المواطن

رئيس مجلسي
الإدارة والتحرير
مسعد شاهين

في أجرأ حوار صحفي .. مستشار «ضمان الجودة والإعتماد» يفتح قلبه لـ«المواطن»: التعليم الإلكتروني أداة قوية لكنها ليست بديلًا عن التعليم المباشر.. عبد العال : قبول المدرسين للهدايا ظاهرة ذات عواقب سلبية

الثلاثاء 31/ديسمبر/2024 - 07:31 م
عطية السيد وكيل كلية
عطية السيد وكيل كلية التربية بجامعة الأزهر
حوار أجراه : أحمد حمدي
طباعة
في أجرأ حوار صحفي
عبد العال : المعلم الأزهري ليس موظفاً يؤدي عملاً روتينيًا بل حارساً للقيم

عبد العال : «المجلس الوطني للتعليم»  بصيص أمل لإعادة التوازن إلى العملية التعليمية

عبد العال : قبول المدسين للهدايا ظاهرة ذات عواقب سلبية محتملة على النظام التعليمي 

عبد العال : الأبحاث العلمية «القاطرة التي تقودنا نحو التنمية والتقدم»

عبد العال : المعلم هو« العمود الفقري» الذي يستند عليه بناء الحضارة

عبد العال : استعادة هيبة المعلم ضرورة ملحة ومسؤولية مجتمعية

عبد العال : البرامج التدريبية الحديثة غالبًا ما تكون منعزلة عن الواقع

عبد العال : التحول الرقمي في التعليم فرصة عظيمة يجب أن تكون مُكملة وليست مُستبدلة للتجربة التعليمية

عبد العال : من الضروي تزويد الطلاب بالمهارات التطبيقية التي تمكنهم من التعامل مع تعقيدات الواقع التعليمي

عبد العال : كلية التربية بجامعة الأزهر صرح يسعى إلى إحداث تأثير إيجابي في مجتمعنا ككل

عبد العال : أطلقنا برامج تدريبية مكثفة لتطوير قدرات أعضاء هيئة التدريس 

عبد العال: رسالتي لأبنائي الطلاب .. «التجديد والابتكار» هو مقتضى العصر المتغير فكن مستعدًا له


 حوار أجراه / أحمد حمدي  - القاهرة 
  


قال الدكتور عطية السيد، وكيل كلية التربية للدراسات العليا والبحوث بجامعة الأزهر، ومستشار رئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد لشؤون التعليم، أن التعاون بين كليات التربية ومؤسسات سوق العمل ضرورة حتمية يجب أن يكون هناك حوار مستمر وشراكات فاعلة استراتيجية لتحديد احتياجات السوق وتصميم برامج تدريبية تلبي هذه الاحتياجات، مشيرا ألى أنه لا يمكن لكليات التربية أن تعمل في معزل عن الواقع بل يجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ منه.

وأكد" عطية " خلال حواره مع «بوابة المواطن الإخبارية»، أن التدريب العملي في بيئات عمل حقيقية، مثل المدارس والمراكز التعليمية، هو أمر بالغ الأهمية، يجب أن يكون جزءًا أساسيًا من البرنامج التدريبي، لا مجرد نشاط هامشي أو اختياري، مبينا أنه يجب أن تتاح للطلاب الفرصة لتطبيق ما تعلموه نظريًا، وأن يكتسبوا الخبرة من خلال الاحتكاك المباشر بالواقع، وأن يتعلموا من أخطائهم تحت إشراف متخصصين.

وأضاف وكيل كلية التربية للدراسات العليا والبحوث بجامعة الأزهر، ومستشار رئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد لشؤون التعليم، أن هناك بعض المبادرات التي يمكن وصفها بأنها "برامج تدريبية حديثة" تهدف إلى تهيئة طلاب كليات التربية لسوق العمل، ولكن، لنكن صريحين، هذه المبادرات لا تزال في معظمها مجرد محاولات متواضعة، ليست بالقدر الكافي ولا بالمستوى المطلوب، مبينا أن استعادة هيبة المعلم ليست مجرد مطلب، بل هي ضرورة ملحة، ومسؤولية مجتمعية عندما ننجح في ذلك سنكون قد وضعنا حجر الأساس لمجتمع مزدهر ومتقدم، مجتمع يقدر العلم، ويحترم قيمه، ويعتز بمعلميه..

وإليكم الحوار :

معالى المستشار نبدأ من الأخير ... منذ اسابيع قليلة ربما أقل قرر قطاع المعاهد الازهرية ضم شباب جدد من خريجي كلية التربية للعمل كمعلمين بالحصة ... تعليقك؟

