فيديو| على مزلقانات الموت بالإسكندرية.. حكاية أقدم بائعة بالعامرية
الأربعاء 06/فبراير/2019 - 01:00 م
مريم حسن
طباعة
تحول حرم مزلقان السكك الحديدية بالإسكندرية إلى أسواق عشوائية، يفترشها الباعة الجائلون ببضائعهم، غير مبالين بمرور القطارات وتعرض حياتهم للخطر، الذي قد يصل فى بعض الأحيان إلى حد الموت، وسط صمت وزارة النقل والمواصلات عن تلك التجاوزات، وعدم نجاح محاولات رؤساء الأحياء المستمرة فى نقل الأسواق خارج الكتلة السكنية، فضلًا عن غياب التواجد الأمنى، رغم انتشار البلطجة وفرض الإتاوات بالقوة.
عندما تمر بالقرب من خطوط السكك الحديدية بمنطقة العامرية، أقصى غرب الإسكندرية، تجد أحد بائعي السمك يجلس على القضبان، وعندما يأتى القطار، يسرع البائع بالسمك بعيدا، في مشهد مريب؛ وبعد أن يذهب القطار يعود البائع ليفرش صناديق السمك الخاصة به على القضبان، وربما يصادفك المشهد الأغرب من نوعه؛ عندما يقوم هؤلاء البائعين بإغلاق مزلقان المحطة والذى يعد سبيل الأهالى للعبور للناحية الأخرى، من أجل تسيير عبور القطار.
تقول فوزية الشيخ، بائعة متجولة بمحيط مزلقان السكك الحديدية، لجأنا إلى التنفيذيين بالمحافظة من أجل تقنين أوضاعنا، وحمايتنا من الخطر الداهم الذي يلاحقنا إثر وجودنا على قضبان السكك الحديدية، وأضافت قائلة "إحنا ناس على باب الله ورزقنا باليومية وبنسعى عشان نجيب لقمة العيش بالحلال، ونتمنى المسؤولين يساعدونا ويعملولنا أكشاك نسترزق منها ويرحمونا من مطاردات البلدية".
أقدم بائعة على قضبان السكك الحديدية بمنطقة العامرية
وقالت أم محمد، أقدم بائعة على قضبان السكك الحديدية بمنطقة العامرية، "بقالى 30 سنة بشتغل على المزلقان، والمحافظ نفسه عدى من هنا كتير وشافنا ومعملش حاجة، والإزالات اللى بتيجى كل يوم ما هى شايفانا برضو بس مقدرتش تمشينا".
وعبرت أم محمد؛ بصوت يملؤه الحنين إلى الماضى، وعيون شاهدة على الصدأ الذى كسا قضبان السكك الحديدية يوما بعد يوم، عن مدى ارتباطها بالمزلقان، وعلاقتها الوطيدة التى تجمعها بأصوات القطار وصافرته الشهيرة، قائلة "أنا أقدم واحدة فى المكان، موجودة هنا من أيام ما كنت صبية بضافير، شعرى شاب وانا قاعدة على المزلقان".
وأضافت أم محمد قائلة "مقدرش امشى و اسيب مكانى ده أنا قضيت عمرى كله فيه، ده أنا بقيت بخاف على المزلقان زى ما بخاف على ابنى ولما حد بيرمى زبالة على القضبان ببهدله، ولو عملوا اللالى مش همشى وأسيب المزلقان لوحده".
وقال عمرو الديب، بائع سمك متجول على قضبان السكك الحديدية، "مش عاجبنا قعدة الشوارع ونفسنا ناكل عيش باحترامنا زى الناس، بس العين بصيرة والايد قصيرة واحنا منقدرش ندفع ايجار محل اكتر من ألف جنيه كل شهر".
وطالب محمود سعدالله، بائع متجول، بتوفير مكان لهم بعيدًا عن قضبان السكك الحديد لعرض بضائعهم، وأشار إلى أن المزلقان مكانًا مناسبًا لعرض منتجاتهم، نتيجة الإقبال على المكان والزحام من مستخدمى القطارات، أو المتجهين لمواقف الميكروباصات، موضحا إن البائعين يقومون بعمل عسكرى المرور فى حال عدم تواجده، إذ يقومون بتنظيم حركة المرور أثناء القطارات، قائلا "العسكرى بيبقى نايم فى الكشك بتاعه واحنا اللى بنظبط السكة لما القطر بيعدى وبنبعد الناس والعربيات".
وناشد سعدالله، الرئيس عبدالفتاح السيسى بالنظر فى أمرهم، وتوفير محلات أو باكيات يستطيعون كسب الرزق منها؛ قائلا "ياريت الريس يساعدنا ويعملنا محلات أو أكشاك نقعد نبيع ونشترى فيها، ومستعدين ندفع إيجار رمزي كل شهر، بس يرحمنا من قعدة الشارع".
وقالت ذكية فتحى، بائعة خضار متجولة، بصوت يغمره الحزن وعيون تملؤها الدموع، "بخرج من بيتى وانا شايلة روحى على ايدى، مبيبقاش عارفة اذا كنت هرجع بالأكل لعيالى، ولا القطر هيدوسنى وارجعلهم جثة بلغة بيضة"، مضيفة "احنا بنموت من الثلج بسبب قعدتنا فى الشارع، والإزالة بتيجى تشيل المشمع اللى بحطه حواليا عشان يحمينى من الشتا، وبتهده فوق دماغى".
وقال أحمد السيد عبدالعال، بائع متجول، "محدش هيمشى ويسيب مكانه، احنا قاعدين نسترزق ببلاش، مجنون اللى يمشى ويروح يدفع ألف جنيه كل شهر فى ايجار محل، واحنا خلاص اتعودنا أول ما القطر يقرب بنشيل البضاعة وبعد ما يعدى بنرجع نفرش بضاعتنا تانى".
واستاء خالد سلام، سائق، من احتلال بعض الباعة قضبان السكة الحديد، وممارستهم عمليات البيع والشراء، في ظل غياب تام من قبل مسئولي المحليات، مضيفا "هو لازم البياعين تموت تحت عجلات القطار عشان حد من المسؤولين يساعدهم، هما خلاص اتعودوا انهم ميتحركوش ولا ياخدوا قرار غير لما المصيبة تحصل".
وطالب عماد خميس، محامى؛ بتشديد الرقابة على المزلقانات وشن حملات مستمرة على الأسواق العشوائية المقامة عليها وإزالتها، حفاظا على أرواح المواطنين، مشددا على التزام عسكرى المرور المتواجد على كل مزلقان بعمله، بتوقف السيارات والمشاة وعدم العبور أثناء مرور القطارات.