"المآذن العالية" ما لا نعرفه عن الخطة الهجومية الأولى بعد هزيمة1967
الثلاثاء 25/سبتمبر/2018 - 10:30 م
أنهار بكر
طباعة
كلما جرى التعمق بالبحث في خطط حرب أكتوبر 1973، يجد المتابع أنها حرب حافلة بالبطولات والمواقف المُشرِفة بالإضافة إلى خطط الخداع الإستراتيجي ونقل المعدات التي ما زال العدو الإسرائيلي أول شاهد على عبقريتها.
"خطة المآذن العالية" هي خطة عسكرية أعدتها رئاسة أركان حرب القوات المسلحة المصرية، في أغسطس1971 أي بعد تعيين الفريق سعد الدين الشاذلي رئيسًا للأركان في مايو من نفس العام.
الخطة الهجومية الأولى بعد 1967 م
"خطة المآذن العالية" هي خطة عسكرية أعدتها رئاسة أركان حرب القوات المسلحة المصرية، في أغسطس1971 أي بعد تعيين الفريق سعد الدين الشاذلي رئيسًا للأركان في مايو من نفس العام.
الخطة الهجومية الأولى بعد 1967 م
كانت هذه الخطة هي أول خطة هجومية أعدتها القوات المسلحة بعد الهزيمة في عام1967، تم بالفعل تنفيذ هذه الخطة في حرب أكتوبر في عملية بدر التي تم تغير اسمها إلى "خطة بدر" في سبتمبر1973 قبل بدء الحرب بشهر تقريبًا.
كان الهدف الأساسي للخطة هو عبور قناة السويس وتدمير خط بارليف والسيطرة عليه، لذلك فقد تم اتخاذ أوضاع دفاعية على مسافة تتراوح بين 10ـ12 كم شرق القناة، وكانت هذه هي المسافة المؤمنة عبر مظلة الصواريخ المضادة للطائرات، بلغت القوة المهاجمة خمس فرق مشاة أي ما يقرب من 120ألف جندي.
ووزعت الخطة بحيث تتمسك القوات الموجودة في شرق القناة وأن تتصدى لأي هجوم من العدو، وانه من واجبها أن تُلحق به كل الخسائر الممكنة على أن تلتزم فرقتين أحدهما بالبقاء في غرب القناة والأخرى مدرعة على بعد 20كم من غرب القناة لتمثل احتياطي التعبئة لفرق المشاة الخمس.
بالإضافة إلى احتياطي القيادة العامة الذي تكون من 3 ألوية مدرعة وفرقة ميكانيكية، كما أُخذ في عين الاعتبار أن تكون فرقة المشاة قادرة على صد فرقة مدرعة إسرائيلية يحتمل أن تتكون من 3ألوية مدرعة.
الخلفية التاريخية عن المآذن العالية
بعد هزيمة الجيش في عام1967 لم يكن لدى القوات المسلحة أي خطة عسكرية هجومية، وكانت تقتصر على وجود الخطة الدفاعية 200 التي كانت غير دقيقة نتيجة التغيرات التي تطرأ على كلًا من الجيشين والأوضاع المحيطة بهما، بالإضافة إلى خطة أخرى أطلق عليها "جرانيت" والتي كانت تهدف للقيام بغارات على مواقع العدو في حين كونها غير مكتملة الأركان فلم تكن تستحق أن يُطلق عليها خطة.
ولكن بعد أن تم تعيين الفريق سعد الدين الشاذلي رئيسًا للأركان، عمل جاهدًا على وضع خطة هجومية تتناسب وتتماشى مع قدرات وإمكانيات القوات المسلحة المصرية، عندئذ قام الفريق الشاذلي بعرض الخطة على محمد صادق القائد العام للقوات المسلحة والذي أبدى اعتراضه على الخطة بحجة أنها لا تحقق أي منفعة سياسية أو عسكرية.
ولكن بعد العديد من الجلسات والمناقشات التي استمرت عدة أيام، توصل الشاذلي إلى حل وسط وهو إعداد خطتين، الأولى بهدف احتلال المضائق وأطلق عليها "العملية41" والثانية بهدف الاستيلاء على خط بارليف وأطلق عليها "المآذن العالية"
جوهر الخطة
نتيجة ضعف القوات الجوية ذاتية الحركة لم تستطيع القوات بالقيام بعملية هجومية على نطاق كبير، ولكن كان بإمكان القوات أن تقوم بعملية أخرى عن طريق عبور القناة وتدمير خط بارليف واحتلال ما يقرب من 10ـ12كم شرق القناة.
كان العامل الأساسي في هذه الخطة هو أن إسرائيل ليست باستطاعتها تحمل الخسائر البشرية نظرًا لقلة عدد أفرادها، بالإضافة على العمل على إطالة مدة الحرب وهو الأمر الذي طالما عملت إسرائيل على تفاديه، واللجوء إلى الحروب الخاطفة التي لا تمتد لأكثر من6 أسابيع، كان السبب الرئيسي في ذلك أنها تقوم بتعبئة 18% من الشعب الإسرائيلي.
فكانت خطة الشاذلي تعتمد على هذه النقطة خاصة وأن الحالة الاقتصادية تتوقف تمامًا في إسرائيل وذلك لأن معظم العاملين في مجال الزراعة والصناعة والتعليم هم في الأساس ضباط وعساكر في القوات المسلحة الإسرائيلية.
اعتمدت الخطة على جانبين آخرين وهما "ـ حرمان إسرائيل من الهجوم على القناة من الأطراف لأن الجيش المصري سيسيطر عليها بعمق 12كم من شرق القناة بطول الجبهة الممتدة170كم، فيضطر العدو إلى الهجوم بالمواجهة وعندئذ يتكبد الخسائر البشرية التي لا يقوى على تحملها.
وأما عن الناحية الأخرى من الخطة قال الشاذلي " أن العدو يتمتع بميزة هامة في المعارك التصادمية وهي الدعم الجوي السريع للعناصر المدرعة التابعة له، وهذه الميزة ستفقدها القوات الإسرائيلية لأنه سيتم تحييد الطيران الإسرائيلي من المعركة، وفق العقيدة القتالية التي يعمل عليها القادة الإسرائيليين.