في الواقع هذا القرار يعكس حاجة ماسة لسد العجز في المعلمين، وربما يكون هذا حلا مؤقتا، ولكنه ليس قطعا الحل الأمثل على المدى الطويل. فلعلك تتفق معي أن المعلم بالحصة لا يحظى بنفس الاستقرار الوظيفي والتأهيل المستمر الذي يحتاجه. هذا القرار، وإن كان يطفو على سطح الحاجة كقارب نجاة، إلا أنه يثير في النفس تساؤلات عميقة. أهو حقًا الحل؟ أم هو مجرد مسكن لداءٍ مزمن؟ المعلم بالحصة، كالغصن المقطوع، قد يزهر مؤقتًا، لكنه يفتقر إلى الجذور المتينة التي تغذي نموه واستقراره. إنه يفتقد إلى تلك اللمسة السحرية، التأهيل المستمر الذي يصقل جوهره ويجعله أكثر إشعاعًا.
أتذكر كليات التربية، تلك القلاع التي كانت يومًا ما شامخة، تستقطب نخبة العقول، وتخرج أفواجًا من المعلمين الذين كانوا يجدون في سوق العمل أرضًا خصبة لاستقبالهم، لم يكن التكليف حينها مجرد قرار إداري، بل كان وعدًا بالاحتضان والتنمية، ولكن... يا للأسف! تلاشى هذا الوعد، وأصبح مجرد ذكرى.
إن الحلول المؤقتة قد تخدر الألم، لكنها لا تشفي الجرح. لذا، لابد لنا من أن نرفع أبصارنا إلى أبعد من المسكنات، وأن نلتفت إلى تلك الأرواح التي نعتمد عليها في بناء المستقبل، علينا أن نمد لهم يد العون، لا أن نكتفي بإلقاء بضع حصص عليهم. يجب أن نسعى جاهدين لخلق بيئة عمل ملهمة، حاضنة، ومحفزة، بيئة تتيح لهم التطور والنماء، بيئة تجعلهم لا مجرد معلمين، بل قادة ومربين. يجب أن نحيي فيهم جذوة الشغف، وأن نمنحهم الأدوات التي تمكنهم من إشعال فتيل المعرفة في قلوب الأجيال. فهل سنكون على قدر المسؤولية؟ أم سنكتفي بالحلول الآنية
الخلاصة أن هذا القرار قد يكون مسكنا، أو حلاً مؤقتًا، ولكنه قطعا ليس الحل الأمثل، وعليه يجب أن يكون هناك جهودًا موازية لرفع مستوى تأهيل هؤلاء المعينون بالحصة وتوفير بيئة عمل دامة وملهمة ومحفزة لهم من خلال برامج التنمية المهنية المستدامة وبرامج التدريس التعاوني.

معالى الأستاذ الدكتور سؤال يتردد صداه في أروقة مجتمعنا: كيف نعيد للمعلم هيبته، تلك الهيبة التي فقدها في زحام التحديات؟ كيف نجعله مجددًا ذلك النبراس الذي يضيء الدروب، ويُلهم الأجيال؟

في الواقع إن سؤالك يلامس صميم الحقيقة، فالمعلم ليس مجرد موظف، بل هو مهندس العقول، وصانع القادة، هو العمود الفقري الذي يستند عليه بناء الحضارة. ولكن، دعني أصدقك القول، لقد أدرك أعداؤنا، أولئك الذين يسعون إلى تقويض أركان مجتمعاتنا، أن نقطة الضعف تكمن في التعليم، وفي قلب هذا التعليم، المعلم. لقد شنوا حربًا خفية، استهدفت المعلم في صميم كيانه، بدءًا بتشويه صورته، مرورًا بتهميش دوره، وصولًا إلى التقليل من قيمته.

تخيل معي، عندما يتضاءل قدر المعلم في نظر طلابه، يتحولون إلى مستهلكين للمعرفة، بدلًا من أن يكونوا شركاء في اكتشافها. وعندما تُشوه صورة العلماء والمفكرين في وسائل الإعلام، يفقد المجتمع بوصلته، ويغيب عنه صوت الحكمة. أذكر هنا مقولة عميقة للدكتور مصطفى محمود، رحمه الله: "إذا اختفت الأم الواعية والمعلم المخلص، فمن يربي النشء على القيم؟"
إذن، كيف ننتشل المعلم من هذا النفق المظلم؟ الإجابة تكمن في رؤية شاملة، تبدأ من الجذور، من كليات إعداد المعلم. يجب أن نضمن أن هذه الكليات تستقطب أفضل العقول، وأن برامجها تواكب أحدث التطورات في مجال التربية والتعليم. فلا يعقل أن نطالب بمخرجات تعليم متميزة، في حين أن المدخلات متواضعة.
لا بد من أن ننظر إلى التدريب لا على أنه رفاهية، بل كضرورة حتمية، هو المفتاح الذي يُمَكِّن المعلم من التكيّف مع متطلبات العصر المتغيرة. كما أن الرواتب التي يتقاضاها المعلم يجب أن تكون مُجزية، تعكس قيمة عمله الشاق، وتجذب أفضل الكفاءات إلى هذه المهنة المقدسة.
نحتاج إلى توفير بيئة عمل محفزة، تتيح للمعلم أن يبدع، أن يتألق، أن يقدم أفضل ما لديه. أخيرًا وليس آخرًا، يجب علينا أن نطلق حملة توعية مجتمعية، تُعيد للمعلم صورته المشرقة، وتُعلي من شأنه في نظر المجتمع. فالمعلم ليس مجرد ناقل للمعرفة، بل هو قائد ومُلهم، ومُحرك للتغيير الإيجابي.
باختصار، استعادة هيبة المعلم ليست مجرد مطلب، بل هي ضرورة ملحة، ومسؤولية مجتمعية. عندما ننجح في ذلك، سنكون قد وضعنا حجر الأساس لمجتمع مزدهر ومتقدم، مجتمع يقدر العلم، ويحترم قيمه، ويعتز بمعلميه.

