من قل لحميدنا إلى عرابي الخائن .. مسلسل عبدالحميد الثاني يزور تاريخ مصر
الأربعاء 28/نوفمبر/2018 - 03:38 م
وسيم عفيفي
طباعة
طيلة الأسابيع القليلة الماضية تأثر متابعي مسلسل عبدالحميد الثاني بمشهد قل لحميدنا والذي يروي قصة مجيء رجل أعلن إفلاسه إلى السلطان عبدالحميد الثاني ويقول له أن السلطان عبدالحميد مديون له ولما يشرح له المعنى يقول "أتاني الرسول في المنام وقال لي قل لحميدنا لقد نسيت أن تصلي عليّ بالأمس .. قل له وسيعطيك ما تريد".
مسلسل عبدالحميد الثاني .. أصل الحكاية
مسلسل عبدالحميد الثاني .. أصل الحكاية
من مسلسل عبدالحميد الثاني
يعرف متابعي المسلسلات التركية الممثل التركي بولنت إينال حيث أنه اشتهر عبر المسلسل الرومانسي سنوات الضياع، ولأول مرة يرونه في شخصية تاريخية تلقى شهرةً في العالم الإسلامي وهي شخصية السلطان عبدالحميد الثاني.
جاء مسلسل عبدالحميد الثاني بعد طوفان من المسلسلات التركية التي تتناول تاريخ الدولة العثمانية مثل أرطغرل وحريم السلطان، ورغم العداء التاريخي بين العلمانيين والإسلاميين في تركيا لكن المسلسل لاقى إعجابا كبيرا حيث أنه يتناول أسوأ فترة على السلطان عبدالحميد الثاني وهي الفترة من سنة 1896 حتى عام 1909 حيث مؤامرت الغرب وملحمة تأسيس خط سكة حديد الحجاز.
تأسيس سكة حديد الحجاز
حاول المسلسل إظهار المشروع الأقوى للدولة العثمانية وهو خط سكة حديد الحجاز والذي تناوله فيلم لورنس العرب بشكل فيه تزوير، بينما تعمق مسلسل عبدالحميد الثاني في هذه المسألة التاريخية لكنه وقع في عدة أخطاء تاريخية متعلقة بالشأن المصري.
كيف ظهرت مصر في مسلسل عبدالحميد الثاني
من الحلقة 62 في مسلسل عبدالحميد الثاني
لا يعلم الكثيرين أن المسلسل العربي الوحيد الذي تم دبلجته للهجة التركية كان من إنتاج مصري سوري وعن السلطان عبدالحميد الثاني وهو مسلسل سقوط الخلافة الذي كتبه المؤلف يسري الجندي وأخرجه محمد عزيزية، ولاقى إعجابا شديدا في تركيا.
دافع المسلسل المصري السوري عن السلطان عبدالحميد الثاني دفاعا مستميتا وأظهر الدولة العثمانية كما تقول كتبها وليس كما يقول كتب معارضيها، بينما المسلسل التركي أظهر مصر بصورة غير حقيقة ومتناقضة حتى مع ما تذكره كتب التاريخ التركي، والعجب أن المسلسل يحاول إنصاف مظلوم ـ كما يتصور ـ، بينما يظلم أبرياء باسم الحبكة.
فؤاد - صافيناز في الحلقة 62 من المسلسل
ظهرت مصر على في المسلسل من خلال الحلقة 62 حيث ظهر فؤاد أفندي مسئول مصر والذي حاول خنق حبيبته لأنها قالت له كن رجلا واقضي على عبدالحميد، ولما كادت أن تفارق حياتها قام خادمها عرابي بإشهار السلاح على مسئول مصر فؤاد أفندي ثم اكتشف الأخير أن زوجته تلاعبه عبر خادمها عرابي؛ و الممثل الذي يؤدي شخصية عرابي اسمه علي جمال وهو مصري مقيم في تركيا.
شخصية عرابي في المسلسل
وتناولت الحلقة 62 من المسلسل ظهور أحمد عرابي وسيده فؤاد أفندي في الميناء وهم يرسلون شحنة من 1000 بندقية و500 قنبلة إلى بلغاريا لتسليح المتمردين حتى ينجح فؤاد أفندي في إجهاض التحالف العثماني البلغاري، وقام عرابي بأخذ الرسالة في خيانة للسلطان !.
فضلا عن ظهور شكل الميناء المصري على نمط غير صحيح حيث ظهر بالشكل التركي وهو ما ينافي كافة الصور النادرة ووصف الرحالة للموانئ المصرية.
الحقيقة في مسلسل عبدالحميد الثاني ـ أخطاء ساذجة
أفيش مسلسل عبدالحميد الثاني
طبقا لسياق المسلسل فإن الأحداث الواردة فيه تدور بين عام 1896 وعام 1909 وفي تلك الفترة فإن الحاكم لم يكن اسمه فؤاد أفندي وإنما عباس حلمي الثاني والذي تولى حكم مصر من سنة 1892 حتى 1914 م، وفي تلك الفترة فإن أحمد عرابي كان منفيا خارج مصر ثم عاد سنة 1903 م.
ثاني تلك الأخطاء الساذجة أن أحمد عرابي لم يعمل في الحرس الخديوي إصلا لا في عهد إسماعيل أو توفيق أو نجله عباس حلمي الثاني فضلا عن أن الأخير لم تكن له حبيبة أو زوجته باسم صافيناز.
