"دم..حرق.. ذبح.. قتل" والكل يشاهد بصمت، أطفال ونساء وشيوخ ورجال يتم تعرضهم لمجازر والعالم يسوده صمت قاتل وكأنه كما يقال بالمثل الشعبي "نزل عليه سهم الله"، وكل هذا ليس إلا بسبب إسلامهم.

يتعرض الأقلية المسلمة "الروهينجا" في ميانمار إلى مذابح دموية، والتي للأسف الشديد لم تكن وليدة تلك الأيام ولكن منذ أن حكم تلك الدولة حاكم بوذي خشي انتشار الإسلام، ومن هنا بدأت المعاناة.

أصل كلمة الروهينجا وتباين الآراء حولها..
أختلف في أصل المصطلح "روهينجا"، حيث أكد بعض مؤرخي الروهينجا مثل خليل الرحمن أن المصطلح مشتق من الكلمة لغة عربية "رحمة"، حيث تتبعوا المصطلح إلى القرن الـ8 الميلادي حيث قصة حطام السفينة.

ووفقا لما قالوا فإن سفينة عربية تحطمت بالقرب من جزيرة رامري بها تجار عرب، وقد أمر ملك أراكان بإعدام التجار العرب، الذين كانوا يصيحون:"الرحمة الرحمة"، فأطلق على هؤلاء الناس اسم راهام ومع مرور الزمن تبدل المصطلح إلى رهوهانج ثم روهنجيا.

ولكن خالف هذا القول كلا من الرئيس السابق لمؤتمر مسلمي بورما، جهير الدين أحمد، والسكرتير السابق للمؤتمر، نظير أحمد، حيث جادلا بأن سلالة مسلمي حطام السفينة يطلق عليهم الآن ثامبو كيا وموجودون على سواحل أراكان، فإن كان صحيحا أن أصل مصطلح روهنجيا جاء من تلك المجموعة المسلمة فإن شعب "الثامبو كيا"، هم أولى الناس بالإسم، لذا فهم يقولون إن موطن أسلاف الروهنجية هو الروها في أفغانستان.

أما المؤرخ تشودري فيقول خلال السكان المسلمين في ميانمار: إن مصطلح مروهاونج "مملكة أراكانية قديمة"، قد حرّف إلى روهانج، وبالتالي فإن السكان تلك المنطقة سموا بالروهنجيا.

أما المؤرخين البورميون فيدعون أن مصطلح الروهنجيا لم يكن موجودا قبل سنوات عقد 1950، فحسب أقوال مؤرخ آخر وهو دكتور مايونج مايونج، حيث قال إنه لم تكن هناك كلمة روهنجيا في مسح إحصاء 1824 الذي أجراه البريطانيون.

أصل الصراع والاضطهاد للروهينجا..
يرجع أصل الاضطهاد الذي يقع في بورما إلى دخول الإسلام إلى أراكان، في القرن الـ 7 الميلادي، وذلك مع قدوم التجار العرب المسلمين إليها، ثم تتابعت الوفود الإسلامية إليها فأقبل عدد كبير من الأهالي على اعتناق الإسلام.

وجراء الاقبال الشديد لمن يقطنون هناك على اعتناق الاسلام فكون شعب الروهنجيا مملكة دام حكمها 350 عامًا من 1430م إلى عام 1784م، وشكلت أول دولة إسلامية في عام 1430م بقيادة الملك سليمان شاه، وحكم بعده 48 ملكًا مسلمًا على التوالي، وكان لهم عملات نقدية تتضمن شعارات إسلامية مثل كلمة التوحيد.

وما لبث إلا تم احتلال مملكة أركان على أيدي الملك البوذي "بوداباي" عام 1784م الذي قام بضم الإقليم إلى ميانمار؛ خوفًا من انتشار الإسلام في المنطقة، واستمر البوذيون البورميون في اضطهاد المسلمين ونهب خيراتهم وتشجيع البوذيين الماغ "أصل هندي"، على ذلك طِوال فترة احتلالهم.

وفي عام 1824م احتلت بريطانيا ميانمار، وضمتها إلى حكومة الهند البريطانية الاستعمارية، وفي عام 1937م جعلت بريطانيا ميانمار مع أراكان مستعمرة مستقلة عن حكومة الهند البريطانية الاستعمارية كباقي مستعمراتها في الإمبراطورية آنذاك، وعُرفت بحكومة ميانمار البريطانية.

واجه المسلمون الاستعمار الإنجليزي بقوة مما جعل بريطانيا تخشاهم، فبدأت حملتها للتخلّص من نفوذ المسلمين باعتماد سياساتها المعروفة "فرِّق تَسُد"، فعَمَدَتْ على تحريض البوذيين ضد المسلمين، وأمدّتهم بالسلاح حتى أوقعوا بالمسلمين مذبحةً عام 1942م فتكوا خلالها بحوالي 100 ألف مسلم في أراكان.

وبذلك كانت سياسة فرق تسد التي أوجدها الاستعمار البريطاني أحد أسباب الاضطهاد الديني والعرقي ضد شعب الروهنجيا.

لماذا اندلعت أزمة الروهينجا؟
أوضحت كريس ليوا الخبيرة في شؤون الروهينجا والمقيمة في بانكوك السبب الوحيد لاندلاع وتفاقم تلك المشكلة خلال حديثها لشبكة BBC البريطانية.

وأوضحت ليوا: "المسلمون في ولاية راخين الغربية يواجهون قمعا مفرطا بحيث يشعرون أن لا خيار أمامهم سوى الرحيل - "وهو ما يكون" في العديد من الحالات بأي وسيلة ضرورية."

ويرجع التمييز إلى استقلال بورما عن بريطانيا، بحسب مراقبين، لكنه ينتشر بصفة خاصة في راخين حيث يقول نحو مليون من الروهينجا إنهم يواجهون عداوة شديدة من الأغلبية البوذية.

ويقولون إنهم ضحايا سياسة رسمية من الفصل دفعتهم للعيش على هامش منطقة فقيرة أصلا.

محاولات للاحتجاج على ما يحدث ببورما..
وفي محاولات للخروج من قوقعة الصمت، انتقدت مقررة الأمم المتحدة الخاصة بشؤون حقوق الإنسان في ميانمار، يانجهي لي، الزعيمة البورمية أونغ سان سو كي، لفشلها في حماية مسلمي الروهينجا في بلادها.

وقالت "لي"، إن الوضع في مقاطعة راخين "خطير فعلا" وكان على "سو كي" أن تتدخل.