معالى الوكيل استكمالا للحديث هل أنت راضٍ عن مستوى التعليم في مصر؟ سؤالٌ يتردد صداه في كل بيت، فهل نحن حقًا على الطريق الصحيح؟


دكتور أحمد دعنا نتفق أولًا أن الرضا المطلق ضرب من الخيال، وأن النظرة الواقعية هي البوصلة التي توجه خطواتنا نحو الإصلاح. لا يمكن أن ننكر أن هناك جهودًا مضنية تُبذل على أرض الواقع لتطوير العملية التعليمية في مصر، هناك محاولات جادة لترميم ما أهلكه الزمن، وإحياء ما كاد أن يندثر. ولكن، هل هذه الجهود كافية؟ هل هي بالزخم والعمق المطلوبين؟ أخشى أن الإجابة، بصراحة مؤلمة، هي "لا".
نحن ما زلنا في بداية الطريق، وما زالت أمامنا مسيرة طويلة وشاقة. ما زلنا في حاجة ماسة إلى جهود مضاعفة، جهود تتجاوز الحلول الترقيعية، وتتعمق في جوهر المشكلة. نحن بحاجة إلى أن نعيد للمدارس ومؤسسات التعليم هيبتها المفقودة، أن نجعلها منارات للعلم والمعرفة، لا مجرد أماكن لحفظ المناهج وتلقينها.
ولكن، دعني أصارحك القول، إن أي إصلاح، مهما كان طموحًا، هو إصلاح محكوم عليه بالفشل ما لم يضع المعلم في قلب المعادلة. المعلم هو جوهر وروح العملية التعليمية، هو النبض الذي يحيي القلوب، والمايسترو الذي يوجه العقول والمحرك الذي يلهم ويحفز الطلاب. أي محاولة للنهوض بالتعليم أو اصلاحه، بعيدًا عن تحسين وضع المعلم، هي كمن يبني قصرًا على الرمال.
أنا أراهن على المعلم، أراهن على قدرته على إحداث التغيير، أراهن على شغفه الذي لا ينضب، وإيمانه الراسخ برسالة التعليم. ولكن، هل نحن، كمجتمع، نهيئ له الظروف المناسبة؟ هل نمنحه الدعم الذي يستحقه؟ هل نوفر له البيئة المحفزة التي تطلق طاقاته الإبداعية؟ هنا يكمن السؤال الأهم، وهنا تبدأ رحلة الإصلاح الحقيقية. ويكفيني أن استحضر قول المعصوم هنا " إنما بعثت معلما"

د/عطية في رأيك، هل كليات التربية اليوم، في وضعها الحالي، قادرة على تخريج معلمين يواكبون ثورة التعليم المتسارعة، ويتعاملون بكفاءة مع التقنيات الحديثة؟

سؤالك يضع أيدينا على الجرح مباشرة د/ أحمد. من المفترض، بل من الضروري، أن تكون كليات التربية، تلك القلاع التي تُعد فيها أجيال المستقبل، في طليعة المؤسسات التعليمية. يجب أن تكون هي البوتقة التي تُصهر فيها الخبرات، وتتولد منها الكفاءات، وأن تكون هي المنارة التي تضيء دروب المعلمين نحو التميز والإبداع. هذه المؤسسات يجب أن تكون قادرة على تزويد طلابها وخريجيها ليس فقط بالمعرفة النظرية، بل بالمهارات التطبيقية التي تمكنهم من التعامل مع تعقيدات الواقع التعليمي، وأن يكونوا قادرين على توظيف أحدث استراتيجيات التدريس، وتوظيف التكنولوجيا بفاعلية، والتعامل بفطنة وذكاء مع الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، واكتشاف الموهوبين ورعايتهم.
ولكن، دعنا نتحدث بصراحة، لقد شهدنا في السنوات الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في جودة مخرجات هذه المؤسسات. هذا التراجع، وإن كان له أسبابه المتعددة، من ضعف مخرجات الثانوية العامة إلى تقادم المناهج، إلا أنه لا يمكن أن يكون مبررًا للتقاعس. لقد أصبحت هناك فجوة كبيرة بين ما يتم تدريسه في هذه الكليات، وبين ما يحتاجه الميدان.
لكن، هل يعني هذا أننا فقدنا الأمل؟ بالتأكيد لا. هناك بصيص نور يلوح في الأفق. هناك تحركات إيجابية، وتغييرات ملحوظة في لوائح إعداد المعلم، ومعايير كليات التربية تعكس وعيًا متزايدًا بأهمية تطوير المعايير، والارتقاء بمستوى الخريجين. هذه المعايير الجديدة، التي تتحدث عن معلم موسوعي، ومعلم ممارس، ومعلم باحث، ومعلم متعلم مدى الحياة، هي بمثابة رؤية طموحة، تضع المعلم في مكانته اللائقة، كقائد للتغيير، وصانع للمستقبل.
إذن، هل نحن على الطريق الصحيح؟ ربما. ولكن الطريق ما زال طويلاً، والجهد يجب أن يتواصل، والتحديات لا تزال قائمة. نحن نحتاج إلى أن نتحلى بالشجاعة الكافية للاعتراف بأخطائنا، وبالعزم والإصرار على تصحيحها. نحتاج إلى أن نحول كليات التربية من مجرد مؤسسات أكاديمية، إلى مراكز للتميز والإبداع، مراكز تُخرج معلمين قادرين على مواجهة تحديات العصر، وصناعة مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة.

استاذنا الدكتور هل تعتقد أن طلاب كليات التربية اليوم يحصلون على التدريب الكافي الذي يؤهلهم للانخراط بكفاءة في سوق العمل؟ وهل هناك برامج تدريبية حديثة تلبي هذا الغرض؟

