100 سنة سياسة| أقدار جمعت ملتقى الشباب العربي والإفريقي 2019 مع ثورة سعد زغلول
الإثنين 04/مارس/2019 - 03:00 ص
وسيم عفيفي
طباعة
خلال 100 سنة سياسة عُرِف رقم 19 بالتميز في مصر، فبعد أيام يبدأ ملتقى الشباب العربي والإفريقي 2019 وبالتوازي مع ذلك تحل مئوية ثورة 1919، ورغم تفاوت الحدثين لكن بقيا متصلين.
سيشل وملتقى الشباب العربي والإفريقي
سيشل وملتقى الشباب العربي والإفريقي
علم دولة سيشل
في السابع من ديسمبر العام الماضي، وصل وفد سيشل إلى شرم الشيخ للمشاركة في منتدى أفريقيا 2018، واستقر أعضاءه على أنهم سيحضرون فعاليات ملتقى الشباب العربي والإفريقي 2019 وسط ترحاب كبير.
تشارك سيشل في ملتقى الشباب العربي والإفريقي بعد سلسلة تطورات تعرضت لها وساهمت فيها مصر، ومفارقة القدر أن أشهر زعماء القاهرة كان ضيفًا غير مرغوبٍ فيه منذ 100 عام وهو سعد زغلول.
سيشل بين السيسي وسعد زغلول قبل ملتقى الشباب العربي والإفريقي
100 سنة سياسة وجزيرة سيشل
كانت جزيرة سيشل الإفريقية هي مقر المنفى للزعيم سعد زغلول بعد نفيه لها سنة 1921 م، وقبل هذا التاريخ كانت مجرد جزر لا يسكنها بشر وكانت مجرد ترانزيت للقراصنة.
اكتشف البرتغاليون الجزيرة وقرروا تعميرها لكنهم أهملوها فقرر الفرنسيون ضمها لإمبراطوريتهم سنة 1756 م، وساهموا في تغييرها سنة 1770 م، ثم تنازلت فرنسا عنها للإنجليز بعد تقليم أظافر بونابرت حتى صارت مستعمرة للانجليز دون استقلال منذ 1903 حتى سبعينيات القرن الماضي.
جزيرة سيشل زمان
لم تختلف سيشل عن مصر من الناحية السياسية قبل 100 سنة سياسة فالاثنتين كانتا تحت قبضة الإنجليز، لكن القلق الأكبر كان من القاهرة بسبب سعد زغلول فقررت سلطة الاحتلال نفيه إليها ليكون موجودًا بها لمدة، لكن خلال قرن من الزمان تغير مصير البلدين.
جزيرة سيشل زمان
من الصعب الوصول حاليًا إلى معرفة وضع جزيرة سيشل منذ 100 سنة سياسة، لكن الرجوع إلى الوثائق الأصلية في زمن سعد زغلول نكتشف أن جزيرة سيشل الأفريقية من إحدى أسوأ الأماكن التي يمكن أن يُنْفَى لها شخص مثل سعد زغلول.
غلاف كتاب عباس العقاد عن سعد زغلول
يوثق كتاب عباس محمود العقاد «سعد زغلول سيرة وتحية» رد فعل أقرباءه ورفاقه بعد نفيه إليها، فقد راسلوا قوات الاحتلال الإنجليزي لمدة أشهر لكي ينقلوا سعد من هذا المكان لأنه كبير في السن.
رسالة صفية زغلول إلى المعتمد البريطاني بشأن نقل رفاق سعد من سيشل
وبالرجوع إلى رسالة صفية زغلول والمكتوبة باللغة الفرنسية للورد أللنبي المعتمد البريطاني، تجد أن هناك سببًا قويًا يجعلها ترجو أن ينقل رفاق سعد زغلول من جزيرة سيشل إلى جبل طارق، فالجو صعب والخدمات فيها رديئة للغاية، والسبب الرئيسي الذي جعل صفية زغلول تصر على سوء سيشل هي الثقة في كلام زوجها.
أرسل سعد زغلول رسالة إلى حافظ محمود «أول نقيب للصحفيين فيما بعد» رسالة وصف فيها بشكل دقيق وضع جزيرة سيشل الأفريقية وقال له فيها «هي جزيرة ملتوية صاعدة نازلة ومساكنها ضيقة خالية من الترتيب والنظام وأسباب الراحة ومفروشاتها غير وثيرة، مأكولاتها محدودة فالغنم لا وجود لها والبقر نادرة ولكن الفراخ كثيرة وأكثر منها السمك ولكن أغلب أنواعه غير جيد، أما الفواكه فقليلة وأقل منها الخضروات التي مع قليلها لا طعم لها».
وصف سعد زغلول لـ جزيرة سيشل
وتعمق وصف سعد زغلول لتفاصيل جزيرة سيشل فقال «ليس بشيلز ـ الاسم القديم للجزيرة ـ، سوق للمأكولات وإنما تباع مفرقة على يد أفراد يطوفون بها من حين لآخر، وأغلب ما يحتاج إليه الإنسان من الأقمشة والأغطية غير موجود وإنما يجلب إليها من الخارج بحسب الطلب، ولا وجود لأكثر الصناعات بها فلا يوجد حدادا أو خياطا».
سعد زغلول - حافظ محمود
وعلى المستوى الصحي يحكي سعد زغلول في رسالته إلى حافظ محمود غرائب متعددة قائلًا «ليس فيها إلا طبيب واحد وأصله جراح لكنه يتعاطى الطب الباطني ويساعده اثنان لم يتعلما الطب، ولا يوجود طبيب للعيون ومن أصيب برمد لزم أن يرحل عنها إن كان غنيًا، ولا يوجد فيها طبيب للأسنان، أما ساعي البريد فعينوه قاضيًا ومعالجًا للأسنان، احتاج مكرم عبيد لحشو في أسنانه فحاشاها له الطبيب بالأسمنت !».
جزيرة سيشل الآن
خلال 100 سنة سياسة تغيرت سيشل كثيرًا لدرجة جعلت مصر تقرر ضخ الاستثمارات فيها كجزء من القارة الإفريقية ومشروع مصر فيها.
ففي 22 يوليو 2016 انعقدت الجلسة الافتتاحية للاجتماع السنوي الـ23 لمساهمي البنك الإفريقى للتصدير والاستيراد، في سيشل، وخلال تلك الجلسة أكدت سحر نصر، أن مصر تتطلع إلى انهاء طريق القاهرة ـ كيب تاون، لأنه يساعد في تعزيز التجارة البينية بين مصر وإفريقيا.
وتنظر وزارة التعاون الدولي في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى سيشل وغيرها من جزر إفريقيا أنها نواة لإقامة منطقة تجارة حرة من شأنها تعزيز التجارة والاقتصاد بين مصر وسيشل وبقية إفريقيا.
ومثلت قناة السويس طفرة في شكل التجارة بين مصر وسيشل، حيث ساعدت في زيادة نقل السفن وتقليل ساعات السفر من إفريقيا إلى أوروبا، وهذا لم يكن ليتم لولا تحسن اقتصاد تلك الجزيرة والتي صارت الآن لؤلؤة المحيط الهندي التي ستحضر ملتقى الشباب العربي والإفريقي.