ولد الحسن ابن الهيثم في البصرة بالعراق عام 354 هجريًا الموافق 965 ميلاديًا، وتلقى تعليمه في البصرة، وأكمله في بغداد، وفي فترة من حياته عُين قاضيًا على البصرة ولكنه ترك القضاء متجهًا نحو دراسة العلوم المتنوعة، حيث قرأ العديد من كتب العقيدة الإسلامية والكتب العلمية.

ألف ابن الهيثم أكثر من 200 كتاب، وعمل على طائفة واسعة من الموضوعات، منها ما لا يقل عن 96 عمل علمي معروف، وبالرغم من فقدان بعض أعماله لكن ما زال باقيًا أكثر من 50 عمل منها، وخاصة في علم البصريات، والذي لم يصل إلينا سوى من خلال النسخ المترجمة إلى اللغة اللاتينية، ومن أهم أعماله: كتاب المناظر، ومقالة في التحليل والتركيب، وكيفية حساب اتجاه القبلة، ورسالة في الشفق، ورؤية الكواكب، وتكوين العالم، والجامع في أصول الحساب، وكتاب في تحليل المسائل الهندسية.

يعد كتاب المناظر في علم البصريات أشهر أعمال ابن الهيثم، الذي كتبه بين عامي 401 حتى 411 هجريًا، وترجم الكتاب إلى اللاتينية على يدي رجل دين غير معروف في نهاية القرن الثاني عشر أو بداية القرن الثالث عشر الميلادي، وكان لهذه الترجمة أثر عظيم على العلوم الغربية، كما طبعه العالم فريدريش ريزنر في عام 1572، تحت عنوان «الكنز البصري: الكتب السبعة للهَزَن العربي، المجلد الأول، صعود الغيوم والشفق»، وأيضًا ظهر أثر هذا الكتاب على أعمال روجر باكون الذي استشهد باسمه، وعلى أعمال يوهانس كيبلر، كما أسهم في التطور الكبير للمنهج التجريبي.

استطاع ابن الهيثم أن يُفيد علماء الفلك المسلمين والأوروبيين على حد سواء بدراساته الفلكية، فقد حلّ بعض المشاكل التي واجهت العلماء المسلمين في تحديد القبلة، ونقد نموذج حركة الكواكب الخاص ببطليموس، ممّا أدى إلى ظهور دراسات في العالم الإسلامي تفسر حركة الكواكب بشكل مختلف في القرن الثالث عشر بمدينة مراغة الإيرانية، وفي القرن الرابع عشر في مدينة دمشق، كما أثر ابن الهيثم على علماء الفلك الأوروبيين في عصر النهضة من خلال تفسيراته لبنية الكون وحركة الكواكب.

وتميز ابن الهيثم في نظريته عن الضوء والرؤية فهي لم تكن مبنية على أيّة نظرية سبقتها في التاريخ القديم أو الإسلامي، فهو أول من درس العدسات واكتشف قدرة العدسة المُحدبة على تكبير الأجسام، وقد تمت الإستفادة من هذا الإكتشاف لخدمة الناس في القرن الثالث عشر الميلادي في صناعة النظارة أي بعد ما يقارب مئة سنة من اكتشاف ابن الهيثم.