بدايةً، هذا السؤال يمس جوهر القضية. فما الفائدة من شهادة جامعية لا تمنح صاحبها القدرة على المنافسة في سوق العمل؟ وما قيمة المعرفة النظرية إذا لم تكن مدعومة بمهارات تطبيقية تمكن الخريج من مواجهة تحديات الواقع؟
نعم، هناك بعض المبادرات التي يمكن وصفها بأنها "برامج تدريبية حديثة" تهدف إلى تهيئة طلاب كليات التربية لسوق العمل، ولكن، لنكن صريحين، هذه المبادرات لا تزال في معظمها مجرد محاولات متواضعة، ليست بالقدر الكافي ولا بالمستوى المطلوب. هي أقرب إلى قطرات الندى في صحراء قاحلة، تحتاج إلى نهر جارٍ يرويها ويُحييها.
إن جوهر المشكلة يكمن في أن هذه البرامج غالبًا ما تكون منعزلة عن الواقع، لا تستجيب لمتطلبات سوق العمل المتغيرة، ولا تركز بالقدر الكافي على الجانب العملي والتطبيقي. نحن بحاجة إلى برامج تدريبية حقيقية، تركز على تطوير المهارات القابلة للانتقال، تلك المهارات التي يحتاجها المعلم في حياته المهنية، مثل القدرة على حل المشكلات، والتفكير النقدي، والعمل الجماعي، والتواصل الفعال.
إن التدريب العملي في بيئات عمل حقيقية، مثل المدارس والمراكز التعليمية، هو أمر بالغ الأهمية، يجب أن يكون جزءًا أساسيًا من البرنامج التدريبي، لا مجرد نشاط هامشي أو اختياري. يجب أن تتاح للطلاب الفرصة لتطبيق ما تعلموه نظريًا، وأن يكتسبوا الخبرة من خلال الاحتكاك المباشر بالواقع، وأن يتعلموا من أخطائهم تحت إشراف متخصصين.
كما أن التعاون بين كليات التربية ومؤسسات سوق العمل ضرورة حتمية. يجب أن يكون هناك حوار مستمر، وشراكات فاعلة استراتيجية، لتحديد احتياجات السوق، وتصميم برامج تدريبية تلبي هذه الاحتياجات. لا يمكن لكليات التربية أن تعمل في معزل عن الواقع، بل يجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ منه.
أخيرًا وليس آخرًا، التقييم المستمر والتطوير الدائم للبرامج التدريبية أمر لا غنى عنه، يجب أن يكون هناك آليات لتقييم أثر هذه البرامج، وقياس مدى فعاليتها في تحقيق أهدافها. يجب أن نستمع إلى آراء الخريجين وأصحاب العمل، وأن نتعلم من أخطائنا، وأن نسعى دائمًا إلى التحسين والتطوير.
باختصار، نعم، هناك بعض المبادرات الإيجابية، ولكن الطريق ما زال طويلاً. نحن بحاجة إلى رؤية شاملة، وإرادة حقيقية، وجهود متضافرة، لتحويل كليات التربية إلى مؤسسات قادرة على إعداد جيل من المعلمين الأكفاء، القادرين على قيادة عملية التغيير، وصناعة مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة.

سعادة الوكيل نود أن نلقي الضوء على آخر الإنجازات التي حققتها كلية التربية بجامعة الأزهر، سواء على مستوى خدمة الطلاب أو تقديم الدعم للمعلمين في المدارس والمعاهد. ما هي أبرز هذه الإنجازات؟

بدايةً، دعني أؤكد أننا في كلية التربية بجامعة الأزهر، نؤمن بأن المؤسسة القوية هي حجر الزاوية في أي عملية تطوير حقيقية. المؤسسة التي لها قيادة رشيدة، تمتلك رؤية واضحة، وموارد بشرية ومادية وتقنية متطورة، هي القادرة على تحقيق أهدافها، وتجاوز التحديات.
لقد انطلقنا من هذا المنطلق، وحققنا، ولله الحمد، إنجازات ملموسة على عدة أصعدة. أول هذه الإنجازات، كان تركيزنا على تطوير البنية التحتية للكلية. لم نعد نرضى بقاعات محاضرات تقليدية، بل عملنا على تجهيزها بأحدث التقنيات، لتكون قادرة على استيعاب استراتيجيات التدريس الحديثة، وإدارة المحاضرات والاختبارات بكفاءة، سواء بشكل مباشر أو إلكتروني.
كما أنشأنا وحدات داعمة للطلاب والمعلمين، هذه الوحدات هي بمثابة ذراع الكلية الممتدة إلى قلب المجتمع، فأنشأنا وحدة الريادة الطلابية والإرشاد الأكاديمي، ووحدة التربية العملية والتدريب الميداني، ووحدة التعليم الإلكتروني، ووحدة الخريجين، وكلها تعمل تحت إشراف وحدة ضمان الجودة، لتضمن تقديم خدمات عالية الجودة.
أما الإنجاز الثاني، فهو تركيزنا على رفع كفاءة رأس المال البشري فالأداء المتميز لأعضاء هيئة التدريس هو أساس جودة وفاعلية التعليم. لذلك، أطلقنا برامج تدريبية مكثفة، لتطوير قدرات أعضاء هيئة التدريس، والقيادات الأكاديمية، وتزويدهم بأحدث المعارف والمهارات.
ولم نكتفِ بذلك، بل قمنا بتحديث لوائح برامج المرحلة الجامعية والدراسات العليا، ووسعنا نطاق برامج تأهيل مخرجات الكليات غير التربوية، من خلال برنامج الدبلوم العام (التأهيل التربوي)، ليغطي جميع محافظات الجمهورية، لنكون بذلك، أكثر قدرة على تلبية احتياجات المجتمع.
ثالثًا، عملنا على بناء شراكات استراتيجية مع مختلف المؤسسات التعليمية، مثل قطاع المعاهد الأزهرية ومركز تطوير تعليم الوافدين، لتعزيز فاعلية برامجنا التدريبية، وضمان توافقها مع متطلبات سوق العمل.
كل هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا وجود قيادة رشيدة، ونظام حوكمي فعال، هذه القيادة وضعت رؤية واضحة للكلية، وحددت التوجهات والأهداف الاستراتيجية، ووجهت الجهود نحو تحقيقها، بكل إخلاص وتفانٍ.
باختصار، نحن في كلية التربية بجامعة الأزهر، لا نسعى فقط إلى تقديم خدمة تعليمية متميزة لطلابنا، بل نسعى أيضًا إلى إحداث نقلة نوعية وتأثير إيجابي في مجتمعنا ككل، من خلال دعم المعلمين، وتطوير العملية التعليمية، والإسهام في بناء مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة.

