خفايا حصار السويس.. دهاء الجندي المصري يوقع إسرائيل في الفخ
الثلاثاء 02/أكتوبر/2018 - 03:31 م
عواطف الوصيف
طباعة
بدأ حصار السويس بعد حرب السادس من أكتوبر عام 1973، والتي كانت عبارة عن أمر أصدر من القيادة العامة للقوات المسلحة لم يكن في الحسبان على الإطلاق، ذلك اليوم الذي شهد إنجاز بطولي غير عادي من قبل البواسل من جنود الجيش المصري، لكن السؤال، هل توقف الأمر عند مجرد يوم السادس من أكتوبر أم أن للقصة خفايا أخرى، ليست معروفة للجميع.
حرب أكتوبر المجيدة
بطل القصة
تمكنت حرب أكتوبر من أن تصبح أيقونة يتغنى بها العرب، لما شهدته من إنجازات تمثلت في إنتصارات وقدرات جيش أكد لإسرائيل أنها ليست بإسطورة كيفما تشيع عن نفسها، وأنه من الممكن قهرها وكسر شوكتها، والأهم هو أن هذه الحرب كانت خير مثال على تحالف القوى العربية، ووقوف العرب جنبا إلى جنب، لكن هناك بطل لابد من الإلتفات له، وإعطاءه ما يستحق، وهو الجندي المصري.
فارس الجبهة
وقف الجندي المصري على الجبهة، فارسا محاربا، مواجها للموت، ولا يخاف إلا الله داعيا له بالتوفيق وتحقيق النصر، كل امله أن يقدر على استرداد الأرض ومكانة وكرامة بلاده، لكن لم يتوقف دور الجندي المصري، عند مجرد يوم السادس من أكتوبر، فهناك من الأسرار والخفايا التي تكشف ما تعرضت له السويس في فترة حصارها من بعد حرب أكتوبر، تلك الفترة التي أكدت أن الجندي المصري، لا يتوقف دوره عند مجرد حمل السلاح وسط نيران المعركة فهو يمتلك من الدهاء ما يؤهله للوقوف أمم الحصار الصهيوني، كما أنه دليل على ما يتمتع به من خصال الوطنية والإنتماء لبلده.
الجندي المصري
قطع المياه
قامت القوات الاسرائيلية يوم 17 اكتوبر بقصف مركز على ترعة الاسماعيلية التى تغذى المدينة بالمياه الحلوة مما نتج عنه قفل الترعة عند نقطة القطع وحجزت المياه الباقية والتى قدرت بحوالى 400 الف متر مكعب فى المنطقة من نقطة القطع الى السويس، وكان الجنود من أبناء القوات المسلحة يساعدون أبناء المحافظة في حل الأزمة وحفر الأبيار، والعمل على إخضاع السبل لتوفير المياه العذبة للشرب.
فرقة ادن تعبر القناة
فى مساء 17 اكتوبر بدأت فرقة ادن المدرعة عبور القناة الى الضفة الغربية وهو ما عرف حينها بـ "ثغرة فرذدوار"، وكانت مهمتها الاساسية التقدم بعد ذلك الى السويس وعبر فى الليل لواءان مدرعين وعبر اللواء الثالث خلال يوم 18 اكتوبر كان الهدف الانطلاق جنوبا الى السويس بكل ما تمثله من قيمة ووزن تاريخى ونضالى واسم له قيمته العالمية.
أدان قائد أحد فرق المدرعات التي دخلت السويس
دور فرقة ماجن
من جانبها كان لفرقة ماجن المدرعة دور هي الأخرى فى العبور للغرب رغم اشتباك المدفعية معها حيث كانت الفرقة مكلفة بتدعيم ومتابعة تقدم فرقة الجنرال ادن الى السويس اى ان العدو حشد فرقتين مدرعتين للاستيلاء على المدينة، لكن أنتهت كل هذه المحاولات بالفشل، لوقوف أبناء مصر من جنود القوات المسلحة ومعاونة أبناء السويس معهم ضد العدو الصهيوني.
وقف إطلاق النار والغدر الصهيوني
بية بطولات الجندي المصري في السويس خلال فترة الحصار، يبدأ في السادس عشر من أكتوبر عام 1973، حينما طالب الرئيس الأمريكي هنري كسنجر كل من مصر وإسرائيل بتهدئة الأوضاع ووقف إطلاق النار، وهو ما وافقت عليه مصر بالفعل، وقرر مجلس الأمن في 21 من أكتوبر من نفس العام وقف إطلاق النار لمدة 12 ساعة، لكن موقف إسرائيل كعدتها كان خيانة العهد، فلأنها لم تحقق حتى ذلك التوقيت أي أهداف عسكرية أو استراتيجية، فعلى سبيل المثال لم ترغم القوات المصرية على سحب قواتها إلى غرب القناة مرة أخرى ولم تستطع قطع خطوط مواصلات الجيشين الثاني والثالث وفشلت في احتلال مدينة الإسماعيلية، لم تحترم القرار الصادر عن الأمم المتحدة، وهنا بدأ دور الجندي المصري في معاونه أبناء بلده من المدنيين في قلب مدينة السويس.