وإن كان المقصود بشخصية فؤاد أفندي هي شخصية الملك فؤاد فيما بعد، فإن الملك فؤاد عقب نفي والده الخديوي إسماعيل وانتقالهما إلى الآستانة عُيِّن ياورًا فخريًا للسلطان عبد الحميد الثاني، وتدرج في منصبه حتى تعين ملحقا في سفارة العثمانيين بالنمسا وعاد إلى مصر سنة 1890 ـ أي قبل أحداث المسلسل أصلاً ـ، فضلا عن أنه لم يقابل أحمد عرابي؛ ولم تكن له زوجة باسم صافيناز وإنما تزوج من الأميرة شويكار عام 1895 ـ أي أثناء بقاءه في مصر ـ.
ما نسيه مسلسل عبدالحميد الثاني عن مصر وسكة حديد الحجاز
ثاني تلك الأخطاء الساذجة أن أحمد عرابي لم يعمل في الحرس الخديوي إصلا لا في عهد إسماعيل أو توفيق أو نجله عباس حلمي الثاني فضلا عن أن الأخير لم تكن له حبيبة أو زوجته باسم صافيناز.
وإن كان المقصود بشخصية فؤاد أفندي هي شخصية الملك فؤاد فيما بعد، فإن الملك فؤاد عقب نفي والده الخديوي إسماعيل وانتقالهما إلى الآستانة عُيِّن ياورًا فخريًا للسلطان عبد الحميد الثاني، وتدرج في منصبه حتى تعين ملحقا في سفارة العثمانيين بالنمسا وعاد إلى مصر سنة 1890 ـ أي قبل أحداث المسلسل أصلاً ـ، فضلا عن أنه لم يقابل أحمد عرابي؛ ولم تكن له زوجة باسم صافيناز وإنما تزوج من الأميرة شويكار عام 1895 ـ أي أثناء بقاءه في مصر ـ.
ما نسيه مسلسل عبدالحميد الثاني عن مصر وسكة حديد الحجاز
سكة حديد الحجاز
لم يكن خط سكة حديد الحجاز كما ظهر في فيلم Lawrence of Arabia، أنه مجرد خط تجاري أنشأه الأتراك من أجل السرقة على ثروات العرب، إنما له قصة أخرى وتاريخ لم يعرفه الكثيرين نتيجةً للسياسة والنزعات القومية التي نشأت بعد الحرب العالمية الأولى.
فكرةسكة حديد الحجاز بدأت يوم 1 مايو من عام 1900 م، حين قرر السلطان العثماني عبد الحميد الثاني إنشاء سكة حديد الحجاز وذلك لخدمة الحجاج وتسهيل الحج بدلاً من قوافل الإبل التي تأخذ 40 يوماً من المعاناة بين دمشق والمدينة، ومن خلاله أيضا يتم تسهيل نقل الجنود والمعدات من أجل السيطرة على الشام والحجاز واليمن عقب استيلاء الإنجليز على مصر.
قدرت تكلفة الخط بنحو 3.5 ملايين ليرة عثمانية، معظمها مساعدات شعبية من داخل السلطنة العثمانية وبلدان إسلامية أخرى إضافة إلى مساعدة ألمانية، من دويتشه بنك وشركة سيمنز على وجه الخصوص.
وتبرع خديوي مصر عباس حلمي بكميات كبيرة من مواد البناء إضافة إلى تبرعات كثيرة من المسلمين عبر العالم.
ما بين أحمد عرابي وعبدالحميد الثاني
فكرةسكة حديد الحجاز بدأت يوم 1 مايو من عام 1900 م، حين قرر السلطان العثماني عبد الحميد الثاني إنشاء سكة حديد الحجاز وذلك لخدمة الحجاج وتسهيل الحج بدلاً من قوافل الإبل التي تأخذ 40 يوماً من المعاناة بين دمشق والمدينة، ومن خلاله أيضا يتم تسهيل نقل الجنود والمعدات من أجل السيطرة على الشام والحجاز واليمن عقب استيلاء الإنجليز على مصر.
قدرت تكلفة الخط بنحو 3.5 ملايين ليرة عثمانية، معظمها مساعدات شعبية من داخل السلطنة العثمانية وبلدان إسلامية أخرى إضافة إلى مساعدة ألمانية، من دويتشه بنك وشركة سيمنز على وجه الخصوص.
وتبرع خديوي مصر عباس حلمي بكميات كبيرة من مواد البناء إضافة إلى تبرعات كثيرة من المسلمين عبر العالم.
ما بين أحمد عرابي وعبدالحميد الثاني
عبدالحميد الثاني - أحمد عرابي
كان السلطان عبدالحميد داعما للثورة العرابية في بدايتها لكنه أصدر منشور عصيانه للخليفة فيما بعد مما أثر على سياق الأحداث والروح المعنوية للجميع لدرجة جعلت عرابي يقول "لم يستنكر السلطان أبدًا ما فعلنا، لا في أثناء تلك المفاوضات ولا فيما بعدها حتى وقتنا هذا، بل إن السلطان أيّد أفعالنا بالقول وبالعمل والصدر الأعظم ـ رئيس الوزراء في الدولة العثمانيةـ بأنه كاتب منشور العصيان هذا ـ وليس السلطان عبد الحميد ـ بضغط من الإنجليز الذين أرادوا تهدئة المسلمين في الهند ومنعهم من استغلال الأحداث في ثورة".