: سيدي لنتحدث عن مفهوم ضمان الجودة والاعتماد، ودوركم كمستشار لرئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد. كيف تنظرون إلى هذه المفاهيم؟ وما مدى انعكاس هذا الدور على كلية التربية بجامعة الأزهر؟

دعنا نتخيل أن كلية التربية بجامعة الأزهر هي سفينة عظيمة، تحمل على متنها أجيال المستقبل، وكنوز المعرفة. هذه السفينة، لكي تصل إلى بر الأمان، وتحقق أهدافها، وتحافظ على مكانتها المرموقة، تحتاج إلى خريطة دقيقة، وبوصلة قوية، هنا يكمن جوهر ضمان الجودة والاعتماد.
ضمان الجودة: هو تلك الخريطة التفصيلية، التي تحدد مسار كل عملية تعليمية في الكلية، من اختيار الطلاب المتميزين، واستثمار أعضاء هيئة التدريس الأكفاء، وتوفير الموارد اللازمة، ومرورًا بالعملية التعليمية نفسها، من تدريس وتدريب وتقويم، وصولًا إلى تخريج معلمين مؤهلين، قادرين على إحداث التغيير. هذه الخريطة لا تترك أي شيء للصدفة، بل تراقب كل خطوة، وتصحح أي انحراف عن المسار، وتضمن أن كل عنصر في الرحلة يساهم في تحقيق الهدف المنشود: جودة تعليمية عالية. ضمان الجودة ليس مجرد إجراء روتيني، بل هو عملية مستمرة، تتطلب تقييمًا دائمًا، وتحسينًا متواصلًا، لضمان أن سفينتنا تبحر بأفضل حالاتها.
الاعتماد: هو البوصلة التي ترشد هذه السفينة في رحلتها، هو شهادة الجدارة، والاعتراف الرسمي بأن سفينتنا تُبحر وفقًا لمعايير الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، وأنها تخضع لتقييم دقيق وشامل. حصول الكلية على الاعتماد، ليس مجرد جائزة، بل هو دليل على جودة أدائها، وهو مؤشر قوي على ثقة الطلاب وأصحاب العمل فيها.
أما عن دوري كمستشار لرئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، فهو أشبه بكوني قائدًا لفريق الملاحة على هذه السفينة، خبرتي الطويلة في الهيئة، منذ عام 2014، جعلتني أمتلك فهمًا عميقًا لخارطة ضمان الجودة وبوصلة الاعتماد. تكليفي كمستشار، يمثل إضافة لجهودي السابقة، ويساهم في توجيه كلية التربية نحو بر الأمان. لكن نجاح هذه الرحلة يعتمد على التعاون المثمر بين جميع أفراد الطاقم، من القيادة العليا، إلى إدارة الكلية، إلى رؤساء الأقسام، إلى أعضاء هيئة التدريس، إلى مديري الوحدات الداعمة، إلى الجهاز الإداري، إلى جميع الأطراف المعنية.
فكلنا معًا، يجب أن نعمل بجد وإخلاص، لتطبيق مبادئ ضمان الجودة على أرض الواقع، ولنُبحر بسفينة المعرفة نحو آفاق أرحب، ولنصنع مستقبلًا مشرقًا لأجيالنا القادمة.

السؤال: دكتور عطية، كورونا فرضت علينا اللجوء للتعليم الإلكتروني. هل ننتظر يومًا ما أن تتحول الجامعات إلى تعليم إلكتروني بالكامل، خاصة مع توجه المعاهد الأزهرية نحو المنصات التعليمية الرقمية كبديل للدروس الخصوصية؟

سؤالك يلامس نقطة تحول حقيقية في مسيرة التعليم، لا يمكننا أن ننكر أن جائحة كورونا، مع مراراتها وأوجاعها وقسوتها، كانت بمثابة عمل حفاز لتسريع وتيرة التحول الرقمي في التعليم. لقد فتحت لنا آفاقًا واسعة في التعليم الإلكتروني، وكشفت عن إمكانات هائلة لم نكن ندركها من قبل. قرار قطاع المعاهد الأزهرية بالاعتماد على المنصات التعليمية الرقمية، كبديل للدروس الخصوصية، هو خير دليل على ذلك، لقد أصبحت التكنولوجيا، بفضل هذه المحنة، أكثر نضجًا وتطورًا، ومؤهلة للعب دور أكبر في حياتنا.
ولكن، دعنا نتأمل، هل يعني هذا أن نعلن عن نهاية التعليم التقليدي، وأن نُسلم مقاليد الأمور للتعليم الإلكتروني بالكامل؟ هل يعني هذا أن نُحول جامعاتنا إلى بيئات افتراضية بحتة؟ هنا يكمن الخطر، ففي غمرة حماسنا للتكنولوجيا، قد نغفل جانبًا أساسيًا من طبيعة الإنسان، وهو التفاعل المباشر، والتبادل الحضاري، والاختلاف الذي ذُكر في كتاب الله الكريم: "ولا يزالون مختلفين". فالفروق الفردية بين الطلاب تدعونا إلى نموذج تعلم أكثر شمولية.
إن التعليم، في جوهره، هو عملية تفاعلية، تعتمد على التواصل المباشر بين المعلم والمتعلم، وبين الطلاب أنفسهم. هو ليس مجرد تلقي معلومات، بل هو حوار، ونقاش، وتبادل للأفكار، وبناء للمعرفة بشكل جماعي. التفاعل المباشر يمنحنا فرصة لتبادل الخبرات، وتنمية المهارات الاجتماعية، وتعزيز روح العمل الجماعي، وهي كلها ركائز أساسية في بناء شخصية متكاملة.
التعليم الإلكتروني، بلا شك، أداة قوية ومفيدة، لكنها ليست بديلًا كاملًا عن التعليم المباشر فهو أداة يجب أن نستخدمها بحكمة ووعي ومسؤولية، لا أن نتحول إلى مجرد تابعين لها. الأفضل لنا هو تبني نموذج تعليمي مُدمج، يجمع بين مزايا التعليم الإلكتروني، وفاعلية التعليم المباشر. هذا النموذج يتيح للطلاب الاستفادة من مرونة التعليم عن بعد، مع الحفاظ على التفاعل المباشر الضروري لنموهم الفكري والاجتماعي.
باختصار، التحول الرقمي في التعليم فرصة عظيمة، لكنها يجب أن تكون مُكملة، وليست مُستبدلة، للتجربة التعليمية الغنية التي يوفرها التفاعل المباشر، يجب أن نحافظ على التوازن بين التكنولوجيا والجانب الإنساني في العملية التعليمية، وأن نتذكر دائمًا أن الإنسان هو محور العملية التعليمية، وليس التكنولوجيا.