مباحثات هنري كسينجر والسادات
محاولة الاستيلاء على جبل عتاقة
كان من الواضح ان القوات الاسرائيلية لم تلنزم بقرار وقف اطلاق النار اذ ان هدفها الذة تتحرك من اجله وهو الوصول الى السويس واحتلالها لم يتحقق بعد وكان التشكيل الاسرائيلى يتكون من فرقة ادن وتضم 3 لواءات مدرعة ولواء مشاة مكون من 5 كتائب وعلى يمينها والى الخلف منها الفرقة المدرعة للجنرال ماجن وكانت مهمة الجنرال ادن احتلال السويس او عزلها بينما تتحرك فرقة ماجن لاحتلال ميناء الادبية جنوب السويس والاستيلاء على جبل عتاقة غرب خليج السويس فمن شأن ذلك منحهم سيطرة عسكرية كاملة على المنطقة الممتدة من الاسماعيلية الى خليج السويس ومن شأنه ايضا احباط اى احتمال للالتفاف حول القوات الاسرائيلية غرب القناة وحماية ظهر فرقة ادن.
الجندي المصري يواجه
لم يستسلم الجندي المصري بأي صورة من الصور، فقد ظل خلال الفترة من الثاني والعشرون وحتى الثالث والعشرون في مواجهات دامية يساند أبناء محافظة السويس، ويحميهم ويتصدى للغدر الصهيوني، خلال الغارات الليلية، حتى جاء يوم الرابع والعشرون من أكتوبر، الذي تعتبره السوس نصرا خاص بها.
الجندي المصري
قرار جديد لمجلس الامن
وسط الاستعدادات الصهيونية لاقتحام السويس وجهود الشعب والجيش والشرطة للدفاع عنها كان مجلس الامن يعقد جلساته طوال يوم 23 اكتوبر واصدر فى مساء اليوم قرارا ثانيا بوقف اطلاق النار على ان يبدأ تنفيذ وقف اطلاق النار اعتبارا من الساعة السابعة صباح يوم 24 اكتوبر، لكن هل توقف اطلاق النار حقا ؟!
أحداث 24 اكتوبر
ومع أول ضوء من يوم 24 أكتوبر بدأ العدو في دك المدينة بالطيران ثم أشتركت المدفعية في القصف في الوقت الذى بدأ الفدائيين في تنظيم أنفسهم، ولاحظوا أن القصف يتحاشى مداخل المدينة فأدركوا أن العدو سيستخدم هذه المداخل في أقتحام المدينة وعلى الفور تم تعديل أماكن الكمائن، وواجه الإسرائيليون خطة محكمة تدل على ذكاء المصرين شعبا وجيشا، اوقعوا بها عدوهم في الفخ.
محاولات التوغل الإسرائيلية في السويس
سر الإحتفال
من المعروف أن محافظة السويس تحتفل بعيدها القومي في الرابع والعشرون من كل عام، لذلك حرص العديد من أبناء المحافظة على كشف سر تحديد هذا اليوم ليكون عيدا قوميا لها، من خلال سرد أهم الأحداث التي تمت خلاله والتي أكدوا انها كانت تحت قيادة جنود مصر، وبالتعاون مع الفدائيين من أبناء السويس البواسل، من خلال مختلف الصفحات الرسمية على مواقع التواصل الإجتماعي.
خطة داهية
وفقا لما روي فمع بزوغ الصباح وسريان وقف إطلاق النار بدأت القوات المعادية التقدم ودخلت المدينة دون مقاومة، وكانت خطة الجيش بالتعاون مع الفدائيين هي إدخال القوات الإسرائيلية الشرك ثم محاصرتها، وبدأت الدبابات الإسرائيلية في السير بما يشبه النزهة، على ما قيل، داخل المدينة التى بدت خالية على عروشها حتى أن بعض الجنود الإسرائيليين نزلوا لإلتقاط بعض التذكارات من الشوارع.
وفجأة فتحت السويس أبواب الجحيم في وجه العدوان!
الفدائيين في مواجهة إسرائيل
معركة طاحنة
دارت معركة طاحنة بين الفدائيين وقوات العدو، في ميدان الأربعين، حيث فتح الفدائيين النيران عليهم من كل شبر، في الميدان فأصيبوا بالذعر والهلع وتركوا الدبابات للبحث عن أي ساتر ولم يجدوا أمامهم سوى قسم شرطة الأربعين، أما دبابات الموجة الثانية فقد أصابها الرعب هي الآخرى وأستدرات هاربة وتصادمت مع بعضها البعض وأندفع أبطال السويس يصطادون الدبابات المذعورة، بحسب الوصف الذي أستخدم.
إنسحاب إسرائيل
قرر مجلس الأمن أن يتم تفعيل وقف إطلاق النار، الساعة السابعة من صباح يوم 24 أكتوبر، لكن وفي نفس اليوم، وخلال ساعات الليل، وبفضل خطة جنود القوات المسلحة وتعاونهم مع الفدائيين، أنسحبت إسرائيل أنسحبت بالكامل خارج السويس، التي تحولت مقبرة اليهود.
الإنسحاب الإسرائيلي من السويس
شهادة إسرائيلية
يقول حاييم هرتزوج، وهو واحد من أشهر جنرالات إسرائيل العسكريين، في كتابة "حرب التكفير" إن الكتيبة المدرعة التى دخلت السويس من ناحية المثلث وكان عددها 24 دبابة قد قتل أو جرح عشرون قائد دبابة من قادتها الأربعة والعشرون .
حاييم هرتزوج
الخلاصة
لابد من الإعتراف، بأن الفضل في تحقيق نصر أكتوبر73، بعد توفيق الله تعالى، لم يكن فقط للقادة أو الخطط الإستراتيجية والعسكرية التي تم ترتيبها، ففداء جنود مصر، وإصرارهم على المواجهة، يعد هو الركيزة الأساسية، وفترة حصار السويس بعد حرب السادس من أكتوبر، تكشف أنه أبى يتوقف دوره على مجرد حمل السلاح على الجبهة، فقد منحنا جنودنا شرف نرجو الله أن يكون من أبناء هذا الجيل من يستحقونه.