بعد 45 عاما من نصر أكتوبر .. لأول مرة كشف أسرار إسرائيل الاستراتيجية أمام الجبهة العربية
الإثنين 24/سبتمبر/2018 - 08:05 م
عواطف الوصيف
طباعة
كانت حرب أكتوبر، سببا رئيسيا في تحقيق النصر، واسترداد الأرض التي سلبت، أجزاء من أرض الوطن العربي، وهو ما يعد وسام مشرفا، لكن أكثر ما يعد ملفتا أو بالأحرى مشرفا هو أن هذه الحرب كانت بداية لتكاتف وتعاون العرب، ليقفوا أمام العدو الصهيوني، ولأهمية هذه الحرب يستلزم التطرق لنقاط هامة وخطيرة.
إيجابيا حرب 67
من المعروف أن حرب 67 كانت سبب رئيسي في ضياع العديد من الأجزاء الغالية في أوطاننا العربية "مصر وسوريا وفلسطين"، لكن هذا لا يمنع أنه كان لها إيجابيات أيضا، فقد كشفت عن نقاط الضعف، فقد عرف ما الذي ينقصنا من إمكانيات، وسبل مواجهاتها والتأكد من أن الاستراتيجية العسكرية التي أتبعت، لم تكن صحيحة على الإطلاق، وهو ما يعد نقاط إيجابية الإلتفات لها في حد ذاته كان من الأسباب الرئيسية في تحقيق النصر.
حرب 67
في ست سنوات
بعد إنتهاء حرب 67 رفضت كل من مصر وسوريا، الاستسلام، أو الخضوع للعدو الصهيوني وطيلة ست سنوات متتالية، عملا كل منهما على وضع استراتيجية عسكرية شاملة لإعادة ما كان الإهمال والتقصير سببا في ضياعه وكان النجاح والنصر هما حليفهما، لكن السؤال، ترى هل أكتفت إسرائيل بالإنتصار الذي حققته في 67، وأعتبرت أنه وبهذه الحرب أختتمت فصول الرواية؟.
انتصار ولكن
كانت نتيجة حرب 67، انتصار كبير بالنسبة لإسرائيل، فالمساحات الشاسعة التي فرضت سيطرتها عليها، حيث "سيناء والجولان والضفة الغربية"، تكون إسرائيل قد حققت جزء كبير من حلمها المنشود، " من النيل للفرات "، ذلك الحلم الذي يعد تجسيد لبروتوكولات حكماء صهيون، التي لا تزال تؤمن بها حتى الآن، لكن وعلى الرغم من ذلك، فقد كان بنو صهيون، على دراية شاملة بطبيعة العرب، أي أنهم كانوا على يقين من أن العرب، لن يتخلوا عن أراضيهم بهذه السهولة، وأنهم سيبذلون قصارى جهدهم، لاسترداد ما سلب منهم، لذلك كان عليهم الاستعداد، وإتخاذ التدابير اللازمة، من حيث الخطط الأستراتيجية، والتدريبات العسكرية، وذلك ما يستلزم أن نلق الضوء عليه.
موشيه ديان بين قواته
الخطوط الرئيسية للاستراتيجة الإسرائيلية
كانت الخطوط الرئيسة للاستراتيجية الإسرائيلية عند نشوب حرب 1973 امتدادا لنتائج حرب 1967. فقد خططت إسرائيل للاحتفاظ بالمكاسب، التي حققتها خلال تلك الحرب، ثم استيعابها حتى تضع نهاية للمطالب العربية وتحقق بعض أهداف الصهيونية في التوسع في المرحلة الراهنة، ويمكن تلخيص تلك الخطوط الرئيسة بما يلي:
1- الاحتفاظ بالوضع العسكري الناتج عن حرب 1967 في الجبهات المحيطة (بإسرائيل) والأراضي المحتلة مستقراً هادئاً، ومجابهة كل تحرك عربي، سواء كان فلسطينياً أو من إحدى الدول العربية، بردة فعل رادعة ضاربة أقسى وأعنف من الفعل ذاته.
2- استمرار حالة "اللاسلم واللاحرب"، والعمل على إجهاض أي عنصر يمكن أن يغير معالمها أو يؤثر فيها.
3- الاحتفاظ بقوة عسكرية متفوقة دائماً.
4- ترتيب الأوضاع في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، واستعمارها وتغيير معالمها وبنيتها الجغرافية والسكانية، تمهيداً لاستيعابها وضمها.
5- الارتباط بقرى دولية كبرى تعتبر حليفاً قوياً ومضموناً تتبادل معه الخدمات وتأمين المصالح. والولايات المتحدة هي الدولة الكبرى الرئيسة التي اتخذتها (إسرائيل) حليفاً صدوقاً لها في المرحلة الراهنة.