السؤال: مؤخرًا، شكلت وزارة التربية والتعليم المجلس الوطني للتعليم، ليكون بمثابة الظهير القوي للمعلم والطالب. كيف ترون هذا القرار؟ وهل هو خطوة في الاتجاه الصحيح؟

اري أن قرار تشكيل المجلس الوطني للتعليم، هو أشبه ببصيص أمل يلوح في الأفق، هو محاولة جادة لإعادة التوازن إلى العملية التعليمية، وإعطاء صوت للمعلم والطالب، اللذين طالما كانا مهمشين في منظومة التعليم.
إن الفكرة من وراء هذا المجلس، في جوهرها، إيجابية ومبشرة. فالمجلس، في تصوري، يجب أن يكون بمثابة المنصة التي يلتقي عليها جميع أطراف العملية التعليمية، من معلمين وطلاب وأولياء أمور وخبراء، ليتبادلوا الآراء والمقترحات، وليناقشوا المشكلات والتحديات، وليضعوا الحلول الممكنة.
هذا المجلس، إذا ما أُحسن استخدامه، يمكن أن يكون نقطة تحول وقوة دافعة للتغيير، يمكن أن يساهم في رفع مستوى جودة التعليم، من خلال دراسة التحديات التي تواجه العملية التعليمية، ووضع الخطط والبرامج اللازمة لتحسينها. يمكن أن يكون صوتًا قويًا للمعلم، يدافع عن حقوقه، ويدعمه في مهنته المقدسة، ويمكن أن يكون ملجأً آمنًا للطالب، يستمع إلى احتياجاته، ويوفر له البيئة التعليمية المناسبة.
كما أن هذا المجلس، يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في تحديث المناهج الدراسية، ومواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية، بحيث تصبح المناهج أكثر جاذبية، وأكثر ملاءمة لاحتياجات العصر.
ولكن، دعنا نتحدث بصراحة، فإن وجود المجلس وحده لا يكفي. فالمهم ليس فقط تشكيل المجلس، بل المهم هو تفعيل دوره، وضمان فعاليته على أرض الواقع، فكم من مجالس ولجان تم تشكيلها، ثم لم نر لها أثرًا ملموسًا؟
إن نجاح هذا المجلس يعتمد على عدة عوامل، أولها، أن يكون هذا المجلس ممثلًا حقيقيًا لجميع الأطراف المعنية بالعملية التعليمية، وأن يكون هناك صوت مسموع للمعلمين والطلاب وأولياء الأمور. ثانيها، أن يعمل هذا المجلس بشفافية كاملة، وأن يخضع للمساءلة، وأن يكون هناك تقييم دوري لأدائه. ثالثها، أن يكون للمجلس الموارد والإمكانيات اللازمة لتنفيذ مهامه، وتحقيق أهدافه.
باختصار، قرار تشكيل المجلس الوطني للتعليم هو خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، ولكنها خطوة واحدة فقط، نحتاج إلى خطوات أخرى، نحتاج إلى عمل جاد ومخلص، نحتاج إلى متابعة دقيقة، وتقييم مستمر، لضمان أن هذا المجلس يحقق الأهداف المرجوة، وأن يكون حقًا الظهير القوي للمعلم والطالب، وأن يساهم في بناء نظام تعليمي قوي، قادر على مواكبة تحديات العصر.

ما الذي يميز المعلم الأزهري عن غيره من خريجي كليات التربية في الجامعات الأخرى؟ وما الذي تقدمونه له لتعزيز هذا التميز؟

