدير أعماله عبر حسابه الشخصي " فيس بوك " رحيل أبيه و صديقه و مثله الأعلى.
و لد في الثامن عشر من أغسطس لعام 1929م، نشأ جميل راتب في أسرة ثرية الفكر و النضال الثوري المجتمعي، فوالدته من المنيا و ليست فرنسية كما قيل عنها، و تعد أبنة أخ هدى شعراوي، أحد الناشطات الثوريات المصريات، و قد ولد في القاهرة لأب مصري مسلم، و قد عاش بين أسرة محافظة لها طابعها و ثقافتها الخاصة، و قد التحق بمدرسة الحقوق الفرنسية وبعدها اتجه إلى باريس ليكمل دراسته.
كانت نقطة التحول في مشواره الفني مع السينما المصري، الدور الذي لعبه في فيلم "الصعود إلى الهاوية" عندما نال جائزة " الممثل الأول" كأفضل ممثل على مستوى المدارس المصرية، في مطلع الأربعينات، و دراسته في فرنسا، جعلت الكثير من الأشخاص يظنون أن جميل راتب انطلقت موهبته من فوق خشبة المسرح الفرنسي على عكس الحقيقة.
جميل راتب
بدايته مع المسرح الفرنسي
جميل راتب
في الواقع أن البداية الحقيقية لجميل راتب مع الفن، كانت في 1946م، عندما شارك في يطولة فيلم " أنا الشرق" حيث كانت " كلود جودار" الممثلة الفرنسية ببطولته المشتركة مع مجموعة من فناني السينما المصرية في تلك الآونة من ضمنهم توفيق الدقن و جورج أبيض و حسين رياض و سعد أردش، هذه البداية الابداعية هي التي كانت بمثابة النقطة الارتكازية الأولى لانطلاقه حيث فرنسا فسافر إلى هناك و بدأ يشق طريقه الاحترافي للفن، بعدما نصحه " أندريه جيد" بدراسة الفن المسرحي الفرنسي بالسفر إلى باريس، و ماإن أقنعه أندريه حتى قبل النصيحة و غادر مصر، و قد كانت ملامحه الحادة المؤهل الأول للقيام بأدوار الشر.
في فرنسا .. استطاع جميل راتب، أن يستخدم موهبته بطريقة احترافية ما جعلته محط أنظار الفرنسيين، ما جعلهم يخصصون أدورا البطولة، كدوره في فيلم " سحابة في كوب ماء و ترابيز و أعمال أخرى، و في سنواته الأخيرة شارك في الأعمال الفنية الفرنسية بحوالي سبعة أعمال، إلى جانب مشاركته في العديد من الأفلام التونسية مثل " قالب أحلق الوادي " كأحد أشكال الإنتاج الفني المصري التونسي المشترك.
العودة إلى مصر
جميل راتب
انهال عليه مخرجي السينما فور عودته من فرنسا إلى قاهرة المعز، إن عبقرية جميل راتب الفنية و أدائه المتميز فقد رشحه صلاح أبو سيف لفيلم " الكداب " و عرض عليه القيام بدور ضابط في فيلم " الكرنك" الذي قام به كمال الشناوي، نجاح حققه الراحل في مجال السينما المصرية، و لكن فرنسا لم تنساه و لم تستغن عنه بل كانت تطلبه دوما لأفلامها السينمائية الفرنسية، الذي أصبح بجهوده الذاتية و كفائته الفنية أن يكون بارعا و متقنا لأداء مهامه و تطوريها.
بعد النجاح الذي حققه جميل راتب في مجال السينما المصرية، انخرط في مجال الدراما المسرحية و الاخراج المسرحي و تمكن من تقديم العديد من المسرحيات التي لازالت عالقة في أذهان المصريين كمسرحية " زيارة السيدة العجوز" و مسرحية " الأستاذ" و مسرحية " شهر زاد " قدم ما يقرب من سبعة و ستين فيلما مصريا و أفلام عالمية كرمه مهرجان القاهرة السينمائي.
جميل راتب
حياته الخاصة
تميزت شخصية جميل راتب بالإنسانية الودودة تغمر الحميمة في روحه النقية ما جعلته دائم الزيارة لزوجته الفرنسية بعد انفصالهما، فيكن لها في أعماقه كل تقدير و احترام، حيث كانت هي الأخرى ممثلة، ولكنها اعتزلت متفرغة للعمل كمديرة إنتاج ثم منتجة منفذة ثم مديرة لمسرح " الشانزليزيه" .
كان جميل راتب، أبا عظيما جدا في دوره من مسلم " عائلة ونيس " التي كانت نموذج مثالي و عريق اجتماعيا لتربى على نمطه و أسلوبه الأسر المصرية، كانت بالطبع هذه الدراما التي تفضل أن تدخل بيوتنا و تعشش في دواخل عقولنا، فلا أدري كيف للفنان محمد صبحي، أن يستقبل خبر موت أبيه الذي أحزننا جميعنا؟!