البيوت المصرية القديمة من العمارة للمنارة.. كيف غير وجهها الزمن؟
الخميس 22/نوفمبر/2018 - 06:15 م
شيماء اليوسف- تصوير/ محمد توفيق
طباعة
دعونا نتجول معا في رحلة حول البيوت المصرية القديمة، حين تمر في منطقة الحسين، أو السيدة زينب أو ذهبت في جولة لمصر القديمة، تأخذك هناك روعة الطراز الهندسي للبيوت، تشد انتباهك دون أن تدري نوافذها والشرفات ذات أكوام الثوم والبصلة المعلقة أعلى الشرفة، وإن كانت الأتربة تغطي وجهها، فإن ملامح البيوت لا تجذبك أينما كنت.
البيوت المصرية القديمة قصص وحكايات
البيوت المصرية القديمة
تجد في بينيان البيوت المصرية القديمة تناغم معماري من المستوى الرفيع، تجد هذا التناغم ممشوقا بين البناء والأعمال الخشبية المتميزة، لقد كان للصناع آنذاك دورا هاما في تصميم وتزيين البيوت في صحن قاهرة المعز، فإن فكرت نصف مرة أن تذهب حيث هناك أو كنت من عشاق التسكع في القاهرة بنت التاريخ، قف وتأمل جمال العمارة القديمة، التي استحالت في عصرنا هذا منارة ثقافية مميزة.
عندما تدب بقديمك ناحية البيوت المصرية القديمة، ستجد الشوارع مبلطة بالحجارة المضلعة، غير مرصوفة متعجرفة، ستجد الشوارع هناك ضيقة، ثم تصادفك من حيث لا تحتسب مساحات هائلة من الاتساع، الغير منتظم في شكله، وتجد هناك أزقة أكثر ضيقا تتفرع من الشوارع، تتقارب المنازل إلى جوار بعضها، حيث تكاد أن تشعر أن البيوت على وشك من التلاصق.
تخطفك رائحة البيوت المصرية القديمة التي تحول آلاف منها إلى متاحف مثل بيت "الحاج سالم الجزار" فهل كان الخليفة الفاطمي المعز لدين الله يدرك أهمية وعظمة ومكانة القاهرة؟ حينما أم جوهر الصقلي في 969م، بإنشاء المدينة العريقة، فإن كنت تريد أن تعرف تاريخ المقاهي والطراز الذي بنيت عليه لدخلت القاهرة، وإن كنت على شغف بمعرفة أصل "النرجيلة" لدخلت لغصت في أعماق القاهرة.
البيوت المصرية القديمة
تنظر من نافذتها تدلي حاملها الخشبي المصنوع من الخيزران الرقيق تحمل فيه أرغفة العيش أو علب الأطعمة أو حزمة الخضار، وتجلس في شرفتها الواسعة أو تقف خلف نافذتها، تختبئ بعيدا عن أنظار المارة، لترصد زوجها عن ثقب أو تطل بحدقة عينها على حبيبها أو طفلها، وستار شرفتها مغطى تماما، لكنها كانت تشعر ببهجة وسعادة عظيمة عندما تعقد حلقة حديث مع جارتها، كانت هذه هي صورة المرأة التي سكنت البيوت المصرية القديمة.
عندما تنظر إلى البيوت المصرية القديمة، تأخذ روحك في رحلة بين الهدوء والمتعة، هناك تجد الطريق إلى الجمال وروعة التصميم، تستنشق فعليا نسيم هواء النقي، المغطى بعطور الحارات وفيه يختلط النسيم بطيبة المصريين فإن أردت "الترويح" عن نفسك لا تترد في الذهاب إلى هناك، فمساجد القاهرة ستحتضن روحك، ومآذنها ستشعرك بالأمان، فجرب أن تهبط مسجد الحاكم بأمر الله أو مسجد المؤيد، أو حكايات الخيول المملوكية أو أسواق القاهرة العربية.
لقد بنيت البيوت المصرية القديمة على أشكال عديدة، اختلف طراز البيوت بين فمنها ما بني على الطراز المملوكي، ومنها ما بني على الطراز الروماني، وغيرها بني على الطراز الإسلامي، وقد نجح الفنانون المعماريون الإسلاميون صبغ البيوت والمساجد والشوارع بهذا الطراز، فللعمارة الإسلامية روعتها وملامحها المتميزة، التي جعلتها في مقدمة مدارس العمارة العالمية، وتعد البيوت المصرية القديمة المبنية على الطراز الإسلامي من الآثار الإسلامية النادرة.
وتعطي البيوت المصرية القديمة المبنية على الطراز الإسلامي مثالا حي على ما وصلت إليه العمارة الإسلامية من رقي وتحضر وتفنن اتسقت فيه قيم العقيدة الإسلامية مع القيم الجمالية لهذه العامرة، في ركن مهم من أركان العمارة الإسلامية وهو عمارة المسكن والمعاشة لاسيما العصرين المملوكي والعثماني، فالعناصر المعمارية التي تنفرد بها العمارة الإسلامية كثيرة من الخصوصية في الطراز والشكل والهندسة بين البيوت الكثيرة.