يمتاز المعلم الأزهري عن غيره من خريجي كليات التربية في الجامعات المصرية الأخرى، بجانب الإعداد المهني المشترك، بمجموعة من السمات المميزة أهمها الإعداد الشرعي الذي يجعله ليس مجرد موظف يؤدي عملًا روتينيًا، بل هو حارس للقيم، وصانع للأجيال، هو نبراس يضيء دروب طلابه نحو مستقبل مشرق. إنه ليس مجرد مُدرس، بل هو معلم، مُربٍ، ومُرشد، ومُلهم، يحمل على عاتقه رسالة عظيمة.
تخيلوا معي، عندما يدخل الطالب قاعة الدرس، لا يجد أمامه مجرد معلم، بل يجد أبًا حنونًا، وصديقًا مخلصًا، يشاركه أفراحه وأحزانه، يرشده نحو الطريق الصحيح، ويلهمه بالثقة بالنفس. هذا هو جوهر تميز المعلم الأزهري، فهو لا يعلم فقط العلوم واللغة، بل يعلم أيضًا كيف يكون الإنسان مواطنًا صالحًا، ذا ضمير حي، قادرًا على بناء مستقبل أفضل لنفسه ولوطنه.
إن الإعداد الشرعي المتين الذي يتلقاه المعلم الأزهري، ليس مجرد تحصيل علمي، بل هو رحلة روحية تنمي وعيه، وتثري شخصيته، وتكسبه الحكمة والرزانة. هو يدرك أن دوره يتجاوز حدود الفصل الدراسي، ليمتد إلى بناء الشخصية المتكاملة للطالب، شخصية متوازنة تجمع بين العلم والدين، بين المعرفة والتقوى.
المعلم الأزهري ليس حبيس الماضي، بل هو منفتح على الحاضر، ومستعد للمستقبل. هو يدرك أهمية مواكبة العصر، فلا يغلق أبواب قلبه على التطور العلمي والتكنولوجي، بل يستخدمه كأداة فاعلة في إيصال رسالته، يدمج التقنيات الحديثة في عمله، ويوظفها لخدمة العملية التعليمية.
ولأننا ندرك قيمة هذا المعلم، وأهمية دوره، فإننا نسعى جاهدين لتوفير كل الدعم اللازم له، نقدم له برامج تدريبية متخصصة، لتطوير مهاراته، وتزويده بأحدث المعارف، ونوفر له بيئة عمل محفزة، تتيح له أن يبدع، وأن يتألق، وأن يقدم أفضل ما لديه.
المعلم الأزهري ليس مجرد مُدرس، بل هو قائد، ومُلهم، وبان للأجيال، هو صمام أمان لمجتمعنا، هو من يحافظ على هويتنا، ويساهم في بناء حضارتنا. هو يستحق منا كل الدعم والتقدير، لأنه يمثل قيمة إنسانية سامية، ورسالة عظيمة. دعونا نقدر جهوده، ونساهم في دعمه، ليواصل دوره الريادي في بناء أجيال قادرة على حمل راية التقدم والازدهار.

السؤال: بصفتكم وكيل كلية التربية للدراسات العليا والبحوث، كيف تترجمون الأبحاث العلمية إلى واقع ملموس يفيد منظومة التعليم؟ وما هي أبرز الإسهامات التي قدمتها الكلية في هذا المجال؟

دعني أؤكد بدايةً، أننا في كلية التربية بجامعة الأزهر، نؤمن بأن البحث العلمي ليس مجرد رفاهية أكاديمية، بل هو ضرورة حتمية، هو القاطرة التي تقودنا نحو التنمية والتقدم. لهذا، حرصنا على أن تكون رسائل وأبحاث طلابنا ذات أثر حقيقي في واقع التعليم، لا مجرد دراسات نظرية لا تجد لها صدى على أرض الواقع ومن هنا عمدنا الى تطوير خطة بحثية تنطلق من الواقع الأليم الذي نمر به في هذه المحلة العصيبة.
لقد عملنا جاهدين، خلال الفترة الماضية، على تحويل البحث العلمي إلى أداة فاعلة للتغيير، من خلال تنظيم مؤتمرات دولية رفيعة المستوى، ناقشت قضايا جوهرية تهم التعليم، تجاوزت الحدود المحلية لتشمل التحديات العالمية. هذه المؤتمرات لم تكن مجرد فعاليات أكاديمية، بل كانت منصات حقيقية للتواصل بين الباحثين وصناع القرار، لترجمة نتائج الأبحاث إلى سياسات تعليمية فعالة.
اسمح لي أن أستعرض بعض الأمثلة على ذلك:
• "الجامعة المنتجة في العصر الرقمي": هذا المؤتمر لم يكتفِ بتشخيص التحديات التي تواجه الجامعات في العصر الرقمي، بل قدم توصيات عملية لتطوير المناهج، وتحديث البنية التحتية التكنولوجية، لتمكين الجامعات من تخريج كوادر مؤهلة لسوق العمل المتغير.
• "تدويل التعليم بين الثوابت والمتغيرات": هذا المؤتمر سلط الضوء على أهمية الحفاظ على هويتنا الوطنية، في سياق تدويل التعليم، وقدم رؤى جديدة للتعاون الدولي، وجذب الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع الحيوي.
• "التربية وبناء الإنسان لعالم متغير: رؤية أزهرية استشرافية": هذا المؤتمر، كان بمثابة دعوة للعودة إلى قيمنا الأصيلة، ودمجها مع العلوم الحديثة، لبناء إنسان متكامل، متوازن، قادر على مواجهة تحديات العصر، مع الحفاظ على هويته.
• "تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتمكين المعلم": هذا المؤتمر الأخير، الذي قدم فيه 130 بحثًا علميًا رصينًا، كان بمثابة استشراف للمستقبل، وكشف عن إمكانات هائلة لتطبيق الذكاء الاصطناعي في التعليم، مع مراعاة الضوابط الأخلاقية والدينية، وتقديم حلول مبتكرة لتطوير أداء المعلمين، وتوفير فرص تعليمية أفضل للطلاب.
إن هذه المؤتمرات، وما نتج عنها من أبحاث وتوصيات، لم تكن مجرد حبر على ورق، بل كانت بمثابة محفز للتغيير، وملهم للسياسات التعليمية، وموجه لجهود التطوير في منظومة التعليم.
نحن في كلية التربية للدراسات العليا والبحوث، نؤمن بأن البحث العلمي هو ركيزة أساسية للتنمية المستدامة، وسنواصل جهودنا لترجمة نتائج الأبحاث إلى واقع ملموس، يفيد مجتمعنا، ويساهم في بناء مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة.

