لماذا قرأ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد "فَتَثَبَّتُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ" بدلا من "فَتَبَيَّنُوا"؟
الأربعاء 05/ديسمبر/2018 - 01:00 ص
وسيم عفيفي
طباعة
تألق الشيخ عبدالباسط عبدالصمد في قراءة ما تيسر من سورة الحجرات، لكن كان لافتا في التسجيل النادر أن قرأ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد "فَتَثَبَّتُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ" بدلا من "فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ"، وهو الأمر الذي أثار تساؤلات كثيرة خاصة وأن هناك قراء يقرأون هذه الكلمة على خلاف ما اعتادت الأذن عليه.
حكاية القراءة
حكاية القراءة
يذكر علماء القراءات أن الاثنتين "فتثبتوا" و "فتبينوا" صحيحتين ومتواترتين عن النبي صلى الله عليه وسلم، والقراء الذين يقرأون "فَتَبَيَّنُوا" هم نافع وبن كثير وبي عمر وبن عامر وعاصم وأبي جعفر ويعقوب الحضرمي.
معنى القراءة والفرق بين فتبينوا و فتثبتوا
وعن وجود فرق بين الكلمتين قال الدكتور عمر بن عبد الله المقبل نعم، لأنه قد يثبت الخبر، ولكن لا يُدْرى ما وجهه، لأن التثبت منهج علمي ينتهي بنتيجة التبين، ومن لم يتبين لم يتثبت بمنهج سليم وعليه فمن تثبت بمنهج سليم وفق للتبين الحقيقي باللازم.
لماذا نزلت الآية ؟
أما قراءة فتثبتوا فهي للشيخ حمزة والكسائي وخلف العاشر؛ وفي ذلك يقول الطبري خلال تفسيره لسورة الحجرات "واختلفت القرّاء في قراءة قوله فَتَبَيَّنُوا فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة فَتَثَبَّتُوا بالثاء، وذُكر أنها في مصحف عبد الله منقوطة بالثاء؛ وقرأ ذلك بعض القرّاء فتبيَّنوا بالباء بمعنى: أمهلوا حتى تعرفوا صحته ولا تعجلوا بقبوله.
معنى القراءة والفرق بين فتبينوا و فتثبتوا
أوضح الدكتور عمر بن عبد الله المقبل خلال شرحه للمعنى أن فتثبتوا هي القراءة التي تزيد الأمر وضوحاً، فهي تأمر عموم المؤمنين حين يسمعون خبراً أن يتحققوا بأمرين، الأول: التثبت من صحة الخبر والثاني: التبيّن من حقيقته.
وعن وجود فرق بين الكلمتين قال الدكتور عمر بن عبد الله المقبل نعم، لأنه قد يثبت الخبر، ولكن لا يُدْرى ما وجهه، لأن التثبت منهج علمي ينتهي بنتيجة التبين، ومن لم يتبين لم يتثبت بمنهج سليم وعليه فمن تثبت بمنهج سليم وفق للتبين الحقيقي باللازم.
لماذا نزلت الآية ؟
لباب النقول في أسباب النزول
يذكر كتاب لباب النقول في أسباب النزول للحافظ المؤرخ عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين السيوطي أن سبب نزول الآية حين بعث رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الوليد بن عقبة بن أبي معيط، ثم أحد بني عمرو بن أمية، ثم أحد بني أبي معيط إلى بني المصطلق، ليأخذ منهم الصدقات، وإنه لما أتاهم الخبر فرحوا، وخرجوا ليَتَلَقَّوْا رسول رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وإنه لما حدّث الوليد أنهم خرجوا يتلقونه.
رجع إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: يا رسول الله إن بني المصطلق قد منعوا الصدقة، فغضب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم غضبا شديدا، فبينما هو يحدّث نفسه أن يغزوهم، إذ أتاه الوفد، فقالوا: يا رسول الله، إنا حدّثنا أن رسولك رجع من نصف الطريق، وإنا خشينا أن يكون إنما ردّه كتاب جاءه منك لغضب غضبته علينا، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله، فأنـزل الله عذرهم في الكتاب، فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ).
سورة الحجرات
وسورة الحجرات هي مدنية نزلت في العام التاسع للهجرة، وعدد آياتها ثماني عشرة آية،وهي من المثاني، ترتيبها في المصحف التاسعة والأربعون، نزلت بعد سورة المجادلة، وبدأت بأسلوب النداء ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾؛ وسُميت السورة بالحجرات نسبةً إلى حجرات زوجات النبي محمد؛ حيث كان لكل واحدة منهن حجرة في مؤخرة المسجد النبوي.