أيام قليلة وتبدأ الليالي العشر، وهي ليالي شهر ذي الحجة، وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه ( وَالْفَجْرِ. وَلَيَالٍ عَشْرٍ ).

وفي الحديث الذي رواه الطبراني قال صلى الله عليه وسلم: "إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبدًا"، وعشر ذي الحجة من مواسم الخير التي ينبغي على المسلم أن يتعرض فيها لنفحات رحمة الله عز وجل وذلك بالإكثار من العمل الصالح في هذه الأيام من صيام وقيام وقراءة القرآن، وتسبيح وتهليل واستغفار.

قال حاتم محمد نور الدين، مدير إدارة أوقاف المطرية، لـ"المواطن"، إنه من فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يستكثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيها فيما يقربهم إلى ربهم، والسعيد من اغتنم تلك المواسم، ولم يجعلها تمر عليه مرورًا عابرًا.

وتابع نور الدين، من هذه المواسم الفاضلة عشر ذي الحجة، وهي أيام شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا، وحث على العمل الصالح فيها؛ بل إن لله تعالى أقسم بها، وهذا وحده يكفيها شرقًا وفضلًا، إذ العظيم لا يقسم إلا بعظيم وهذا يستدعي من العبد أن يجتهد فيها، ويكثر من الأعمال الصالحة، وأن يحسن استقبالها واغتنامها، وفي هذه الرسالة بيان لفضل عشر ذي الحجة وفضل العمل فيها، والأعمال المستحبة فيها.

ومضى يقول، حرى بالمسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة، ومنها عشر ذي الحجة بأمور، منها التوبة الصادقة، فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله.

وأضاف، من فضل الأيام العشر، أن فيها يوم عرفة، ويوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلًا، كذلك فيها يوم النحر، وهو أفضل أيام السنة عند بعض العلماء، قال صلى الله عليه وسلم (أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر).

ومضى يقول، من فضل تلك الأيام، اجتماع أمهات العبادة فيها، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره).

وأكد نور الدين، أن كل عمل صالح يقع في أيام عشر ذي الحجة أحب إلى الله تعالى من نفسه إذا وقع في غيرها، وإذا كان العمل فيهن أحب إلى الله فهو أفضل عنده، والعامل في هذه العشر أفضل من المجاهد في سبيل الله الذي رجع بنفسه وماله، وأن الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة تضاعف من غير استثناء شيء منها.

من جانبه، قال الشيخ كريم أحمد سعد، من وزارة الأوقاف، لـ"المواطن"، إنه في هذه الأيام المباركات يستقبل بيت الله الحرام ضيوفه من أجل أداء فريضة الحج التي يسوقهم ويدفعهم إليها الحب لله ولبيت الله الحرام ولمدينة حبيبهم وشفيعهم صلى الله عليه وسلم.

وأكد سعد، أن فريضة الحج التي يشتاق لها كل مسلم لا يستطيع الجميع أدائها لذلك لم يمنعهم الله من فضله العظيم فأعطاهم العشر الأوائل من ذي الحجة هذه العشر التي لها فضلها ومكانتها عند رب العالمين.

وأشار سعد، إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم،(ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه العشر، قالوا يا رسول الله ولا الجهاد قال ولا الجهاد إلا رجل خرج بماله ونفسه فلم يرجع من ذلك بشيء)، موضحًا أن الحديث يبين فيه سيدنا صل الله عليه وسلم فضل العمل الصالح في هذه الأيام والتي يعدلها الذي يخرج بماله ونفسه مجاهدًا في سبيل الله فلم يرجع من ذلك بشيء.

وتابع سعد، سيدنا صلى الله عليه وسلم لم يحدد لنا أي عمل من الأعمال الصالحة فوسع لنا الأمر فكل عمل يتقرب به الإنسان إلى ربه فهو عمل صالح مثل صلاة التطوع والصيام والذكر من التهليل والتحميد والاستغفار والصلاة على مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك مساعدة الناس وجبر خواطرهم وغير ذلك من الأعمال الصالحة وورد بالذكر في السنة التكبير مع دخول العشر، فإذا كان الحجاج يلبون فأنتم هنا تكبير وقد كان غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يخرجون إلى السوق فيكبرون الله عزوجل.

و أوضح سعد، أن سبب الفضل في هذه الأيام يرجع إلى أنه في مثل هذه الأيام كمل فيه ديننا وأتم الله النعمة علينا ورضى لنا فيه الإسلام دينًا، ولأن هذه الأيام قد يغفل عنها كثير من الناس والعمل في وقت الغفلة أجره كبير عند رب العالمين.

ومضى يقول، بالنسبة لصيام التسع من ذي الحجة فقد اتفق الفقهاء على استحباب صومها لأن الصوم مندرج تحت الأعمال الصالحة وأما الحديث الوارد في أن كل يوم خص بنبي فهذا حديث لا أصل له.

وأضاف الشيخ طه محمد منصور، خطيب بالأوقاف، لـ"المواطن"، أن الله تعالى فضّل بعض الأيام على بعض ومن الأيام التي فضلها الله تعالى "العشر الأوائل من ذي الحجة" حيث أقسم الله بها في كتابه العزيز فقال تعالى "والفجر وليال عشر" والله تعالى لا يقسم إلا بعظيم فالقسم بها يدل على عظمتها ومكانتها ومنزلتها ومن فضائلها.

وتابع، أنها الأيام المعلومات التي قال الله عنها "ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام" فهي أيام تجتمع فيها أمهات العبادات من الصلاة والصدقة والصيام والحج ولا يأتي ذلك في غيرها من الأيام ومما ينبغي أن نفعله في هذه الأيام كثرة الأعمال الصالحة من نوافل العبادات كالصدقة والصيام وصلة الأرحام والإحسان إلى الجيران ومساعدة المحتاج وكل عمل يقرب من الله سواء كان عبادة شعائرية أو عبادة تعاملية من بذل وعطاء.

ومضى يقول، يستحب في تلك الأيام أيضًا، الإكثار من التهليل والتحميد والتكبير والتهليل "يعني أن نقول لا إله إلا الله"، ففي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ما من أيام أعظم عند الله ولا احب إليه العمل فيهن من هذه العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد"، وكان سيدنا عبدالله بن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى الأسواق في الأيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منيى تكبيرًا " فعلينا أن نكثر من الأعمال الصالحة في هذه الأيام لعل الله تبارك وتعالى يتجلى علينا بنفحة من عنده.