كيف قرأت مشهد متداول على مواقع التواصل الإجتماعي ( إعطا ء الطلاب لبعض الهدايا لعدد من المعلمين) .. برأيكم يؤثر هذا المشهد على سير العملية التعليمية ؟

تُشكل ظاهرة قبول المدرسين للهدايا من طلابهم في مصر، رغم أنها قد تنبع من تقاليد ثقافية للتعبير عن الاحترام والتقدير، معضلة أخلاقية معقدة ذات عواقب سلبية محتملة على النظام التعليمي. 

يُمكن أن يُقوّض قبول الهدايا، رسالة المعلم` التعليمية ويُقلل من هيبة المعرفة بعدة طرق:

تآكل الثقة والحيادية: يُمكن أن يخلق قبول الهدايا، خاصة من طلاب أفراد، تصورا (وربما حقيقة) بالتحيز والتفضيل. قد يعتقد الطلاب أن درجاتهم أو معاملتهم تتأثر بالهدايا التي يقدمونها، مما يؤدي إلى فقدان الثقة في نزاهة المدرس وموضوعيته.

تقويض مبدأ الكفاءة: إذا شعر الطلاب أن النجاح يعتمد على تقديم الهدايا بدلا من الجدارة، فقد يُثبط ذلك من همة العمل الجاد والتعلم.  وقد يؤدي ذلك إلى انخفاض في المستويات الأكاديمية وتقليل قيمة الإنجاز الحقيقي.

تضرر السمعة المهنية يمكن أن تُضر هذه الممارسة بسمعة المدرس المهنية وتُضعف الاحترام الذي يُمنح لمهنة التدريس.  وقد تُولد هذه الممارسة تشككا بين الطلاب والزملاء، مما يخلق مناخا من عدم الثقة داخل المؤسسة التعليمية.

تعارض المصالح يُشكل احتمال تعارض المصالح مصدر قلق أخلاقي كبير.  فإن قبول الهدايا يُمكن أن يُعيق قدرة المدرس على إصدار أحكام غير متحيزة بشأن أعمال الطلاب وأدائهم.

في حين أن الإيماءات الصغيرة للتقدير قد تكون مقبولة، إلا أن الممارسة المنتشرة لقبول المدرسين للهدايا من طلابهم في مصر تُشكل تحديًا أخلاقيا خطيرا.  السياسات المؤسسية الواضحة، إلى جانب سلوك المدرسين المسؤول والأخلاقي، أمران بالغ الأهمية للحفاظ على نزاهة النظام التعليمي، وتعزيز الثقة، والحفاظ على هيبة المعرفة.  إن تثقيف المدرسين بشأن الأخلاقيات المهنية ووضع مبادئ توجيهية شفافة لقبول الهدايا خطوات أساسية نحو معالجة هذه المسألة. ويجب إعطاء الأولوية لثقافة الكفاءة والإنصاف لضمان بيئة تعليمية قوية وأخلاقية.

أخيرًا، معالى المستشار ما رسالتكم لأبنائكم الطلاب من أبناء الكلية، وما هي رسالتكم للمعلم، صانع الأجيال؟


رسالتي لأبنائي الطلاب، هي رسائل من القلب، تحمل خلاصة تجربة، ونصائح من مُحب، أود أن أقول لهم:
يا أبنائي،
- اجعلوا الإخلاص شعاركم، والتقوى زادكم، واستحضروا النية الصافية في كل عمل تقومون به، فهذا هو المحرك الحقيقي للنجاح واستدامة النجاح.
- تذكروا دائمًا أن بر الوالدين هو مفتاح التوفيق في كل دروب الحياة، فما رأيت ناجحًا إلا وكان له من بر والديه نصيبًا.
- عليكم بالهمة العالية، والإصرار، والمثابرة، وتعهدوا الدافع الذي يدفعكم نحو القمم،
- اجعلوا إتقان العمل والإحسان فيه، سر تميزكم وتفوقكم.
- تعلموا كيف تديرون ذواتكم، وكيف تستثمرون قدراتكم، وكيف تنمون مهاراتكم.
- اجعلوا التفكير التأملي نافذتكم على الإبداع والحلول،
- لا تنسوا أن الابتسامة الصادقة هي جواز سفرك لقلوب وعقول من حولك
- اعلموا أن التعلم رحلة لا تتوقف، فكونوا دائمًا متعطشين للمعرفة، ومثابرين في طلب العلم.
- وأخيرًا، أتقنوا تخصصكم، واجعلوا منه أساسًا لتميزكم وريادتكم.
أما رسالتي للمعلم الفاضل، صانع الأجيال، هي رسالة تقدير وعرفان، أقول له:
- يا أيها المعلم الفاضل، أنت تحمل أمانة عظيمة، وهي صنع أجيال المستقبل، هذه الأمانة تستحق منك كل الجهد والإخلاص. اجعل التأثير الإيجابي في نفوس طلابك هدفك السامي، وسعيك الدائم.
- كن دائمًا على استعداد للتجديد والابتكار، فهذا هو مقتضى العصر المتغير،
- وكن حريصًا على التدريب المستمر، فهو ضمان لتميزك وكفاءتك.
- اجعل الحب والتفاني مفاتيح نجاحك في التربية والتعليم.
- كن قدوة حسنة لطلابك، فهذا هو أقوى وسائل التأثير.
تذكر دائمًا أنك لست مجرد معلم، بل أنت قائد، ومُلهم، وبان للأجيال. أنت من يحمل على عاتقه مسؤولية بناء مجتمع قوي، ومزدهر، ومحافظ على قيمه. فكن على قدر المسؤولية، وأدِ رسالتك بإخلاص وتفانٍ، فلك منا كل التقدير والاحترام.
في أجرأ حوار صحفي
في أجرأ حوار صحفي
في أجرأ حوار صحفي
هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟
ads
ads
ads
ads
ads