6-استثمار الفرص لضرب جيوش الدول العربية المحيطة (بإسرائيل) وتحطيم الجهاز العربي العسكري والحاق الهزيمة بالقوات العربية إذا أمكن ذلك.
7- إضعاف الطاقات العربية وتهديدها وتفتيتها.
موشيه ديان بين قواته
المبااديء التي أعتمدت عليها القيادة العسكرية الإسرائيلية
كانت القيادة العسكرية الاسرائيلية قد أسست الجيش ودربته وطورته وسلحته بشكل يؤهله للتدخل وفق مبادىء ثلاثة هي العمل الهجومي، والحرب الخاطفة، ونقل المعركة إلى أرض العرب، الذين يعتبروا بالنسبة لإسرائيل بمثابة العدو وجاءت نتائج حرب 1967 لتضيف عنصراً جديداً إلى المذهب العسكري الإسرائيلي هو عنصر الدفاع على خطوط دفاعية محصنة ومجهزة بأفضل ما تعرفه ترسانات الأسلحة من عتاد وتجهيزات ووسائل اتصال،على أن تكون تلك الخطوط مخافز صدامية تراقب وترصد حركات العدو، وتعيق تقدمه إذا ما بدأ الهجوم، وبذلك كانت خطوط الدفاع الإسرائيلية على قناة السويس وهضبة الجولان وضفاف الأردن، سواء ما كان منها خطاً دفاعياً متصلاً أو شبكة مستعمرات دفاعية، الحد الأمامي الذي يحفظ الأمن الإسرائيلي في مرحلة الترقب والرصد وإعاقة أي هجوم عربي محتمل.
مخططات موشيه ديان
نظرية الأمن الإسرائيلي
مثلما كانت حرب 67 ذات نتائج إيجابية بالنسبة للعرب، في تحديد نقاط السلب التي تعاني منها جبهاتنا العربية، كانت أيضا ذات نتائج إيجابية بالنسبة لإسرائيل، فقد ساعدتها على تخطي مجرد الاستيلاء على أجزاء من الوطن العربي كانت تحلم به، فقد ساعدتها على تشكيل ما سمي بـ "نظرية الأمن الاسرائيلي"، وهي نظرية تقوم في جوهرها على أن أمن إسرائيل هو الأساس والغاية.
موشيه ديان
الوحدة عنصر المفاجأة
من المعروف أن ساعة الهجوم التي شنت ضد إسرائيل، كان عنصر المفاجأة الذي كان من ضمن العناصر الذي أعتمد عليه من أجل تحقيق النصر، لكن لابد من الإنتباه إلى أن وحدة العرب الذي تجسد في 73 كان عنصر مفاجاة أكبر وأهم، فقد أعتمدت إسرائيل في إستراتيجيتها على القناعة بأن الدول العربية تفتقر إلى القوة الكافية والقدرة على التخطيط والتنظيم والتنفيذ، وبأن الفرقة بينها لا تؤهلها للالتقاء على هدف واحد محدد، أو لتوحيد صفوفها وتنظيم قواها واستحدام طاقاتها وفق استراتيجية موحدة شاملة، وإذا ما حدث ذلك فإن القوات الإسرائيلية الضاربة، قادرة على تحطيم القوات العربية المهاجمة.
الجبهات العربية في حرب أكتوبر
خبرات سابقة
تجربة إسرائيل في الحروب والمعارك السابقة علمتها بأن التنسيق بين الجبهات العربية الشمالية والجنوبية والشرقية، فيما يتعلق بالعمليات الحربية، مفقود أو يكاد يكون مفقوداً، وهو ما يساعدها، على تطبيق مبدأ استفراد هذه الجبهات الواحدة تلو الأخرى فتركز جهدها العسكري الرئيس على الجبهة التي تبدو أكثر خطراً من غيرها، حتى إذا أزالت الخطر أو أوقفت الهجوم أو ردته انتقلت بجهدها الرئيس إلى الجبهة الثانية، وهكذا دواليك.
الخلاصة..
ما حققته مصر وسوريا ومختلف أقطار الوطن العربي في هذه الحرب أكتوبر 73، شرف يتوج فوق الرؤوس لا محالة، وربما الكشف عنه أمر ضروري، ليسجل في كتب التاريخ، ويدرس للأجيال، ليعوا ماهية وأهمية الوحدة، والاستراتيجية الشاملة، لكن ما يعد أهم، هو معرفة مخططات واستراتيجية إسرائيل حينها لعل يكون ذلك أساس يعتمد عليه، في الوقوف أمامها حاليا، وتحقيق نصر ومجد جديد يحرر أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين من براثن قبضتها.